"أشد مراتب الاستبداد هى حكومة الفرد المطلق، الوارث للعرش، القائد للجيش، الحائز على سلطة دينية".. هذه كلمات للمفكر العربى عبد الرحمن الكواكبي، فى كتابه "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"، وكأنها حية فى ذكرى وفاته. إنه عبد الرحمن أحمد بهائي محمد مسعود الكواكبي، الذي ولد عام 1855م، وتوفي في مثل هذا اليوم من العام 1902، و يرجع نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب. وبالرغم من ذكرى وفاته التي تعدت ال100 عام, يذكر للكواكبي أنه يعد أحد رواد النهضة العربية ومفكريها في القرن التاسع عشر، وأحد مؤسسي الفكر القومي العربي، وصاحب الكتاب الأشهر "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد"، الذي يعد من أهم الكتب العربية في القرن التاسع عشر التي تناقش ظاهرة الاستبداد السياسي.
ووصف الكواكبي في كتابه "طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" الحكومة المستبدة بأنها مستبدة في كل فروعها من المستبد الأعظم إلى الشرطي، إلى الفرّاش، إلى كنائس الشوارع، ولا يكون كل صنف إلا من أسفل أهل طبقته أخلاقًا لأن الأسافل لا يهمهم طبعًا الكرامة وحسن السمعة، إنما غاية مسعاهم أن يبرهنوا لمخدوهم بأنهم على شاكلته، وأنصار لدولته، وشرهون لأكل السقطات من أي كان ولو بشرا أم خنازير، آبائهم أم أعدائهم، وبهذا يأمنهم المستبد ويأمنونه فيشاركهم ويشاركونه. عندما بلغ عبد الرحمن الكواكبي الثانية والعشرين من عمره، الْتحق كمحرر بجريدة الفرات، وكانت جريدة رسمية تصدر بحلب، ولكن إيمانه بالحرية وروح المقاومة لديه دفعته لأن يؤسس هو وزميله السيد هشام العطار أول جريدة رسمية عربية خالصة وهى جريدة الشهباء، ولم تستمر سوى خمسة عشر عددًا، حيث أغلقتها السلطات العثمانية بسبب المقالات النقدية اللاذعة الموجهة ضدها. واستمر الكواكبي بالكتابة ضد السلطة التي كانت في نظره تمثل الاستبداد، وعندما لم يستطع تحمل ما وصل إليه الأمر من مضايقات من السلطة العثمانية في حلب، سافر الكواكبي إلى آسيا: الهند والصين وسواحل شرق آسيا وسواحل أفريقيا وإلى مصر حيث لم تكن تحت السيطرة المباشرة للسلطان عبد الحميد، وذاع صيته في مصر وتتلمذ على يديه الكثيرون وكان واحدا من أشهر العلماء. توفي في القاهرة متأثرًا بسم دس له في فنجان القهوة يوم الجمعة 13 يونيو 1902 ودفن عند جبل المقطم. رثاه كبار رجال الفكر والشعر والأدب في سوريا ومصر ونقش على قبره بيتان لحافظ إبراهيم: هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقى هنا خير مظلوم هنا خير كاتب قفوا وأقرؤوا أم الكتاب وسلموا عليه فهذا القبر قبر الكواكبى وقد أقيم مسجد كبير فى حي العجوزة بمحافظة الجيزة يحمل اسمه تخليدًا لذكراه.