لم يكن اللقاء بالرئيس عبدالناصر مخططا كما لم اسع إليه لا في المرة الأولي ولا فيما بعد وبالمثل فإنني لم أسع للقاء الرئيس السادات أما الرئيس حسني مبارك فقد عرفته وهو ضابط وقائد بالقوات الجوية وظلت العلاقة مستمرة بعد أن أصبح نائبا لرئيس الجمهورية ولكنها تراجعت بعد أن صعد إلي مقعد الرئاسة. وإذا ما عدت إلي الخلف وحاولت العثور علي نقطة بداية لكل ما جري وما عشته من أحداث يمكن تبين علامات علي الطريق لم يكن من الممكن قراءتها وقتذاك والآن أجد أن الحياة سلسلة متصلة من الحلقات كل منها تفضي إلي الأخري دون أن تبوح بالمجهول أو بما هو قادم. حتي الطموحات والأحلام والأماني لم تكن تشي بشيء فالكل يملكون أحلامهم الخاصة والعامة والكل يحاول الوصول إليها أو لا يحاول ويكتفي بامتلاك الأحلام أيا كانت عظمتها أو تواضعها. وعالم أحلامي منذ البداية ارتبط بقضية الوطن والتحرر من الاستعمار في ذلك الوقت كان الطرح بسيطا أن مشروع النهضة والتقدم سيبدأ وينطلق بقوة بعد القضاء علي الاستعمار أي أن مقاومة المستعمر الإنجليزي هي الطريق للانعتاق والانطلاق. وعاش جيلي يحلم ويعمل من أجل التحرر من الاستعمار وكان المناخ آنذاك هو التظاهر. وكتلميذ بالمرحلة الابتدائية كنت اكتفي بالمشاركة في المظاهرات التي تخرج من المدارس الثانوية لتسير في شوارع مدينة الزقازيق.. وفي بداية المرحلة الثانوية التي عشتها بمدرسة الزقازيق الابتدائية الأمريكية التي كان بها سنتان من مرحلة الدراسة الثانوية السنة الأولي والسنة الثانية مرت مظاهرة خرجت من مدرسة الزقازيق الثانوية الأمريكية وعبرت بحر مويس حتي وصلت إلي أسوار مدرسة الزقازيق الابتدائية والكل يهتف يحيا اتحاد الطلبة.. كنا في الفصول والدراسة مستمرة والمدرسون ينصحوننا بالاستمرار في الدراسة وعدم الالتفات إلي المظاهرة إلا أنني غادرت مقعد الدراسة وهتفت "يحيا اتحاد الطلبة" فخرج الفصل معي في مظاهرة وتمكنا من إخراج باقي الفصول وانضممنا إلي مظاهرة الزقازيق الثانوية. وأفسح لي قادة المظاهرة الكبار مكانا للاشتراك في القيادة وكانت المرة الأولي التي أقود فيها مظاهرة ولم تكن الأخيرة. وعندما أعلن مصطفي النحاس باشا رئيس الوزراء في أكتوبر عام 1951 إلغاء معاهدة 1936 بدأت عمليات فدائية في منطقة القناة للضغط علي قوات الاحتلال من أجل أن يرحل كنت بالسنة الثالثة الثانوية بمدرسة الزقازيق الثانوية فتوجهت للتطوع بكتائب حزب الوفد التي رأيت أنها الأنسب بالنسبة لي. ورغم صغر سني "14 عاما" تم قبول تطوعي ورحبوا بي باعتباري زعيما صغيرا أي أنه لولا قيادتي لمظاهرة مدرسة الزقازيق ما قبلوا تطوعي. حلقة تقود إلي أخري دون أن تشي بشيء مما هو قادم. وبعد مرحلة تدريبية قصيرة اشتركت في العمل الفدائي في البداية شاركت في نقل الأسلحة والذخائر ورأي القادة أنني يمكن أن أشارك في العمليات الفدائية بشكل مختلف فانتقلت لمرحلة الاشتراك في العمليات العسكرية ضمن القوة السائرة أو قوة الحماية بعدها شاركت في عمليات الاقتحام وذاع صيتي باعتباري الأصغر سنا بين الفدائيين بمنطقة القناة.. والأكثر جرأة وربما كان ذلك لأنني صغير السن لا أحسب العواقب جيدا وبعد معركة الإسماعيلية التي هاجمت فيها قوات الاحتلال الإنجليزي مبني مديرية الإسماعيلية وقوات الشرطة والأمن يوم 25 يناير 1952 واحتراق القاهرة اليوم التالي توقفت الأعمال الفدائية بمنطقة القناة وعاشت مصر مرحلة المخاض اليوليوي. وكان المحور الثاني في عالم اهتماماتي هو القراءة وقبل أن أحصل علي شهادة التوجيهية "إتمام الدراسة بالمرحلة الثانوية" كنت قد تمكنت من قراءة معظم الكتب الموجودة بمكتبة البلدية "المكتبة العامة" بالزقازيق بالإضافة إلي مكتبة المدرسة وقد أقام الأستاذ عطية السيد مدرس اللغة العربية والمشرف علي المكتبة حفل تكريم لي حضرها الناظر والمدرسون وممثلون من التلاميذ لمختلف السنوات الدراسية وتم إهدائي مجموعة من الكتب وأقر الجميع أنها المرة الأولي التي يحدث فيها ذلك. هذا الاستغراق في القراءة وهذه العوامل المبهرة للكلمة والسياحة عبر الصفحات التي لم تعرف التوقف في عالم المعرفة والأفكار شجعني علي التردد علي ندوات الكبار بالقاهرة. العقاد. مندور. نادي القصة. النادي الثقافي بجاردن سيتي. نجيب محفوظ. القباني كلما كانت الفرصة متاحة. والأهم كان بداية التساؤل ولماذا لا أحاول الانضمام إلي عالم أهل الكلمة؟ ولماذا لا أحاول أن أكون صحفيا؟ وكانت تلك نقطة البداية في حلم الالتحاق ببلاط صاحبة الجلالة وعلي امتداد سنوات الأحلام لم تتوقف محاولاتي إلا بعد الانضمام لأسرة جريدة الأخبار ولم يكن هناك من أبناء العائلة من فكر في اختيار الصحافة مهنة له قبلي وهذا ما جعلني أول أفراد الأسرة في بلاد صاحبة الجلالة ليس ذلك فقط بل لم يكن هناك خال أو عم أو قريب أو صهر أو نسيب يمكنه أن استفيد من خبرته أو أن يقدم لي يد المساعدة لذا لم يكن أمامي سوي الاعتماد علي الله وعلي نفسي إذا ما أردت الاستمرار والنجاح ولقد كنت راغبا في النجاح بكل خلية وكل ذرة في كياني كما كنت ولم يكن أمامي سوي العمل بكل ما أملك من طاقة بل وبما يجاوز حدود هذه الطاقة كانت المنافسة شديدة الشراسة فالمهنة مهنة منافسة والسوق مفتوحة ولم تكن قرارات تأمين الصحافة قد صدرت بعد. وكان النجاح هو طريق الصعود. وكانت نماذج النجاح عديدة وكلها سارت علي الدرب وبالعمل والكفاءة والذكاء والموهبة وكان الجميع يقولون لنا إن الموهبة تشكل 1% فقط أما المثابرة فتشكل 99% هذا إذن معادلة النجاح. المثابرة والموهبة وفي ظل هذه المنافسة المشروعة في مهنة لا تعرف الأقدمية والدرجات كان الكل يعمل ويسعي للنجاح ووضعت نصب عيني أن أعمل أكثر من الآخرين وأن أتجنب الوقوع في الأخطاء قدر الإمكان وقد كان كنت أعمل لأكثر من 16 ساعة يوميا فبعد جولة الصباح والظهيرة بحثا عن الأخبار والمعلومات انضم إلي الفريق الذي يساعد نائب رئيس التحرير المسئول عن إصدار الجريدة ولا أغادر المبني إلا بعد صدور الطبعة الأولي. هذا الحرص الفائق علي النجاح والخوف الكبير من الفشل ومتابعة الجميع للجهد الذي أبذله كان وراء ترشيخ مجلس التحرير لي بالإجماع للسفر إلي المملكة السعودية بعد توقيع كل من الرئيس عبدالناصر والملك فيصل اتفاقية جدة في أغسطس 1965 لإنهاء الصراع العسكري في اليمن لإعداد مجموعة من التقارير والتحقيقات عن الموقف والأوضاع عقب هذه الخطوة الرئيسية وهذا القرار فتح لي الباب للقاء الملك كان اللقاء مع الرئيس عبدالناصر لأول مرة حلقة تقود إلي أخري دون أن تشي وتبوح بأي شيء خطوات علي طريق الأقدار لا يمكن لبشر تقديرها أو التنبؤ بها أما المحور الثالث للاهتمامات فيرتبط ارتباطا وثيقا بالمحور الثاني فقد كشفت لي قراءة تاريخ مصر الارتباط بين الانتصارات العسكرية والازدهار والعكس صحيح أي الارتباط بين الهزائم والانكسار ودون الاستغراق في التفاصيل سنكتفي بالإشارة إلي أن سنوات الانتصارات العسكرية لجيش محمد علي باشا كانت هي السنوات المضيئة في عصره وهي التي شهدت بناء قواعد النهضة المصرية الحديثة بكل جوانبها العلمية والتعليمية والثقافية والصناعية والزراعية والاجتماعية. وعندما ذاقت مصر طعم الهزيمة بعد اشتراك القوي العسكرية الأوروبية في تدمير الاسطول المصري في نافارين عام 1827 وإرغام الجيش المصري علي الانسحاب من الشام والتقوقع داخل حدود مصر وفرض معاهدة لندن 1840 علي والي مصر الشجاع بدأت سنوات التراجع والانكسار الداخلي. وتكرر الأمر في عصر إسماعيل باشا فقد تحركت قواته للاستيلاء علي كل من زيلع ونصوع وسواكن علي شاطيء البحر الأحمر الغربي ووفرت الحماية لعمليات استكشاف منابع النيل تبدأ سنوات الازدهار من جديد وانطوت الصفحة في عصر ابنه الخديو توفيق باحتلال الإنجليز لمصر عام .1882 وعاد الجيش المصري إلي صدارة المشهد بالعمليات العسكرية في السودان وواكب ذلك وأعقبه ثورتا مصطفي كامل وسعد زغلول وإصدار دستور 1923 فعادت مصر لتواصل السير علي طريق بناء مشروعاها النهضوي الذي بدأه محمد علي باشا وعندما بدأ الصراع العسكري المصري الإسرائيلي في إطار الصراع العربي الإسرائيلي وواجهت مصر الهزيمة في معركة 1948 بدأت الشروخ في الجسد المصري. وكان هذا المحور وراء اختياري العمل في القطاع العسكري بجريدة الأخبار دعما للقوات المسلحة وأحلام الانتصار الذي سيقود مصر للازدهار من جديد. وهذا التخصص فتح الباب لعلاقات وطيدة ومفتوحة بقادة وضباط القوات المسلحة والمهم لقبول تطوعي بالصفة المدنية بقوات الكوماندوز والمجموعة 39 قتال بعد نكبة يونيو 1967 للعمل خلف خطوط العدو في سيناءالمحتلة. وتجدر الإشارة هنا أن طلب التطوع كان السبب في الاقتراب للمرة الثانية من عالم الرئيس عبدالناصر فبعد أن رفض الفريق أول محمد فوزي وزير الحربية طلب تطوعي قرر اللواء محمد صادق مدير المخابرات الحربية عرض الأمر علي الرئيس عبدالناصر الذي وافق عليه. والانخراط في العمل الفدائي لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي هو الاستمرار المنطقي للاشتراك في مواجهة قوات الاحتلال الانجليزي عام 1951 وهذا التخصص هو الذي أتاح لي الاقتراب من المشير عبدالحكيم عامر وأنور السادات وبناء علاقة بحسني مبارك بالإضافة إلي كل من الملك فيصل والملك فهد والمشير عبدالله السلال ونائبه الفريق حسن العمري والعقيد معمر القذافي ونائبه جلود وباقي قادة الثورات الليبية وياسر عرفات وصدام حسين والشيخ زايد وأمير الكويت وتيتو وسوهارتو وماوتس تونج وأولبريشت وهيلموت كول وغيرهم. وبما أن لقاء الملك فيصل كان السبب في أول لقاء لي مع الرئيس عبدالناصر سأعود إلي أوراقي لأروي حكاية هذا اللقاء. اجتمع مجلس تحرير الأخبار صباح اليوم التالي لتوقيع اتفاقية جدة وكان من بين القرارات التي اتخذها بالإجماع سفري إلي السعودية لمتابعة الموقف السعودي من تنفيذ الاتفاقية التي استهدفت حل المشكلة اليمنية التي بدأت بانقلاب السلال علي حكم أسرة حميد الدين يوم 26 سبتمبر 1962 ثم تحولت إلي مستنقع لاستنزاف مصر ماديا وبشريا وهنا يجب أن نشير إلي أن مصر كانت تخسر يوميا أكثر من خمسة ملايين دولار بجانب خسائرها من الأفراد والأسلحة والمعدات وأدي التدخل العسكري المصري الذي بدأ في أعقاب نجاح الانقلاب العسكري إلي تدخل أطراف أخري إقليمية مثل إيران والأردن وإسرائيل وعالمية مثل الولاياتالمتحدة وبريطانيا وأصبح الهدف الرئيسي لكل هذه القوي هو حصار التدخل المصري واستنزاف عبدالناصر ونظامه. وفي وقت قصير نسبيا تسلمت من إدارة الأخبار تذكرة السفر وفاوتشر يسمح لي بالتنقل داخل المملكة علي طائرات الخطوط السعودية وبدل السفر وبطاقة للاتصال التليفوني بالجريدة دون سداد نقود بالخارج collect وكان تقديري أنني سأحصل علي التأشيرة دون إبطاء إلا أن السفارة السعودية احتاجت ما يقرب من ثلاثة أشهر لكي أحصل عليها. وقبل الوصول إلي جدة سألت عن الفنادق الموجودة بها فأخبروني بوجود فندقين الأول "الكندرة" والثاني "قصر البحر الأحمر" ولأن الأخير كان يطل علي البحر وقريب من السوق الرئيسي بالمدينة فقد اخترت الإقامة به وبعد أن أقمت في جدة تبينت أنني الصحفي المصري الوحيد الموجود بالسعودية والمكلف بمثل هذه المهمة وبالتالي كنت علي بينة من أن السلطات ستفرض رقابة علي تحركاتي واتصالاتي التليفونية بسبب الحذر والشك في صحفي يعمل في صحافة عبدالناصر الذي عادي المملكة بل وكل نظم الحكم الملكية باعتبارها نظماً رجعية تقف في معسكر الإمبريالية ومع ذلك كنت في حاجة إلي لقاء كل المسئولين سواء من داخل الأسرة السعودية أو خارجها الموجودين في جدة قبل الانتقال للعاصمة الرياض للقاء الملك الذي يعد الهدف الرئيسي لهذه المهمة الصحفية وفي جدة التقيت بالأمير عبدالله الفيصل الابن الأكبر للملك والشاعر الكبير والشيخ كمال أدهم شقيق زوجة الملك ومدير المخابرات السعودية بالإضافة إلي عدد من الوزراء الموجودين بجدة ورجال الأعمال وفي مقدمتهم سالم بن محفوظ المالك الرئيسي للبنك الأهلي الرئيسي والذي يعد في قائمة الرجال الأكثر ثراء في المملكة والذي يلعب دورا رئيسيا في المجال الاقتصادي. كما التقيت بالمالك صاحب النسبة الأكبر من رأسمال الفندق رجل الأعمال المصري وعميد الجالية المصرية بالمملكة حسن آدم وعرض علي التوسط للقاء الملك ولكنني أخبرته أنني أفضل أن أسلك الطريق إلي هذا اللقاء وحدي وعبرت القنوات الرئيسية بالمملكة خاصة وزير الإعلام ثم علمت فيما بعد أن آدم عديل الملك فيصل وصاحب مركز متميز داخل الأسرة الملكية وفي مكتبه التقيت بالفنان سعد عبدالوهاب الذي اختار الإقامة لفترات طويلة بالمملكة وبفندق قصر البحر الأحمر واصطحبني الفنان الكبير لسهرات في بيوت عدد من الأمراء السعوديين وكثيرا ما تحولت هذه السهرات إلي ندوات ثقافية تمتد حتي ساعات الصباح الأولي. واللافت للنظر أن أحدا من الحاضرين لم يطرح قضية سياسية للنقاش بالرغم من تعدد السهرات والمجاملات. وكانت المجاملة والتحفظ طابع معظم هذه اللقاءات باستثناء اللقاء مع الأمير عبدالله الفيصل والشيخ كمال أدهم. وقد حرص الأمير والشاعر عبدالله طوال اللقاء علي اختيار كلماته وهو يعبر عن موقفه من عبدالناصر ونظامه وعلي الفصل دائما بين مصر وحاكمها وعلي تأكيد صداقته بعدد كبير من المثقفين والفانين والكتاب والصحفيين المصريين. وقد توقف الحوار بيننا عندما قال إنه مستعد للانفاق حتي آخر "هللة" "مليم تقريبا" من ماله حتي يركع عبدالناصر.. وكانت إجابتي "أن عبدالناصر لن يركع". والمثير للدهشة أن الحوار مع الشيخ كمال أدهم انتهي بنفس الصورة فقد قال نفس الجملة التي قالها عبدالله الفيصل ولم تختلف إجابتي. كان الرجلان حادين في عدائهما للرئيس عبدالناصر ولم يحاولا إخفاء هذا العداء ولم يناورا وحمدت لهما شجاعتهما الأدبية ورأيت أن هذا الموقف هو أول القصيدة وأن اتفاقية جدة أو عشرة اتفاقيات من هذا النوع من الصعب أن تحقق أي نجاح علي أرض الواقع وكان تقديري خاصة بالنسبة لكمال أدهم أنه رجل يعلم حقيقة اتجاهات السياسة السعودية إن لم يكن يقيض بديه علي بعض خيوطها من خلال موقعه المتميز علي رأس جهاز المخابرات العامة السعودية وأيقنت أن وقت التوجه إلي الرياض قد حان وهناك بالعاصمة التقيت بالشيخ جميل الحجيلان وزير الإعلام وقتذاك وحاول الرجل إقناعي بقبول استضافة المملكة لي واعتذرت موضحا أنني كصحفي مصري في صحافة مملوكة للحكومة أفضل أن أتحمل تكاليف إقامتي من باب الحذر والوقاية من شكوك أجهزة الأمن القوية. كما أن المسئولين بالقاهرة قد يسيئون فهم قبولي لهذه الضيافة. فتفهم الرجل وابتسم ثم حاول تقديم هدية لي كانت تحمل وقتذاك اسم "خلعة" عرفت فيما بعد أنها تضم سبحة وعباية فخمة ومبخرة وطاقم أقلام وسجادة للصلاة ولكنني اعتذرت برقة شديدة. وبعد حوار حول اتفاقية جدة التزم فيه الرجل بالموقف الرسمي ولم يحاول أن يخصني بمعلومات من تلك التي يطلب فيها المسئولون عادة عدم نشرها لأنها للعلم فقط Offrecord وطلبت منه أن التقي بالملك فقال ببساطة ادهب والتقي بالملك ودق الجرس فحضر سكرتيره فطلب منه أن يصحبني المرافق لي الآن إلي القصر الملكي والتفت إلي مودعا وداعيا لي بالتوفيق. وأمام القصر توقفت السيارة وقال المرافق السعودية إنه يمكنني الدخول ولقاء الملك وتركني وانصرف. وأمام هذه المفاجأة التي لم أتوقعها كان علي أن اتخذ قرارا إما الدخول الآن وإما العودة إلي وزارة الإعلام أو العودة إلي الفندق وبما أنني أمام القصر وبما أن الوزير والمرافق أوضحا لي أنه يمكنني لقاء الملك فقد قررت الدخول والتصرف وفقا لما سوف أواجهه داخل القصر الملكي من مواقف.