تجربة محمد صلاح نجمنا المحترف في صفوف نادي ليفربول الانجليزي ستظل الأهم والأبرز ربما لعقود قادمة. ليس لأنه موهبة فذة واستثنائية فقط ولكن لكونه يجعلنا نعيد النظر في رؤيتنا لشبابنا وقدرتهم علي أن يكونوا علي قدر المسئولية. اللاعب الذي خرج من قرية صغيرة في ريف مصر لم تبهره أضواء القاهرة أو لندن أو يجرفه التيار مثلما جرف نجوماً أكبر. خرجوا من أندية أشهر لكن ذلك الفتي المجهول الذي رفضه الزمالك ولم يره الأهلي من الأساس كان لديه من الاصرار والعزيمة مايجعله يحقق المستحيل. "محمد صلاح" الذي أصبح النجم المصري الأشهر في سماء العالم لايتأخر يوماً عن محتاج سواء في قريته الصغيرة "نجريج" مركز بسيون بالغربية أو خارجها مثلما يتابع أخبار مدربيه السابقين.. يذكرهم باستمرار بكل خير ويقدم لهم المساعدة اذا لزم الأمر. وأيضاً يتبرع لبلده من خلال صندوق "تحيا مصر" ليس من أجل "شو اعلامي" فهو بالتأكيد لايحتاج لذلك ولكن لأنه يريد يكون بجانب بلاده. وهو الشعور ذاته الذي يعيشه أبطالنا من رجال الجيش والشرطة وهم يقدمون كل غال ونفيس من أجل وطنهم.. وهل هناك شيء يمكن تقديمه أو التضحية به أكثر من الحياة نفسها؟! الموقف الذي ذكرته صحيفة "اكبريس" البريطانية عن توصية "صلاح" لمدربه "يورجن كلوب" بضم زميله في المنتخب رمضان صبحي لاعب الأهلي السابق ليس غريباً علي اللاعب ويتسق مع سلوكه ويبعث برسالة لشبابنا مفادها أنكم يمكن أن تنجحوا ليس فقط دون أن تصعدوا علي أكتاف غيركم ولكن أيضاً وأنتم تساعدون وتأخذون بيد غيركم. "محمد صلاح" بعيداً عن أي نجاح أو مجد شخصي فإنه يلامس بتصرفاته الايجابية أخطر مشكلة تواجه شبابنا. ففي تصوري أن أزمتنا الكبري ليست في الظروف الاقتصادية الصعبة ولامشاكل الطرق والبنية الأساسية وغيرها من مشكلات تعترض حياة المصريين لأن كل ذلك سيتحسن بإذن الله مع تحسن الأوضاع الاقتصادية التي يراها الخبراء العالميون قريبة طبقاً لتقديرات وحسابات مدروسة وليس بالعاطفة كما نفعل نحن. القضية الأهم هي غياب القدوة. ففي ظل حالة التغييب والتهميش التي تعرض لها شبابنا علي مدارعقود عندما تركناهم دون اعداد أو تأهيل فريسة للغزو الثقافي والانفتاح غير المسبوق في تاريخ البشرية وثورة الاتصالات التي جعلت العالم يأتيك الي غرفتك بكل مافيه من ايجابيات وسلبيات وعليك أن تختار. وأصبحت القدوة امام أبنائنا اما موظفاً مرتشياً أو فنانة درجة ثانية "ببنطلون مقطع" أو لاعب كرة يتمرد علي ناديه ويقضي سهراته في الملاهي الليلية. مايفعلة "صلاح" أكبر بكثير من مسألة المجد الشخصي.. انه يعيد القدوة لشبابنا. ويلفت نظرنا أيضاً الي أنهم قادرون علي تحقيق المستحيل في الكرة وغيرها المهم أن نعطيهم الثقة في أنفسهم ولانتعامل معهم علي أنهم كم مهمل أو عبء يثقل كاهل الدولة. تغريدة: المشاركة في التصويت حق لك قبل أن يكون واجباً وطنياً.. تذكر أن غيرك يقدم حياته عندما يأتي نداء الوطن. [email protected]