جاء حدث الانتهاء من ترميم وتطوير مقبرة العالم الجليل عبد الرحمن الكواكبي والتي زارها حلمي النمنم وزير الثقافة صباح اليوم ليلقي بظلاظه على مسيرة هذا العالم وريادته في مجال التنوير والنهضة الفكرية، تلك النهضة التنويرية التي يحتاجها المجتمع المصري في الوقت الحالي قبل أي وقت مدى حسب ما يشير به رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في معظم خطاباته التي تطرأ فيها إلى قضية تجديد الخطاب الديني، وتستعرض "البوابة نيوز" مسيرة الراحل عبد الرحمن الكواكبي الحافلة بالإنجاز الفكري وإثراء الحياة الثقافية المصرية بكتبه. وعبد الرحمن الكواكبي المولود عام 1855 يعتبر أحد رواد النهضة العربية ومفكريها في القرن التاسع عشر، وأحد مؤسسي الفكر القومي العربي، اشتهر بكتاب "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"، الذي يعد من أهم الكتب العربية في القرن التاسع عشر التي تناقش ظاهرة الاستبداد السياسي. عندما بلغ عبد الرحمن الكواكبي الثانية والعشرين من عمره، الْتحق كمحرر بجريدة "الفرات"، وكانت جريدة رسمية تصدر في حلب، ولكن إيمانه بالحرية وروح المقاومة لديه دفعته لأن يؤسس هو وزميله السيد هشام العطار أول جريدة رسمية عربية خالصة وهي جريدة "الشهباء"، ولم تستمر سوى خمسة عشر عددًا، حيث أغلقتها السلطات العثمانية بسبب المقالات النقدية اللاذعة الموجهة ضدها. وقد اشتغل الكواكبي بالعديد من الوظائف الرسمية، فكان كاتبًا فخريًا للجنة المعارف، ثم مُحرِّرًا للمقالات، ثم صار بعد ذلك مأمور الإجراءات، كما كان عضوًا فخريًا بلجنة القومسيون، وكذلك كان يشغل منصب عضو محكمة التجارة بولاية حلب، بالإضافة إلى توليه منصب رئيس البلدية. سافر الكواكبي إلى الهند والصين، وسواحل شرق آسيا وسواحل أفريقيا، كما سافر إلى مصر حيث لم تكن تحت السيطرة المباشرة للسلطان العثماني عبد الحميد، وذاع صيته هناك، وتتلمذ على يديه الكثيرون، وكان واحدًا من أشهر العلماء؛ وقد أمضى الكواكبي سنين حياته مُصْلِحًا وداعيةً إلى النهوض والتقدم بالأمة العربية ومقاومة الاستبداد العثماني، وهو الأمر الذي ربما ضاق به السلطان العثماني عبد الحميد الثاني ذرعًا. توفي في ظروف غريبة عام 1902، وقد زعم أقاربه أن عملاء للعثمانيين قد دسوا للكواكبي السم في فنجان القهوة، وهو أمر لم يتم التأكد منه. وياتي كتابه طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد ليشخص به الكاتب ما يسميه داء الاستبداد السياسي، ويصف أقبح أنواعه: استبداد الجهل على العلم واستبداد النفس على العقل حيث يقول: "أن خلق الله الإنسان حرّا، قائده العقل فكفر وأبى إلا أن يكون عبدًا قائده الجهل، ويرى أن المستبد فرد عاجز، لا حول له ولا قوة إلا بأعوانه أعداء العدل وأنصار الجور. وأن تراكم الثروات المفرطة، مولد للاستبداد، ومضر بأخلاق الأفراد. وأن الاستبداد أصل لكل فساد، فيجد أن الشورى الدستورية هي دواؤه".