وزير التعليم يشهد حفل ختام بطولات الجمهورية ومسابقات التربية الفكرية ببورسعيد (صور)    جامعة كفر الشيخ تحقق إنجازا فى تصنيف التايمز العالمي    البابا تواضروس يتلقى تقريرا عن الخدمة في إيبارشية وسط أوروبا    أسعار الأسماك اليوم، الكابوريا ترتفع 35 جنيهًا في سوق العبور    وزير الإسكان: غدا بدء تسليم أراضى بيت الوطن بالمرحلة التكميلية 2 بمدينة العبور    السيد القصير ومحافظ جنوب سيناء يتابعان المشروعات الزراعية والثروة السمكية    مدبولي يتفقد مجمع مصانع العربي للغسالات بكوم أبو راضي (صور)    وزير التموين: 60% زيادة في توريد القمح خلال الموسم الحالي    مسئولو التطوير المؤسسي ب "هيئة المجتمعات العمرانية "يزورون مدينة العلمين الجديدة    إخلاء أحد مجمعات النازحين السوريين في لبنان    محمد فايز فرحات: المواقف المصرية منذ بداية الأزمة في غزة قوية وواضحة ومعلنة    حاكم خاركيف الأوكرانية: تم إجلاء نحو 10،000 شخص من المنطقة بسبب المعارك    9 مجازر جديدة بغزة، 35386 شهيدا حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي    الأهلي ضد الترجي، القنوات الناقلة لمباراة نهائي دوري أبطال أفريقيا    نهائي أبطال إفريقيا.. "الكرات الهوائية" دفاع حديدي في الأهلي والترجي (أرقام)    تشكيل الشباب أمام التعاون في دوري روشن السعودي    نهائي أبطال إفريقيا.. 3 لاعبين "ملوك الأسيست "في الأهلي والترجي "تعرف عليهم"    رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب    جهود قطاع أمن المنافذ بوزارة الداخلية خلال 24 ساعة فى مواجهة جرائم التهريب ومخالفات الإجراءات الجمركية    مصرع شاب سقط من علو في القليوبية    خبير ل المصريين: كل متاحف مصر اليوم مجانية.. وعليكم زيارتها    إصابة المخرج محمد العدل بجلطة في القلب    جوري بكر بعد طلاقها: "استحملت اللي مفيش جبل يستحمله"    أبرزهم رامي جمال وعمرو عبدالعزيز..نجوم الفن يدعمون الفنان جلال الزكي بعد أزمته الأخيرة    معهد القلب يشارك بمبادرة قوائم الانتظار بإجراء 4 آلاف عملية قلب مفتوح    طيران الاحتلال يشن غارات على جنوب لبنان.. وحزب الله ينفذ هجوما صاروخيا    الشهادة الإعدادية 2024| 16807 طالبا وطالبة يؤدون أول امتحاناتهم ب108 لجان بالأقصر    بنك الأسئلة المتوقعة لمادة الجغرافيا لطلاب الثانوية العامة 2024    25 صورة ترصد.. النيابة العامة تُجري تفتيشًا لمركز إصلاح وتأهيل 15 مايو    مسئولو التطوير المؤسسي ب"المجتمعات العمرانية" يزورون مدينة العلمين الجديدة (صور)    جامعة كفر الشيخ الثالثة محليًا فى تصنيف التايمز للجامعات الناشئة    ياسمين فؤاد: تطوير المناهج البيئية بالجامعات في مباحثات مع «البنك الدولي»    محمد صلاح: "تواصلي مع كلوب سيبقى مدى الحياة.. وسأطلب رأيه في هذه الحالة"    لقاء سويدان تهنئ عادل إمام في عيد ميلاده: «صاحب السعادة»    فيلم شقو يحقق إيرادات 614 ألف جنيه في دور العرض أمس    «السياحة» توضح تفاصيل اكتشاف نهر الأهرامات بالجيزة (فيديو).. عمقه 25 مترا    3 منهم قرروا البقاء.. 17 طبيبا أمريكيا يغادرون غزة بعد محاصرتهم بالمستشفى    "الصحة" تعلق على متحور كورونا الجديد "FLiRT"- هل يستعدعي القلق؟    بدء تلقي طلبات راغبي الالتحاق بمعهد معاوني الأمن.. اعرف الشروط    وظائف وزارة العمل 2024.. فرص عمل في مصر والسعودية واليونان (تفاصيل)    خبيرة فلك تبشر الأبراج الترابية والهوائية لهذا السبب    رفع 32 سيارة ودراجة نارية متهالكة.. خلال 24 ساعة    فانتازي يلا كورة.. تحدي الجولة 38 من لعبة الدوري الإنجليزي الجديدة.. وأفضل الاختيارات    ما حكم الرقية بالقرآن الكريم؟.. دار الإفتاء تحسم الجدل: ينبغي الحذر من الدجالين    بينها التوت والمكسرات.. 5 أطعمة أساسية للحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية    بحثا عن لقبه الأول.. مصطفى عسل يضرب موعدا ناريا مع دييجو الياس في بطولة العالم للاسكواش    «طائرة درون تراقبنا».. بيبو يشكو سوء التنظيم في ملعب رادس قبل مواجهة الترجي    تراجع أسعار الدواجن اليوم السبت في الأسواق (موقع رسمي)    معاريف تكشف تفاصيل جديدة عن أزمة الحكومة الإسرائيلية    طريقة عمل شاورما الفراخ، أكلة سريعة التحضير واقتصادية    بدء امتحان اللغة العربية لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة والدراسات الاجتماعية بالقاهرة    مفتي الجمهورية يوضح مشروعية التبرع لمؤسسة حياة كريمة    حادث عصام صاصا.. اعرف جواز دفع الدية في حالات القتل الخطأ من الناحية الشرعية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 18-5-2024    المستشار الأمني للرئيس بايدن يزور السعودية وإسرائيل لإجراء محادثات    طبيب حالات حرجة: لا مانع من التبرع بالأعضاء مثل القرنية والكلية وفصوص الكبد    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ظل دبلوماسية غائبة.. وتعدد المشاكل الجانبية مع الدول العربية:
نشر في الشعب يوم 15 - 04 - 2010

فى الوقت الذى تواجه فيه مصر خطر "الحرمان" المائى بسبب فشل عام لدبلوماسيتها وفى إفريقيا على وجه الخصوص، وانحسار تأثير القاهرة على عواصم الجوار الأفريقى وتفرغها لمعارك جانبية تارة مع الدول العربية تقودها الجزائر لتداول منصب أمين عام جامعة الدول العربية وكسر الاحتكار المصرى له، وتارة مع عمرو موسى، الأمين العام لجامعة الدول العربية، بدعوى "التدخل" فى الشأن المصرى الداخلى من ناحية، وبسبب تعنت دول حوض النيل التى أصبحت مرتعا للسياسة الصهيونية التى حققت نجاحات كبيرة على حساب غريمتها المصرية من ناحية أخرى.
وعلى الرغم من التأكيدات المصرية المستمرة، التى يطلقها وزراء الخارجية والرى المصريون خلال السنوات الأخيرة، بأن مياه النيل «خط أحمر» لا يمكن تجاوزه أبدا فإن نتائج قمة شرم الشيخ لدول حوض النيل لا تبشر باستمرار تماسك هذا الخط، خاصة فى ظل اتخاذ جميع الدول موقفاً متحداً فى مواجهة دولة المصب مصر وجارتها السودان، فى الوقت الذى تشير فيه توقعات بألا تكفى حصة مصر متطلبات الفرد الأساسية خلال 15 عاما.
فمصر التى كانت تطمح منذ عام فقط إلى زيادة حصتها ب11 مليار متر مكعب، أصبحت تحارب الآن من أجل بقاء الوضع على ما هو عليه وعدم تضرر حصتها بفعل تزايد احتمالات إقامة دول حوض النيل ال7 الأخرى، بخلاف السودان طبعا، لاتفاقية منفصلة بعيدا عن مصر.

تحت خط الفقر
وعلى الرغم من أن مصر تعد من ضمن الدول الفقيرة مائيا فى الوقت الحالى، بعد أن وصل نصيب الفرد من المياه إلى 700 متر مكعب، مما يقل عن خط الفقر المائى ب300 متر مكعب للفرد، إلا أن مصر لم تصل بعد لحد الخطورة الشديدة وإن اقتربت بشدة منه.
وتتوقع الدراسات أن تقل حصة مصر إلى 530 متراً مكعباً مع حلول عام 2025، وهو الحد الذى لا يكفى المتطلبات الأساسية لبقاء الإنسان، وتكون مصر بحاجة إلى 17 مليار متر مكعب إضافية بحلول هذا التاريخ لمواجهة الزيادة السكانية والتوسع المأمول فى الرقعة الزراعية، فضلا عن دخول مصر خط الفقر المائى الشديد بحلول عام 2017.
فقد كانت المبادرات المصرية تتمحور دائما حول فكرة أن دول حوض النيل تهدر 95% من المياه التى تتاح لها من خلال النهر، لأن حوض النيل يسقط عليه سنويا 1660 مليار متر مكعب من المياه، تستفيد دول الحوض ب5% فقط منها، والباقى يهدر دون أن يستفيد منه أحد، مما دفع القاهرة للتركيز الدائم على فكرة إقامة المشاريع التى تعاظم من الاستفادة من مياه نهر النيل وتقلل المهدر منها، خاصة مع قيام دولتى أوغندا وإثيويبا بإقامة المساقط المائية وتجفيف المستنقعات.

حصة تاريخية
ويبرز العديد من العقبات التى تعترض المنهج المصرى، لعل أبرزها إقامة دول الحوض مشاريع مائية بالتعاون مع العديد من دول الأجنبية "الكيان الصهيونى والصين"، ولعل آخرها إقامة إثيوبيا سداً يحجز 9 مليارات متر مكعب سنويا بالتعاون مع الصين، فضلا عن تعاون غالبية تلك الدول مع الكيان الصهيونى فى المجالات الزراعية والمتعلقة بالرى.
كما أن بعض دول حوض النيل، مثل إثيوبيا وبوروندى، تسعى لزيادة استغلالها لمياه النيل، إذ تعتمد تلك الدول على مياه الأمطار والآبار بما يحول دون تحقيق تنمية حقيقية ومستدامة، بما يزيد من رغبتها فى زيادة نصيبها من المياه على حساب الحصة المصرية والسودانية.
وفى مواجهة هذا تستند مصر دائما إلى عدم جواز المساس ب«حصتها التاريخية» فى مياه النيل، التى تبلغ 55 مليار متر مكعب سنويا، وعلى الرغم من أهمية هذا فى المرحلة الماضية فإن هذا الهدف لن يبدو كافيا خلال 10 إلى 20 عاما على الأكثر، بما يحتم على الحكومة المصرية ضرورة البحث عن هدف أكثر طموحا فى هذا المجال،

ولن يتأتى هذا إلا من خلال زيادة الانخراط مع دول حوض النيل فى مشروعات تفيد الجميع، إذ إن أى صدام ستخسر مصر ودول الحوض منه، بينما سيؤدى التعاون لخلق ظروف أفضل ليس فقط للمطالبة ب«الحصة التاريخية» التى لن تغنى من جوع مستقبلا، ولكن للمطالبة بزيادتها أيضا.


فشل اجتماع شرم الشيخ
وفى شرم الشيخ، وبعد مفاوضات ماراثونية استمرت نحو 20 ساعة، فشل الأربعاء (14-4)، الاجتماع الذى ضم كل من مصر والسودان من جانب، ودول حوض النيل من جانب آخر، فى التوقيع على الاتفاقية الإطارية للتعاون فيما بينها.
وبينما أعلنت دول المنابع السبع عن نيتها توقيع اتفاقية منفردة عن دولتى المصب، والتأكيد على أن جولة شرم الشيخ هى نهاية جولات التفاوض المشتركة بين دول الحوض، خرجت التصريحات المصرية دبلوماسية وهادئة، وركزت على أن ما حدث فى شرم الشيخ ليس «نهاية المطاف».
وخلال المفاوضات تمسكت مصر والسودان بموقفيهما القائم على 3 محاور رئيسية، وهى ضرورة قيام دول منابع النيل بالإخطار المسبق للدولتين قبل تنفيذ مشروعات فى أعالى النهر، بالإضافة إلى استمرار العمل بالاتفاقيات القديمة التى تنظم موارد النهر، وبالتالى التمسك بما يعتبرانه «حصتهما التاريخية» فى مياه النهر، وأن يكون نظام التصويت فى حالة إقرار إنشاء مفوضية لدول حوض النيل بنظام الأغلبية المشروطة بمشاركة دولتى المصب.

اتفاقية منفردة
وأسفر استمرار الخلافات داخل الاجتماع الختامى، الذى انتهى فجر الأربعاء، عن بيان صحفى، أصدرته دول منابع النيل السبع دون الرجوع لمصر والسودان، ذكرت فيه أنها فى طريقها للإعلان عن تبنى إنشاء مفوضية خاصة دون القاهرة والخرطوم، يتم الإعلان عنها خلال عام، ويكون دورها الاستفادة من الموارد المائية للنهر.
فيما رأت مصر والسودان أن توقيع الدول السبع على اتفاقية منفردة يعكس وجهة نظر هذه الدول فقط. وتضمن البيان الصحفى أن اجتماعات شرم الشيخ تعد آخر سلسلة من المفاوضات حول الاتفاقية الإطارية للتعاون منذ بدء إطلاق المفاوضات عام 1995، وسط تأكيدات الخبراء المشاركين أن البيان يؤكد أنه لن تكون هناك مفاوضات أخرى فى أديس أبابا يوليو المقبل.
وأعلن الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والرى المصرى، أن جولة شرم الشيخ ليست نهاية المطاف، ولكنها تعد فقط جولة ضمن العديد من جولات التفاوض بين هذه الدول، تليها جولات أخرى.
واعتبر «علام»، فى تصريحات صحفية عقب انتهاء المفاوضات، أن نتائج هذه الجولة لا تشكل أى مشكلة بالنسبة لمصر، مشيراً إلى استمرار تنفيذ المشروعات المصرية فى دول حوض النيل، مشددا على أن العلاقات مع هذه الدول لن تتأثر بما حدث فى شرم الشيخ، واصفا هذه العلاقات ب«الأزلية»..

وجه أثيوبيا القبيح
وتعرضت الحكومة، ممثلة فى وزارة الرى لحرج بالغ، حسبما أكد المراقبون فى اجتماعات الأربعاء، مشيرين إلى أن مصر والسودان حاولتا التوصل إلى اتفاق يحفظ ماء الوجه، خاصة بالنسبة للقاهرة، نظرا لتعرض الحكومة إلى غضب شديد من الرأى العام يشكل تهديدا لها مع اقتراب الانتخابات البرلمانية، الشهر المقبل، والانتخابات الرئاسية، العام القادم.
وأكد المراقبون أن الاجتماعات كشفت عن «الوجه القبيح» لإثيوبيا فى محاولتها الكيل بمكيالين لتمرير محاولة دول حوض النيل الجنوبى فى الالتفاف حول الاتفاقيات القديمة مع مصر، رغم قيام القاهرة بتقديم تسهيلات كبيرة للاستثمار فى إثيوبيا، وهو ما لم تحافظ عليه الأخيرة من خلال تبنيها مواقف دول أعالى النيل.
ورغم أن بداية الجلسة الصباحية كانت مبشرة بحدوث تقارب بين هذه الدول، لبحث التوصل إلى نقاط اتفاق للاستمرار فى تنفيذ مشروعات مشتركة لصالح دول النهر، فإن بداية المفاجآت كانت على لسان وزير الرى التنزانى عندما أصر على ضرورة التوقيع على الاتفاقية الشاملة قبل مغادرة المدينة فى طريق العودة إلى بلاده.

وتواصلت المفاجآت بتأييد وزير الرى الكينى وجهة نظر تنزانيا وانضمامه إلى الأخيرة، مما دعا أطرافا أخرى إلى التراجع عن موقفها الوسط.
واعتبر المراقبون أن إثيوبيا أدارت الاجتماعات لصالحها من خلال لهجة «الهدوء العاصف»، وهو ما انعكس على بداية انقسام دول حوض النيل إلى فريقين، يضم الأول دولتى المصب «مصر والسودان»، بينما ضم الفريق الثانى دول المنابع السبع.

موقف متشدد
من جانبه، أكد المهندس كمال على، وزير الرى السودانى، فى تصريحات صحفية مقتضبة، حيث بدا عليه الحزن الشديد والإرهاق بسبب فشل الاجتماعات، أن دول منابع النيل سبق لها أن أثارت خلافا حول الاستخدامات المائية الحالية لمصر والسودان، وذلك بزعم أنها تستند إلى اتفاقيات قديمة، مشيرا إلى أن هذه الدول تتبنى موقفا متشددا بشأن عدم تضمين الاتفاقيات القديمة ضمن الاتفاقية الجديدة للتعاون، وهو ما ترفضه مصر والسودان وذلك للحفاظ على «حقوقهما التاريخية» فى موارد نهر النيل.
وأضاف أن مصر والسودان سعتا إلى منح فرصة أخرى للتفاوض حول هذه الخلافات، تمهيدا لحلها ورغم ذلك تمسكت دول أعالى النهر بمطالبها.
وأشار إلى أن دول أعالى النيل السبع سجلت موقفها السابق والذى أعلنته فى مؤتمر الإسكندرية، يوليو الماضى، واشترطت القيام بالتوقيع على الاتفاقية الإطارية دون أن تتضمن النقاط الثلاث المتعلقة بالإخطار المسبق قبل تنفيذ مشروعات على النيل، والاعتراف بالاتفاقيات القديمة لتنظيم موارد النهر واتخاذ القرارات بنظام الأغلبية المشروطة بأن تتضمن موافقة دولتى المصب مصر والسودان قبل اعتمادها وإقرارها.
ورغم ذلك، أعرب الوزير السودانى عن تفاؤله بشأن التوصل بمشاركة دول حوض النيل إلى اتفاقية تلبى رغبات جميع دول الحوض.

خطابات رئاسية
وقال على "سبق أن تقدمنا، مصر والسودان، بمقترح لإعطاء مهلة مدتها 6 شهور لحل نقاط الخلاف بين دول حوض النيل، وقد بلورت الدولتان رؤية مشتركة، أرسل على ضوئها الرئيسان حسنى مبارك وعمرالبشير خطابات إلى قادة ورؤساء دول الحوض تتضمن حلا بناء يرضى جميع الدول، وذلك بإصدار إعلان رئاسى سياسى يهدف إلى تطوير مبادرة الحوض، وتحويلها إلى مفوضية تهدف أساسا إلى استقطاب التمويل وتنفيذ المشروعات المشتركة، والتى تمت دراستها بشكل واف خلال السنوات العشر الماضية.
وأعرب عن أمله فى وصول ردود من قادة ورؤساء الدول الأفريقية على الخطابات التى تم تسليمها إليها، خاصة أن رؤساء هذه الدول أكدوا وحدة دول حوض النيل، تمهيدا للبدء فى إجراءات إنشاء مفوضية لخدمة جميع دول الحوض لتكون بمثابة الانطلاقة الحقيقية لإنشاء المفوضية الجديدة.
وأشار إلى أنه تم تسجيل مطالب مصر والسودان فى محاضر الجلسات بشكل رسمى للتأكيد على مشروعية مطالب الدولتين.
من جانبه، ذكر السفير رضا بيبرس، المتحدث الرسمى لملف مياه وادى النيل، أن دول منابع النيل السبع أكدت خلال الجلسات استمرار تمسكها بالاتفاق الإطارى الحالى الجارى التفاوض عليه، والذى لم يتم الانتهاء منه بعد، منوها بأن هناك مواد مهمة لم يتم الاتفاق عليها بتوافق الآراء بين كل دول الحوض، خاصة أن هذه النقاط ذات أهمية بالغة بالنسبة لكل من مصر والسودان.
وقال بيبرس «دول المنابع قررت بمفردها بدون الرجوع إلى مصر والسودان، أن تستمر فى الإجراءات الخاصة بالتوقيع على مشروع الاتفاقية الإطارية غير الكامل»، مشيرا إلى أن اجتماعات، أمس، لم تشهد أى اتفاق لأن شرط التوصل إلى الاتفاقات داخل مبادرة الحوض هو توافق الآراء بين جميع دوله.
وأكد أن توقيع الدول السبع على اتفاقية منفردة بدون مصر «لن يكون ملزما لنا»، مشددا على «أن موقف مصر قوى، مستندا إلى اتفاقيات قائمة ومحل تنفيذ بينها وبين هذه الدول منذ 1800 و1902 م و1929 و1959، حيث تحمى هذه الاتفاقيات حقوق مصر والسودان كاملة، وهى قائمة وتحظى باعتراف دولى».

دبلوماسية نشطة!
وحول التحرك المقبل لمصر لمواجهة نتائج اجتماعات شرم الشيخ، أكد بيبرس أن مصر مستمرة فى علاقاتها الطيبة لتجميع دول الحوض سويا، وإقناعها بعدم المضى قدما فيما تحاول أن تقوم به من مغامرة التوقيع منفردة على الاتفاقية الإطارية، مشيرا إلى أنه فى حالة قيام هذه الدول بالتوقيع فهذا شأنها وسيكون ذلك خارج مبادرة حوض النيل ولن يكون له أى تأثير قانونى أو أى التزام من جانب مصر والسودان.
وأضاف بيبرس أن مصر لديها اتفاقات مع هذه الدول تحمى حقوقها بالكامل ومعروفة جيدا، و«هى اتفاقات شديدة وقوية من حيث النص والحفاظ على حقوقنا، وسوف نتمسك بها ولن نتنازل عنها»، مضيفا أن الأمر حاليا متروك لرؤساء دول الحوض إن أرادوا التدخل.
وأشار إلى أن هناك أنهارا عديدة فى مناطق مختلفة، استغرق التوصل إلى اتفاق حول إدارة مياهها بين الدول المشتركة فيها إلى أكثر من 50 عاما مثل نهر الميكونج فى الصين.
وأضاف أن مصر والسودان لم تتقدما بطلب لمهلة جديدة لمواصلة المفاوضات، فى الوقت الذى تقدمتا فيه بمقترح يحافظ على وحدة دول حوض النيل، يتم بموجبه إنشاء مفوضية لحوض النيل تحقق التعاون وإنشاء مشروعات تحافظ على مياه النيل وزيادتها وتنفيذ مشاريع فى كل الدول من أجل رفاهية شعوب دول الحوض.
وأكد بيبرس أن جميع الاحتمالات مفتوحة أمام الدبلوماسية المصرية النشطة وسوف نعمل فى كل الاتجاهات، مشددا على أن مصر تتابع بدقة شديدة أى مشروعات تتعلق بمياه النيل بدول الحوض، وترصد مدى تأثيرها على مصر، و«حتى الآن لم نرصد أى تأثير سلبى لأى سدود تم إنشاؤها على حصة مصر من مياه النيل».

غياب مصرى وتواجد صهيونى
وفى السياق، أكد خبراء مياه وشئون أفريقية، أن موقف دول منابع النيل من المفاوضات حول مستقبل المياه فى دول الحوض، كان متوقعاً فى ظل الغياب المصرى عن الساحة الأفريقية، وإنشاء العديد من الدول، مثل الكيان الصهيونى وأمريكا والصين، مشروعات ضخمة داخل دول الحوض.
واعتبر الدكتور هانى رسلان، خبير الشئون السودانية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن قرار دول المنبع يمثل خطورة كبيرة بالنسبة لها ولمصر أيضاً فى المستقبل.
وأوضح أنه فى حالة إصرار هذه الدول على اتخاذ قرارات منفصلة عن دولتى المصب «مصر والسودان»، فإنها سوف تواجه صعوبات بالنسبة للتمويل الدولى من الجهات المانحة للمشروعات الخاصة بها، مثل البنك الدولى، وغيره من الجهات التى سوف ترفض تمويل أى مشروعات متعلقة بالمياه فى هذه الدول.
وأوضح أن هذه الصعوبات بدورها لا تمثل أى ضمانة لمصر، لأن دول المنبع قد تلجأ إلى جهات أخرى لتمويل مشروعاتها مثل الصين وغيرها.
واعتبر أن تنفيذ هذا البيان يمثل ضرراً كبيراً لمصالح مصر المائية، منوها بأن هذه الدول تعمدت تجاهل الحقوق التاريخية لمصر والأمن المائى لها.
مستطردا "لذلك فعلى مصر استخدام كل الوسائل الممكنة والمتاحة لحماية أمنها القومى، بما فيها الوسائل الدبلوماسية وغير الدبلوماسية".
وقال «كان يجب على العديد من دول المنبع (عدم التكبر) على مصر، فدولة مثل إثيوبيا لديها العديد من المشاكل الداخلية والخارجية، والأمر نفسه ينطبق على العديد من دول المنبع»، لافتا إلى وجود قوى خارجية تحرك تلك الدول، مثل الكيان الصهيونى.

أساليب جديدة
من جانبه، أكد الدكتور مغاورى شحاتة، رئيس الجمعية العربية للمياه، رئيس جامعة المنوفية السابق، أن هذا البيان لا يعنى نهاية المطاف بالنسبة للمفاوضات حول مياه النيل، منوهاً بأنه لايزال هناك حديث على مستوى الرؤساء، وأنه ستكون هناك جولات جديدة، فضلاً عن أن هذه الدول لن تستطيع منع المياه عن مصر قبل فترة من 30 إلى 50 سنة.
وقال شحاتة "هناك موقف تاريخى للعديد من هذه الدول ودول منطقة البحيرات الوسطى منذ عام 1962، إلا أننا لم نهتم بهذه المواقف وأعقب ذلك دخولنا فى حربى 67 و73، وما صاحب ذلك من وجود فراغ للتواجد المصرى فى دول المنبع، مما دفع العديد من الدول الأخرى إلى الدخول لملء هذا الفراغ مثل أمريكا والصين وإسرائيل".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة ساعدت إثيوبيا على إنشاء العديد من السدود، وقيل فيما بعد إن هذه السدود تهدف إلى توليد الكهرباء ولن يكون لها تأثير على منابع النيل، إلا أن واقع الأمر يشير إلى أن هذه السدود سوف تحتاج إلى تخزين المياه لتوليد الكهرباء، وأن هذا التخزين سيؤثر بالسلب على كميات المياه التى تخرج من إثيوبيا، وبالتالى سوف تتأثر كميات المياه الوافدة إلى مصر.
وكشف عن أن مفاوضات شرم الشيخ نفسها التى انتهت الأربعاء (14-4)، كان بها مراقبون من تلك الدول، موضحاً أنه على الرغم من أن دول المنبع كانت فيما مضى ترفض الاتفاقيات الحالية، إلا أنه لأول مرة تتخذ هذه الدول موقفا موحداً ضد مصر ويعلنون عدم اعترافهم بوجود حقوق تاريخية لمصر، فيما يتعلق بمياه النيل، ويرفضون المطالب المصرية المتعلقة بالأمن المائى والإخطار المسبق لأى مشروعات يتم تنفيذها بدول المنبع. وأكد أن هذه النوعية من المفاوضات تأخذ بطبيعتها وقتا كبيراً، مشدداً على أن مصر تحتاج إلى تعامل مختلف مع ملف المياه، لتدخل فيه كل الجهات المعنية بهذا الموضوع، مثل الجهات المسئولة عن الأمن القومى ووزارة الخارجية، بالإضافة إلى وزارة الموارد المائية وغيرها من الجهات.
وقال «يجب أن تكون لنا أساليب جديدة مع دول المنبع، وأن يكون هناك صبر فى التعامل معها وتوجهات مدروسة وخطط مستقبلية معلومة، فالتفاوض ليس بالمسألة السهلة». وذكر أن علينا الاستعداد لمواجهة أزمة المياه رغم أنها بعيدة فى أسوأ الظروف، مطالباً بأن يكون لمصر تواجد قوى فى تلك الدول، وألا يكون هذا التواجد مرتبطاً بمناسبة محددة.

تحركات عمالية!
من ناحية أخرى، أكد إبراهيم الأزهرى، الأمين العام للاتحاد العام لنقابات العمال، أن الاتحاد سوف يوجه دعوة إلى رؤساء الاتحادات العمالية بدول حوض النيل، لبحث تداعيات فشل وزراء الرى بهذه الدول، خلال اجتماعهم الأربعاء فى شرم الشيخ، فى التوصل لاتفاق يقضى بضرورة الرجوع إلى مصر والسودان عند إقامة أى مشروعات بدول المنبع من شأنها التأثير على حصص دولتى المصب.
وقال الأزهرى إن حسين مجاور، رئيس الاتحاد، بصفته رئيساً لمنتدى عمال دول حوض نهر النيل، سوف يدعو رؤساء الاتحادات العمالية فى دول المنبع لعقد اجتماع مشترك، بهدف حث النقابات العمالية بهذه الدول على الضغط على حكوماتها للعودة إلى طاولة المفاوضات ل«صالح شعوب دول النهر»، وضرورة الاتفاق على عدم إقامة أى مشروعات من شأنها التأثير على حصص مصر التاريخية من مياه نهر النيل.
وأكد أن الاتفاقيات الدولية تحفظ لمصر حقها من مياه النهر، وأن أى تدخلات أجنبية لدى دول المنبع لن تفلح فى المساس بهذه الحصة التى «تمثل مسأله حياه أو موت بالنسبة للشعب المصرى كله».
من جانبه قال محمد وهب الله، رئيس النقابة العامة للعاملين بالتجارة، الأمين العام لاتحادات نقابات التجارة بدول حوض النيل، إنه سوف يوجه دعوة للنقابات العمالية بدول الحوض من أجل بحث تداعيات مؤتمر شرم الشيخ، فى محاولة لنبذ أى خلافات بين دول النهر.
وأضاف، أن اتجاه دول حوض النيل لإبرام أى اتفاقيات تخص نهر النيل، وإقامة مشروعات عليه بعيدا عن مصر والسودان، لابد من التصدى لها بقوة، خاصة أن هذا الإجراء من شأنه التأثير على حصص مصر من المياه، فضلا عن تهديده المشروعات الزراعية، ويعرض البلاد ل«كارثة محققة».
وطالب وهب الله القيادة السياسية بضرورة التدخل على مستوى رؤساء دول حوض النيل لبحث الأمر، خاصة أن الوزراء يعملون وفق أجندات سياسية يحددها قادة كل بلد.
وأشار إلى أن وزارة الخارجية لابد أن يكون لها دور قوى أيضا فى تقريب وجهات النظر بين مصر والسودان من جانب، ودول الحوض من الجهة الأخرى، بما لا يتيح الفرصة لدولة مثل إسرائيل للاستفادة من الخلافات التى نشبت بين وزارء الرى فى دول الحوض.

عصر ذروة المياه
وسيطرت موضوعات قضايا المياه والتغيرات المناخية، ومستقبل الإنسان الآلى، والتنوع البيولوجى، على فعاليات مؤتمر التكنولوجيا الحيوية الدولى «بيوفيجن الإسكندرية 2010»، والذى تنظمه مكتبة الإسكندرية تحت عنوان «العلوم الحياتية الجديدة.. نظرة للمستقبل».
وقال رئيس المركز الباسيفيكى للدراسات فى مجال البيئة والأمن والتنمية بالولايات المتحدة بيتر جليك فى جلسة «المياه والطلب العالمى والإدارة الدولية»: إن المياه الصالحة للاستخدام فى العالم قليلة وغير موزعة بعدالة بين دول العالم، إضافة إلى وجود مشكلات كثيرة متعلقة بها مثل انتشار الأمراض المرتبطة بالمياه، وتلوث المياه، وانخفاض مصادرها، وهو ما يستدعى العمل بشكل دائم ومستمر لإيجاد حلول سريعة وعاجلة لمشكلات تلوث المياه خاصة مياه الشرب.
وأشار جليك «إلى أننا نعيش حاليا فى كثير من دول العالم فى عصر ذروة المياه، خاصة فيما يتعلق بمصادر المياه غير المتجددة كالمياه الجوفية مثلا، مشيرا إلى أن معظم مصادر المياه فى العالم متجددة، ولكنها تقل أو تزيد وفقا لاستخداماتنا ووفقا للظروف الطبيعة التى يشهدها العالم».
وشدد على أن العالم يتجه الآن إلى وضع تؤثر فيه المياه سلبا على النظام البيئى نتيجة ندرتها وجودتها، موردا عددا من الحلول لمعالجة قضايا المياه ومنها البحث عن مصادر جديدة للمياه كمعالجة مياه الصرف الصحى وتحلية مياه البحار المالحة، إضافة إلى تحسين كفاءة استخدام المياه، وزيادة البنية التحتية الخاصة بها، وإصلاح المؤسسات المائية، وإشراك المجتمع فى القرارات الخاصة بالمياه.
من جانبه، ألمح وليام جوزجروف، مؤسس شركة Ecoconsult، إلى أن إجمالى الناتج المحلى للدول مرتبط بوفرة المياه وجودتها، حيث إنه فى إثيوبيا مثلا، قلّ إجمالى الناتج المحلى لها بسبب عدم قدرتهم على إدارة أزمة المياه لديهم بصورة جيدة.
وأضاف أن ندرة المياه تسهم فى زيادة الفقر وانعدام الأمن، لافتا إلى أن الجماهير ومنظمات المجتمع المدنى يتعين عليها أن تلعب دورا مهماً فى موضوع المياه، حيث إنها فى كثير من الأحيان تكون أكثر فاعلية من الحكومات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.