اعتبر خبراء ومحللون اقتصاديون، أن الحكم بإعادة شركة "المراجل البخارية" إلى الدولة يأتي كأحد أهم إنجازات ثورة 25 يناير، بعد أن مثل التخلص من هذه الشركة الأولى في الشرق الأوسط وإفريقيا في صناعة الغلايات وأوعية الضغط العالي الخاصة بالكهرباء، أبرز "خطايا" النظام السابق، في إطار سياسة التخلص من أصول الدولة وبيعها بأبخس الأثمان، بعد أن تم بيعها بثمن مقابل 17 مليون دولار، وكان سعر الدولار وقتها يعادل 3 جنيهات و40 قرشا. وقال أحمد النجار الخبير الاقتصادي، إن صفقة بيع شركة "النصر للغلايات"، المعروفة باسم شركة "المراجل البخارية" تعتبر علامة مميزة على الفساد الذى يمكن ان يكتنف علمية الخصخصة، حيث تبلغ المساحة المقامة عليها الشركة 31 فدانًا، أي 130.2 ألف متر مربع وتقع في منطقة منيل شيحة على النيل مباشرة قبالة حي المعادى على الضفىة الأخرى من نهر النيل. وأضاف إنه كانت هناك خمس عروض مقدمة لشراء هذه الشركة عند عرضها للبيع وكانت جميعها شركات أجنبية من الولاياتالمتحدة وكندا وفرنسا وإيطاليا واليابان. وأشار إلى أن هذه الشركة كانت تضم قبل خصخصتها 1100 عامل وكانت تنتج أوعية الضغط من طن واحد الى 12 طن وبسعات تصل الى 1300 طن بخار في الساعه ومراجل توليد الكهرباء وأوعية غازات سائلة ووحدات تنقية مياه الشرب وتحلية مياه البحر، وغيرها من المنتجات وكانت تحقق ارباحا حتى العام المالي 1991، قبل أن تدخل في توسعات استثمارية حولتها إلى شركة مديونة وخاسرة وانتهى الأمر ببيعها. ورأى أن الدفع بالشركة الى هاوية الخسارة كان عملا متعمدا من أجل إيجاد المبرر لبيعها، لأنه ليس هناك أى منطق في دخول شركة سيتم بيعها في استثمارات جديدة توقعها في أزمة مديوينة، لكن ذلك سياسة عامة تلجأ إليها الجهات المسئولة عن خصخصة القطاع العام فى العديد من البلدان النامية لتبرير بيع شركات إستراتيجية مقابل الأصوات المعارضة لعملية البيع. وذكّر بأن الشركة القابضة للصناعات الهندسية- التي كانت تتبعها شركة المراجل البخارية- كان يرأس مجلس إدارتها عبد الوهاب الحباك الذى يعد أحد رموز الفساد في مصر والذي حوكم بعد ذلك، بعد ان أدت خلافات عائلية إلى كشف جانب من فساده، وحسبما قال النجار في كتاب حول تقييم خسائر الخصخصة. وأوضح الخبير الاقتصادي أن عملية تقييم الشركة أسندت آنذاك إلى بيت خبرة أمريكى يتبع شركة "بكتل" العقارية العملاقة، وتم تقدير ثمن الشركة من قبل بيت الخبرة المذكور بما يتراوح بين 16: 24 مليون دولار، وهو سعر يقل كثيرا عن سعر الأرض المقامة عليها الشركة، حيث كان السعر آنذاك يعادل نحو 100 مليون دولار، أو نحو 330 مليون جنيه. وقال إن هذا يوكد أن بيت الخبرة الأمريكى "بكتل" وضع تقديره المتدني للشركة لصالح المشترين المحتملين وعلى رأسهم الشركة الأمريكية التى تقدمت بعرض لشراء الشركة المصرية. وأضاف إنه وعلى الرغم من احتجاجات عمال الشركة على خصخصتها إلا أن عملية الخصخصة مضت قدما، وفي 13/12/1994 قام مجلس إدارة الشركة بالحصول على موافقة الجمعية العامة لشركة الصناعات الهندسية ببيع الأصول الثابته للشركة مقابل 11 مليون دولار وبيع المخزون بمبلغ 6 ملايين دولار، بحيث تصبح القيمة الإجمالية للشركة ومخرونها 17 مليون دولار. وتمت عملية البيع إلى شركة أمريكية – كندية، هي شركة "بابكو أند ويلكوكس" دون إلزام الشركة بسداد الديون والضرائب المستحقة على شركة النصر للغلايات، وبعد خصم هذه المستحقات أصبح المتبقي من قيمة عملية البيع نحو 2.5 مليون جنيه مصري، أي أقل من ثلاثه أرباع مليون دولار، وبعد عملية البيع تم إسناد عملية إنشاء محطة كهرباء الكريمات بقيمة 600 مليون دولار إلى الشركة الأمريكية – الكندية المشترية لشركة المراجل البخارية المصرية. يأتي ذلك على الرغم من أنه كان هناك عرض أفضل يقضى بشراء الشركة والالتزام بسداد ديونها والضرائب المستحقة عليها مع دفع عشرة ملايين دولار، أي ما يوازي 33.5 مليون جنيه مصرى، لكن المسئولين عن خصخصة الشركة اختاروا العرض الأسوأ، فيما اعتبره النجار تجسيدا فجا للفساد وإهدارا للمال العام. وقال إن الفساد اتخذ بعدا دراميا في الصفقة، إذ انتهى الامر بإيقاف إنتاج الغلايات العملاقة التى تعتمد عليها محطات الكهرباء، ووجدت الشركة الامريكية – الكندية التي اشترت الشركة ان مصلحتها تقتضي أن تشتري مصر المراجل البخارية من الخارج بدلا من إنتاجها محليا، فيما لم تضمن الصفقة أية حماية للعمالة إلا لثلاثة أعوام.