محافظ الإسكندرية يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي (صور)    آخر تحديث لسعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري.. وصل لكام؟    «التضامن»: ضم فئات جديدة لمعاش تكافل وكرامة قبل نهاية سبتمبر المقبل    تفاصيل أعلى عائد على شهادات الادخار 2024 في مصر    البيت الأبيض: لا نريد احتلالا إسرائيليا لقطاع غزة    عاجل.. لحظة اغتيال القيادي بحماس شرحبيل السيد في قصف إسرائيلي    إحالة 12 متهما من جماعة الإخوان في تونس إلى القضاء بتهمة التآمر على أمن الدولة    رئيس مجلس الدولة: الانتخابات الحالية بداية جديدة للنادي    كرة يد.. الأهلي 26-25 الزمالك.. القمة الأولى في نهائي الدوري (فيديو)    طقس ال72 ساعة المقبلة.. «الأرصاد» تحذر من 3 ظواهر جوية    التصريح بدفن جثة تلميذ غرق بمياه النيل في سوهاج    شيرين تهنئ عادل إمام بعيد ميلاده: «أستاذ الكوميديا اللي علم الناس الضحك»    أشرف غريب يكتب: أحد العظماء الخمسة وإن اختلف عنهم عادل إمام.. نجم الشباك الأخير    الاستعدادات الأخيرة ل ريم سامي قبل حفل زفافها الليلة (صور)    النيابة تأمر بانتداب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق قرية «الحسامدة» في سوهاج    جداول قطارات المصيف من القاهرة للإسكندرية ومرسى مطروح - 12 صورة بمواعيد الرحلات وأرقام القطارت    وزير الاتصالات يبحث مع سفير التشيك تعزيز التعاون بمجالات التحول الرقمي    أوكرانيا تسعى جاهدة لوقف التوغل الروسي فى عمق جبهة خاركيف الجديدة    استمرار تراجع العملة النيجيرية رغم تدخل البنك المركزي    بعد غلق دام عامين.. الحياة تعود من جديد لمتحف كفافيس في الإسكندرية (صور)    طيران الاحتلال يغتال القيادي بحماس في لبنان شرحبيل السيد «أبو عمرو» بقصف مركبة    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    مدير إدارة المستشفيات بالشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى فاقوس    حسام موافي يوضح أعراض الإصابة بانسداد الشريان التاجي    توخيل يؤكد تمسكه بالرحيل عن بايرن ميونخ    "بموافقة السعودية والإمارات".. فيفا قد يتخذ قرارا بتعليق عضوية إسرائيل    بريطانيا تتهم روسيا بتزويد كوريا الشمالية بالنفط مقابل السلاح    4 وحدات للمحطة متوقع تنفيذها في 12 عاما.. انتهاء تركيب المستوى الأول لوعاء الاحتواء الداخلي لمفاعل الوحدة الأولى لمحطة الضبعة النووية    عمر الشناوي حفيد النجم الكبير كمال الشناوي في «واحد من الناس».. الأحد المقبل    عمرو يوسف يحتفل بتحقيق «شقو» 70 مليون جنيه    سوليفان يزور السعودية وإسرائيل بعد تعثر مفاوضات الهدنة في غزة    علماء الأزهر والأوقاف: أعلى الإسلام من شأن النفع العام    تاتيانا بوكان: سعيدة بالتجديد.. وسنقاتل في الموسم المقبل للتتويج بكل البطولات    "بسبب سلوكيات تتعارض مع قيم يوفنتوس".. إقالة أليجري من منصبه    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    الوضع الكارثى بكليات الحقوق    محافظ أسيوط ومساعد وزير الصحة يتفقدان موقع إنشاء مستشفى القوصية المركزي    رئيس جهاز دمياط الجديدة يستقبل لجنة تقييم مسابقة أفضل مدينة بالهيئة للعام الحالي    «تقدر في 10 أيام».. موعد مراجعات الثانوية العامة في مطروح    موعد عيد الأضحى المبارك 2024.. بدأ العد التنازلي ل وقفة عرفات    وزارة العمل تعلن عن 2772 فُرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة فى 9 مُحافظات    مساندة الخطيب تمنح الثقة    أحمد السقا: يوم ما أموت هموت قدام الكاميرا    فريق قسطرة القلب ب«الإسماعيلية الطبي» يحصد المركز الأول في مؤتمر بألمانيا    «المرض» يكتب النهاية في حياة المراسل أحمد نوير.. حزن رياضي وإعلامي    المقاومة الإسلامية في العراق تقصف هدفا إسرائيليا في إيلات بالطيران المسيّر    بالصور- التحفظ على 337 أسطوانة بوتاجاز لاستخدامها في غير أغراضها    قافلة دعوية مشتركة بين الأوقاف والإفتاء والأزهر الشريف بمساجد شمال سيناء    في اليوم العالمي ل«القاتل الصامت».. من هم الأشخاص الأكثر عُرضة للإصابة به ونصائح للتعامل معه؟    أوقاف دمياط تنظم 41 ندوة علمية فقهية لشرح مناسك الحج    إحباط تهريب راكب وزوجته مليون و129 ألف ريال سعودي بمطار برج العرب    الاتحاد العالمي للمواطن المصري: نحن على مسافة واحدة من الكيانات المصرية بالخارج    سعر جرام الذهب في مصر صباح الجمعة 17 مايو 2024    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    أحمد سليمان: "أشعر أن مصر كلها زملكاوية.. وهذا موقف التذاكر"    بعد حادثة سيدة "التجمع".. تعرف على عقوبات محاولة الخطف والاغتصاب والتهديد بالقتل    «الأرصاد»: ارتفاع درجات الحرارة اليوم.. والعظمى في القاهرة 35 مئوية    استشهاد شاب فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي شمال الضفة الغربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عصمت زين الدين ل"البوابة نيوز": مغامرات "ناصر" وخوف "السادات" وتلميع "مبارك" أجهضت الحلم النووي
نشر في البوابة يوم 04 - 09 - 2013


800x600
- الصراعات السياسية أفشلت محاولات امتلاكنا برنامجًا نوويًا
- تقارير رئيس “,”الطاقة الذرية“,” ضربت أول صفقة لبناء مفاعلين مع أمريكا
- الليثي عبد الناصر اضطهدني لأنني لم “,”أضرب تعظيم سلام“,”.. ومصر دولة ديكتاتورية تكره العلماء
أكد الدكتور عصمت زين الدين، المستشار النووي للرئيس جمال عبد الناصر، أن سياسات الأنظمة السياسية الأربع السابقة كانت السبب في القضاء على البرنامج النووي، وحلم امتلاك مفاعل لإنتاج الطاقة طوال أكثر من نصف قرن، موضحا أن مغامرات الرئيس عبد الناصر السياسية وتخوفات الرئيس أنور السادات والشو الإعلامي الذي كان يحلو لحسني مبارك وخليفت ه محمد مرسي، كانت أسباب رئيسية للقضاء على البرنامج النووي.
وقال زين الدين في حواره: إن الصراعات السياسية داخل هيئة الطاقة الذرية أجهضت المحاولات المصرية لامتلاك برنامج نووي، وأن التقارير السرية لرئيس هيئة الطاقة الذرية ضربت أول صفقة لبناء مفاعلين مع وستنجهاوس الأمريكية في مصر .
وإلى نص الحوا ر:
** في رأيك كيف أفاد أو أضر الرؤساء الأربعة عبد الناصر والسادات ومبارك ومرسي البرنامج النووي؟
البرنامج النووي لعبد الناصر كان مجرد طموح سياسي حاول أن يصنع من خلاله مجد شخصي، ولدولته، ولكنه فشل نتيجة لإرهاقه الخزانة المصرية في تجارب غير محسوبة، مثل وحدته مع سوريا ودخوله في حرب اليمن ووقوعه في فخ نكسة 1967، ولم يكن لإسرائيل أي دور ولم تكن قد امتلكت حتى مفاعل ديمونة، وفي السبعينيات فشل السادات في البدء في البرنامج النووي لأنه كان يخشى من سيطرة الشركات الأمريكية، ومبارك ومرسي وجهين لعملة واحدة فقد نظرا إلى البرنامج النووي على أنه “,”برستيج“,” علمي وشو إعلامي فقط.
** مصر بدأت مع دولة كالهند ولكنها تأخرت عنها، فما الذي فعلته لتخرج ببرنامجها بهذا الشكل ولم نفعله نحن ؟
أولا الهند دولة لها استراتيجية محددة المعالم، وعندما كنت في زيارة للهند منذ سنوات تأكدت من هذه الاستراتيجية بنفسي، فالهند تلك الدولة التي تخطت المليار نسمة فيها ديمقراطية وشفافية وحكومة مخلصة لشعبها، ودورها الديمقراطي يبدأ ويصب في العلم والتكنولوجيا مما جعلها في مصاف الدول العظمى من حيث الطاقة والسلاح النوويين والبرامج الإلكترونية والكومبيوتر، وعلى الرغم من أن مصر بدأت في يوم واحد عام 1955 مع الهند إلا أن مصر كانت نظام ديكتاتوري يكره العلماء ويحاصرهم ويجهضهم ولا يجعلهم في مجالس الإدارة أو يدخلهم في مصاف صنع القرار الذي لا يدخله سوى المنافقين والجهل ة.
** هل هناك علاقة بين النظام السياسي وتطور العلم ؟
بالطبع علاقة وطيدة، وهذا ما نسميه الآن التناقض الرئيسي في العمل العام، فلا يمكن التعايش أبدا بين الديكتاتورية والعلماء، فالعلماء لا يعترفون سوى بالحق والشرف، والنظام الديكتاتوري الذي نعيش فيه منذ خمسين عاما قائم على الخداع والنفاق وإرهاب الشعب وحصار العلماء، وكنت أول من تعرض لهذا الحصار عندما وضعني النظام في السجن أكثر من مرة في 1968 و 1977 و 1981، ووضعوني في زنزانة الإعدام وحلقوا شعري ونمت على الأسفلت ولبست زي السجناء بعد أن نزعوا مني بالطو العلم، وعندما يأسوا مني طردوني من مص ر.
** هل كان لك توجهًا سياسيًا معينًا لهذا تم القبض عليك ؟
مقاطعا.. أنا لست حزبيا ولا أصلح للعمل السياسي، ولكنني أتحمل مسئوليتي كأستاذ جامعي، فأستاذ الجامعة مثل رجل الدين ورجل القضاء، أينما ذهب الحق سار وراءه، وإذا كان أستاذ الجامعة لن يدافع عن المجتمع وعن الجامعة والمستقبل فمن سيدافع عنه، وهذا لا يعني أن لدي أي ميول سياسية، لأن السياسة للأسف لعبة لا أخلاقية لا أصلح له ا.
** ربطت بين النظام السياسي ونمو العلم، على الرغم من وجود دول مثل إيران وكولومبيا أنظمتها السياسية أكثر ديكتاتورية منا ومع ذلك دول متقدمة ؟
من قال أن النظام الإيراني نظام ديكتاتوري، الشعب الإيراني يحب النظام الإيراني وهذا يكفي، وإلا ما كانت إيران تستطيع أن تقف في وجه أمريكا، ومصر لا تستطيع أن تقف أمام أمريكا وإسرائيل، لأن نظامها لا يستجدي الشعب، فالنظام المصري يقف بين شقي الرحى، الشعب المصري من جهة وأمريكا وإسرائيل من جهة أخر ى.
** متى بدأت حكايتك مع علوم الذرة، وكيف جاءت لك فكرة إنشاء قسم الهندسة النووية؟
بعد تخرجي من جامعة الإسكندرية بكلية الهندسة عام 1948، ذهبت إلى لندن للقيام بأبحاث الفيزياء والمواد وتأثير الإشعاعات عليها وبالفعل حصلت على الدكتوراة في هذا المجال، وفي عام 1952 أرادت جامعة لندن إنشاء أول قسم هندسة نووية بإنجلترا، فاختارت اثنين من زملائي في الدراسة وهما “,”ماسي فيلد “,” و“,”هوتيست يو“,” وكلفوهما بإنشاء هذا القسم، وكانا نفس تخصصي، وبدءا في إنشاء أول مفاعل نووي، وكنت أتابع معهما، وعرفت كيف يبنى المفاعل، ولم يكن واردًا لي أني سأتجه لإنشاء قسم هندسة نووية، ولكن عندما انتهيت عام 1959 اتخذت قراراً بإدخال إنتاج الطاقة النووية في الكورس الذي أقوم بتدريسه، وخلال عامي 1960 و1961 سعيت إلى تأهيل نفسي لاتجاهات الطاقة النووية، وعملت في ثلاث مواقع منها المركز النووي لشركات الطاقة بنيوكاسيل، وأبلغني زميلاي الإنجليزيان أن هيئة الطاقة الذرية البريطانية اختارت مجموعة من شباب أساتذة الجامعات البريطانية لتأهيلهم لدورات تدريب ودراسات وإنني سأكون ضمن هذه المجموعة التي تتكون من 20 شابا بالجامعات البريطانية، وأخذت تصورًا كاملاً عن القياسات النووية والتحكم النووي، وبالمصادفة حضر الدكتور عبد السميع مصطفى عميد القسم إلى لندن وتقابلت معه ولقط الفكرة، وقال لي “,”سنعمل قسم هندسة نووية“,”، فعدت للإسكندرية وتوليت هذه المهم ة
**هل كنت مؤهلًا لإنشاء هذا القسم الجديد في مصر ؟
هذا صحيح، فقد تم تدريبي تدريبًا جيدا في المركز النووي لشركات الطاقة بمانشستر، وتدربت على الفيزياء النووية داخل هيئة الطاقة الذرية البريطانية، ودخلت المفاعلات الثلاث الموجودين في لندن، فقد كنت على أتم الاستعداد، ويكفي أن علماء الهندسة النووية في جامعة لندن عرضوا على عروض مغرية لاستمر في بريطانيا وقالوا لي بالحرف “,”ماذا ستفعل في مصر.. لن تجد هناك أبحاث أو دوريات أو تمويل“,”، ولكنني رفضت وبمجرد عودتي لمصر عام 1964 كنت محمل بأمل إدخال العلوم النووية في الجامعات المصرية، وكان يساعدني في هذا الاتجاة أحد العباقرة المصريين وهو الدكتور عبد السميع مصطفى، أستاذ علم الإلكترونيات والاتصالات وكان أستاذ ي.
** وكيف تم اختيارك مستشارا للطاقة النووية للرئيس جمال عبد الناصر ؟
كنت قد أنشأت قسم الهندسة النووية في كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية وتوليت رئاسته وقدمت عام 1966 أول دراسة لتشغيل محطة كهرباء السد العالي، وأول برنامج نووي للطاقة في مصر عن كيفية عمل محطات نووية وتحديد أماكنها، وعندما حضر الرئيس “,”عبد الناصر“,” اللقاء الثاني لنادي هيئة تدريس جامعة الإسكندرية، ومن باب الزهو أعلن رئيس الجامعة عن هذه الدراسات، بعدها بأسبوعين تلقيت خطابًا من رئاسة الجمهورية بانتدابي كمستشار في المكتب الاستشاري للبحث العلمي لتخصص الطاقة النووية في رئاسة الجمهورية برئاسة اللواء صلاح هداي ت.
** عبد الناصر كان يؤمن بالطاقة النووية لهذه الدرجة ؟
كان يؤمن بمسألة الطاقة النووية جدا رغم أنه لم ينجح في إخراجه إلى النور مثلما فعل رئيس وزراء الهند “,”نهرو“,”، لذلك أنشأ المكتب الاستشاري لتخصص الطاقة النووية والسلاح الاستراتيجي، وجعلني في هذا المكتب، وكانت تقاريرنا أنا واللواء صلاح هدايت مدير المكتب الاستشاري للبحث العلمي تصب في مكتب سامي شرف مدير مكتب عبد الناصر، وكان اتصالي بهيئة الطاقة الذرية والكوادر المصرية يفيدني في هذا المنص ب.
** من رشحك لهذا المنصب داخل رئاسة الجمهورية؟
لم يكن ترشيح بقدر ما كانت تقارير متميزة كتبها البعض عني، ففي عام 1966 قمت بدراستي عن السد العالي واستراتيجية الطاقة في مصر، وكان عبد الناصر قد اعتاد أن يلتقي يوم 26 يوليو من كل عام بأعضاء نادي هيئة التدريس اعترافا منه أن جامعة الإسكندرية كانت أول جامعة تؤيد الثورة، وكان رئيس الجامعة الدكتور حسن بغدادي يريد أن يبيع بضاعته فأشاد في خطبته بدراستي، والغريب أن المخابرات العامة ومباحث أمن الدولة كانت تتابع أعمالي، وفي تقديري أن “,” ولاد حتتي.. وخريجي مدرسة العباسية الثانوية العسكرية“,” اللواء ممدوح سالم مدير مباحث امن الدولة في الإسكندرية واللواء سيد فهمي وكيل مكتب مباحث أمن الدولة قاموا بتذكيتي من خلال الإشادة في التقارير التي خرجت لعبد الناصر، حتى وصلني خطابا رسميا من رئاسة الجمهورية بانتدابي للمكتب الاستشاري لعبد الناصر وبالفعل استلمت عملي بعدها بيومي ن.
** ألم تقابل عبد الناصر ؟
لا بالطبع لم أقابله شخصيا، واعتقد أن أي منا لم يقابله على الإطلاق، سوي في احتفال 26 يولي و.
** معنى ذلك أن مستشاريه في المكتب لم يقابلوه على الإطلاق ؟
ولا حتى في اجتماع رسمي، مسموح لنا فقط أن نكتب تقارير رسمية ونرسلها لسامي شرف مدير مكتب ه.
** وما هي طبيعة عملك في المكتب الاستشاري ؟
متابعة الدراسات والأبحاث والنشاطات النووية في مصر والعالم، ودراسة ما يجب أن يكون، والأهم تخريج دفعة سنه 1967 من عباقرة البرنامج النووي المصري الذين فقدناه م.
** رغم وجودك في المكتب الاستشاري لرئيس الجمهورية دخلت في صراع مع عبد الناصر ؟
لم أكن السبب في هذا الصراع، والصراع جاء من خارج المكتب الاستشاري، جاء من هيئة الطاقة الذرية، فعندما توليت رئاسة القسم تساءل الكثيرون كيف يتولى “,” عصمت“,” الذي لا ينتمي إلى التنظيم الطليعي إنشاء قسم خطير مثل هذا، وأول أهدافه تجهيز كوادر لتصنيع سلاح نووي، ولم يكن ذلك معلنًا لكن الطلاب كانوا يعرفون، فواجهت صراعًا عنيفًا من الدكتور إبراهيم العبد الذي كانت له سلطة سياسية رهيبة في الجامعة حيث كان يعمل في أحد الأجهزة الأمنية الخطير ة.
** وما دخل هيئة الطاقة الذرية في هذا الصراع ؟
رئيس الهيئة الدكتور عبد المعبود الجبيلي كان عضو التنظيم السري الذي كان قمته الرئيس عبد الناصر وشعراوي جمعة وعلي صبري بالإضافة إلى مجموعة أخرى منهم عبد المعبود الجبيلي الذي رفض أن يكون هناك قسم للهندسة النووية في جامعة الإسكندرية حتى لا ينافس هيئة الطاقة الذرية، وبالفعل تآمر على أول دفعة تخرجت من القسم عام 1967، الدفعة كانت تضم 40 خريج بينهم 32 حاصل على درجة الامتياز، وكنا نعتقد أنه سيترك لنا خمسة طلاب ليتم تعينهم معيدين ويأخذ الباقي للعمل داخل الهيئة، ولكنه لم يفعل ذلك، فكلف ثلاثة خريجين بالعمل بالهيئة وترك 37 خريج بدون أي عمل ولن تقبلهم أي مؤسسة لإحراق القس م.
** وماذا فعلت لتمنع هذا ؟
في الحقيقة لولا وجودي داخل مكتب رئاسة الجمهورية لما استطعت أن أواجه هذه الكارثة، فقمت باتصالات مباشرة بالتعاون مع اللواء صلاح هدايت، وبعدها فوجئت بتعيين 32 خريج جديد داخل هيئة الطاقة الذرية، في تحد صريح ومباشر مع أحد كبار التنظيم السر ي.
** لماذا هذا العداء الغريب بين الجبيلي والقسم؟
السبب هو أن القسم النووي له ميزتين، أولا هو القسم الوحيد الذي يدرس فيه جميع تخصصات الهندسة النووية المتكاملة، فقسم العلوم يدرس الفيزياء والكيمياء النووية، وقسم الحاسبات يدرس الحاسبات والفلزات، والكهرباء يدرس الطاقة والتحكم بعكس قسم الهندسة النووية شامل ويخرج مهندس نووي متكامل، بالإضافة إلى أنني تعبت كثيرا من أجل اختيار هذه الدفعة من وسط عالم شديد التخلف في المجال النووي، والغريب أن كل رؤساء الهيئات والمؤسسات النووية في مصر ليس لهم علاقة بالمجال النووي فكيف سيقبلون خريجي لهندسة النووية، رغم إنني كنت أجهزهم كهدف استراتيجي ليكون لديهم القدرة الكاملة لتنفيذ البرنامج النووي السلمي والعسكري، بالإضافة إلى مساهمتهم في مكافحة التخلف النوو ي.
** لهذا وضعت معايير لاختيارهم ؟
بالطبع، كان يجب أن يتم الاختيار على أسس غير طبيعية للحصول على طالب غير عادي، فقد تقدم لي أكثر من 500 طالب من إعدادي هندسة، ولكنني لم أوافق سوى على 40 طالب فقط يشكلون “,”كريمة الطلاب“,”، والحقيقة أن ذكاء وكفاح الجيل الأول من الطلبة كان أحد الدعائم الرئيسية للنجاح بهذا القسم، فكانوا على مستوى عال من الذكاء والقدرة وتحملوا دراسة منهج في مجتمع لا يوجد به أستاذ هندسة نووية، فحتى أوفر لهم الأساتذة قمت بانتداب بعض الأساتذة من كليات العلوم وهيئة الطاقة الذري ة.
** وكيف تم إعداد هيئة الطلاب في القسم بدون أستاذ نووي ؟
لقد كان جدول الدراسة يوم الاثنين من كل أسبوع من الساعة العاشرة صباحا حتى الساعة الثانية ظهرا، لجميع طلاب كلية الهندسة بجامعة الإسكندرية، وعبارة عن حوار فكري ويجتمع جميع الطلاب في القسم وجميع الأساتذة المنتدبين والمعنيين والمعيدين ورئيس القسم في دائرة، ونبدأ في حوار قائم على النقد والنقد الذاتي بدء من رئيس القسم حتى الطلاب، ثم ندخل في مناقشة القضايا العامة والتكنولوجيا النووية وأبعادها ودورها المستقبلي، والجامعة ودورها في بناء المجتمع، وهذا التكوين كان له تأثير كبير في تشكيل شخصية الطالب، وكانت كل فرقة تنتخب مقرر ومساعد مقرر ليتولوا الشئون العلمية والنشاط الخاص بكل شئون القسم، ويقومون بوضع جدول الدراسة وجدول الامتحانات ونظام المكتبة، وعندما يثبت أن هناك أستاذ غير قادر على أداء عمله لا نتردد في إلغاء انتداب ه.
** ألم تواجهك أية مشاكل في إدارة هذه الدفعة؟
من قال هذا.. لقد بدأت المشاكل الحقيقية بمجرد انتهاء مرحلة الفرقة الثانية، فالفرقة الثالثة والرابعة تبدأ بمرحلة التخصص الدقيق، والجامعة ليس بها أي أستاذ واحد متخصص، فاضطررت للاستعانة بأساتذة أقرب ما يكون من التخصص، وهنا حدثت المفاجأة الكبرى، فقد قام صراع سياسي ضخم بيني وبين التنظيم السري المسيطر على الجامعة، فالجامعات المصرية لم يكن بها عميد جامعة حقيقي، بل عمداء مجرد ديكور أو شكل، والمتحكم الحقيقي في الجامعة هو التنظيم السري، والغريب أن رئيس جامعة الإسكندرية كان من أعضاء التنظيم السري وهو الدكتور إبراهيم العبد، الذي اشتد بيني وبينه صراعا عنيفا بدأ عام 1964، ولكنه ظل تحت الرماد حتى انفجر عام 1966، وبالفعل قام الدكتور إبراهيم العبد بإرسال مذكرة رسمية ضدي إلى الرئيس عبد الناصر ليحرقني كأستاذ ويحرق قسمي، فذهبت إلى نجيب شقير لإنقاذ نفسي، ولكنها جاءت فرصة لي لأنقذ قسم الهندسة ولتتحقق مطالب ي.
** وماذا طلبت منه ؟
قلت له “,”قسم الهندسة النووية في إسرائيل ولا مصر“,”، فقال “,”في مصر“,”، فقلت له “,” لماذا يحاصرونني إذاً ويكتبون في خطابات ومذكرات ضدي.. ولم يعطوني حتى جنيها واحدا من ميزانية إنشاء القسم.. وأقسم بالله، القسم لا يوجد به معمل واحد ولا حتى أساتذة.. ويطالبوني بتأجيل القسم عشر سنوات.. وأنا أعلم جيدا أن إسرائيل تسير في هذا المشروع بشكل جدي“,”، فسألني “,”ماذا تريد؟!“,”، فقلت له “,” عايز حاجتين.. أولا معمل وفريق عمل.. وثانيا اجعل هيئة الطاقة الذرية تحت أمري“,” فوافق بل وأعطاني مبلغ 10 آلاف دولار لإنشاء أول مكتبة علمية متكاملة في جامعة الإسكندرية فيها أمهات الكتب العلمية، وقد قابلت نجيب شقير فيما بعد في الكويت مع مفيد شهاب، وأذكر أن مفيد شهاب قال لشقير “,”عصمت كان أول شخص ينادي بالديمقراطية في مص ر.
** ألم تعمل معهم في منظمة الشباب؟
هذا صحيح.. فقد فوجئت في 1964 بخطاب انتدابي في منظمة الشباب، فقد كنت مؤمن ومقتنع بعبد الناصر، وعندما دخلت منظمة الشباب مع حسن كامل بهاء الدين وعبد الأحد جمال الدين ومفيد شهاب، شاهدت من الوضع السياسي من داخل المطبخ، وجدت فسادا في الانتخابات والتزوير الحقيقي رغم إنني نجحت في هذه الانتخابات لأن دوري جاء لذلك، وقد واجهت حرب ضروس من الفساد الانتخابي الذي بدأ يتشكل في مصر منذ عام 1958، وبعد أن أصبحت مقرر شباب وضعوني في “,” البلاك ليس ت“,”.
** ولماذا ؟
لأنني عملت بجدية بعد انتخابي في منظمة الشباب، وكان يحكم الإسكندرية شخصيتان مهمتان، هما الليثي عبد الناصر أخو جمال عبد الناصر ورئيس التنظيم السري في الإسكندرية، وشوقي عبد الناصر مسئول الشباب، وكانوا يريدون الولاء وتعظيم السلام، وعندما وجدوا مدرس صغير مثلي دخل التنظيم بالانتخاب ويمشي بإرادته دون أن يستشيرهم وضعوه في “,”البلاك ليس ت“,”.
** ولماذا لم توصل صوتك لعبد الناصر من خلال سامي شرف ؟
لا، لم يحدث هذا على الإطلاق، فلم يكن هناك أي مجال لذلك لأن كل صلتنا بعبد الناصر مدير مكتبه فقط، كما أنني بعد دخولي منظمة الشباب اكتشفت مدى الديكتاتورية التي تسير بها مصر، فقد كنت اعتقد أن عبد الناصر بعيدا عن هذا الانحراف والفساد السياسي، ولكنني اكتشفت العكس تماما، حتى أن الليثي عبد الناصر عندما أراد استقطابي أخذني معه لحضور مؤتمرات الاتحاد القومي التي يحضرها عبد الناصر، وفي إحدى المرات عندما كنت أقف بجوار وزارة الأوقاف، وكان عبد الناصر غاضب من وزير الأوقاف الباقوري، فنظر إلي الليثي وأشار إلى مكتبه قائلا “,”أتعلم لمن هذا المكتب“,” فسألته “,”لمن يا ريس“,”، قال جملة قذرة جدا في حق الباقوري فعرفت يومها أن هذا أسلوبهم للقضاء على كل من يقف في طريقه م.
** نعود مرة ثانية إلى صراعك مع عبد الناصر كيف بدأ؟
الحقيقة أن الصراع داخل جامعة الإسكندرية بدأ في التوسع وشمل الجامعة كلها، وعلى الأخص الصراع بين الجبهتين، الجبهة الأولى متمثلة في عملاء المباحث العامة والتنظيم السري، والجبهة الثانية متمثلة في منظمة الشباب التي ضمت شباب أرادوا بالفعل الإصلاح، وبعد هزيمة 1967 اكتشفنا كل المفاسد بعد حرق نظام عبد الناصر، وبدأت في 1968 بعض المظاهرات لمحاكمة ضباط الطيران بعيدا عن محاكمات مارس الكاذبة، وفي نوفمبر 1968 قامت حركة داخل الجامعة عبارة عن اعتصام مفتوح للتغير الديمقراطي وتحدي عبد الناصر وهتافات بسقوط عبد الناصر واستمرت 3 أيام وامتدت لأحياء الإسكندرية وشوارعها بالإضافة إلى ستة آلاف معتصم داخل الحرم الجامع ي.
** هذه الحركة أقلقت عبد الناصر؟
بالطبع.. ويكفي أن عبد الناصر اضطر للجوء إلى فرقة صاعقة ووضعها في استاد الإسكندرية للهجوم على كلية الهندسة في الظلام، رغم إنني شكلت لجنة لإدارة الاعتصام حتى لا تخرج عن الص ف.
** عبد الناصر كان سيضرب طلاب وأساتذة كلية الهندسة..؟
مقاطعا.. هذا صحيح وعندما علمت بذلك ذهبت إلى محافظ الإسكندرية أحمد كامل وكان ضابط مخابرات سابق وقلت له “,”أقسم بالله لو الصاعقة هاجمت كلية الهندسة ستحدث مجزرة بين الطلاب والعساكر.. أرجوك نحن أحرص الناس على أن تتم العملية بطريقة سلمية“,”، فاتصل المحافظ بعبد الناصر أمامي وحدث اتصال لأول مرة في حياتي بيني وبين عبد الناصر من خلال المحافظ، وكانت أول جملة قالها عبد الناصر لمحافظ الإسكندرية “,”إية يعني لو نقفل الجامعات 3 سنوات .. على العموم النهاردة مفيش هجوم“,”، ولكن في اليوم الثاني اشتعل الموقف بشكل أكب ر.
** لم يف عبد الناصر بوعده للمحافظ؟
هذا صحيح للأسف.. والغريب إنني قرأت في مذكرات قائد الطيران المصري في الإسكندرية أن عبد الناصر قال له “,”إضرب كلية الهندسة بالقنابل“,” فرد عليه “,” كيف أضرب أساتذة وطلاب بالطيران“,”، فقال له عبد الناصر “,”عصمت زين الدين عايز يشيلني من الحك م“,”.
** وماذا حدث في اليوم الثاني لوعد عبد الناصر؟
تقصد يوم الاثنين الأسود، هاجمت بالفعل الطائرات كلية الهندسة ولكن بالقنابل المسيلة للدموع، ووقعت إصابات وحالات قتل بين الطلاب والأساتذة، فاضطرب الشارع السكندري ودبت الحرائق وانتشرت أعمال التخريب، وهذا لم يكن بفعل الشارع السكندري ولكنه نتيجة تآمر عملاء المباحث ليعطوا لعبد الناصر دافع لنزول الجيش للشارع، رغم إننا أعلنا وقف الاعتصام حفاظا على الإسكندرية لأننا رفضنا عمليات التخري ب.
** وهذا الوقف لم يشفع لك عند عبد الناصر؟
هذا صحيح.. فمساء ذلك اليوم تم القبض عليَّ أنا و 500 شخصا بينهم 480 من منظمة الشباب، ودخلت السجن لمدة عام كامل لا أعلم لماذا تم اعتقالي، غير أن عبد الناصر قد أطلق علينا مصطلح “,”القوى المضادة“,” وكان يقصد نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة الإسكندرية صاحب الدور التاريخي في حركة التغيير، ويكفي أن جامعة شيكاغو قامت بأكبر دراسة عنها تحت اسم “,”دور المثقفين في التحول الديمقراط ي“,”.
** واعتقد أن هذا كله يكشف لنا لماذا لم ينجح البرنامج النووي المصري؟ ولماذا نجح في الهند؟
هذا صحيح، فعبد الناصر كان يحمل في داخله وفي طياته كل أسباب فشله، لاعتماده على التنظيم السري باعتباره أهل الثقة، بينما أهل الخبرة ليس لهم أي كلمة، وعندما تنظر إلى هيئة الطاقة الذرية ستجدها ابتدعت منذ البداية فكرة التآمر والفساد، ويكفي أن الجبيلي رئيس الهيئة اعتلى الهيئة بعد أن دبر مؤامرة ضد رئيسه الدكتور هدايت ليستولي على مكانه، رغم أن صلاح هدايت نجح بالفعل في إبرام اتفاقية مع شركة “,”وستنجهاوس“,” الأمريكية لبناء مفاعلين، الأول بقدرة 150 ميجاوات بتكلفة 150 مليون دولار والثاني بقدرة 40 ميجاوات لأبحاث اليورانيوم الطبيعي بتكلفة 30 مليون دولار وظيفته الأساسية توليد البلوتونيوم سنة 196 4.
** وماذا عن خليفة عبد الناصر؟ هل كان السادات يسير على نفس الدرب؟
بداية معرفتي بالسادات تؤكد على أنه يسير على نفس الدرب، فقد كان الوسيط بيني وبين عبد الناصر عندما كنت في السجن، وكان يجتمع مع أساتذة الجامعة في منزل الدكتور هاشم نصار والدكتور أحمد السيد درويش رئيس نادي أعضاء هيئة تدريس جامعة الإسكندرية، وقالوا للسادات “,”لن يعود الاستقرار إلى جامعة الإسكندرية إلا بعد خروج عصمت من السجن، والسادات قال لعبد الناصر في مستشفى المواساة وفي حضور عصمت عبد المجيد والدكتور أحمد السيد درويش “,” ماذا فعل عصمت غير الكلام يا ريس“,” فرد علية عبد الناصر “,”الكلام يا أنور بيعمل دوشة.. آلا تذكر عزيز المصري عندما تكلم قمنا بثورة وعصمت زين الدين بيعمل كدة“,”، وانتهت نتيجة توسط السادات بخروجي من مصر واستقراري في سوريا التي اختارها عبد الناصر لان نظامها ديكتاتوري وتحت يد ه.
Normal
0
false
false
false
EN-US
X-NONE
AR-SA
MicrosoftInternetExplorer4


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.