أتفهم عدم إفصاح الجيش عن أسرار عملياته العسكرية في سيناء حفاظاً على سرية المهمة، وأرواح المشاركين فيها، ونفوس المدنيين من أهلنا في سيناء، لكنني لا أستوعب التأخير الشديد في توضيح خبر قصف طائرة «مصرية» لتكفيريين وهم ينصبون منصة صواريخ بالقرب من الحدود مع إسرائيل، وترك مواقع إخبارية «حماسية» تروّج أكذوبة أن الطائرات الإسرائيلية اخترقت الحدود المصرية وقتلت «التكفيريين»، وتظل الحقيقة غائبة عن الساحة الإعلامية التي «برطع» فيها الخبر الكاذب وتناقله الجميع، حتى خرج المتحدث العسكري «الوسيم» العقيد أحمد محمد علي، ليؤكد أن انفجار منطقة «العجرة» لم يتم بصواريخ إسرائيلية، وينفي وجود أي تنسيق مع إسرائيل في هذا الشأن. ولا شك أن ما يحدث في سيناء «معركة مصير» مصرية بكل المقاييس، فمنذ أيام الرئيس «المخلوع - المتنحي» ومروراً بعام «الرئيس المعزول»، تحولت سيناء إلى بؤرة لتجمع وتدريب «الإرهابيين» - الجهاديين المتشددين التكفيريين - سمهم ما شئت، لكنهم تقاطروا من دول لا نتخيلها، أفغانستان، الشيشان، تركيا، سوريا، لبنان، فلسطينالمحتلة، أوكرانيا، وانضموا إلى زملاء الإرهاب «المصريين» من فلول الجماعات المختلفة، واعتصموا بجبل الحرام (الحلال سابقًا)، ومارسوا تدريباتهم العسكرية، وانطلقت عملياتهم الإجرامية لترويع الآمنين، وتبديد الأمن والأمان، وهدفهم تقويض دعائم الدولة المصرية، وجعلها إحدى ولايات الخلافة الإسلامية المزعومة. وأثناء فترة «الربيع العربي»، تدفق «نهر» الأسلحة بكل أنواعها من تونس وليبيا، ليصب في سيناء، انتظاراً لساعة الصفر وانطلاق جماعات «تحرير مصر» لتنفيذ المخطط، يتفق في ذلك: حزب الله، وأنصار بيت المقدس، والجهاد، والناجون من النار، والسلفية الجهادية، وطبعاً تنظيم القاعدة، وإن لم ينجح مخطط إسقاط الدولة المصرية، وإقامة دولة الخلافة الإسلامية على أنقاضها، فعلى الأقل يتحقق فصل «سيناء»، والاستقلال بها وإعلان الإمارة الإسلامية فيها، من خلال 6 خطوات بدأ تنفيذها بالفعل، وهي: -1 إعطاب عمل أقسام الشرطة، -2 اغتيال ضباط وجنود الشرطة، -3 الاشتباك مع قوات الجيش، -4 قتل وخطف المسيحيين والسياح، -5 استهداف المدنيين العاملين في مشروعات التنمية، -6 قتل وخطف عواقل ورموز القبائل والشخصيات العامة، بعدها إعلان «الإمارة»، وكل الخطوات السابقة تمت بالفعل، ولم يبق سوى الإعلان، إلا أن تدخل الجيش بهذه القوة، في حرب حقيقية يستخدم فيها الإرهابيون الصواريخ والأسلحة الثقيلة ويتقاطر عليهم الدعم البشري من كل الجنسيات، هذا التدخل أفسد المخطط الأخير، حتى الآن، ومنع إعلان الإمارة الإسلامية، وأبقى سيناء في أحضان مصر.. جزءاً عزيزاً.. غالياً روته دماء أهلنا جميعاً خلال حروب طاحنة على مر التاريخ، ولا ينبغي أن نتركه يضيع أبداً. نعم هي معركة مصير حاسمة، إما أن تبقى الدولة المصرية، أو نسمح بدق أول مسمار في نعش تقسيمها، وقد أصبحنا الآن أقرب ما نكون إلى خطر التقسيم، وانظروا إلى العراق وسوريا، ضلعي مثلث الرعب ضد إسرائيل، ومصر هي قاعدة المثلث بالطبع، ماذا يجري لهما: العراق تم احتلاله وقتل ما يقارب مليون عراقي والآن.. الآن الآن.. تجري حرب طائفية سنية - شيعية، ويعلن ما يسمى بتنظيم القاعدة فرع «الدولة الإسلامية في العراق والشام» تبنيه لموجة تفجيرات «العيد»، مؤكدًا أن الشيعة سيدفعون الثمن غاليًا، ردًا على حملات اعتقال الحكومة التي يرأسها «شيعي» للسنة!!.. وبات تقسيم العراق لثلاث دويلات أقرب ما يكون.. رغم صياح العراقيين بأن «العراق» سيبقى موحدًا!! سوريا تطحنها حرب أهلية، طال أمدها، واختلط الجيش الحر بالجهاديين، وبدا الأمر يختلط على أشقائنا، ويتساءلون هل لو رحل الأسد سيتولى «الإخوان» السلطة مثل مصر؟ وإذا فشل مؤتمر جنيف القادم، هل سيتم مخطط التقسيم فيحصل الأكراد على دولتهم في الشمال (الحسكة)، وينحصر العلويون في طرطوس واللاذقية غربًا، وتبقى دمشق وحلب بين «الإخوان» وبقية «الجهاديين» وبين الجيش الحر، فيما يقنع الدروز بالجنوب (السويداء)؟.. وكان الإخوة الأشقاء في سوريا قبل سنوات لا يرد إلى أقصى خيالاتهم فكرة التقسيم.. ويصيحون: «سوريا قلب العروبة الواحد»! هل مصر تدفع دفعًا إلى نفس الطريق حتى تكتمل فرحة إسرائيل؟ هل بقي على تحقيق حلم «المدعوق» كيسنجر، و«الموكوسة» رايس في الشرق الأوسط الجديد والفوضى الخلاقة، مشهد أخير ينتظر مصر؟ أفيقوا.. وقفوا خلف جيش مصر في معركة المصير.. فالحفاظ على سيناء وتطهيرها.. هو حفاظ على مصر كلها. مصر.. وآه لو تعرفون ماذا سيحدث لو سمحتم جميعاً بسقوطها!! وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء.
حسام فتحي عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. twitter@hossamfathy66