«واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن والمرافق العامة» موضوع خطبة الجمعة اليوم    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    مصر تشارك بأكبر معرض في العالم متخصص بتكنولوجيا المياه والصرف الصحي بألمانيا "IFAT 2024" (صور)    تضامن الدقهلية تنظم ورشة عمل للتعريف بقانون حقوق كبار السن    إيقاف أعمال بناء مخالفة بقرية الأشراف في قنا    سعر الدولار فى البنوك المصرية صباح الجمعة 17 مايو 2024    الجزار: انتهاء القرعة العلنية لحاجزي وحدات المرحلة التكميلية ب4 مدن جديدة    مصر تفوز بحق تنظيم الاجتماعات السنوية للبنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في 2027    رسميا.. تجديد تكليف مي فريد مديرًا تنفيذيًا للتأمين الصحي الشامل    17 مايو 2024.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    الانتهاء من القرعة العلنية اليدوية لحاجزي الوحدات السكنية ب4 مدن جديدة    وزيرة التخطيط تشارك بافتتاح النسخة الحادية عشر لقمة رايز أب    محكمة العدل الدولية تبدأ نظر دعوى جنوب إفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي (بث مباشر)    أمريكا: تفريغ الحمولة الأولى من المساعدات على الميناء العائم بغزة    الخارجية الروسية: لا نخطط للتدخل في الانتخابات الأمريكية    ليفربول عن رحيل نجمه: جزء من تاريخنا إلى الأبد    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    بعد تعثره أمام الخليج.. اتحاد جدة خارج دوري النخبة الآسيوي    سيد عبد الحفيظ: مواجهة نهضة بركان ليست سهلة.. وأتمنى تتويج الزمالك بالكونفدرالية    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    بدء امتحانات الشهادة الإعدادية 2024 فى قنا غدا    مصرع ربة منزل ونجليها في حادث دهس أسفل سيارة بعين شمس    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق بقطعة أرض فضاء في العمرانية    ضبط زجاجات مياه غازية ولحوم مذبوحة خارج السلخانة ببني سويف    الزعيم عادل إمام يحتفل بعيد ميلاده ال84 اليوم    وفاة أحمد نوير مراسل قنوات بين سبورت.. موعد ومكان الجنازة    طارق الشناوي ل «معكم منى الشاذلي»: جدي شيخ الأزهر الأسبق    الإثنين.. المركز القومي للسينما يقيم فعاليات نادي سينما المرأة    دعاء يوم الجمعة المستجاب.. «اللهمَّ اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمارنا أواخرها» ردده الآن    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    في 5 دقائق.. طريقة تحضير ساندويتش الجبنة الرومي    مرور مفاجئ لفريق التفتيش الصيدلي على الوحدات الصحية ببني سويف    طريقة عمل الهريسة، مذاقها مميز وأحلى من الجاهزة    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أين وصلت جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؟    رونالدو يتحدى ميتروفيتش في التشكيل المتوقع لديربي الرياض    الشرطة السويدية تطوق منطقة تتواجد بها سفارة إسرائيل بسبب حادث إطلاق نار    «الأوقاف» تعلن افتتاح 12 مسجدا منها 7 إحلالا وتجديدا و5 صيانة وتطويرا    احذر.. قلق الامتحانات الشديد يؤدي إلى حالة نفسية تؤثر على التركيز والتحصيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    سيولة مرورية وسط كثافات محدودة بشوارع القاهرة والجيزة    الاغتسال والتطيب الأبرز.. ما هي سنن يوم «الجمعة»؟    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل بالأسلحة دون انقطاع    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    شريف الشوباشي: أرفض الدولة الدينية والخلافة الإسلامية    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    أحمد السقا يكشف عن مفاجأة لأول مرة: "عندي أخت بالتبني اسمها ندى"    عاجل - أخبار فلسطين.. مصادر محلية: بدء انسحاب قوات الاحتلال من بلدة بلعا بطولكرم    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    "كاميرا ترصد الجريمة".. تفاصيل تعدي شخص على آخرين بسلاح أبيض في الإسماعيلية    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مختار خطاب: الخصخصة قرار ساداتى..ثبت فشله
الوزير الذى دافع عنها بضراوة.. يهاجمها الآن بعنف
نشر في اليوم السابع يوم 03 - 09 - 2008

الخصخصة سياسة عليا.. وأسماء الشركات المقرر بيعها تأتى من أعلى.. والإصلاح الاقتصادى مرتبط بأمريكا الحليف الاستراتيجى لمصر - على حد قول النظام - فهل يمكن أن نحاسب الوزير المختص؟ هذا هو السؤال. مختار خطاب، وزير قطاع الأعمال العام السابق وأحد أهم منظرى سياسة الخصخصة فى مصر، فى حوار ومراجعة لسياسة الخصخصة..
كيف اتخذ قرار الخصخصة، وأرجوك ألا تجيب بأنه الاتجاه العام للسوق العالمية ومقتضيات السوق كانت تحتم ذلك.. فأنا أعنى ما هى اللحظة الفارقة التى أسهمت فى اتخاذ قرار بيع ممتلكات الدولة؟
أزمة 1987.. وهو العام الذى توقفت فيه مصر عن سداد ديونها وعجزت عن ذلك تماماً، نتيجة تعثر تجربة النمو الاقتصادى فى مصر، فى ظل اقتصاد السوق، وكان هناك خطط للإصلاح والتنمية وضعت بعد عام 1974 فى عهد الرئيس السادات تعتمد على اتباع نظام السوق، فيما عرف بالانفتاح، ولو كانت تحققت هذه السياسة بشكل جيد لكانت أتت بنتائج جيدة طوال ال 13 عاماً التى أعقبتها.. ولكن تعثرت سياسات الإصلاح ولم تؤد النتائج المرجوة.. نظراً لخطأ فى سياسات التنمية الاقتصادية واعتماد سياسات لا تناسبنا، حيث كان هناك اعتقاد بأن الشركات المتعددة الجنسيات والاستثمار الأجنبى بشكل عام ستتولى نقل التكنولوجيا إلى مصر، مما سيؤثر فى الاقتصاد بالإيجاب.
وهل 13 عاماً كافية للإصلاح الاقتصادى؟
5سنوات كافية لنمو أى دولة.. إذا أردت العدل والحق.
فقاطعته: أفهم من ذلك أنه من عام 74 إلى 87 لم تتغير السياسة الاقتصادية، وأن الرئيس مبارك سار على نفس نهج الرئيس السادات اقتصادياً؟
بغض النظر عن الأسماء، نعم السياسة واحدة ولم تتغير.
هل نستطيع القول بأن الخصخصة استمرار لسياسة الانفتاح الاقتصادى التى اتبعها الرئيس السادات؟
إلى حد كبير.. خاصة فيما يتعلق بنظام السوق الحرة.
وماذا بعد أزمة 1987؟
وقعنا اتفاقاً مع صندوق النقد الدولى لجدولة الديون، وكان الحال الاقتصادى قد وصل إلى الحد الذى اضطرت فيه الدولة للاستدانة من الداخل، خاصة من بعض شركات توظيف الأموال لشراء محصول الذرة وغيره من المحاصيل.. المهم أن الوضع الاقتصادى فى هذا العام كان علامة على فشل التنمية بالمنهج الذى كان قائماً من 1974 إلى 1987، وكان الحل هو طرح فكرة الإصلاح الاقتصادى من جديد، وقال البعض إننا مترددون اقتصاديا واقتصادنا مختلط، ويجب أن نترك المهمة بالكامل للقطاع الخاص.. ونخلص الاقتصاد من تدخل الدولة.
من اقترح هذا بشكل محدد، هل هم خبراء اقتصاد أم رجال أعمال أم وزراء؟
نحن فى دولة، الحاكم فيها له اعتباره فى توجيه دفة الأمور، وللأسف نسبة كبيرة من المثقفين والسياسيين يسيرون فى ركب النظام، فالنظام اقترح ونسبة المؤيدين كانت كبيرة.
هل أفهم من ذلك أن الخصخصة كانت بناء على توجه سياسى؟
نعم توجه سياسى عال.. وبعض المنافقين زفوا القرار.
ولكن قيل إنه اقتراح من الخارج؟
هو اقتراح محلى، ولكن أحد الدوافع إليه، هو التحالف الاستراتيجى مع أمريكا، وهذه بالمناسبة عبارة مستخدمة من قبل النظام وليست عبارتى.. فهم يقولون لنا دائماً إن أمريكا حليف استراتيجى لمصر، وبالطبع لن أتحالف استراتيجيا مع أمريكا من ناحية، وأسير على نظام تتدخل فيه الدولة فى الإنتاج من ناحية أخرى.
وما المانع؟ وهل يعنى التحالف الاستراتيجى أن أطبق نظام أمريكا؟ ألا يمكن أن أتحالف معها سياسيا وأطبق ما يناسبنى من النظريات الاقتصادية؟
أمريكا لم تكن لتقبل بذلك.
فلنعد للحظة اتخاذ قرار الخصخصة من جديد.. ماذا حدث بعد أزمة 1987 وجدولة جزء من الديون؟
سارت الأمور بلا أى طفرة اقتصادية تذكر حتى عام 91، عندما عادت أزمة الديون للظهور من جديد وفشلنا للمرة الثانية فى السداد، فاقتضى الأمر الرجوع إلى صندوق النقد والبنك الدوليين لحل الأزمة التى أسفرت عن توقيع اتفاق للإصلاح الاقتصادى، اقترح بمقتضاه تحويل كل النشاط العام إلى الخاص.. واتفق على أن يتم هذا البرنامج على عدة مراحل، كلما أنجزنا مرحلة ما، نأخذ مكافأة عن هذا الإنجاز، تتمثل فى تخفيض القيمة الحالية للدين المصرى إلى النصف فى مقابل نقل الاقتصاد المصرى إلى اقتصاد حر تقوده آليات السوق الحرة.
وما الذى ستستفيده أمريكا؟
سوق استهلاكية لمنتجاتهم.. لأن الاقتصاد الاشتراكى يعنى اقتصاداً محمياً بتعريفات جمركية على الواردات ووضع حوائط اقتصادية أمام السلع الأجنبية، وهو ما يؤدى فى النهاية إلى بناء الاقتصاد المصرى بيد أبنائه واعتماد الدولة على نفسها دون الخارج، وأمريكا لا تريد ذلك لأنه يعوق دخول منتجاتها.
ألا تعى الحكومة النوايا الأمريكية؟ وألم يكن لدينا طريقة أخرى لسداد ديوننا بخلاف القبول بهذه الشروط؟
حاول الدكتور مختار التهرب من الرد على الجزء الأول من السؤال، واكتفى بالقول: ربما تكون هذه شروط بالنسبة للمعارضين لنظام السوق الحرة، ولكنها لا تعد شروطا بمفهوم من هو مؤمن باقتصاد السوق، فهى طلبات عادية جداً.. علقت على حديث الدكتور مختار معترضة إياه وسألته: هذا إذا كانت القضية تحتمل وجهات نظر، ولكن ما تقوله لا يحتمل الاختلاف، فهى قضية حماية اقتصاد الدولة؟.. وأعتقد أن الجميع يعلمون أن علاقات الدول تقوم على أساس المصالح، لذا لن تجدول لنا أمريكا الديون بلا مقابل؟ - فأجابنى بهدوء: هذا إذا كانوا معتقدين بذلك.
وهل برنامج الإصلاح الاقتصادى بالكامل بما فيه الخصخصة خاضع للبنك وصندوق النقد الدوليين؟
طبعاً.. فالبرنامج بالكامل - بما يتضمنه من سياسات تحرير التجارة وتحرير سعر الصرف، والخصخصة، وغيرها - خاضع للاتفاقية، وبالمناسبة مازال لهذا البرنامج مراحل واستكمالات جديدة، منها اتفاقية المشاركة المصرية الأوروبية، والسعى لإبرام شراكة مع الولايات المتحدة يتم بموجبها إنشاء مناطق تجارة حرة تلغى فيها التعريفات الجمركية، وتدخل كل بضائع العالم بدون جمارك..
دعنى أسألك: من 91 حتى اليوم، أى منذ اللحظة التى حسم فيها القرار لصالح الخصخصة بموجب الاتفاقية، هل نجح تطبيق اقتصاد السوق فى مصر أم لا؟
بصراحة لا.. وأعتقد أنه من واجب المجتمع والحزب الوطنى والحكومة أن يفتحوا هذا الملف للنقاش بهدوء وبدون صخب لتقييم الأمور بشكل صحيح.
جميل، دعنى أؤكد المعنى وأسألك: هل استطاع القطاع الخاص فى مصر أن يقوم بعبء التنمية بشكل مطمئن يجعلنا نستمر بلا تردد؟
الإجابة من وجهة نظرى، لا لم ينجح.
لماذا؟
لأن حجم ونوع الاستثمار أبلغ مؤشر على أننا نحتاج إلى مراجعة لسياستنا لأن ذلك هو جوهر التنمية فى الاستثمار.
هل تجربة التنمية لدينا من عام 91 نجحت فى رفع معدلات الناتج المحلى بالقدر الكافى، وفى توزيع ثمار التنمية بشكل عادل على الفئات الاجتماعية المختلفة؟
لا.. ونحتاج إلى مراجعة عميقة وليست سطحية.
جميل.. إنها اعترافات جريئة، ولكن المهم أن تقول لى، ما هى المعوقات التى أدت إلى فشل التنمية والإصلاح الاقتصادى طوال هذه السنوات؟
أولاً، غيبة التركيز على القطاعات السلعية فى الإنتاج، ثانياً، عدم التركيز على الصناعة والزراعة، رغم وجود برامج ومساعدات توجه إليهما ولكنها ليست بالقدر الكافى، بل وأقل من الحد الأدنى بكثير.. وثالثاً، غيبة سياسة تكنولوجية وطنية بأن نصبح دولة منتجة للتكنولوجيا وليست مستهلكة لها.. ورابعاً، حجب الدولة عن المساهمة فى الاستثمار جنباً إلى جنب مع القطاع الخاص، فالسياسة الاقتصادية بنيت على الثقة الكاملة فى القطاع الخاص فقط.. وخلعت الدولة من الاستثمار بأن تبيع شركات جديدة، وهى بالطبع قرارات سياسية عليا تهدف إلى أن يحل القطاع الخاص محل الحكومة. باختصار، غياب الاستثمار فى النواحى المدرة للدخل بناء على توصيات البنك الدولى كان سبباً رئيسياً فيما نحن فيه.
أفهم من ذلك أن توجيه الاستثمارات إلى قطاعات دون غيرها هو أحد شروط صندوق النقد الدولى؟
لنقل إنه مزيج فكر مشترك بيننا وبينهم، نتيجة قبولنا توصيات ليست فى صالحنا.. ثم عاد واستطرد قائلاً: نصائح وتوصيات البنك الدولى تروج دائماً إلى أن الدخل الأساسى لمصر يأتى من قناة السويس والسياحة والبترول، وهى إما أن خدمات استقرارها ضعيفة، أو قطاع مثل البترول نجد أن ارتباطه بالاقتصاد العالمى أكبر من ارتباطه بالاقتصاد المصرى.. وبناء على توصيات البنك الدولى تم تجاهل الاستثمار فى القطاعات السلعية والتى ستعود بفائدة وعائد على المواطن وعلى الدخل بشكل عام.
قلت إن القطاع الخاص غير قادر على قيادة قاطرة التنمية، فما هى أسبابك؟
لأن القطاع الخاص هش واستثماراته فى مجالات ضعيفة.. ونجاح القطاع الخاص يتحدد بحجم الاستثمارات، وحتى نستطيع الحكم على أنه ناجح، يجب أن يسهم فى الاستثمار بحوالى 30٪ من الناتج المحلى، وهذا هو الحد الأدنى الذى يضمن لنا نمواً من 7 إلى 8٪ فى العام، لكن فى الواقع لم تتعد استثماراته نسبة من 16 إلى 17٪ أى النصف تقريباً.
هل العبء بالكامل يقع على القطاع الخاص، أم أن الحكومة بقوانينها وبيروقراطيتها تسهم فى ضعف الاستثمار؟
كل ما تقولين به حقيقى، ولكن لو أن حجم الاستثمار ضخم سيتغلب على كل المعوقات التى أمامه.
فما الذى يدفعنى لأن أضع مالى فى دولة قوانينها معوقة وبيروقراطيتها تجلب لى الخسارة، ما دمت أستطيع الاستثمار فى أى دولة أخرى؟
هذا كلام نظرى، لأنه لو تم انتظار إصلاح السياسات والقوانين لن يحدث استثمار.. وبالمناسبة عندما كنت أجتمع بالمستثمرين كانوا يقولون ما تقولينه أنت الآن، يجب أن نضع فى الاعتبار أن الدول التى نمت وأحدثت طفرات اقتصادية كانت لديها معوقات ومفاسد أكثر منا بمراحل، فالإصلاح ليس سهلاً، والقطاع الخاص شريك فى الحكم، فهم موجودون فى الوزارات والمؤسسات الحكومية، إذن قرار الإصلاح جماعى فى الأول والآخر.. وسواء كان القطاع الخاص مخطئاً أو الحكومة.. النتيجة أن القطاع الخاص غير قادر على المهمة.. وليس مهيأ لقيادة التنمية.
وماذا عن الاستثمار الأجنبى، ولماذا فشلنا فى جلب استثمارات خارجية؟
الاستثمار الأجنبى نوعان، نوع كامل الدسم ونوع منزوع الدسم، والمقصود بالدسم هنا هو التكنولوجيا. فى الخطة الأساسية للإصلاح الاقتصادى، تم اعتبار الاستثمار الخارجى مكملاً أساسياً لمشروع التنمية، ولكننا انتظرناه ولم يأت.. وما أتى إلى مصر جاء بدون دسم من نوعية الاستثمار فى مجال السياحة والعقارات.
وما الذى يمنع دخول النوع الثانى من الاستثمارات »كاملة الدسم«؟
لأنه لو كان هناك استثمار كامل الدسم، فهذا يعنى تأسيس صناعات فى مصر تنتج سلعاً يكون محتوى التكنولوجيا فيها عالياً، بل وسيسهم ذلك فى تطوير الصناعات المغذية لها، ووقتها سينمو الاقتصاد داخلياً.. فما نفعله الآن فى مصر اسمه صناعة وليس تصنيعاً، والفرق شاسع، فنحن نجمع سيارات ونخرج المنتج النهائى لكثير من السلع، لكن الحلقة التكنولوجية والأساسية فى التنمية مفقودة ومملوكة فقط للدول الأجنبية، وبالتالى لن تستطيع منافسة من أعطاك الميكنة ومعظم المواد الخام.
هذا لو دخلت مصر استثمارات تجلب التكنولوجيا، ولكنك لم تجبنى بعد عن سؤالى، ما الذى يمنع؟
اعفينى.. ورفض الدكتور مختار إبداء الأسباب، فتجاهلت الأمر، وسألته فى منطقة أخرى، ولكننى عدت إلى النقطة الثانية نفسها مستغلة حماسه فى نقد السياسة الاقتصادية، وبعد إلحاح أعقبه صمت طويل منه مفكراً فيما إذا كان رأيه سيجلب له مشكلة ما، أجابنى: إن المعوق هذه المرة خارجى وليس داخليا،ً والسبب -كما قاله- هو وجود إسرائيل بالقرب منا، فأمريكا والدول الغربية لن تسمح بإقامة اقتصاد قوى لدولة تقع بالقرب من إسرائيل بكل ما يحمله ذلك من تهديد لإسرائيل، وقال لى الدكتور مختار: هذه هى المرة الأولى التى يطرح فيها هذا السبب على الملأ، وأنه على الجميع أخذه فى الاعتبار.. وأضاف ضاحكاً استريحتى يا ستى، ربنا يستر بقى.. أنا قلت وأجرى على الله.
هل لديك الجرأة لأن تفسر لى، لماذا قبلت بالمشاركة فى وضع اللبنة الأولى للخصخصة، مادام هذا هو رأيك فيها؟ أم أنها شجاعة من خرج من السلطة؟
أولا:ً أنا لم أضع سياسة الخصخصة، بل هى سياسة عليا، لكننى تم فقط اختيارى لتنفيذ البرنامج.. وأعترف إننى فى البداية كانت لدى ثقة فى القطاع الخاص وأنه الطريق الجديد الذى يمكن أن يغير الواقع.. وعندما شاهدت الواقع أحسست بخطئى.
متى حدثت لحظة التحول هذه؟
بعد السنة الأولى فى وزارة قطاع الأعمال.
ومع ذلك استمررت لأربعة أعوام أخرى تنفذ هذه السياسة العليا؟
استمررت ولكن بدأت أطرح أفكارى فى اللجان الوزارية وأخذت مسلكاً مختلفاً لتنفيذ البرنامج بشكل يتفق مع قناعاتى الجديدة بعد مراجعة أفكارى.. لأننى رأيت أنه لو استمر العمل بنظام الخصخصة على هذا النحو سنواجه مصاعب كثيرة.
اشرح لى ما هذا المسلك المختلف وكيف طبقته؟
أوقفت برنامج المعاش المبكر دون إعلان ذلك صراحة.. لأننا كنا نواجه ضغوطاً من المؤسسات الدولية وكنت أعطى »ريق حلو« للقطاع الخاص لأطمئنه، ولكن فى التنفيذ أتحفظ إلى حد ما.. واجتمعت مع زملائى، وقلت لهم إننا سنتحدث عن إصلاح الشركات وليس الخصخصة وبدأنا فى إصلاح شركات الغزل والنسيج والاستثمار فيها، رغم أن ذلك لم يكن مباحاً ولا متاحاً وعرضت الأمر على مجلس الوزراء وعلى الدكتور عاطف عبيد -رئيس الوزراء آنذاك- وحصلت على تصريح بإنقاذ هذه الشركات، وكانت المسألة صعبة لأنه لم يكن مسموحاً لى بأخذ فلوس من ميزانية الدولة.. وبدأت أدعو إلى أن تعود الدولة لفكرة الاستثمار من جديد حتى يصبح القطاع الخاص قادراً.
وماذا كان رد الفعل؟
هوجمت بشدة من جهات داخل وخارج مصر، فكيف أريد أن أبيع شركات القطاع العام، وعلى الناحية الأخرى أدعو إلى الاستثمار وإصلاح هذه الشركات.. بل وأسست شركات جديدة برأس مال ضخم مثل الشركة التى أرأسها الآن بالصدفة بعد خروجى من الوزارة، وهى شركة النوبارية للسكر، وشركة حلوان للأسمدة التى يرأسها المهندس عادل البنا.. وهى شركات استثماراتها فوق المليار، وبالطبع كان هذا مخالفاً للسياسة العامة التى تقول بوضوح عدم استثمار الدولة. كان المهم بالنسبة لى هو نجاح الشركات سواء كانت مملوكة للقطاع العام أو الخاص.. وحتى لا أفهم بشكل خاطئ، أنا لست معاديا لاقتصاد السوق وهذه ليست ردة، إنما واقع القطاع الخاص غير قادر.
أكررها ثانية، لماذا لم ترحل وتترك الوزارة بعد مراجعتك لذاتك؟
شعرت بأن وجودى فى هذا المنصب مفيد، ربما تواجه البلد مشكلات وصعوبات لو أن شخصاً آخر أتى إلى هذا المنصب وهو يحمل توجهاً مختلفاً، من الممكن أن يضر بالبلد.. وقد أكون مخطئا فى هذا.
هل خروجك من الوزارة له أى علاقة بقناعاتك؟
أنا أحمدالله أننى خرجت ولم أسع لاحتكار الكرسى.. ولكن كل ما أعرفه أن الأمريكان أصدروا بشأنى تقريراً يتهمون فيه الحكومة، وبالطبع أنا المعنى باعتبارى الوزير المسئول، اتهمونا فيه بأننا تسببنا فى خسارة مصر 100 مليار جنيه نتيجة التباطؤ فى عملية الخصخصة، وقد واجهونى بهذا التقرير داخل الحزب الوطنى، وانتقدته بشدة، ووصفته بأنه تقرير سيؤدى إلى دمار مصر إذا ما طبق، وما أفعله، هو ما فيه الصالح العام.
وماذا جاء فى هذا التقرير يضر بالصالح العام كما ترى؟
الشروط الأساسية للخصخصة كانت بيع الشركات بأعلى سعر والحفاظ على العمالة كاملة وليس نسبة منها وعدم تغيير النشاط.. ولكن التقرير رأى أن هذه الشروط الثلاثة هى سبب الكارثة ولو تم التخلى عن هذه الشروط بأن نبيع بأى سعر وعدم اشتراط شروط على المشترى كعدم الحفاظ على العمال أو تغيير النشاط ستتحقق الخصخصة بشكل جيد، وكان هذا فى نهاية فترة وجودى فى الوزارة. بالمناسبة أنا كنت بأخصخص فى الشركات الخسرانة فقط، والرابحة تركتها لتمول باقى الشركات.
وما الذى يحدث الآن؟
لا تسألينى، ألست ترين بنفسك.
هل تراعى ضمانات البيع الآن؟
لا تسألينى.
هل هناك دول معينة أو شركات معينة مسموح لها بالتقدم لشراء القطاع العام وأخرى ممنوعة؟
أحمد الله، لم يكن هناك تكالب من الأجانب لشراء شركات إلا فى قطاع واحد، وهو الأسمنت، وأثناء وجودى فى الوزارة لم أبع إلا القطاع الخاص المحلى، مثل شركة طرة وتم بيعها للسويس وشركة حلوان لشركة مصرية أيضاً، وأنا عن نفسى لم أكن من أنصار البيع للأجانب، ولكن لم أكن أستطيع أن أجهر بذلك فكنت أصرح قائلاً: أهلاً وسهلاً بالأجانب ونحن نفضل ونرحب، إلى ما غير ذلك.
ما أعنيه، هل هناك فى القانون ما يمنع إسرائيل من شراء شركة من قطاع الأعمال العام إذا التزمت بالشروط كاملة؟
لا يوجد قانون يمنع إسرائيل، ولكن المسألة ترجع إلى الضمير الوطنى.
من يقول بأن هذه الشركات تباع أو لا تباع وبناء على أى أساس؟
قرار البيع قرار سياسى عال.. وأسماء الشركات التى ستباع تأتينا من أعلى، نحن فقط ننفذ.
ومن المسئول عن تقييم الشركات المقرر بيعها؟
تطرح مناقصات لمكاتب استشارية بعلم الحكومة، فهذا ليس مسئولية الوزير المختص، بالإضافة إلى تقييم الشركة القابضة وتقييم اللجنة العليا للخصخصة.
وإن اختلفت؟
نأخذ بأعلى تقييم.
20 شكلاً للخصخصة، من يقرر أى الأشكال تناسب أى الشركات وعلى أى أساس؟
عن طريق فريق فنى، بالإضافة إلى رؤية رئيس الوزراء والوزير، وهناك قواعد علمية تحكم المسألة، فمثلاً شركة خسرانة لن تباع فى البورصة، ولكن تباع لمستثمر رئيسى، وهناك شركات رابحة أيضاً تباع لمستثمر رئيسى، ولكن بعد الاستعلام عنه.
شركات ترى أنه يجب أن تكون ملك الدولة..
طبعاً قطاع الدواء بالكامل، والشركات الغذائية الكبرى مثل شركات السكر، وشركات استراتيجية مثل الحديد والصلب وشركات كثيفة العمالة لا يجب بيعها مثل شركة كفر الدوار وشركات الألومنيوم، و35٪ من الأسمنت.. والبنوك أنا ضد بيعها، ويمكن إصلاح أى بنك والخطورة الحقيقية تكمن فى السيطرة على قرار الائتمان، وأن يتحول الأمر إلى قروض سيارات وشقق وعدم الاستثمار فى الصناعات، ولم يكن مطروحاً فى عهدى بيع البنوك من الأساس.
هل كان ضمن السياسة الأولى أن تذهب عوائد الخصخصة لسداد الديون أم لإعادة التشغيل والاستثمار؟
من الأخطاء الكبيرة التى ارتكبت أن عوائد الخصخصة لم يتم استثمارها فى إنشاء شركات جديدة حتى وإن تم بيعها بعد إنشائها.. ولكن كانت هناك تعليمات من الحكومة بعدم الاستثمار فى شركات جديدة، ولكننى أظن أننى أخطأت لأنه كان يجب على التمسك بموقفى.
تضارب أرقام عوائد الخصخصة!!
فى أيامنا لم يحدث تضارب، ولا تسألينى عما يحدث الآن.
صرح الدكتور على الدين هلال لى بأن الخصخصة ستزيد الفقر كأحد الآثار الجانبية لها، لذا بدأت الحكومة فى وضع برنامج يهتم بالعدالة الاجتماعية، فهل توافق على ذلك؟
نعم.. فأحد الآثار الجانبية لعملية الإصلاح الاقتصادى عموماً، عدم وجود عدالة اجتماعية، وكنت فى عهدى أقف مع العمال، ولم نكن نحابى رجال الأعمال أبدا على حساب العمال، وكنا نتحمل العمالة الزائدة إلى أقصى مدى، فالبعد الاجتماعى، كان مراعى فى السياسة الأولى للخصخصة، لذا لم تحدث أزمات وقتها، وأتذكر أنه فى عام 96 كان هناك اجتماع فى مركز إعداد القادة، وكنت مستشاراً للدكتور عبيد، وكان يحضر الاجتماع أمين عام اتحاد عمال مصر، السيد راشد وكل رؤساء اللجان النقابية، وكانت وجهة نظرى التى عرضتها وقتها أن من يخرج »معاش مبكر« يأخذ معاش سن الستين، والتعويض الذى يمنح للعامل يجب أن يدفع لهيئة التأمينات الاجتماعية بدلاً من أن يأخذه العامل فى يده ثم ينفقه ويجلس بنصف أو ثلث معاش، ولكن النقابيين اعترضوا وكانت تأتينى يومياً آلاف طلبات المعاش المبكر وكنت أرفض.
الرقابة على الخصخصة كيف تتم؟
أيامنا كان الجهاز المركزى للمحاسبات ومجالس إدارة الشركات واللجنة العليا للخصخصة المكونة من 20 وزيراً برئاسة رئيس الوزراء وأجهزة الرقابة الأخرى.
كيف تنظر إلى تصريح لنائب البرلمان جمال زهران قال فيه إنه وصلت العمولات من جراء التوسع فى عمليات البيع إلى 33 مليار جنيه؟
أيامنا كل المبلغ حصيلة البيع حوالى 17 ملياراً، فكيف تكون العمولة بهذا المبلغ؟!.. وربما يكون لدى جمال وجهة نظر وأسباب لا أعرفها.. ولا أعرف أى فترة يقصد.
وما هو الحل ؟
أنا كنت ومازلت من أنصار فكرة أن أى شركة حكومية تدار على قانون 159 لسنة 81 الذى يحكم القطاعات الخاصة وساعتها سوف نكون قد خصخصنا كل شىء دون أن نبيع أى شىء، أى مملوك للدولة، ولكن يدار إدارة خاصة، ويجب إلغاء القانون 302.
وكيف قوبلت فكرتك؟
وجدوها شديدة شوية.
هل تريد الدولة التخفف من أعبائها تجاه المواطن؟
هذا هدف نبيل لو أن الدولة كانت تستطيع إحداث تنمية، وكل مواطن يتحمل مسئولية نفسه.
ما سبب غلاء الأسعار وإضرابات لقمة العيش التى اجتاحت مصر مؤخراً؟
نتيجة انخفاض معدلات النمو وعدم تحقيق برنامج الإصلاح والمأمول منه.
ولكن بيان الدكتور نظيف الأخير فى مجلس الشعب يؤكد ارتفاع مؤشر النمو؟
فضحك قائلاً: خلاص يبقى عايزين نمو أكثر.
سؤال أخير، ما سبب النكسة الاقتصادية فى 2007؟
50٪ منها فساد يتم إصلاحه بتشريعات وقوانين صارمة وتطبيقها، و50٪ نفاق لسياسات النظام، ويتم حله بتعديل المادة 77 من الدستور بتحديد مدة الرئاسة.
لمعلوماتك..
◄ الدكتور مختار خطاب كان من أشد المدافعين عن الخصخصة، وخاض فى سبيل ذلك جولات فى مجلس الشعب أمام منتقديها، منها على سبيل المثال قوله فى رده على الانتقادات التى وجهت لبيع شركة قها للأغذية المحفوظة إنها »نموذج يدرس فى عملية البيع«، وبعد فترة تمت إعادتها لتقاعس مالكها فى عملية السداد.
◄ 1999 العام الذى شغل فيه مختار خطاب وزارة قطاع الأعمال العام، خلفاً للدكتور عاطف عبيد الذى تولى رئاسة الوزراء فى نفس العام خلفاً لكمال الجنزورى.
◄ برنامج الخصخصة المصرى بدأ فى مطلع تسعينيات القرن الماضى، وأعلنت الحكومة وقتها أنها ستبيع فقط الشركات الخاسرة ومشروعات المحليات، لكن البيع تم للشركات الرابحة والخاسرة على حد سواء.
◄ 1974 تم وضع خطط للاستثمار والتنمية فى عهد الرئيس السادات، ولو كانت تحققت بشكل جيد لكانت أتت بنتائج جيدة فى 1987.
◄ 1987 عام فشل التنمية الذى اضطرت معه الدولة إلى الاستدانة من الداخل، خاصة من شركات توظيف الأموال, وكان الحل طرح فكرة الإصلاح. 2007 حدثت نكسة اقتصادية فى هذا العام نصفها كان بسبب الفساد والنصف الثانى بسبب النفاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.