هل يعفي تنازل الرئيس السابق حسني مبارك وعائلته عن كافة ممتلكاتهم في مصر والخارج عن محاكمتهم وتسقط الدعوي القضائية ضدهم والتوقف عن إجراء التحقيقات وإحالتهم إلي المحاكمة.. "المساء" طرحت هذه التساؤلات علي خبراء القانون الجنائي لمعرفة موقف القانون تجاه التنازل عن الأموال والممتلكات لأسرة الرئيس السابق. أكد خبراء القانون الجنائي أن جرائم المال العام ومعاقبة مرتكبيها ليس فيها تصالح أو تنازل.. وأن قانون العقوبات ليس به أي نص يسمح بتنازل المجتمع عن محاكمة مرتكبيها مقابل التنازل عن الأموال غير المشروعة الناتجة عنها.. وأن رد الأموال ليس له أثر في الدعوي الجنائية طالما توافر قيام الجريمة وأركانها من تربح واستيلاء وتزوير واستغلال الوظيفة وهي جرائم جنائية وتصل عقوباتها للسجن المشدد أو الاشغال الشاقة المؤبدة. تقول د.فوزية عبدالستار رئيس اللجنة التشريعية بمجلس الشعب سابقاً إن قانون العقوبات ليس به أي نص يسمح بتنازل المجتمع عن العقوبة المقررة للجريمة في مقابل التنازل عن الأموال غير المشروعة الناتجة عنها خاصة في الجرائم الجنائية وجرائم الاستيلاء علي المال العام والتربح من الوظيفة التي ارتكبها جميع أفراد أسرة الرئيس السابق. تضيف أن النيابة العامة يعطيها القانون سلطة حفظ التحقيقات وإصدار قرارها بأنه لا وجه لإقامة الدعوي الجنائية في حالة عدم وجود ما يثبت ارتكاب المتهم للجريمة وليس لمجرد صفة هذا الجاني سواء رئيس جمهورية أو عاملاً.. لأن جميع المواطنين سواء أمام القانون والتفريق بينهم حسب حالتهم يعتبر مخالفة لمبادئ الدستور. يؤكد المستشار مصطفي الكومي رئيس محكمة جنايات القاهرة أن تنازل أسرة الرئيس السابق عن ممتلكاتها لا أثر لها من قريب أو بعيد بشأن الجريمة الجنائية التي ارتكبوها وتستجوب عقابهم عليها.. لأن التنازل ليس ركناً من أركان وقوع الجريمة وليس دليل براءة أو إدانة.. لأن الاستيلاء علي الأموال المملوكة للشعب والتربح من الوظيفة جريمة لها من الأدلة والمستندات التي تدين الجاني أو تنفي عنه الجريمة. يوضح أن التنازل عن الأموال والممتلكات يكون له أثر فقط عند تقدير العقوبة وفقاً للسلطة التقديرية للمحكمة حيث يكون التنازل مستنداً يعطي للمحكمة فرصة لتخفيف الحكم أو إلغائه أو تشديده حسب ما تراه المحكمة. يؤكد أن جرائم الرئيس السابق وأسرته هي إضرار بالمال العام والتربح من الوظيفة والاستيلاء والسرقة والاختلاس وهي توصف حسب الجريمة ووضع القائم بها.. وأن الجريمة الواحدة يرتبط بها جرائم أخري حسب نص قانون العقوبات والتي تصل العقوبة فيها للسجن المشدد أو المؤبد. يضيف أن القانون يعطي للنيابة سلطة تغليب المصلحة العامة للدولة علي مصلحة المتهم وتقوم بحفظ الدعاوي ضد أسرة الرئيس السابق بصفتها صاحبة الدعوي العمومية إذا ترأي لها أن رد الأموال مكسب للدولة والشعب.. ولها أيضاً أن تحيل القضية للمحاكمة الجنائية.. كما يعطي القانون لهيئة المحكمة سلطة عند الحكم بالإدانة ومعاقبة المتهم أن تخفف العقوبة باستخدام الرأفة أو الحكم بوقف التنفيذ حسب ظروف الدعوي. يقول د.سيد عتيق رئيس قسم القانون الجنائي بجامعة القاهرة: ليس لدينا قانون ينص علي التصالح مع مرتكبي جرائم الاستيلاء علي المال العام التي ارتكبها الرئيس السابق وزوجته ونجليه.. ولكن التصالح يتم فقط وفقاً للقانون رقم 103 لسنة 2004 بشأن البنك المركزي الذي يجوز التصالح مع الحاصلين علي قروض.. وهو ما حدث في قضايا نواب القروض لاسترداد الأموال مقابل إنهاء الدعاوي ضدهم. يضيف أن قانون العقوبات ينص علي إلزام المتهم برد الأموال والغرامة مع الحكم بالسجن المؤبد أو المشدد ولذلك فإن رد الأموال لا يغني عن محاكمة أسرة مبارك جنائياً.. وأن إعفاء هذه الأسرة من العقوبات علي جرائم يمكن في حالة إصدار مرسوم بقانون بإضافة مواد جديدة لقانون العقوبات إلي المواد 118 مكرر وما بعدها بأن يجوز التصالح بعد رد الأموال والممتلكات وإعطاء النيابة العامة والمحكمة الحق في الحكم بانقضاء الدعوي القضائية ضد الرئيس السابق وأسرته. يقول محمد زارع محام ورئيس المنظمة العربية الجنائية إن القانون المدني يجيز في بعض القضايا رد الممتلكات والأموال أو سداد الديون إذا تعهد الجاني بذلك في مقابل تخفيف الحكم عليه أو إعفائه من العقوبة.. ولكن جرائم الرئيس مبارك وأسرته لا تعتبر مدنية فقط ولكن لها صبغة سياسية وجنائية تنص علي ضرورة معاقبة مرتكبيها بمواد القانون الجنائي.