مع استعادة المد السياحي لانطلاقته من جديد وفقا لاحصائيات منظمة السياحة العالمية يتجدد الامل علي الساحة السياحية المصرية في الوصول بتعداد السياح الوافدين إلي مصر في نهاية هذا العام إلي رقم ال 51 مليون سائح. تحقيق هذا الانجاز يعني تجاوز الرقم المستهدف في البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك سواء بالنسبة للعدد أو بالنسبة للسنة التي حددها. هذا البرنامج تضمن الارتفاع بعدد هؤلاء السياح إلي 41 مليون سائح في نهاية عام 1102 وهو الموعد الذي يرادف انتهاء فترة الرئاسة الحالية والدعوة إلي انتخابات جديدة. وتشير المعلومات المتوافرة عن حركة السياحة الوافدة إلي مصر خلال الشهور الثمانية الماضية إلي ان عدد السياح قد بلغ حوالي 5.31 مليون سائح. بناء علي ذلك فان هناك توقعات متفائلة بالوصول إلي رقم ال 51 مليونا خلال الشهور الباقية من هذا العام. يساعد علي الشعور بهذا التفاؤل كما ذكرت ما جاء في الاحصائية المعلنة لمنظمة السياحة والتي أشارت إلي تصاعد معدلات حركة السياحة العالمية بنسبة 7٪ خلال الستة شهور الاولي من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبتحويل هذه النسبة إلي ارقام فان ذلك يشير إلي عدد السياح الذين جابوا العالم خلال هذه الفترة قد بلغ 124 مليون سائح. بحسبة بسيطة وفقا لهذه النسبة وهذه الارقام فانه من المتوقع ان يصل عدد السياح خلال عام 0102 اذا ما سارت الامور علي هذا المنوال إلي ما يزيد علي 058 مليون سائح.
لعل ما يزيد من انتعاش الآمال فيما يتعلق بحركة السياحة إلي الشرق الاوسط عامة وإلي مصر بوجه خاص ان تقرير المنظمة تضمن ازدياد حركة السياحة بنسبة 02٪ تليها منطقة اسيا بنسبة 41٪ ثم الامريكتان وأفريقيا بنسبة 7٪ بينما لم تجاوز نسبة الزيادة في القارة الاوروبية وهي سوق مصدرة للسياحة إلي 2٪. هذه البيانات والاحصائيات الدولية تؤكد ان السياحة تسير علي طريق التعافي الذي بدأته في الربع الاخير من عام 9002 وان كانت هذه النتائج مازالت أقل بنسبة 2٪ عن النمو الذي كان قد تحقق في عام 8002 قبل الازمة الاقتصادية. ويعزو الخبراء هذا النقص إلي تراجع النمو السياحي في شهر ابريل من العام الماضي نتيجة اغلاق المطارات الاوروبية لمواجهة تداعيات بركان ايسلندا.
لاجدال ان هذه الارقام تبشر بالخير ليس لمصر وحدها ولكن للعديد من الدول التي أصبحت الموارد السياحية ركيزة اساسية لاقتصادياتها. ان هذه الانطلاقة السياحية تعني انتعاشا في العشرات من الصناعات والانشطة التي تخدم الانشطة السياحية المختلفة بالاضافة إلي اتاحة المزيد من فرص العمل للملايين من الباحثين عن لقمة عيش كريمة. وبالنسبة لمصر فان تطور السياحة يعني خلق مناطق حضارية جديدة في انحاء مصر خاصة في المناطق الصحراوية والساحلية التي تزخر بها وتتمتع بطقس مثالي طوال العام. ليس مطلوبا من الدولة سوي حسن التخطيط وحظر العشوائية في استغلال هذه المناطق كما حدث ويحدث حاليا في منطقة الساحل الشمالي التي تفتقر إلي المنشآت الكافية لاستقبال السياحة الخارجية بما يسمح باستمرار الحياة في هذه المناطق طوال العام.
ان غياب الدولة إلي درجة الغيبوبة في مد مسئولياتها إلي مشروعات التعمير السياحي خاصة علي سواحلنا ومناطق العمق الصحراوي يؤدي إلي تعاظم ظاهرة المشروعات العشوائية التي تستهدف التربح وفقا لمبدأ »اخطف واجري« دون ان تكون هناك فرصة لتحقيق أي اضافة لموارد الدولة. ان اقامة المنتجعات السياحية التي تباع وحداتها بملايين الجنيهات اصبحت ظاهرة سائدة تجمع بين جماعات الانتهازيين الذين تجدهم يجتمعون ويتكالبون علي انتهاز كل فرصة لجني المزيد من الارباح. الخروج من هذه الدائرة الجهنمية وضمانا لتحقيق مصلحة الدولة في التنمية السياحية فانه لابد ان يكون هناك قوانين تعطي للدولة حق الاشراف الكامل علي اقامة هذه المشروعات وان يكون هناك التزام بتخصيص نسبة من الاراضي المخصصة والتراخيص الممنوحة لاقامة فنادق علي كل الدرجات لاستقبال السياح. كما يجب ايضا فرض رسوم علي اصحاب هذه المشروعات يتم استخدامها في حملات الترويج والتسويق السياحي لهذه المناطق. هذا لا يمكن ان يتحقق إلا اذا أفاقت الدولة من حالة الغيبوبة وتنبهت لألاعيب أصحاب النفوذ وضعاف النفوس في أجهزتها الذين تخصصوا في تسهيل اقامة هذه المشروعات العشوائية مقابل المعلوم. انهم لا يتورعون عن بيع مستقبل مصر وأمل الاجيال القادمة من اجل خدمة مصالحهم الشخصية.