الإنسان يشعر بأهمية نفسه, فينظر إلى ذاته بمزيد من الإعجاب, وبمزيد من العظمة, وبمزيد من الاهتمام, ولكن لا ندرك أن الآخرين يشعرون ذات الشعور, فعلينا أن نظهر اهتمامنا بالآخرين, لأنها أفضل وسيلة لكسب احترام الآخرين وودهم وحبهم لك. ولك في رسول الله أسوة حسنة, فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه يظهر لهم اهتمامه الكبير بهم, ويشعر كل واحد منهم بأهميته فكان من خلقه أن يبدأ من لقيه بالسلام, وإذا لقي أحداً من أصحابه بدأ بالمصافحة, ثم أخذ بيده فشابكه ثم شد قبضته عليها, وكان لا يجلس اليه أحد وهو يصلي الا خفف صلاته وأقبل عليه وقال: ألك حاجة؟ الغريب أن كل شخص يختلف اختلافاً جذرياً عن الآخرين في طريقة الحياة ( في الأكل، في الشرب، في الملابس، في الأذواق، في الطباع ) إلا ان هناك شيئاً وحيداً يشترك فيه جميع البشر وهو الحاجة إلى الإحساس بالأهمية. كل إنسان في هذا الوجود في حاجة إلى الشعور بقيمته الشخصية كإنسان من قبل الآخرين وأن يكون مقبولاً لديهم وأن يحسوا بوجوده. ولكن .. الإهتمام بالآخرين يعني عدم المساس بذاتهم مع مساعدتهم ومد يد العون لهم دون التدخل في شؤونهم دون رغبة منهم في ذلك. احترام خصوصية الآخرين هو من أكثر الأمور، التي تعبر عن مدى تحضر الإنسان، وقيمه في الحياة، ومستوى البيئة التي يعيش فيها الفضوليون يعطون الحق لأنفسهم، للتدخل في خصوصيات الغير . والتطفل يعد آفة من آفات النفس البشرية ويعني حب معرفة أسرار الغير وتتبع خصوصياته سواء عن طريق السمع أو التنصت أو الكلام والتحدث أو حتى عن طريق القراءة أو الكتابة بأسلوب مباشر أو غير مباشر والتطفل بهذا الوصف صفة سيئة وسلوك خاطئ . ومن العجيب أن المتطفل لا يكتفي بمعرفة أسرار الشخص الذي أمامه فقط وإنما يستدرجه ويجتهد في معرفة أسرار غيره !! حيث إنه لا يسئل الشخص عن نفسه فقط وإنما يسأله عن الآخرين كذلك !! عندما يكتشف أسرار الناس ويطلع على احوالهم الخاصة فأنه يتسبب في هدر كرامتهم وجرح شعورهم وتهديد حياتهم وأمنهم ؛ من هذا تعلم بأن شر الناس من تطفل على حياة الناس , فالمتطفلون تفكيرهم محدود ومنغلق و لا يشعرون بالقيم الأخلاقية المعاصرة ولا يستشعرون المبادئ الإنسانية الراقية ولا يتماشون مع التطور والتمدن والتقدم الحاصل في المسيرة البشرية الصاعدة . عن ابى هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " وفى رواية القاتل الرابع للكاتبة أجاثا كريستي نجد شخصية " شيتانا " ذلك الإنسان الفضولي الذي يتطفل على شؤون الآخرين ويتجسس على أسرار حياتهم الخاصة ضاربا بكل الأعراف الاجتماعية الحائط ، مستهزئا بالآداب الاجتماعية أوالقواعد السلوكية ، مما أدى إلى مقتله ،وبذلك يكون الإنسان قدم حياته ، ثمنا فادحا نظير فضوله وتطفله على الآخرين .