تصاعدت الخلافات بين مصر وحركة "حماس" التي تدير شئون الحكم في قطاع غزة، إثر استشهاد جندي مصري الأربعاء الماضي بالرصاص في مواجهات بين متظاهرين فلسطينيين وقوى الأمن المصرية على الحدود مع رفح، وأخذت تلك الخلافات طابع الهجوم الإعلامي المكثف بين الجانبين، بعد أن سارعت جهات مصرية رسمية لتحميل الحركة المسئولية عن مقتله، وهي اتهامات رفضتها "حماس" بشدة مؤكدة أن لديها معلومات عن أن الجندي سقط بنيران مصرية استهدفت متظاهرين فلسطينيين على الحدود. وقال صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى أمس، إن أحد القناصة من داخل قطاع غزة أطلق الرصاص على الشهيد المجند أحمد شعبان أثناء قيامه بأداء واجبه بأحد أبراج المراقبة فأراده قتيلا على الفور، متهما منفذ الحادث بأنه ارتكب جريمته "بعد الرصد وسبق الإصرار لنفس ذكية تقف حارسة على أرض الوطن". وتابع قائلاً: "لقد خرجت تلك الرصاصة من إنسان عربي فلسطيني مارس بطولة الغدر فلعنة الله على الفاشل الذي علمه ولم يحسن تعليمه وعلى كل غير فاهم"، واستدرك "كان على هؤلاء أن يُعلّموا هذا الغادر أنه لولا مصر لكانت القضية نسيا منسيا". واعتر الشريف أن "الجريمة النكراء التي ارتكبت ضد الشهيد المصري جاءت لخدمة مخططات وأجندات أطرافها للأسف أنظمة وأجهزة مخابرات وفضائيات مأجورة وأصوات عميلة وفتاوى طائشة"- وفي إشارة إلى "حماس"- دعا الجانب الفلسطيني في قطاع غزة إلى تحمل مسئولياته وأن يعي تمامًا أن صبر مصر حدود ولن يطول تحملها لمزيد من الاتهامات لحدودها وألا يحول أزمته الفلسطينية إلى مواجهة مع مصر. وأعلن الشريف تأييد مجلس الشورى لأية إجراءات تتخذها الحكومة المصرية لتأمين حدودها- في إشارة إلى الجدار الفولاذي الذي تشيده مصر على حدودها مع قطاع غزة- وأيد قرار وزارة الخارجية المصرية بمنع النائب البريطاني جالاوي من دخول الأراضي المصرية باعتباره شخصا غير مرغوب فيه، وأكد: لن نسمح أن تتكرر فوضي القوافل المنفلتة ولن نعطي الفرصة لمن يتعمدون الإخلال بالأمن وانتهاك القوانين. من جانبه، وصف الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية الحادث ب "العملية الخسيسة" وأنه حادث "نشاز" واجه استنكارا وإدانة من كل القيادات الفلسطينية الشرعية والشعب الفلسطيني الشقيق، وأيضا رفض قيادات مصر وشعبها ومطالبته بالقصاص للشهيد البريء من المجرم الجبان ومن كانوا وراءه. وقال إنه رغم هذا الحادث فإن مصر سوف تستمر مهما حدث في تقديم كل صور العون والمساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني وأشقائنا في غزة في مواجهة الحصار الذي تفرض إسرائيل عليهم، وأوضح أن مصر سوف تستمر في حماية حدودها وتأمين سلامة أراضيها ونصرة الشعب الفلسطيني، إلا أنه أكد في نفس الوقت أن مصر مع ذلك لن تسمح أبدا بأي تجاوز علي حدودها مهما كانت الدوافع، ولن تقبل أي خروج علي أي قواعد تضعها مصر لتأمين الدخول إلي إقليمها أو الخروج منه وستنزل أشر عقاب على كل من تسول له نفسه الخروج علي هذه القواعد والتنظيمات. بدورها، رفضت حركة "حماس"، الاتهامات الموجهة إليها بالمسئولية عن سقوط الجندي المصري، واتهم سامي أبو زهري الناطق باسمها مصر "بمحاولة تضخيم أحداث يوم الأربعاء ومقتل الجندي المصري من قبل الإعلام الرسمي بهدف التغطية على الجدار الفولاذي الذي تبنيه مصر على الحدود وأحداث العريش الأخيرة". وقال في تصريحات لوكالة "معا" الفلسطينية، إن لدى حركته "معلومات تؤكد أن الجندي المصري أصيب بنيران مصرية انطلقت من الجانب المصري تستهدف شبانا فلسطينيين على الجهة الفلسطينية كانوا يتظاهرون على الحدود احتجاجا على قمع قوات الأمن المصرية لقافلة شريان الحياة 3 في مدينة العريش وهي في طريقها للقطاع فأصابته بطريق الخطأ". وصرح أبو زهري أن وزارة الداخلية التابعة لحكومة "حماس" تجري تحقيقات في ملابسات الحادث، مشددًا على أن نتائج التحقيق ستنشر بشكل رسمي حال الانتهاء منها عبر وسائل الإعلام المختلفة، وأضاف: "علينا أن لا ننسى أن هناك 35 مصابا فلسطينيا أصيبوا برصاص مصري من بينهم اثنان في حالة موت سريري نقلت كاميرات التلفزة صورهم". وحول الإجراءات المتخذة لتطويق الأزمة مع مصر، كشف أبو زهري عن اتصالات جرت بين مسئولين في "حماس" والمسئولين المصريين لتطويق الأزمة، "ولكن واضح أن العلاقة بين حماس والقاهرة بحاجة للقاء خاص ينظم أسس هذه العلاقة ويعالج التطورات الأخيرة التي بدأت ببناء مصر للجدار الفولاذي".