تعاقدت كوكب الشرق أم كلثوم علي إقامة حفلين في العاصمة الفرنسية باريس يومي 13 و15 نوفمبر 67. لكن نكسة يونيو وقعت قبل هذا التاريخ. وتوقع الجميع سواء مدير الصالة التي تستضيف الحفلين أو المسئولون أو حتي الجمهور أن الاتفاق كأن لم يكن ومن رابع المستحيلات حضور سيدة الغناء العربي. المفاجأة أن أم كلثوم سافرت قبل الموعد بأربعة أيام كاملة وخاطبت الجمهور عبر التليفزيون الفرنسي ليأتي عشاقها من كل حدب وصوب. سواء من أوروبا أو العالم العربي لتبدع في أداء أفضل أغانيها وتبهر الفرنسيين والأوروبيين والعالم كله وتقدم في هذا الوقت أهم رسالة كان يحتاجها المواطن المصري والعربي أن الوطن باق والحرب لم تنته حتي لو خسرنا احدي الجولات. أما الرسالة الأهم والأكثر تأثيراً فكانت تخصيص دخل الحفلين بالكامل بل وكل الحفلات فيما بعد للمجهود الحربي واعادة بناء الوطن الذي تآمر عليه الغرب حتي لاتقوم له قائمة ليظل التفوق العسكري لعدونا الذي كان يحظي وقتئذ بكل الدعم بينما نحن نضع خطط الخداع الاستراتيجي ونصنع الحيل لنفوز ببعض قطع سلاح من دول الكتلة الشرقية حتي لانفقد الأمل في استعادة كرامتنا وكبريائنا. وما اشبه الليلة بالبارحة فالمتآمرون مازالوا يصنعون مؤامراتهم حتي نظل نضع أصبعنا تحت ضرسهم نأتمر بأمرهم وننتهي بنواهيهم. ومكان المعركة هو نفسه سيناء المباركة أرض الرسالات والبطولات.. الأرض التي رويناها بدماء الآباء والأجداء ومازلنا نقدم من أجلها خيرة أبنائنا لتظل حرة أبية وجزءاً عزيزاً من ترابنا وشرفنا. والسؤال: ماذا لو كررنا مافعلته أم كلثوم منذ أكثر من نصف قرن عندما تحلت بروح ايجابية في وقت كانت تشعر بمرارة الهزيمة مثل ملايين المصريين لكنها شاركت بفاعلية في استعادة بلادها لحالة التوازن التي فقدناها مع هزيمة أو نكسة يونيو. مرة بالغناء واشعال جذوة الوطنية في النفوس ومرة بالمال الذي قدمته بطيب نفس من أجل اعادة بناء الجيش. الآن.. مصر تحتاج مائتين وخمسة وسبعين مليار جنيه علي وجه السرعة هي فاتورة تنمية سيناء حتي ننهي الأطماع والمخططات الصهيو أمريكية للأبد.. المبلغ ضخم للغاية ولو اعتمدنا علي ميزانية الدولة ربما نحتاج الي عشرة أو عشرين عاماً وهو وقت طويل خاصة وأن عدونا أو أعداءنا ينفقون بسخاء لتظل بلادنا في حالة عدم استقرار حتي لاتؤدي دورها تجاه نفسها وتجاه الأشقاء. ولكن ماذا لو قسمنا هذا المبلغ الكبير جداً علي مائة مليون مصري؟!.. بحسبة بسيطة سيكون نصيب كل مواطن ألفين وسبعمائة وخمسين جنيهاً فقط لا غير. يمكن جمعها في أيام والبدء في عملية التنمية علي الفور. ويكون المبلغ بمثابة قرض يقدمه المواطنون لبلدهم علي أن يتم سداده علي خمس أوعشر سنوات بشرط عدم تقاضي العائد في أول عام أو عامين. سيقول قائل ان عدداً لابأس به من المصريين لايملكون هذا المبلغ وبعضهم لايمتلك قوت يومه. وهؤلاء يمكن تعويض حصتهم من خلال رجال الأعمال والمصريين بالخارج وبعض كبار الموظفين. مع الوضع في الاعتبار أن المشاركة اختيارية وهذه الأموال ليست تبرعاً كما قلت وانما قرض ميسر. كما يمكن مشاركة نجوم الفن عبر اقامة حفلات داخلية وخارجية والتبرع بجزء من دخلها لتنمية أرض الفيروز. نفس الكلام ينطبق علي نجوم الكرة الذين يتقاضون الملايين اللهم لاحسد ولن يؤثر فيهم عشرة أو خمسون أو مائة ألف جنيه. ولنأخذ في ذلك القدوة من نجمنا محمد صلاح المحترف في ليفربول الانجليزي. وأكرر للمرة الثالثة أن الموضوع اختياري وليس تبرعاً وانما قرض سيتم سداده. وأثق أن الشعب الذي وقف بالطوابير أمام البنوك لتمويل قناة السويس الجديدة لن يتأخر عن دعم بلاده اذا طلبنا منه. فالمعدن الحقيقي للمصريين يظهر دائماً عند الشدائد. [email protected]