على الرغم من التضامن الدولي الواسع مع فرنسا إثر الهجمات الإرهابية الأخيرة التي أسفرت عن مقتل 17شخصًا، إلا أن ذلك لم ينس من الذاكرة "التاريخ الأسود" للدولة الاستعمارية في السابق، وخاصة إبان احتلالها الجزائر، (1830 - 1962)، وقتلها لنحو مليون جزائري من سكان البلد العربي، وهي الجريمة التي لم تعتذر عنها حتى بعد كل هذه السنوات. ونفذت السلطات الاستعمارية الفرنسية المدنية والعسكرية، إبان الاحتلال عامة، والثورة التحريرية خاصة مخططًا إجراميًا لإبادة الجزائريين، وعمدت إلى استخدام كل الإجراءات الممكنة والمتوفرة لديها، ولم تقف في سياستها القمعية والعقابية عند أحد، بل وسعتها لتشمل من دون تمييز المدنيين العزل من أطفال ونساء وشيوخ وارتكبت فرنسا على إثرها مئات المجازر الجماعية، وحالات التقتيل الفردي والعشوائي. وفي هذا الإطار استعانت القوات الفرنسية بعدة وسائل وقوانين عقابية تتعارض مع القوانين الدولية وحتى الفرنسية أطلقت عليها السلطات السياسية الاستعمارية اسم القوانين الخاصةles”pouvoirs spécieux ” ([2]). وتعددت الجرائم الفرنسية في الجزائر من دخولها سنة 1830 بحيث لا يمكن حصرها، وتنقسم جرائم الإبادة إلى قسمين، أولهما في القرن التاسع عشر، والثاني في القرن العشرين؛ حيث تنوعت الجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في القرن التاسع عشر، بطرق مروعة فمن التقتيل الجماعي للسكان، إلى النهب والسلب وتدنيس المقدسات، وقد أطلق أحد الجنرالات الفرنسيين” Bugeaud” سياسة الأرض المحروقة وحرب الإبادة على مشروعهم الهمجي والقائمة على إنهاء الوجود الجزائري بكل الطرق. وإلى جانب عمليات الاستيطان واغتصاب الأراضي الصالحة للزراعة شنت قوات الاستعمار الفرنسي حرب إبادة منظمة للسكان، بتوجيه من قادة الجيش، وارتكبت مجازر جماعية استهدفت مئات السكان والقبائل الجزائرية خاصة تلك التي أبدت رفضها للاستعمار الفرنسي. وقد عبر عن هذه السياسة الإجرامية أحد الفرنسيين المشاركين، في إحدى عمليات الإبادة كما يلي: “… إن مسألة العرب قبرت نهائيًا، ولم يبق لهم سوى الموت أو الهجرة أو قبول الخدمة عند أسيادهم، هل يستيقظون قبل أن تطلق عليهم رصاصة الرحمة؛؟ أتمنى ذلك…” ووصل عدد الشهداء في الجزائر إلى مليون على يد الاستعمار الفرنسى ولقبت الجزائر على إثرها ببلد المليون شهيد. ولم يكن الأمر جديدًا في إساءة فرنسا للدين الإسلامي والمسلمين؛ فتاريخ فرنسا الدموي في محاربة الإسلام والمسلمين فقد دخلت الأزهر بالخيول وداست فوق المصاحف وأعدمت العلماء وطلبة العلم في أروقة الأزهر الشريف لم تتغير ولن تتغير في معاداتها للإسلام والمسلمين مهما ارتدت من مظاهر براقة تدعي الحرية زيفًا وزورًا. كما ارتكبت فرنسا جرائم ضد المسلمين في وسط إفريقيا ومالي دون أن تواجه نفس الإدانة حتى من المؤسسات الإسلامية من خلال دعمها للميليشيات النصرانية في مالى والنيجر ضد الأقليات المسلمة والتي أدت إلى مقتل وتشريد الآلاف من المسلمين بعد الانتهاكات الحقوقية الجسيمة والمذابح الرهيبة التي ترتكبها ميليشيات مسيحية في إفريقيا الوسطى ضد المسلمين، بدعم فرنس أمام صمت العالم كله.