عندما تفكر في الشكوى من وظيفتك مستقبلا، تخيل أولا مهام رئيس الوزراء اليوناني الجديد ليلة أمس ورث لوكاس باباديموس موروث حنق وغضب شعب بأكمله يعاني من مستويات بطالة آخذة في التزايد وتهديدات وشيكة بالإفلاس ونظام مالي يجعل أوروبا قاطبة تقف على شفا كارثة اقتصادية بوجه متجهم ومن خلف نظارات داكنة، دعا باباديموس اليونانيين للتوحد خلفه بعد أشهر من المشاحنات السياسية، إذ يستعد للعمل على تأمين الحصول على قرض الإنقاذ الذي وافق عليه قادة الاتحاد الأوروبي خلال قمة الشهر الماضي، والذي من شأنه أن يستتبع فرض اجراءات تقشفية أكثر صرامة على الشعب وقال رئيس الوزراء "الخيارات التي سنتخذها ستكون حاسمة بالنسبة للشعب اليوناني..الطريق سيكون وعرا..غير أن لدى قناعة أن المشكلات سوف تحل بوتيرة أسرع وبكلفة أقل إذا ما كانت هناك وحدة وتفهم وتعقل" ولاية باباديموس لن تستمر طويلا، بضعة أشهر لا أكثر، لكنه سيتحمل خلالها مهمة جسيمة تتمثل في إقناع المانحين الدوليين بأن اليونان ستضطلع بتنفيذ اتفاق قرض الإنقاذ الاوروبي بقيمة 130 مليار يورو(176 مليار دولار) وبسرعة، قبل الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة كما سيضطلع بمهمة التفاوض على تفاصيل اتفاق خفض قيمة سندات الدين لدى جهات الإقراض الخاصة، حسب آخر اتفاق أوروبي يتعين على رئيس الوزراء الجديد أيضا أن يؤمن الدفعة الجديدة-ثمانية مليارات يورو- من برنامج قروض الإنقاذ الأول الذي حصلت عليه اليونان بقيمة 110 مليارات يورو من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، الذي قد تتخلف اليونان بدونه عن سداد ديونها المستحقة في غضون أسابيع كان المسؤولون الأوروبيون قالوا إنهم سيحجبون الدفعة الجديدة لحين مصادقة اليونان على اتفاق قرض الإنقاذ، مطالبين بضمانات مكتوبة من زعيمي الحزبين الرئيسيين في البلاد، باباديموس ووزير المالية إيفانجيلوس فينيزيليس لم تنته مهام الرجل عند هذا الحد، عليه أيضا أن يدير الدفة خلال مرحلة فرض الإجراءات التقشفية التي وافق عليها البرلمان بالفعل، والتي تتضمن وقف 30 ألف عامل بالقطاع العام يعملون بعقود مؤقتة، إلى جانب سلسلة عمليات خصخصة وكما لو ان كل ذلك لا يكفي، إذ يجب على الحكومة الجديدة أيضا أن تقوم وبسرعة بإعادة بناء الثقة لدى شركاء اليونان في منطقة اليورو، التي صدمها إعلان رئيس الورزاء السابق جورج باباندريو غير المتوقع باخضاع بنود اتفاق قرض الإنقاذ الأوروبي الأخير لاستفتاء شعبي ذلك القرار -الذي اجبر باباندريو على التراجع عنه-ترك الأسواق العالمية تترنح وأثار ثائرة القادة الأوروبيين، مخافة أن يصوت اليونانيون على رفض الخطة، وما كان سيستتبعه ذلك القرار من بدء محادثات لإجبار اليونان على الخروج من منطقة اليورو وفي آخر خطاب وجهه للأمة، تمنى باباندريو ابن الجيل الثالث لسلالة تولت قيادة اليونان، الخير للحكومة الانتقالية وقال ديميتريوس كاتسيكاس من المؤسسة اليونانية للسياسة الأوروبية والأجنبية : "يأتي على رأس المهام الملقاة على عاتق باباديموس، إعادة بناء الثقة في اليونان والتأكد من إتمام صفقة قرض الإنقاذ (الجديد)" وأضاف "إن مهمة إخراج البلاد من الأزمة سيقع على عاتق الحكومة التالية" ونظرا للمدة الزمنية المحدودة لها في السلطة، فإن أكبر تحد يواجه حكومة باباديموس المؤقتة يكمن في إقناع البرلمان بفرض مزيد من الاجراءات التقشفية في وقت يبدي الشعب فيه معارضة قوية لها بالفعل عامان من الإجراءات التقشفية التي شملت الأجور وبدلات التقاعد والتي اقترنت بزيادات كبيرة في الضرائب، دفعت اليونانيين إلى الإضراب والخروج بشكل متكرر في مظاهرات غالبا ما تحولت إلى أعمال عنف يرى كثير من المحللين أن تعيين باباديموس قد يهدئ اليونانيين بادئ الامر لكن ذلك لن يستمر طويلا وقال كاتسيكاس "سيتمكن على الأرجح من تحقيق هدوء مؤقت فقط، لأن الناس ستتوقع بعض النتائج الفورية..والتي أخشى أنها لن تكون ممكنة على المدى القصير " محللون آخرون يتفقون أن باباديموس ذلك التكنوقراطي الذي لا يتمتع بأي خبرة سياسية، سيكون بحاجة لمزيد من الوقت لتنفيذ الإجراءات اللازمة كما سيعاني على الأرجح لتأكيد سلطانه على ساسة مخضرمين في حكومته، مثل فينيزيلوس وقال بانايوتس بتراكيس وهو أستاذ اقتصاد بجامعة أثينا:" لا يمكنك أن تتوقع من باباديموس أن يصنع المعجزات في ثلاثة أشهر فحسب- الرجل بحاجة إلى أن يبقى (في المنصب) فترة اطول بكثير، لذا سيتعين تأجيل الانتخابات ستة أشهر اخرى على الأقل" بعد أربعة أيام من المفاوضات المتواصلة بين قادة الاحزاب، شعر اليونانيون بالراحة لاختيار رجل اقتصاد له ثقله الدولي لإدارة شؤون البلاد يأمل أجيريس كالاثاس وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 53 عاما، أن تتمكن الحكومة الانتقالية من القضاء على الفساد وتلك البيروقراطية العقيمة التي تفشت في البلاد طوال عقود وقال "أحاول الحفاظ على نشاطي..باباندريو ترك البلاد تغرق..لذا قد يعني (اختيار) هذا الرجل عهدا جديدا لليونان" آخرون كانوا أقل تفاؤلا يقول فاسيليس كاليميريس'61 عاما' وهو عجوز متقاعد :" سواء كان باباندريو أو باباديموس..النتيجة في النهاية واحدة- لقد انخفض بدل تقاعدي بشكل كبير، لذا فأنا أطلب من رئيس وزرائنا الجديد أن يعيده..لكن هل سيفعل؟ لا أعتقد"