آثر السيد منصور حسن رئيس المجلس الاستشاري أن يتبني وبشكل شخصي مبادرة التوافق الوطني التي دعا إليها جميع القوي السياسية والوطنية لتجاوز خلافاتها والعمل من أجل مصلحة الوطن وذلك حتي يرفع الحرج عن أعضاء المجلس الاستشاري المنتمين إلي بعض التيارات السياسية وتفادياً لأية حساسيات تضر بفكرة الحوار والتوافق. والسيد منصور حسن معروف بأنه شخصية توافقية متزنة وليس تصادمياً.. ويتميز بعقلية منفتحة ومرتبة.. قادرة علي الاستيعاب والحوار الهادئ الرصين.. ويحتفظ بعلاقات طيبة ومحترمة مع كل الأطراف السياسية.. وليس له تارات مع أي فصيل.. وهذه كلها مؤهلات مهمة تحفز علي نجاح فكرة الحوار من خلال الثقة التي يتمتع بها من يقود هذا الحوار. ويشهد الجميع بأن الرجل كان نزيها عفيفا طاهر اليد عندما كان في السلطة وزيرا للإعلام ثم وزيرا لشئون رئاسة الجمهورية في عهد السادات.. وكان من أشهر المعترضين علي اعتقالات سبتمبر الشهيرة.. وعندما تولي مبارك الحكم فرض عليه عزلة صعبة امتدت طوال سنوات رئاسته الثلاثين بسبب غيرة شخصية وسياسية معروفة.. لكنه ظل طوال الوقت محتفظا بأخلاق الفرسان فلم يتاجر بمعاناته كما يفعل غيره ولم يذكر المخلوع بسوء خارج نطاق النقد السياسي المباح. من أجل ذلك آثر أن يستثمر هذه السمعة الطيبة في إدارة حوار جاد بين القوي السياسية والوطنية لا يستثني منه أحداً.. فاللحظة التاريخية الحالية تجعل من التوافق فرض عين علي كل وطني عاقل مخلص يدرك خطورة الصراعات والمؤامرات التي تحيط بالوطن وتهدده إذا ما ترك أمره في يد المغامرين والمهيجين وأصحاب الصوت العالي ودعاة الفرقة والانقسام. وفي تقديري الشخصي أن السيد منصور حسن لم يجد حماسا كافيا من بعض زملائه في المجلس الاستشاري ممن ينتمون إلي بعض التيارات السياسية لفكرة التوافق والحوار لأنهم ربما تصوروا أن وضعهم في المجلس الاستشاري قد قفز بهم إلي وضعية عليا تسمح لهم بتأثير أكبر في القرار السياسي والتوجهات العامة للسلطة خلال المرحلة الانتقالية من خلال قربهم من دائرة صنع القرار في المجلس العسكري.. ولهذا السبب آثر هو أن يحمل مسئولية مبادرة الحوار والتوافق الوطني علي كاهله وحده. وهذا توجه يحمد له.. ويجب أن يكون حافزاً لكل الأطراف كي تستجيب له وتثق فيه.. خصوصاً أنها تعلم جيداً أن الرجل زاهد في المناصب.. ولن يكون في الحوار وكيلاً عن أحد ولا قفازا لأي تيار أو أية مؤسسة. وقد ظهر ذلك واضحا جليا خلال الأسبوعين الماضيين.. فقد ركزت كل الإشارات الصادرة منه علي طمأنة الجميع إلي أن المجلس الاستشاري لن يخوض في مسألة تشكيل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور.. ولن يكون له أي دور في أمر هو من صميم اختصاص البرلمان بمقتضي الإعلان الدستوري بينما خرجت أصوات أخري من المجلس الاستشاري تصر علي تصعيد الخلافات وتعميق الانقسامات.. وتكرر مأساة الدكتور يحيي الجمل والدكتور علي السلمي بالحديث الدائم عن دور المجلس في وضع ضمانات ومعايير اختيار أعضاء الجمعية التأسيسية. وكثيراً ما حمل الحديث عن هذه الضمانات والمعايير حساسية خاصة.. واعتبر رسالة تخويف للبرلمان القادم وتشكيك مسبق في نواياه ومحاولة للالتفاف علي المادة 60 من الإعلان الدستوري التي نصت علي أن تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور يتم عن طريق قيام أعضاء مجلسي الشعب والشوري غير المعينين بانتخاب مائة شخصية لوضع مسودة الدستور ثم تعرض هذه المسودة علي البرلمان لإقرارها.. ثم تعرض أخيراً علي الشعب في استفتاء عام لإقرارها أو رفضها. والآن.. أستطيع أن أضع بين يدي السيد منصور حسن والقارئ العزيز بعضاً من الأخبار الطيبة التي يمكن أن تساعد علي إطلاق مبادرة الحوار والتوافق الوطني وإنجاحها قبل أن تضيع الفرصة كما ضاعت فرص كثيرة من قبل لم تؤخذ علي محمل الجد ولم تعالج بحسن نية.. من هذه الأخبار ما يلي: * في حواره مع عمرو الليثي في برنامج 90 دقيقة قال د. محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة ان الأغلبية البرلمانية لن تنفرد بتشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ويجب أن تحتوي هذه الجمعية علي كل ألوان الطيف المصري من البرلمان ومن خارج البرلمان.. من الأحزاب الكبيرة والصغيرة.. يجب أن يشارك رجال القضاء والشرطة والنقابات العمالية والمهنية.. يجب أن يكون في الجمعية كل أطياف المجتمع. * في عدد الأربعاء الماضي جاء مانشيت جريدة "الحرية والعدالة" مؤكداً علي لسان قوي سياسية ومرشحين للرئاسة أن النظام البرلماني الرئاسي المختلط هو الأنسب لمصر.. كما تضمن العدد ترحيباً من الدكتور رشاد بيومي نائب المرشد العام للإخوان بالمبادرة التي طرحها منصور حسن للتوافق الوطني شريطة ألا تتحول إلي مكلمة لا طائل منها. * شريف زهران الأمين العام المساعد للمجلس الاستشاري ود. عصام نظامي عضو المجلس أشارا إلي ضرورة تأجيل إصدار قانون انتخاب رئيس الجمهورية إلي ما بعد إصدار الدستور حتي لا يأتي القانون غير متوافق مع الدستور الجديد الذي سيتم علي أساسه انتخاب الرئيس القادم. * حزب الوسط يدعو إلي تطبيق النظام الرئاسي البرلماني المختلط. * تأكيد د. محمد مرسي رئيس حزب الحرية والعدالة علي أن وضع القوات المسلحة في الدستور الجديد سيظل كما هو.. وهذا يتوافق مع ما أعلنه المشير طنطاوي والفريق عنان عقب سقوط وثيقة السلمي.. وقد نشرت "الشروق" في مانشيت الأربعاء الماضي علي لسان مصدر في جماعة الإخوان أن الجماعة قد تقبل بنص المادتين 9 و10 من وثيقة السلمي بعد تعديلهما وهما المادتان المتعلقتان بوضع القوات المسلحة في الدستور. * في عدد الاثنين الماضي نشرت "الشروق" تصريحاً للدكتور وحيد عبدالمجيد مسئول لجنة التنسيق الانتخابي في التحالف الديمقراطي يقول فيه إن هناك رؤية تتبناها أحزاب التحالف ومجموعة من الأحزاب من خارج التحالف تتعلق باعتماد الأبواب الأربعة الأولي من دستور 1971 لتوفير الوقت الخاص بصياغة الدستور الجديد.. وهذه الأبواب الأربعة تتضمن حقوق المواطنة والمساواة وعدم التمييز وهوية الدولة وضمانات الحريات العامة.. ويبقي الخلاف حول الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم الذي هناك شبه توافق علي أن يكون رئاسيا برلمانيا مختلطا. وهكذا يمكن أن تري من هذا العرض السريع أن مساحة التوافق أوسع مما يظن الكثيرون.. وبعد أن تهدأ أعاصير الانتخابات ستزداد هذه المساحة أكثر وأكثر.. ولذلك لابد أن يبدأ الحوار علي الفور.. وقلوبنا وعقولنا مع السيد منصور حسن وكلنا تفاؤل.. فربما نفاجأ بأن التوافق أقرب إلينا من حبل الوريد. إشارات * مصر ليست في حاجة إلي جماعة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. مصر حرة منفتحة وناضجة وليست في حاجة إلي أوصياء ولو باسم الدين. * ادعو معي لسيدة الغناء العربي أم كلثوم في ذكري ميلادها.. لعل الله يعوضنا عن فقدها خيراً.. ويرحمنا من الغثاء الذي يسمونه غناء. * رحم الله فقيد الشرطة الشاب طارق فاروق مرجان ابن قريتي مشتهر.. وكتب الله الشفاء العاجل للمصابين من رجال الشرطة البواسل في جريمة قها.