دفعت المنافسة بين شركات المحمول، بعض الكيانات إلى اللجوء إلى أساليب «ابتكارية» جديدة لتحفيز المشتركين على زيادة استخدام الشبكات، بجانب العروض الترويجية الخاصة بتخفيض تعريفة المكالمات، لتدخل السوق مرحلة جديدة من السياسة التجارية للشركات، بعد أن قفز بها المشتركون إلى مراحل متقدمة من التشبع. وطرحت إحدى الشركات فى الفترة الأخيرة حلا «ابتكاريا»، لتشجيع خدمات الرسائل «SMS»، عبر تنظيم مسابقة بين المشتركين، فى الوقت الذى تستمر فيه المنافسة على تخفيض تعريفة الاتصالات، خاصة لذات الشبكة الواحدة من أجل تحقيق إيرادات عبر زيادة معدلات الاستخدام. وقال عمرو موسى، الخبير فى مجال الاتصالات، إن فكر النموذج التجارى لشركات المحمول اختلف مؤخرا عن السنوات السابقة التى اعتمدت بشكل كبير على جذب العملاء الجدد. وأشار موسى إلى أنه بعد أن دخلت السوق بالفعل فى مراحل التشبع، أصبحت هناك حاجة ماسة إلى تغيير الفكر التجارى الذى تجسدت إحدى أدواته فى طرح عروض ترويجية عبر تخفيض تعريفة المكالمات التى وصلت إلى مستويات غير مسبوقة على مدار العام الحالى 2009، وذلك بعد أن أصبح جذب عملاء جدد غير ذى أهمية فى ظل حالة التشبع الحالية. وتجاوز مشتركو المحمول 53.5 مليون مشترك، حسب إحصاءات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات فى شهر سبتمبر الماضى. وأضاف موسى أنه أصبح لدى الشركات 3 آليات تمس اثنتان منها أكثر من 85% من مستخدمى المحمول، وهما: تشجيع التحدث بين المشتركين، والرسائل النصية SMS، أما الآلية الثالثة فتتعلق بتشجيع استخدام الإنترنت موبايل، الذى لايزال مقتصرا على شرائح محددة وفقا لطبيعة المجتمع المصرى، لكن يتوقع انتشاره مستقبلا. ولفت إلى أن هذه الآليات الثلاث ستشهد المزيد من الأدوات الابتكارية فى الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن إحدى الشركات طرحت مسابقة بين مشتركيها تتضمن أسئلة وأجوبة عبر الرسائل النصية لتشجيع هذا النموذج من الاتصالات المحمولة، وتحقيق إيرادات جيدة منه. وقال موسى إن ركنا رئيسيا من تغيير الفكر التجارى قائم على تشجيع المشتركين على زيادة استخدام الشبكات، وهو ما لا يمكن حدوثه إلا بتخفيض قيمة الدقيقة، الأمر الذى يحتمل معه دخول الشركات فى «صدام» مع الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، الذى شدد فى الفترة الأخيرة على ترك الساحة للشركات لطرح المزيد من العروض فى ظل المنافسة مع المصرية للاتصالات وشركة «اتصالات مصر». وقال مصدر مسؤول فى الشركة المصرية لخدمات التليفون المحمول إن العروض التى يتم طرحها لا تضر بالمنافسة فى السوق، مشيرا إلى سعى الشركة إلى تطوير أساليبها التجارية للحفاظ على عملائها وتحقيق الاستفادة لهم. وقدمت شركات المحمول الثلاث: «موبينيل» و«فودافون مصر» و«اتصالات مصر»، أسعاراً مخفضة للمكالمات خلال الأشهر الماضية، كما قامت بعض الشركات بتطبيق ما يعرف ب«الشبكة الواحدة» مع بعض الشركات العاملة إقليميا، ومنها موبينيل التى أطلقت قبل أسابيع مع شركة «زين للاتصالات المتنقلة» خدمة «الشبكة الواحدة»، بما يسمح بتوفير حرية التنقل والسفر عبر الحدود الجغرافية دون أى رسوم دولية، سواء لعملاء زين فى مصر أو عملاء موبينيل فى الدول التى تشغل فيها زين شبكات للمحمول. وبينما اتجهت شركات المحمول إلى تخفيض تعريفتها بشكل متوال على مدار العام الحالى، فإن ذلك فرض واقعا جديدا على السياسات التسعيرية للتعريفة، لاسيما أن الشركة المصرية للاتصالات، المشغل الوحيد للتليفون الثابت، بدأت مؤخرا هى الأخرى فى خفض سعر المكالمات مع «الموبايل» بشكل غير مسبوق. وقال الدكتور عمرو بدوى، الرئيس التنفيذى للجهاز القومى لتنظيم الاتصالات، فى تصريحات خاصة ل«المصرى اليوم» إن استمرار العروض طوال العام بشكل دائم أدى إلى تثبيت سعر المكالمة عند 19 قرشا للدقيقة فى المتوسط، مشيرا إلى أنه لم تعد هناك حاجة لصدور قرارات من جهاز تنظيم الاتصالات بأسعار المكالمات مثلما كان يحدث فى الماضى. وأكد بدوى أنه قبل دخول شركة اتصالات مصر إلى السوق كان الجهاز يتعامل مع العروض والأسعار بشكل مختلف عن الوضع الراهن، لافتا إلى أن المنافسة بين الشركات تفرض على الجهاز مرونة أكبر فى التعامل مع المحمول والثابت. وشهدت أسعار مكالمات الموبايل تحركات كثيرة منذ دخول خدمات المحمول مصر عام 1997، حيث كانت تتجاوز جنيهين عند انطلاقها ثم انخفضت إلى جنيه ونصف ثم 75 قرشا فى 2003 إلى أن وصلت إلى 40 قرشا وأخيرا 19 قرشا فى المتوسط.
