أ ش أ ذَكَر زين عبد الهادي -مدير هيئة دار الكتب والوثائق القومية- في المائدة المستديرة الرابعة التي عُقدت بسراي "الاستثمار 1" أمس (السبت)، أن مصر تمتلك جهات نشر حكومية وخاصة وشعبية، ووزارة الثقافة لا تنتج سوى عُشر الإنتاج الكلي؛ بمعنى أننا إذا كنا ننتج 10 آلاف عنوان في العام الواحد، فإن الوزارة لا تنتج سوى ألف عنوان، أي بمعدّل كتاب ونصف يوميا، وقد عُقدت المائدة تحت عنوان "أزمة الكتاب العربي بين النشر والتوزيع والوسائط الحديثة". وقد أكّد عبد الهادي أن الاهتمام الأكبر الآن بوضع أرقام الإيداع؛ لأن ذلك ما يحمي الكتاب في الداخل والخارج. وأضاف أن العالم العربي ينتج نحو 40 ألف عنوان؛ أي أن مصر تنتج نحو 25% من مجمل الإنتاج العربي، ومع ذلك فإن العالم العربي كله لا ينتج سوى سُدس ما ينتجه الغرب كله، فبعض الدول الأوروبية تنتج وحدها 40 ألف عنوان، ورأى أن العالم العربي بأكمله لا يملك أي استراتيجية ثقافية، ولا بد في الفترة القادمة من العمل على إنتاج هذه الاستراتيجية والاهتمام بالشراكة العربية في هذا المجال. من جانبه، قال الكاتب سيد محمود إن الهيئة المصرية العامة للكتاب هي المؤسسة الرسمية للنشر، وهي التي تقوم بصناعة ثقافة وطنية، لكننا نفتقد السياسات الثقافية، وهو الأمر الذي أدّى إلى ظهور منافسة غير متكافئة بين دور النشر الخاصة؛ لأننا حتى الآن لا نعرف احتياج السوق الثقافية المصرية، وليس لدينا دراسات وثيقة الصلة بها. وأضاف أن غياب مثل هذه الدراسات جعل أمر النشر في النهاية عشوائيا، والدليل على ذلك ما وصفه ب"حُمّى كُتب الثورة" التي أصابت السوق؛ فهي تتحدّث عن حدث عظيم، إلا أنها تتوجّه إلى قارئ لا تعرفه. وتابع: "نحن نعاني تداخل الأدوار؛ فنجد أن ما يُنشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة مثلا هو ما يُنشر بالمركز القومي للترجمة"، وتساءل: "هلا توقّفنا بعض الوقت وتساءلنا عن مبيعات هذه الفروع التي تتبع وزارة الثقافة". وأشار الكاتب سيد محمود إلى أن هيئة قصور الثقافة تمتلك أكثر من 16 سلسلة، ومعظم ما تمّ نشره في السنوات الثلاثة الأخيرة لم يحصل على أي جائزة، ورغم ذلك لم نتساءل: لماذا تحظى أعمال دور النشر الخاصة بالجوائز أو على أقل تقدير ترشّح لها؟ ودعا إلى التوقّف أمام عملية الدعم الثقافي الذي تمنحه الدولة، وكيف نستفيد منه على الوجه الأكمل، والتساؤل: هل المشكلة في اختيار الأعمال أم في التوزيع أم في الدعاية؟ كما طالب بالاتجاه إلى نشر كتب التراث والترجمة؛ أما الإبداع فيجب أن يُعرَض على لجنة شفافة تدرك أهمية الدعم ومستحقه. من جانبه، قال محمد صالح المعالج (من دولة تونس ضيف الشرف) إن حالة توزيع الكتاب وإنتاجه تشبه الحالة المصرية؛ فهناك هيئات تتبع الدولة تنافس نظيرتها الخاصة محدودة الإمكانيات. وأضاف أن سوق الكتاب ضيقة، وتعاني من التوزيع بشكل عام لغياب القارئ العربي؛ بسبب ضعف دخله أو اعتبار القراءة مجرد رفاهية لا أكثر، خلافا للقارئ الغربي. ودعت فاطمة البودي -مدير دار عين للنشر- هيئة الكتاب إلى دعم توزيع كتب دور النشر الخاصة من خلال منافذ توزيعها في مصر، وقالت: "على المستوى الخارجي كناشرين نعاني مسألة التوزيع، ولذلك على اتحاد الناشرين المصريين والعربي العمل على إيجاد ميثاق موحد بين الدول العربية لتوزيع الكتب وتبادلها". وبدوره، قال أحمد محمد إبراهيم إن هناك سوءا في التوزيع يعانيه الوطن العربي كله، مشيرا إلى أن هناك أكثر من 100 عنوان تونسي لكتب مهمة، ورغم ذلك فهي غير موجودة بالجناح الرسمي لدولة تونس ضيف الشرف. وأضاف أن المطلوب هو دفع الجهود للأمام من أجل أن نتبع سياسة تزويد عادلة للكتب داخليا وخارجيا؛ لأن دور النشر العربية الخاصة ليست مهيّأة لدورها المنوّط.