هدد حزب "العمل" بالاتفاق مع بقية الأحزاب، الحزب الوطني باللجوء إلى القضاء في حال انفراده بإجراء التعديلات الدستورية المعتزم تقديمها إلى مجلس الشعب في الدورة البرلمانية القادمة. جاء ذلك خلال مشاركة الحزب في ندوة" التعديلات الدستورية المطروحة في المرحلة المقبلة" التي عقدتها أمس الأول لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، والتي طالبت بضرورة تعديل دستوري يضمن تأصيل احترام قواعد حقوق الإنسان على المستويين السياسي والمدني من ناحية والاقتصادي والاجتماعي من ناحية أخرى وذلك من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية لوضع دستور جديد. ودعا ممثل حزب "العمل" عبد الحميد بركات القوى السياسية إلى التوحد في مواجهة الحزب الحاكم، مؤكدًا أن أي تعديلات على الدستور لن تجرى إلا بتجمع القوى السياسية المختلفة حول رؤية واحدة. ومن المقرر أن تكلف أحزاب المعارضة والقوى السياسية مجموعة من الخبراء الدستوريين والقانونيين لإعداد تصور عن التعديلات الدستورية المطلوبة لتقديمها إلى الحزب الوطني، وسيلي ذلك تكليف مكتب محاماة شهير برفع هذه الدعوى لإجبار الحكومة على التراجع عن هيمنتها على التعديلات الدستورية مستغلة تمتعها بالأغلبية النيابية لتمرير تلك تعديلات لخدمة مشروع التوريث. كما تم تشكيل لجنة تنسيق تضم ممثلين لأحزاب المعارضة و"الإخوان المسلمين"، لبحث الخطوات اللازم اتخاذها لإجبار النظام على تبني تعديلات دستورية تعزز الأجواء الإصلاحية وتخفف من قبضته على سدة السلطة.
يأتي ذلك فيما طالب ممثلو أحزاب المعارضة والحركات المطالبة بالتغيير ومنظمات حقوق الإنسان بإجراء تعديلات على الدستور الحالي بما يضمن تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية والتأكيد على الفصل بين السلطات وضمان الإشراف القضائي الكامل على العملية الانتخابية وتفعيل دور البرلمان في مراقبة ومحاسبة السلطة التنفيذية، من خلال لجنة تأسيسية منتخبة تشارك فيها كافة القوى السياسية لوضع دستور جديد تمهيدًا لعرضه على مجلس الشعب الذي يقوم بدوره بطرحه للاستفتاء الشعبي.
وخلال الندوة، أشار ممثل الحزب "الناصري" فاروق العشري إلى أن الأوضاع الحالية التي تمر بها البلاد تتطلب تغييرًا شاملاً في السلطة التي كرست عناصر انعدام الشفافية وغياب المحاسبة الحكومية وعدم الاستجابة لمطالب القوى والنخب السياسية ومنظمات حقوق الإنسان في إصلاح ديمقراطي حقيقي. واعتبر العشري أن الإصلاح لا يتم إلا من خلال استعادة حقوق الشعب وأن يحكم نفسه بنفسه وأن تختار الجماهير من يمثلها بإرادة حرة وأن يجرى تداول السلطة من خلال قوى سياسية عن طريق انتخابات حرة. وأشار إلى أن تلك الإصلاحات تتطلب بدورها تأكيدًا على إصلاحات دستورية وأخرى تتعلق بمباشرة الحقوق السياسية ونظام الحكم المحلى والمجالس الشعبية وحرية إصدار الصحف وتكوين الأحزاب فضلاً عن تحرير العمل النقابي. ودعا العشري إلى تعديل نص المادة 76 المعدلة من الدستور بحيث تضمن إتاحة فرص متكافئة أمام الجميع في الترشيح لرئاسة الجمهورية وأيضًا المادة 77 المتعلقة بمدة الرئاسة على ألا تزيد على مدتين والتأكيد على المادة 88 والتي تضمن الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات. كما طالب بإلغاء المادة 164 من الدستور الخاصة بالمجالس القومية المتخصصة، مؤكدًا أنه لا جدوى منها في ظل وجود المراكز العلمية و البحثية المختلفة وإلغاء المادة 195 الخاصة بمجلس الشورى الذي يرى العشري انه لا جدوى من بقائه فضلا عن إلغاء رئاسة الرئيس للمجلس الأعلى للقضاء. وقال العشري إن تلك التعديلات لا يمكن لها أن تتم عن طريق الحزب الوطني الحاكم وإنما ينبغي أن تتم من خلال لجنة تأسيسية منتخبة تشارك فيها كافة الأحزاب والقوى السياسية على أن يتم عرض أعمالها على مجلس الشعب الذي يقوم بدوره بعرضها في استفتاء شعبي.
فيما أبدى الأمين العام لحزب "التجمع" حسين عبد الرازق اعتراضًا على فكرة تكوين لجنة منتخبة لصياغة الدستور، وقال إن تشكيلها سوف يواجه نفس مشاكل أي عملية انتخابية أو استفتاء في ظل ما وصفه بتعددية مقيدة منذ عام 1979م، مؤكدًا أنها ستكون لجنة مزورة وغير معبرة عن الإرادة الشعبية أو السياسية. ورأى أن تغيير الدستور في ظل الأوضاع الحالية يكاد يكون أمرًا مستحيلاً لأن الحزب الوطني يسيطر على البرلمان ومن ثم فإن أي تعديل أو تغيير سيكون وفقًا لرؤيته وليس للرؤية العامة، إلا أنه عاد وأكد أن الظروف المستقبلية قد تساهم بشكل أو بآخر في إجراء تعديلات كلية على الدستور.
وأكد عبد الرازق أهمية تشكيل قوة ضغط على الحكومة حتى تكون أمام أمرين إما: الاستجابة لمطالب القوى السياسية أو الاصطدام بها، مشيرًا في ذلك إلى دعوة التجمع لكافة القوى السياسية لعقد مؤتمر علمي تشارك فيه كافة التيارات من أجل بحث كيفية صياغة تعديلات دستورية تضمن تحقيق مطالب القوى السياسية كافة.
من جانبه، طالب القيادي الإخواني الدكتور عبد الحميد الغزالي بتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وتحديد مدة رئاسته بمدتين فترة كل منها خمس سنوات فقط. ووصف الدستور الحالي بأنه مهلهل ويكرس فكر الاستبداد والفساد وهو الأمر الذي يتطلب تغييرًا فيه، مشيرًا إلى أهمية الإصلاح الدستوري بما يضمن استقلال السلطات وفعالية البرلمان وإشراف قضائي كامل على الانتخابات بكل مراحلها.
ورأى أن المناخ الحالي الذي يجري في ظله الحديث عن تعديلات دستورية لا يصلح لإجرائها إلا إذا كانت هناك رؤية واحدة تجمع عليها كافة القوى السياسية والحركات الإصلاحية. من جهته، أكد الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعدة أن الجوهر في التعديلات التي ترغبها الحكومة هو قانون مكافحة الإرهاب الذي تريد استبداله بقانون الطوارئ الذي جلب المشاكل للحكومة من المنظمات الحقوقية الدولية بسبب انتهاكه لحقوق الإنسان.
وأكد أبو سعدة عدم جدية الحكومة في إجراء التعديلات الدستورية التي تتحدث عنها وقال إنها مجرد أفكار ولو كانت لديها النية الحقيقية في ذلك لبدأت في تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم أعضاء مجلس الشعب والمستقلين والخبراء من كافة التخصصات والتيارات السياسية لمدة عام حتى تضع دستورًا جديدًا للبلاد. فيما دعا المنسق العام ل "الحركة المصرية من أجل التغيير" (كفاية) جورج اسحق إلى إدخال تعديلات على الدستور بما يضمن حرية الرأي والعقيدة وضمان فرص العمل.