قبل 5 سنوات لم تكن حياة أحمد بحاجة لمن يسندها، لكن كانت المأساة تُولد وتقترب.
سيقانه التى كان يعدو بها فى المسابقات الرياضية لم تعد تقوى على حمله. أصابت ركبتيه خشونة عنيدة تطورت إلى رباط صليبى ولم يكن هناك بديل عن مفصل صناعى لكل ركبة، وإن اكتفى (...)
هو نفسه مثل السبحة.. يبطل عملها حين تكفّ عن الدوران. سنواته ال 76 يلضمها خيط واحد.. الحركة. تحرر الحدينى، الحاصل على دبلوم غزل ونسيج، من وظيفته فى شركة « محرم بك»، لأنه لا يجيد الاستيقاظ مبكراً من النوم، ولا يطيق أن يظل مسمّراً خلف مكتب .
حتى ابنته (...)
لا تعرف «عيدة» إلا الجرى. تستيقظ ، هى وأولادها والتروسيكل، مع الفجر ولا همّ لها إلا الجرى بسرعة فى الطرق والشوارع. لا شىء يمكن أن يوقفها سوى العلب الفارغة أو قطع الحديد..أى خردة يمكن أن تأتى بقوت للأفواه السبعة التى تطعمها. أى شىء يضمن لزوجها (...)
تسربت كلمات الله إلى حياة حمادة سلّام (40عاماً ) وملأت زواياها. كأنها قد بادلته الحراسة.. هى كانت مصفاة له.. دليلاً قاده إلى نفسه، وهو راح ينزّهها عن النسيان.. ترك الهواء الطلق يحملها إلى جوف الأطفال، حتى إذا ذكروا التراب كان تحتهم وإذا ذكروا السماء (...)
تتكلم أحلام، مسحراتية سودانية، بجسمها كله.. بأعوامها الخمسين، وإذا دعتْ لك تدعو بجمل سريعة لاهثة، كتلك النقرات التى تنادى بها على الناس وقت السحور، كأن صوتها هو قطعة الخرطوم الذى تطرق به الطبلة.
كلماتها، المفتوحة الآخر دائماً، لا تخرج، ككل مسحراتى، (...)
منذ 30 عاماً وأم عبير تقعد فى نفس المكان، بالتوفيقية، ومعها أكياس البلاستيك وأعواد البخور وحياة قاسية لا تسردها الدموع. وهى تحكى لى قصتها حاولتْ أن تبكى، لكنّ حزنها استعصى على أن يسيل، تجمد فى عينيها كما لو كان حداداً ثابتاً يعلن عن نفسه فى كل نظرة. (...)
لا يمكنك أن تبيع الترمس من غير أن تتألم كل يوم، فالريح والحرّ والذباب وقلة البيع والبلدية كلها منغصات محتملة. وفى حالة « فتح الله» هناك منغص إضافى مؤكد.. أنه لن يسمعك ما لم تزعق بالقرب من رأسه. أى أن طبلة أذنه هى الأخرى تعمل ضده.
جرب فتح الله (...)
الأحذية، التى لا تحظى منا بأىّ امتنان، هى بطلة حياة أبو ياسر. منها يكسب رزقه، ومن أضيق ثقب فيها، عرف نفسه وعرف الناس.
منذ تسرّب من المدرسة، فى الصف الخامس الابتدائى، أدرك، بالفطرة، أنه لا بد من استعمال عاطفته فى تصليح الأحذية. لقد ورث الشغف بها عن (...)