اتاحت ظروف عمل المفكر والكاتب الكبير عبده مباشر في بلاط صاحبة الجلالة لأكثر من نصف قرن فرصا للاقتراب من رؤساء مصر الثلاثة ناصر والسادات ومبارك.. وعن الظروف والاسباب يكتب مجموعة من المقالات يكشف فيها الكثير من الاسرار والخفايا التي كانت تجري في الشارع الخلفي بعيدا عن الأضواء.. وعلي هذه الصفحة تنشر "المساء الأسبوعية" مقالات الكاتب الكبير. بدأت أشارك في العمليات خلف خطوط العدو في سيناء. وبدأت أعلم ان الرئيس عبدالناصر بعد أن يعلم بعودة الدورية من سيناء وإنجاز مهمتها القتالية. يتصل تليفونيا بالاستاذ هيكل ليخبره أن "عبده وصل بسلامة الله" واذا كان رئيس تحرير الأهرام قد ذهب الي منزله واستغرق في النوم يترك الرسالة مع سكرتيرته أو مديرة مكتبه القديرة نوال المحلاوي.. وعندما غابت نوال عن العمل فترة بسبب وجودها في المعتقل علي ذمة التحقيق في قضية أمن قومي. كان يترك الرسالة مع الاستاذ محمود عطاالله الذي حل محلها في العمل بمكتب الاستاذ هيكل وعندما التقينا في العاصمة البريطانية أنا والصديق حسني إمام مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط في لندن ومدير مكتب وكالة الأنباء الكويتية فيما بعد مع الصديق محمود عطاالله الذي اختار الانضمام لاسرة تحرير جريدة الشرق الأوسط في لندن. روي لنا محمود تفاصيل هذه الوقائع. وكان مازال في حالة دهشة من مثل هذا الاتصال التليفوني الذي تحول الي تقليد في أعقاب كل عملية فدائية. وقال معقبا. ان عبدالناصر كان يتصل للإبلاغ عن عودة "عبده" بالسلامة ولم يقل أبدا ان المجموعة الفدائية قد عادت بالسلامة. ولم يحاول ان يحكي لهيكل شيئا عن العملية التي تم تنفيذها. واذا ما اتصل عبدالناصر ورد علي المكالمة محمود عطاالله وعرف منه عبدالناصر أن هيكل نائم. كان يصر علي عدم إيقاظه. ويرجو إبلاغه بالمكالمة وموضوعها. وفي كثير من الأحيان كنا نعود من سيناء فجرا أو بعد الفجر أو قبله بقليل. وكان الرفاعي عندما يجري اتصاله التليفوني بمدير المخابرات يجده مستيقظا وكان اللواء محمد صادق يعرف ان الرئيس لن ينام قبل ان يطمئن علي عودة الدورية. ويسمع ملخصا لما قامت به. وما تحقق من نجاح. وطوال هذه المرحلة. كان الرفاعي يتوجه من رحلة العودة أيا كانت منطقة تنفيذ المهمة الي مكتب مدير المخابرات ويقدم له تقريرا شفهيا. وفي معظم الاحوال كان يطلب من الرائد طبيب عالي نصر وهو التالي له في القيادة ومن الذهاب معه وفي بعض العمليات خاصة تلك التي لها طابع خاص كان يتلقي أمرا من اللواء صادق بالتوجه الي مكتب وزير الحربية ليسمع منه. وفي أحيان أخري كان يقول. إن الرئيس عبدالناصر في انتظاركم. وخلال اللقاء مع وزير الحربية. كنت اعتذر عن حضور اللقاء. أما بالنسبة للرئيس عبدالناصر. فقد كنت أحرص دائما علي الحضور وفي المرة الأولي. سألت اللواء صادق ومن بعده ابراهيم الرفاعي عما إذا كان من اللائق ان أشهد مثل هذه المقابلة وكان رد مدير المخابرات ملفتا وجديدا ومرشدا. حيث قال. إن القيادات العسكرية لها أسلوب في العرض لا تخرج عنه. أما أنت ولأنك لست عسكريا محترفا. فلك أسلوب في الرؤية والتقييم مختلف. وأتوقع ان يطلب الرئيس سماع وجهة نظرك. وعليك ترتيب أفكارك. ثم عقب قائلا. إنني سأخبر الرئيس عبدالناصر أنك بصحبة الرفاعي أولا لأعرف هل يريدك مع قائد المجموعة أم لا وثانيا حتي لايفاجأ بوجودك. وعندما خرجنا سألت ابراهيم. عما اذا كان يريدني معه. فقال إنه يصر علي ذلك ولفت نظري ترحيب عبدالناصر بابراهيم الرفاعي ترحيبا يقترب من التدليل.. وبعد ان انصت. سأل.. وانتهي اللقاء فأدينا التحية واتجهنا الي باب الخروج إلا أنه طلب مني البقاء. وبعد أن اصبحنا وحدنا سألني عن تجربة القتال بالنسبة لي فأكدت له أنها أفضل ماقمت واقوم به في حياتي. وان لهفتي علي الاشتراك في العمليات لاتعادلها لهفة بعدها استوضح بعض النقاط. وفي المرة التالية طلب ان أحكي له حكاية المهمة بالكامل. فرويت له كل المعلومات والتفاصيل التي أعرفها. وفي النهاية تحفظت بقولي. ربما كانت هناك تفاصيل او معلومات أخري ولكن هذا هو كل مالدي. ولم يختلف الموقف فيما تلا ذلك من لقاءات. كان يريد ان يسمع مني. وكنت اخبره بكل ما أعرفه. وبكل ماجري خلال العملية. وفي إحدي العمليات كانت الامواج في خليج السويس ترتفع الي ماهو أكثر من مترين وكانت الرياح عاتية خاصة خلال رحلة العودة بعد تنفيذ مهمة ناجحة بمنطقة الطور بسيناءالجنوبية وأدت هذه الظروف المناخية الي انقلاب قارب من قوارب المجموعة. وأمر القائد بألا نترك فردا أو قطعة سلاح في الماء وبدأنا في عملية انقاذ للقارب والافراد والمعدات والاسلحة في ظل هذه الظروف المناخية الصعبة. وكنا جميعا في سباق مع الزمن. أي نريد ان نتم عمليات الانقاذ وأن نتمكن من العودة قبل ان تبدأ رحلات الاستطلاع الجوي المعادية والتي تبدأ عادة بعد أول ضوء. ونجحنا جميعا. وتمكنا من العودة مع ساعات الصباح الأولي. واستمع عبدالناصر باعجاب بقرار القائد. وبقدرة المجموعة علي إنجاز عملية الانقاذ بنجاح رغم كل الصعوبات. ومنذ البداية تحدثت مع ابراهيم الرفاعي موضحا أنني لا استطيع ان اروي شيئا عما يجري خلال الوقت الذي أمكثه مع الرئيس. لأن ذلك حقه وحده. وأكدت له أنني سأتعرض لأذي كبير اذا ما خاطرت بفقدان ثقة الرجل وتفهم القائد الموقف وقال انني أيضا لا أحب ان تخذل ثقتي فيك. فكيف ارضي أن تخذل ثقة الرئيس فيك؟ وفي شتاء عام 1969 القت سلطات الامن القبض علي مجموعة من العسكريين بتهمة الاعداد لانقلاب عسكري وكان من بينهم رائد صاعقة من المجموعة 39 قتال وبدأ الجميع في مراجعة علاقاتهم بزميلهم المقبوض عليه والتحسب لعملية استدعائهم للتحقيق معهم. وكانت هناك علاقات اسرية واجتماعية تربط بين افراد المجموعة ولم تكن علاقات الزمالة والصداقة محصورة في العلاقات فيما بينهم. بل هناك من توسع ومد النطاق ليشمل اسرته. وكان الرائد حنفي من النوع الهادئ الدمث الخلق الذي لايثير أية مشاكل مع زملائه أو رؤسائه. وكان الاستغراب والدهشة هو رد الفعل المباشر للمعلومات التي تناثرت حول المجموعة الانقلابية والأوراق التي تم العثور عليها والصور والتسجيلات التليفونية. ولم يكن هناك من صدق كل ماصدر عن المصادر الأمنية. وظل هناك أمل أن يكون هناك خطأ ما حول اشتراك الرائد حنفي في هذه المحاولة. ولاذ من لاذ بالصمت. وشعر من لم يرتبطوا بعلاقة مع المتهم بفرحة كتموها. فالمهم بالنسبة لهم افلاتهم من عمليات التحقيق والمراقبة. وكان البعض قد شعر بوجود متابعات أمنية. وبأن تليفوناتهم قد وضعت تحت الرقابة. ومنهم من قال. ربما هي المتابعة الدورية بين الحين والحين. وقال آخرون بل هناك شئ ما. وكانت العيون تتابع المجموعة بدقة وتحاول رصد اي خروج علي المألوف ومثل هذا الاجراء الوقائي كان منطقيا ومفهوما. ويتعامل معه الجميع بفهم. ولم يكن يثير أية حساسية. فالقضية هنا لاترتبط بالثقة أو بالولاء. ولكن بالامن وبالاحتمالات وبالمخاوف وقواعد عمل أجهزة الامن. وجاءت عملية القاء القبض علي الرائد حنفي لتؤكد ان الاجراءات الوقائية كانت مفيدة. أما اسبابها فترجع الي أن هذه المجموعة القتالية كانت تضم العناصر الأكثر جرأة والافضل تدريبا والأعلي كفاءة وكانت جسارة افرادها وعلي رأسهم القائد مضرب المثل. كما كان في مخازنها الكثير من الاسلحة والذخيرة طبعا فيما عدا الاسلحة الثقيلة كالمدفعية والمدرعات أي يتوفر لها من العناصر التي تشجع علي الاقدام علي عمليات اغتيال أو محاولات انقلابية الكثير. وبلغ من براعة اجهزة الأمن أنها تركته يشارك في عمليات المجموعة بشكل طبيعي ليشعر انه بعيد عن الشبهات وعندما توفرت لهم الأدلة الكافية. اختاروا ان يلقوا القبض عليه بعد عودته من عملية بمنطقة جنوبسيناء. وأثناء اللقاء بالرئيس عبدالناصر. عقب العملية التالية. اي بعد مرور عدة اسابيع. جري الحديث عاديا حول العملية الاخيرة. وأثناء التحية قبل الانصراف. سألني مباشرة عما اذا كان حنفي قد تحدث معي حول نواياه. فأجبته بسرعة. لو أنه فعل لأبلغت اللواء محمد صادق فؤاد فقال انه يعرف انني كنت سأفعل ذلك فعلا. ومرة أخري وبعد ان انتهي قائد المجموعة من عرض تقريره الشفهي علي الرئيس. وكان الوقت مبكرا طلب الرئيس مني البقاء وبعد ان خرج القائد ونائبه. عاد الرئيس واستقر علي مكتبه وانا مازلت واقفا في انتظار ان يأذن لي بالجلوس وبعد ان نظر في بعض الأوراق. وأعطي تعليمات بتنفيذ ماهو مطلوب اتجه بنظره الي وسألني عن رؤيتي للملك فيصل. وفوجئت بالسؤال. وترددت لفترة حاولت فيها فهم السؤال. ولاحظ ترددي. بعدها قلت له. إنها كانت المرة الأولي التي أقابل فيها ملكا. وقد عاملني برقة كصحفي. وعاتبني بلا غضب لانني رفضت الهدية التي قدمها لي وزير الاعلام. ولم يرفض الاجابة علي أي سؤال. وللافلات من حصار السؤال وابعاده. انتقلت بالحديث الي نقاط أخري. وقصصت عليه ثلاثة مواقف واجهتني خلال زيارة السعودية واخترت أن يكون الموقف الاول عن وجود تيارات سياسية يسارية بالمملكة. وحكيت له أنني بعد ان التقيت بالأمير عبدالله الفيصل والشيخ كمال أدهم. وقلت لهما ما قلته دفاعا عن مصر ورئيسها. وما أبديته من حرص علي تحمل نفقات إقامتي وفي فندق خمس نجوم. فوجئت وانا اتجول بالسوق بشاب يدس ورقة في جيبي ويختفي بسرعة. ومن هذه اللحظة بدأت أول احتكاك بمجموعة من الشباب السعودي اليساري التوجهات. وسرعان ماتم تنظيم لقاء بعد ان شعروا بالامان تجاهي. وانني لن ابيعهم للسلطات. وبعد ان ادركوا أنني أثق فيهم مثلما وثقوا هم في. ثم تسلمت منهم بعض المنشورات. وعلمت أن عددهم ليس كبيرا كما ان خبراتهم العملية محدودة: وكذلك قدرتهم علي الحركة.. كان ذلك في جدة. وعلي الطائرة التي اقلتني الي العاصمة. جلس بجواري أحدهم وفي مكتب وزير الاعلام بالرياض. قابلت واحدا منهم ومن خلال هذه اللقاءات أدركت أنهم مصرون علي مواصلة العمل وتحمل تبعاته. وعرفت ان السلطات قد اعتقلت عددا منهم وأن المحكمة التي شكلت لمحاكمتهم قضت ببراءتهم لعدم وجود أدلة تدينهم. إلا أن الملك رفض التصديق علي الحكم وأمر بتشكيل محكمة أخري لمحاكمتهم. وقلت للرئيس إنني لم أكن اتوقع إطلاقا وجود تيارات يسارية في السعودية. وإن هذه القيادات رغم قلة الاعداد مصرة علي الاستمرار في العمل والنضال من أجل ماتؤمن به. وانتقلت الي الواقعة الثانية. ورويت أنني خلال إقامتي بالفندق بجدة. كنت التقي بزائر انجليزي كلما توجهت الي الكافتيريا في المساء. فتعارفنا وكنا نلتقي لتناول طعام العشاء ثم ننتقل الي الكافتيريا لاحتساء القهوة والبيرة بدون الخالية من الكحول ولم يخل حديثه من التعبير عن سخطه للتقاليد والقواعد التي تمنع تناوله الكحول وكان يتساءل لماذا توجد زجاجات الكحول في كثير من المنازل ولاتوجد في الفنادق؟ وسألته. ولماذا لاتغادر إذا كان الأمر شاقا عليك؟ فقال إنه مضطر للبقاء لانه المسئول عن تنفيذ عقد تسليم المقاتلات القاذفة من طراز لايتننج الانجليزية الصنع الي القوات الجوية السعودية. واسترسل في الحديث عن الصفقة وتفاصيلها ووجدتني استمع الي اسرار بالغة الأهمية. ولم اتردد في التوجه الي السفارة التي كانت موجودة في جدة وقتذاك. والتقيت بالسفير يحيي عبدالقادر والمستشار سعد مرتضي واخبرتهما بما قاله الخبير الانجليزي. وكانت دهشتهما بالغة. فالسفارة كانت تسعي بكل السبل للحصول علي هذه المعلومات وها هو الحظ يقودني اليهم ورأيت عبدالناصر يسجل شيئا علي الورق الذي امامه. ثم قلت له ان الواقعة الاطرف كانت لقائي برجل من حضرموت حضر الي السعودية ويعد سنوات اصبح من بين الرجال الأكثر ثراء بالمملكة. وهو المالك الرئيسي للبنك الاهلي. وقد روي لي ببساطه ودون اي احساس بالحرج. انه لايعرف القراءة أو الكتابة. وقد وظف انجليزيا ليقوم بالتوقيع علي الاوراق بالنيابة عنه. وأن كل البنوك في الداخل والخارج تتعامل مع هذا التوقيع باعتباره توقيعي أنا وبعد سنوات من العمل قررت ان اتعلم كيف أوقع باسمي علي الوثائق والمستندات وبعد ان تعلمت انهيت التعاقد مع هذا الموظف الانجليزي.. يضحك كثيرا ومن قلبه. وهو يسألني هل تصدق ان كل البنوك والخارجية بصفة خاصة قد رفضت توقيعي وتصورت ان هناك من يحاول تقليد توقيعي. وتوالت الاتصالات للاستفسار والاستيضاح. ولم أجد مناصا من إعادة الموظف الانجليزي للتوقيع نيابة عني وعادت الأمور لتسير في مسارها الطبيعي. وقلت. كان يحكي أمام الحاضرين. وأنا منهم وهو سعيد وضحك الرئيس كثيرا. وأبدي دهشته من أن الرجل بكل هذا الثراء الذي يجعله في المقدمة ولا يعرف القراءة والكتابة. كانت المرة الأولي. التي أحكي فيها شيئا للرئيس لم يسأل عنه. فقد كنت دائما شديد الحرص علي ان تكون اجابتي علي قدر السؤال. وبجمل واضحة وقصيرة بقدر الامكان. كنت أخشي الوقوع في أي تجاوز أو أخطاء. ولكن السؤال عن الملك فيصل بعد هذا الوقت الطويل وحيرتي قادني الي الخروج علي النص. خلال هذه الفترة رأيت الرئيس بالغ الحرص علي استجلاء الصورة والبحث عن الحقيقة. والنظر فيما وراء التقارير المكتوبة والشفهية. وبما يعكس قدرا من الشك فيها. او فلنقل قدرا كبيرا. وبما يكشف عن ثقة محدودة أو لفترة في عدد كبير من المسئولين. وبدأت أطل لاول مرة علي حالة من يقف وحيدا علي القمة. ومدي معاناته بالرغم من كل السلطة والسطوة والقوة والنفوذ. ولا اشك انه كان يثق ثقة كبيرة في اللواء محمد صادق. يثق فيما يقوله او يقترحه ولا ينسي له انه صاحب الاقتراح ببدء حرب لاستنزاف القوات الاسرائيلية في سيناء. وعندما تحفظ علي الاقتراح موضحا ان مصر وافقت علي قرار مجلس الامن رقم 242 الصادر في نوفمبر 1967 وعلي وقف اطلاق النار بكل مايترتب علي ذلك من مسئوليات. قال صادق له. ان شبه جزيرة سيناء أرض محتلة وبالتالي فمن حق المواطنين بها مقاومة الاحتلال. ولايمثل ذلك أي خروج علي قرار وقف اطلاق النار. ومن جانب آخر احاطه علما بأنه تم تشكيل منظمة سيناء العربية من أهالي سيناء للعمل ضد قوات الاحتلال وان كل البيانات سوف تصدر عقب العمليات باسم هذه المنظمة. وهنا يمكن للفدائيين من المقاتلين المصريين العمل بحرية تحت هذه المظلة. وسيجري تلقينهم كيفية التصرف في حالة الاسر. كما اوضح صادق له أهمية تحطيم صورة القائد والضابط والجندي الاسرائيلي "السوبر" قبل ان تستقر في أذهان افراد القوات المسلحة كنتيجة للهزيمة في معركة يونيو. وهذه الصورة لن تتحطم الا بالعمل العسكري الفدائي الذي ينشب الاظافر في الجسد العسكري الاسرائيلي.. وفيما يتعلق بتلك النقطة قام بتذكيره بما فعله القائد الانجليزي مونتجومري الذي تولي قيادة الجيش الثامن الانجليزي لمواجهة وصول الفيلد مارشال الالماني رومل بقواته الي منطقة العلمين غرب الاسكندرية بعد معارك سريعة وحاسمة الحق فيها الهزيمة بالقوات الانجليزية وباقي القوات المتحالفة في شمال افريقيا فقد بدأ مهمته بتحطيم صورة رومل التي استقرت في اذهان القوات الانجليزية كقائد فذ لايهزم. وبهذا المنطق. فاز بموافقته علي بدء حرب الاستنزاف وبعد نجاح هذه الحرب والنتائج الايجابية التي حفظها. تعاظمت ثقته في مدير المخابرات الحربية. وتضاعف اعجابه بابراهيم الرفاعي. وكان كل من صادق والرفاعي يدرك حقيقة مكانته عند الرئيس. ومن خلال التجارب وعمليات الاقتراب من عبدالناصر. وتعدد اللقاءات. اخذ يقول للقريبين منه. لو أن هناك عشرة عبده مباشر لشعرت بالأمان علي مصر. قال ذلك لصادق والفريق أول فوزي وللاستاذ هيكل وغيرهم وكان اللواء صادق هو أول من نقل هذا الرأي لي ومن بعده الاستاذ هيكل اما الفريق اول فوزي فلم يفتح هذا الموضوع معي قط. وربما لاحظ وزير الحربية انني اتجنب قدر الامكان الحوار معه. وظلت علاقتنا في حدود ما يقتضيه عملي كمحرر عسكري ومراسل حرب للاهرام. ولم يحدث ابداً اننا تحدثنا عن موافقة الرئيس علي طلب تطوعي بالمجموعة 39 قتال وهو الطلب الذي رفض الموافقة عليه. ولا أعلم كيف استقبل ما قاله عبدالناصر عني ولكني أعلم ان اللواء صادق كان الاكثر سعادة وشعوراً بالرضا وكثيرا ما قال لي انني لم اخذله وانني أؤدي كمتطوع واجبي بصورة مرضية ولكن بعد ان سألني عبدالناصر عن الملك فيصل قال لي ونحن في الطائرة لزيارة قصيرة لليبيا إنني قد اجتزت امتحانا صعبا ولم يقل ما هو أكثر.