التنظيم والإدارة: 59901 متقدم بمسابقة شغل وظائف معلم مساعد مادة    محافظ القاهرة يؤدي صلاة الجمعة بمسجد السيدة زينب    إنفوجراف| أسعار الذهب في مستهل تعاملات اليوم الجمعة 17 مايو    تيسير إجراءات استيراد المكونات الإلكترونية للشركات الناشئة بمجال التصميم الإلكتروني    اتحاد الغرف العربية: 36% نسبة الفقر في المنطقة.. والسلام مفتاح تحقيق التنمية    من بوابة «طلاب الجامعات».. بايدن يسعى لأصوات الأمريكيين الأفارقة بانتخابات 2024    تفاصيل الاجتماع الفني لمباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي دوري أبطال إفريقيا    سقوط المتهمة بالنصب على المواطنين ب «شهادات تمريض مزورة» في الغربية    جمارك الطرود البريدية بقرية البضائع تضبط 3995 قرص ترامادول داخل كمبروسر    متحف تل بسطا بالزقازيق يفتح أبوابه مجاناً للجمهور غدا    منهم يسرا وعدوية.. مواقف إنسانية لا تنسى للزعيم عادل إمام يكشفها النجوم    «الصحة» توجه نصائح لحماية المواطنين من مضاعفات موجة الطقس الحارة    لأطفالك.. طريقة عمل ميني الكرواسون بالشوكولاتة    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    قتلى وجرحى.. كتائب القسام تعلن استهداف ناقلة جند إسرائيلية في جباليا    أنشطة وفعاليات متنوعة.. معهد إعداد القادة يرسم ملامح جيل واعٍ ومبدع    تفاصيل حادث الفنان جلال الزكي وسبب انقلاب سيارته    الأمن العام: ضبط 13460 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    لعدم تركيب الملصق الإلكتروني .. سحب 1438 رخصة قيادة في 24 ساعة    البيئة: بعثة البنك الدولي تواصل مناقشة نتائج تقييم ممارسات إدارة مخلفات الرعاية الصحية بالمستشفيات الجامعية    "بعد 4 أشهر من وفاة والدته".. حفيظ دراجي ينعى أحمد نوير مراسل بي إن سبورتس    خمسة معارض ضمن فعاليات الدورة الثانية لمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    بشهادة عمه.. طارق الشناوي يدافع عن "وطنية" أم كلثوم    في يوم الجمعة.. 4 معلومات مهمة عن قراءة سورة الكهف يجب أن تعرفها    "الإفتاء" توضح كيفية تحديد ساعة الإجابة في يوم الجمعة    تجديد تكليف مى فريد مديرًا تنفيذيًا للتأمين الصحى الشامل    سموتريتش: السيطرة على غزة ستضمن أمن إسرائيل    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي الجديد    روسيا: مستعدون لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة    كوريا الجنوبية: بيونج يانج أطلقت صاروخًا باليستيًا تجاه البحر الشرقي    بحوزته 166 قطعة.. ضبط عاطل يدير ورشة تصنيع أسلحة بيضاء في بنها    ليفربول يُعلن رحيل جويل ماتيب    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    برنامج للأنشطة الصيفية في متحف الطفل    رئيس جهاز أكتوبر الجديدة يتابع مشروعات الإسكان والمرافق    توريد 192 ألف طن قمح لشون وصوامع البحيرة حتى الآن    هل يمكن أن يؤدي الحسد إلى الوفاة؟.. الأزهر للفتوى يجيب    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    تأهل هانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة العالم للإسكواش    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    تقنية غريبة قد تساعدك على العيش للأبد..كيف نجح الصينيون في تجميد المخ؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    حدث ليلا.. أمريكا تتخلى عن إسرائيل وتل أبيب في رعب بسبب مصر وولايات أمريكية مٌعرضة للغرق.. عاجل    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    هانئ مباشر يكتب: تصنيف الجامعات!    أستاذ تمويل يكشف توقعاته بشأن ارتفاع سعري الذهب والفائدة    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صفقات الخصخصة المشبوهة ..حكايات الوزراء الذين باعوا البلد جملة وقطاعى

بفعل من الضغوط الشعبية تباطأ قطار الخصخصة قبل ثورة 25 يناير قبل أن يتوقف تماماً بعد الثورة لإعادة الحسابات والتقاط الأنفاس.. والخصخصة ليست اختراعاً مصرياً فقد سبقتها فى تطبيقه دول عديدة فى إطار برامج إصلاحية لاقتصادياتها أو برامج إعادة لهيكلة هذه الاقتصاديات، ولكنها «الخصخصة» عندما وصلت إلى مصر.. تمصرت وتحولت بفعل فاعل فاجر ومتعمد إلى فعل نهب وسلب وهبش.. وأوصاف أخرى كثيرة تصلح لأن تصف تجربة من أسوأ التجارب التى مرت على الاقتصاد المصرى فى السنوات الأخيرة فدمرته وجرفت ثروة الوطن.. ماذا فعلت الخصخصة؟! وهل انتهى عصرها أم توقف قطارها - مؤقتا - فى محطته الحالية؟ هذه أسئلة رئيسية يجيب عنها هذا الملف.
علىالرغم من أن نهضة دول عديدة قامت على تنفيذ برنامج «الخصخصة»، فإن النظام السابق تفانىليخرج هذه الكلمة من كل لباقتها لتصبح أكثر الكلمات كرها علىمسامع المصريين، لما ارتبط بها من فساد كبير، لدرجة دعت البعض للقول بأن «الخصخصة» كانت المدخل لهدم مقومات الاقتصاد المصرى، ومن ثم كان من الضرورى أن تتزايد المطالبات بضرورة محاكمة كل مسئول شارك فىتنفيذ هذا البرنامج الجهنمى لبيع مقدرات المصريين وممتلكاتهم بأبخس الأثمان.
«فساد عمليات البيع».. سمة غالبة لكل عمليات بيع شركات ومصانع القطاع العام، لكونها تقوم علىمعايير وضوابط فاسدة، وذلك منذ بدء البرنامج فى1991، وما دار حوله من عمليات بيع مشبوهة وعقود مشوهة وبثمن بخس لمستثمرين عرب وأجانب أو مصريين وخاصة للشركات الرئيسية الكبيرة، إلا أن هناك عدداً ليس بالقليل من الصفقات يمكن التعامل معها كنماذج فاضحة صارخة لما شهده هذا البرنامج من تلاعب وفساد غير مسبوق فىتاريخ مصر.
تدمير صناعة وطنية/U/
بلا خلاف، يمكن القول بأن صفقة بيع شركة النصر للغلايات «المراجل البخارية» علامة مميزة علىالفساد، الذى اكتنف عمليات خصخصة شركات القطاع العام، فلمن لا يعرف تبلغ المساحة الإجمالية للأرض المقام عليها الشركة 130.2 ألف متر مربع، وتقع الشركة فى منطقة منيل شيحة علىالنيل مباشرة قبالة حىالمعادى علىالجهة الأخرى من النيل، فضلا عن ذلك كانت الشركة قبل خصخصتها تضم 1100 عامل، وكانت تنتج أوعية الضغط من طن واحد إلى 12 طنا وبسعات تصل إلى1300 طن بخار فىالساعة ومراجل توليد الكهرباء وأوعية غازات سائلة ووحدات تنقية مياه الشرب وتحلية مياه البحر وغيرها من المنتجات.
وكانت الشركة تحقق أرباحا حتىالعام المالى1991، قبل أن تدخلها وزارة قطاع الأعمال العام وكان الوزير وقتها د. عاطف عبيد، فىتوسعات استثمارية طويلة الأجل ممولة بقروض قصيرة الأجل وهىحيلة تم من خلالها تحويلها إلى شركة مديونة وخاسرة قبل أن يتم بيعها، وربما كان دفع هذه الشركة إلى هاوية الديون والخسارة عملا متعمدا لتبرير بيعها، لأنه ليس هناك أى منطق فىدخول شركة سيتم بيعها فىاستثمارات جديدة توقعها فىأزمة مديونية. لكن «تخسير» الشركات الرابحة والمهمة هو سلوك تلجأ إليه الجهات المسئولة عن خصخصة القطاع العام فىالعديد من البلدان النامية لتبرير بيع شركات استراتيجية تقوم بدور حيوى فى الاقتصاد أمام المعارضين لهذا البيع.
وبالفعل، بعد أن حققت خطة «تخسير» الشركة النجاح المنتظر لإقناع الرأى العام بضرورة بيع هذه الشركة التىتتميز عن سواها من الشركات العامة بالمساحة الشاسعة والموقع المتميز علىنهر النيل، لذلك كانت المنافسة علىشرائها شرسة بين 5 مجموعات استثمارية أجنبية تنتمى إلى الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وإيطاليا واليابان.
وبدورها أسندت وزارة قطاع الأعمال عملية تقييم الشركة إلىبيت خبرة أمريكي يتبع شركة «بكتل» العقارية، وتم تقدير ثمن الشركة بما يتراوح بين 16 و24 مليون دولار، علما بأن سعر الأرض المقامة عليها الشركة يزيد على 100 مليون دولار.
وللأسف الشديد، تم البيع – تحت مرأى ومسمع الجميع - إلى شركة أمريكية - كندية هى شركة «بابكو آند ويلكوكس» بشروط غاية فىالغرابة، فالبيع تم لهذه الشركة الأجنبية بسعر بخس وفقا لتقييم بيت الخبرة الأمريكى وبدون التزام من جانب الشركة المشترية بسداد الديون والضرائب المستحقة علىشركة النصر للغلايات، وبالتالى أصبح المتبقى من المدفوع فىالشركة بعد خصم هذه المستحقات نحو 2.5 مليون جنيه أىأقل من 750 ألف دولار، وبعد عملية البيع تم إسناد عملية محطة كهرباء الكريمات للشركة الأمريكية – الكندية المشترية لشركة المراجل البخارية المصرية بقيمة إجمالية تقدر ب600 مليون دولار.
الغريب فى أمر هذه الصفقة، أن عملية البيع قد تمت للشركة الأمريكية – الكندية على الرغم من أنه كان هناك عرض أفضل يقضىبشراء الشركة والالتزام بسداد ديونها والضرائب المستحقة عليها مع دفع عشرة ملايين دولار، أى ما يوازى 33.5 مليون جنيه مصرى آنذاك، لكن المسئولين عن خصخصة الشركة اختاروا العرض الأسوأ فى تجسيد فج للفساد وإهدار المال العام، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد من اهدار المال العام بل اتخذ الفساد أبعادا درامية جديدة عندما انتهى الأمر بإيقاف إنتاج الغلايات العملاقة، التى تعتمد عليها محطات الكهرباء، لأن الشركة المالكة رأت أن مصلحتها تقتضىأن تشترى مصر المراجل البخارية من الخارج بدلاً من إنتاجها محلياً، أما العمالة فإن صفقة البيع لم تضمن حمايتهم إلا لثلاثة أعوام وبذلك كسبت الشركة المشترية السوق المصرية وأرض الشركة ودمرت واحدة من أهم صناعتنا الوطنية.
وفى3 فبراير 1993، بدأت خطة الإجهاز علىأحد أكبر القلاع الاقتصادية فىمصر «الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات.. شركة بيبسى كولا المصرية»، حيث تعد صفقة بيع هذه الشركة أحد أهم وأكبر صفقات الخصخصة، لكونها تتعلق بصرح اقتصادى كبير فضلا عما اكتنف عملية تقييم السعر النهائى من مخالفات فجة.
كانت الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات أحد أكثر الشركات المملوكة للقطاع العام تحقيقا للأرباح فى بداية التسعينات، لكن ذلك لم يحقق لها الحماية من غول الخصخصة، وبالفعل تبدأ صفقة خصخصة الشركة بصدور تكليف من الحكومة المصرية فى 3 فبراير 1993 لبيع الشركة وتوسيع قاعدة مالكيها، ليتم علىالفور طرح كراسات الشروط للراغبين فىالشراء.
وبالفعل تولى مكتب الخبرة الأمريكى «كوبر اند ليراند» تقييم أصول الشركة وقدرها بنحو 76 مليون جنيه، إلا أن هذا التقييم لم يلق القبول من قبل الشركة القابضة للصناعات الغذائية، التى رأت أن هذا السعر أقل مما ينبغى رافضة نتائج التقييم، وبالتالى كان قرار إعادة التقييم من خلال المكتب الاستشارى للشركة القابضة للصناعات الغذائية، الذى انتهى إلى تقدير أقصى قيمة سوقية للشركة عند سعر 140 مليون جنيه.
بعد انتهاء مرحلة التقييم، بدأ بنك القاهرة فى عملية الترويج للصفقة تمهيدا لإتمام البيع وبالفعل تم الاستقرار على عرض الشراء المقدم من رجل الأعمال المصرى محمد نصير وشركاه لشراء بيبسىكولا المصرية، وبدأت الشركة القابضة فىالتفاوض مع المشترين لزيادة قيمة عرضهم لشراء الشركة، واستمرت المفاوضات لمدة أربعة أشهر انتهت فى ديسمبر 1993 بتوقيع الاتفاق المبدئى لبيع الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات - بيبسى كولا المصرية إلى شركة «الكان» المصرية - محمد نصير - وشركة بيبسى كولا العالمية، وشركة «نجار بقشان» السعودية.
وفىأبريل 1994 تم توقيع عقد البيع بقيمة 157.6 مليون جنيه مع شرط أن يقوم المشترون باستثمار 180 مليون جنيه خلال السنوات الخمس، التى تلى عملية نقل الملكية إليهم، وقد توزعت الشركة المصرية بين المشترين كالتالى: «49% لشركة «الكان» المصرية، 49% لشركة بقشان السعودية، و2% لشركة بيبسى كولا العالمية، وذلك مع احتفاظ محمد نصير بحق الإدارة ومن بعده ابنه.
وفى أغسطس 1994 انتهت مصلحة الشركات المصرية من إجراء خصخصة الشركة المصرية لتعبئة الزجاجات صاحبة امتياز تعبئة بيبسى كولا العالمية فى مصر - بيبسى كولا المصرية، وتم تحويلها من مظلة القانون 203 لقطاع الأعمال العام إلى القانون 159 الخاص بشركات المساهمة، وفى عام 1995 قام محمد نصير ببيع نحو 40% من حصته فىالشركة إلى مجموعة بقشان السعودية مقابل 400 مليون دولار، فهل هناك معدلات ربحية أعلى من ذلك حتى فى تجارة السلاح والمخدرات، فما اشتراه نصير فى أبريل 1994 مقابل أقل من 80 مليون جنيه يبيع 40% منه بعد عامين بما يربو على 1200 مليون جنيه بمعدل ربح يقدر بنحو 1500%.
فضيحة بكل المقاييس/U/
وتأتى صفقة بيع شركة المعدات التليفونية لمستثمر أردنىلتفضح جانباً آخر من ممارسات مسئولى برنامج الخصخصة، فهذه الشركة ذات البعد الاستراتيجى تم إنشاؤها فىعام 1960، وكانت تحقق أرباحا طائلة لكونها تتخصص فى صناعة يزداد الطلب عليها بشكل مستمر فكانت أرباحها السنوية لا تقل عن 30 مليونا خلال السنوات التىسبقت عملية الخصخصة فى عام 1999، والغريب أنه عندما صدر التكليف الحكومى بالمضى قدما فى بيع الشركة كان السعر بمثابة الصدمة للجميع لأنه كان يضاهى ربح 3 سنوات 91 مليون جنيه، يدفع منها المستثمر 27 مليوناً ويقسط الباقىعلىدفعات.
فى نفس الوقت، قامت الحكومة المصرية بمنح المستثمر الأردنىصاحب الحظ السعيد عقدا لتوريد معدات التليفونات الأرضية للشركة المصرية للاتصالات لمدة 5 سنوات، مما يعنى تحقيق مبيعات قدرها 2 مليار جنيه، وأرباح لا تقل عن 700 مليون جنيه، وفقا لتقرير لجنة القوى العاملة بمجلس الشعب.
وبدوره سارع المستثمر الأردنىباستغلال ما تم تحقيقه من أرباح طائلة خلال سنوات عقد المصرية للاتصالات الخمسة وبدأ فى إنشاء شركة خاصة به متخصصة فىصناعة المعدات التليفونية فى المنطقة الصناعية بمدينة 6 أكتوبر لكى يستفيد بالإعفاءات الضريبية الممنوحة للشركات الجديدة فضلا عن الأرض المخصصة للمنشآت الصناعية التى يتم تخصيصها بأسعار مخفضة، وفى ذات الوقت حرص علىتحميل شركة المعدات التليفونية بأعباء ديون زائدة بالحصول على قروض بنكية ضخمة وعدم السداد بالإضافة إلى تشغيل خطوط الانتاج بأعلى من طاقتها للوصول بهذه الشركة إلى حالة عسر مالى لكى تشهر إفلاسها، وبالتالى يكون من اليسير دفع مجلس إدارة الشركة إلى اتخاذ قرار ببيع الأراضى التابعة للشركة الواقعة على كورنيش النيل.
ولم تتوقف خطط هذا المشترى عند بيع الأراضى التابعة للشركة تمهيدا لنقل المصنع إلى شركته الجديدة فى 6 أكتوبر وترك البنوك للحجز على شركة المعدات التليفونية لاستيفاء ديونها الضخمة، بل قامت إدارة الشركة بالامتناع عن دفع رواتب عمال الشركة، الذين لم يجدوا سبيلا أمام هذه السياسة غير الاعتراض والاحتجاج المستمر.
مصالح صاحب المعالى/U/
وبفساد لا يقل عن سابقه، تم نقل ملكية شركة الزجاج المسطح لمستثمر كويتىبأبخس الأسعار، لكى تكون حلقة جديدة فىمسلسل الفساد وإهدار المال العام، ولما لا وهذه الصفقة المريبة تمت على شركة بلغت قيمة الأرباح الإجمالية لها خلال العام 2001 نحو 50.2 مليون جنيه، فضلاً عن كونها متخصصة فى صناعة الزجاج المسطح الشفاف، ما يجعلها أحد الشركات النادرة فىالدول النامية.
وخلال عملية المنافسة بين الشركات الراغبة فى شراء الشركة المصرية للزجاج المسطح، قدمت تلك الشركات أسعاراً منخفضة كثيراً عن القيمة الحقيقية للشركة، وكانت شركة «جارديان» الأمريكية – ذات العلاقة الوطيدة بإسرائيل - هىأول من تقدم بعرض للشراء، وقد قدمت الشركة فىعرضها الأول سعراً متدنياً للغاية للسهم ربما يقل عن 150 جنيها، ثم عرضت شركة «بلكنجتون» شراء الشركة بسعر 160 جنيهاً للسهم، مما دفع شركة «جارديان» الأمريكية لرفع عرضها إلى 169 جنيها للسهم.
ومقابل هذا العرض الأمريكى، قامت شركة «بلكنجتون» بتقديم عرض منشور فىإعلان بجريدة الأهرام فى 13 مايو 2002 لشراء السهم بسعر 171 جنيها، ثم قدمت عرضا جديدا فى20 مايو 2002 للشراء بسعر 175 جنيها علىأن تشترى70% علىالأقل من أسهم الشركة تضاف إلى ال 10%، التى تملكها بالفعل لتصبح مالكة لنسبة 80% من أسهم الشركة علىالأقل، ليكون ثمن الشركة كاملة 306.3 مليون جنيه، لكن يبدو أن القائمين على الشركة الأمريكية لم يقدموا من القرابين ما يكفى، فما كان من المسئولين فىمصر إلا أن قرروا تحويل العطاء ليكون من نصيب المستثمر الكويتى ناصر الخرافى صاحب علاقات العمل القوية – آنذاك - مع رئيس الوزراء د. عاطف عبيد.
خطايا محيى الدين/U/
فىالوقت الذى تعالت فيه الأصوات الرافضة لاتجاه الحكومة إلىخصخصة شركات الأدوية لما تمثله هذه الشركات من أهمية لحماية الأمن القومى، واصلت الحكومة سيرها ضد التيار فىخصخصة كل ما تجده من شركات رابحة، لأن الهدف الأوحد أمامها هو الاستمرار من أجل البقاء سواء مات الشعب بالمرض أو بالرصاص، وبالفعل أدت هذه السياسة إلى سيطرة الأجانب على 65% من صناعة الدواء فى عام 2006.
تعتبر شركة «سيد» للأدوية إحدى قلاع صناعة الدواء فى الشرق الأوسط، لأنها تصنع 22% من الدواء المحلى رخيص الثمن ورغم هذا الدواء الرخيص الثمن حققت الشركة 31 مليون جنيه أرباحا فى العام 2005، إلا أن هذه المكانة لم تمنع «عصابة الخصخصة» من الوصول إلى هذه الشركة، التى تمتلك 410 مستحضرات طبية تقدر تكلفته – كحق انتفاع ملكية فكرية – بما يزيد على 700 مليون جنيه، ولديها أيضا 28 مستحضرا طبيا آخر يعتبر بديلا عن بدائل لمستحضرات فى شركة شيرنج الألمانية العالمية، كما تمتلك قصرا يعتبر تحفة معمارية يطل على شارع الهرم مباشرة تزيد قيمته على 100 مليون جنيه.
كما تمتلك هذه الشركة 54 فرعا للتوزيع، ولديها 41 صيدلية فىمختلف المحافظات، فضلا عن امتلاكها أسهما فى شركة «سيبكو» للصناعات الكيماوية يقدر ثمنها ب 40 مليون جنيه، ولديها أبضا أسطول هائل من المعامل المتطورة تقدرب 500 مليون جنيه، وتمتلك أرضا فقط فى منطقة الهرم مساحتها 84 ألف و866 مترا مربعا.
وبدأت المؤامرة عندما أعلن وزير الاستثمار د. محمود محى الدين عن طرح شركة «سيد» للأدوية للبيع، وتم بالفعل اسناد عملية التقييم فى نوفمبر 2005 إلى البنك العربى الإفريقىالدولى، الذى قام بتقييم مساحة الأرض المذكورة فى منطقة الهرم بثلاثة تقديرات كان أقلها بقيمة مبلغ 635 مليون جنيه وهو بند واحد من أصول الشركة، التى يبلغ أصولها العشرات من البنود، إلا أن رئيس الشركة القابضة للأدوية لم يعترف بهذا التقييم، وقرر تقييم الأرض طبقا للقيمة الدفترية لها عند شرائها فى عام 1963 والبالغة 206 آلاف جنيه، وفى 29 ديسمبر 2005 اجتمع مجلس إدارة الشركة وقرر تنفيذ المؤامرة فوراً وطرح الشركة بالتقييم الجديد فى البورصة، لكن محمد جاد عضو مجلس الإدارة المنتخب رفض المؤامرة، وسارع إلى إرسال بلاغات إلى النائب العام والمخابرات العامة ورئاسة الجمهورية يتهم فيها مجلس الإدارة المعين بنهب المال العام مطالبا تلك الجهات باعتقاله وإعدامه فى حالة عدم ثبوت حقيقة نهب المال العام، لكن يبدو أن الأمر كان أكبر من قدرات الجهات التى تم تبليغها والدليل على ذلك أن المتأمرين فازوا واكملوا تنفيذ خطتهم.
الصفقة الباطلة/U/
فيما تميزت صفقة بيع شركة عمر أفندى بأن مخالفاتها للقانون جاءت فجة وفقا لحيثيات حكم القضاء الإدارى ببطلان عقدها، الذى تحدث عن 7 وقائع محددة انتهك فيها المشترى رجل الأعمال السعودى جميل القنبيط رئيس شركة «أنوال» بمعاونة حكومة نظيف جميع قرارات اللجنة العليا للخصخصة وضمانات الحفاظ على استمرارية نشاط الشركة مما أهدر المال العام ونهب حقوق العمال المشروعة واستباحها، أولها، هى رهن القنبيط 16 فرعا من فروع الشركة رهنا حيازيا للبنك الأهلى المتحد وبنك عوده ومؤسسة التمويل الدولية مقابل حصوله على قروض وتسهيلات قيمتها 462 مليون جنيه مما ثبت فشله وعجزه عن حماية الصرح الذى اشتراه.
والواقعة الثانية هى تحول الشركة من الربح إلى الخسارة، فبعدما حققت 54 مليون جنيه أرباحا عام 2006 بخلاف أرباح سنوية تقدر بنحو 4.7 مليون جنيه، حققت خسارة 613 مليون جنيه عام 2009، وهو ما يعادل 36 ضعفا لرأس المال، أما الواقعة الثالثة فهى تآكل حقوق الملكية، حيث بلغت بالسالب 438 مليون جنيه عام 2009 مقابل 130 مليونا فى 2006، والواقعة الرابعة هى التدنى المستمر لحجم المبيعات من 443 مليون جنيه فى 2004/2005 إلى 229 مليونا فى 2007/2008.
أما الواقعة الخامسة فهى مخالفة القنبيط لالتزاماته المتعلقة بحقوق العمال بالشركة، فيما تمثلت الواقعة السادسة فىعدم وفاء القنبيط بالالتزامات الضريبية بالمخالفة للمادة 13 من العقد وعدم تحمله مصروفات خطة التطوير المتفق عليها بعدم إنشائه معهدا لتدريب العاملين خلال السنة الأولى بتكلفة 15 مليون جنيه، والواقعة السابعة هى بيعه نسبة 5% من أسهم الشركة لمؤسسة التمويل الدولية بالتزامن مع رهن 6 فروع من الشركة للمؤسسة دون إخطار الشركة القابضة للتجارة المالك الأصلى ل «عمر أفندى». فضلا عما سبق تعد هذه الصفقة الجهنمية - التى أشرف عليها د. محمود محىالدين - أول صفقة يخرج فيها أحد أعضاء لجنة التقييم وهو المهندس يحيىحسين عبد الهادى، التىشكلتها وزارة الاستثمار ليروى تفاصيل محاولة الوزير فرض تقييم محدد للشركة بالمخالفة للتقييم الحقيقى الذى أجرته هذه اللجنة، وأنه قد تم الضغط علىأعضاء لجنة التقييم للتوقيع على هذا التقييم المعد سلفا من وزارة الاستثمار، لكن المهندس يحيى حسين خرج رافضا لهذه الطريقة فىإهدار قيمة الأصل العام المملوك للشعب وقدم بلاغا للنائب العام حول إهدار المال العام فىهذه الصفقة مؤكدا أن الفارق بين تقييم اللجنة التى شكلتها الوزارة وبين السعر المعروض فى «عمر أفندى» يبلغ نحو 690 مليون جنيه، وأنه بغض النظر عن أن النائب العام قد حفظ البلاغ، فإن حقيقية وجود فارق هائل بين تقييم أقل من معتدل لسعر الشركة وبين السعر البالغ التدنى الذى كانت وزارة الاستثمار تريد تمريره لبيع هذه الشركة.
يذكر أن عدد فروع هذه الشركة 82 فرعا متعددة الأدوار تبلغ مساحتها الإجمالية نحو 77 ألف متر مربع، وتقع فى قلب القاهرة والمدن الكبرى فى أفضل وأغلى المواقع سعرا، ويبلغ عدد المخازن الرئيسية 7 مخازن تبلغ مساحتها نحو 61.3 ألف متر مربع، وعدد المخازن الفرعية 65 مخزنا مساحتها 13.3 ألف متر مربع، و35 شقة واستراحة، و12 فيلا ببلطيم، و10 وحدات سكنية بمرسى مطروح، و146 سيارة نقل بضائع، و55 سيارة ركوب، و11 مقطورة، ويبلغ عدد العاملين فىالشركة 5820 عاملا.
وقد تم بيع 90% من شركة عمر أفندى إلى شركة «أنوال» المتحدة السعودية بمبلغ 589.5 مليون جنيه بسعر 38.53 جنيه للسهم، مع احتفاظ الشركة القابضة للتجارة بنسبة 10% من أسهم الشركة، بدعوى متابعة تنفيذ بنود العقد والحفاظ على حقوق العاملين، على أن يعاد النظر فىتمليك هذه النسبة للعاملين مستقبلا فى حالة توفر السيولة لديهم.
ولما شاب هذه الصفقة من فساد واضح تصدت محكمة القضاء الإدارى لهذا الفساد وقضت بإلغاء البيع، وأبطلت العقد المبرم مع شركة «أنوال» السعودية لشراء 90% من شركة عمر أفندى لما شابها من مخالفات عديدة للقرارات والقوانين المنظمة لبرنامج الخصخصة، فضلا عن ذلك أسقطت الإدعاء بإمكانية لجوء القنبيط إلى التحكيم الدولى أو مركز منازعات الاستثمار الدولية (إكسيد) بعد ثبوت بطلان شرط التحكيم، وفقا للفقرة الثانية من المادة الأولى من قانون التحكيم واتفاقية إكسيد واتفاق التعاون الاقتصادى والتجارى والاستثمارى والفنى بين مصر والسعودية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.