المستهلك والإعلان علاقتهما تستحق التأمل فما يبدو منها يكاد يكون مفهوما وواضحا فالإعلانات هي الوسيلة لترغيب المستهلك في الشراء بل ودفعه إليه.. وأصحاب الإعلانات والعاملون في مجال الإعلان أطراف متعددة تشمل: 1- المنتج أو البائع الذي يقوم بالإعلان عن بضاعته سواء كانت سلعة أو خدمة. 2- كما تشمل الوسيلة التي يتم الإعلان فيها من صحف ومجلات ومحطات تليفزيون أو إذاعة أو لوحات بالطرق أو الإعلانات علي شاشات السينما أو الانترنت أو حتي الرسائل من خلال التليفون المحمول إلي غيرها من الوسائل التي تعددت وتنوعت. 3- كما تشمل وكالات الإعلان التي تقوم بتخطيط وتنفيذ الحملات الإعلانية لحساب العملاء والتي يعمل لديها فريق من الخبراء من مصممين للإعلانات ومقدمين للأفكار المبتكرة في هذا المجال ومخرجين ومنتجين وغيرهم الكثير ما نريد قوله إن عالم الإعلانات عالم فسيح ورحب ومتعدد الأطراف. وقد أصبح الإعلان والترويج علما له أصوله وفنا أيضا له دروبه.. ولم يعد الإعلان كإحدي أهم أدوات التسويق يقتصر علي المجالات التقليدية من سلع وخدمات بل امتد إلي أنشطة ومجالات جديدة مثل التسويق السياسي الذي يهتم بالترويج والتسويق لحزب معين أو مرشح معين أو برنامج معين.. ولم يقف الأمر عند هذا الأمر أيضا ولكنه امتد للتسويق لبلد معين أو منطقة معينة.. إلي الدرجة التي أصبح البعض معها يرون أن العالم الذي نعيش فيه يحيط به من كل جوانبه الإعلان والترويج فنحن طوال الوقت نعلن عن أفكارنا أو آرائنا أو أنشطتنا سلعية كانت أم خدمية وكذلك الشركات وأيضا الدول والمجتمعات.. لقد أصبح الإعلان والترويج عملية موجودة في كل الأشياء وعلي كل المستويات من الأفراد إلي الشركات إلي الحكومات إلي الدول والمجتمعات. وقد تفنن المعلنون والقائمون علي أمر الإعلان والدعاية في إخراج أعمالهم حتي أصبحنا نري الأطفال والكبار وفئات المجتمع علي اختلاف مستوياتهم الثقافية والاجتماعية منبهرين بالإعلانات.. وأصبح المستهلك مطاردا بالاعلانات في الشارع في وسائل الإعلام المختلفة وحتي علي الأتوبيسات والترام والمترو.. أينما وقعت عيناه سيصطدم بإعلان وحينما ألقي السمع فسيأتيه إعلان أصبح الإعلان بعالمه وفنونه ووسائله يحيط بالمستهلك أينما أقام أو رحل. والإعلان كما أنه وسيلة لا غني عنها لتعريف المستهلك وجذبه إلي الشراء فإنه قد يكون مضللا.. والتضليل قد يدفع المستهلك إلي شراء سلع أو خدمات لا يتوافر لها أو بها ما تقول به الإعلانات عنها.. والسؤال هل هناك دور لجهاز حماية المستهلك في هذا الشأن خوله القانون للقيام به. أيها السادة لقد ضج شاعر العامية المبدع بيرم التونسي بالأغاني ولم تكن علي وقته مثلما هي الآن وقال "يا أهل المغني دمغنا وجعنا دقيقة سكوت لله". ونحن قد تصدعت أدمغتنا من إعلانات المحمول وغير المحمول ليل نهار وفي مختلف وسائل الإعلام والإعلان ولم يعد لنا فكاك من ذلك.. ولكن من الذي يمكن أن يحمينا من الإعلانات الكاذبة أو الخادعة أو المضللة. قرأت هذا الاسبوع في احدي الصحف أن وزارة التجارة والصناعة تعتزم البدء في إعداد مشروع قانون لإنشاء جهاز لمراقبة الإعلانات التجارية بهدف حماية المستهلك من الإعلانات المضللة علي أن يقوم الجهاز بوضع ضوابط لتنظيم صناعة الاعلانات وذلك يأتي في إطار استكمال منظومة حماية المستهلك والتي تشمل جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية حماية للمستهلك.. وسيكون جهاز مراقبة الإعلانات كما صرح وزير التجارة والصناعة علي نسق الأجهزة المماثلة في دول الاتحاد الأوروبي. وأضاف الوزير رشيد محمد رشيد أنه سيتم عرض مشروع قانون إنشاء جهاز مراقبة الإعلانات علي الجهات المختصة وخبراء الإعلان ومنظمات الأعمال قبل إصداره وسيكون من مهام ذلك الجهاز إعداد التشريعات اللازمة ووضع الشروط والضوابط لمنع الإعلانات المضللة والخادعة في جميع أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة. وتقوم وزارة التجارة والصناعة من خلال أجهزتها المختصة بدراسة الضوابط اللازمة لتنظيم هذا الأمر ومن المقترح أن تخضع إعلانات الفضائيات التي تعمل في مصر بتراخيص داخل المناطق الحرة لرقابة الجهاز، أما الفضائيات التي تبث من الخارج فسيقوم الجهاز بمتابعة إعلاناتها وفي حالة وجود أية إعلانات مضللة سيتولي الجهاز تحذير المواطنين من التعامل معها وذلك من خلال أجهزة ووسائل الإعلام المصرية. وقد عقدت عدة لقاءات داخل وزارة التجارة والصناعة كما عقد اجتماع مع السيد كريستوفر اجراهام رئيس هيئة معايير الإعلان البريطانية للتعرف علي آليات عمل الهيئة البريطانية المسند إليها مراقبة الإعلانات.. كما أنه من الأدوات المقترحة في هذا الصدد إنشاء كيانات مثل النقابات المهنية لوكالات الإعلانات لتشارك في تحمل المسئولية مع الجهاز في التصدي للإعلانات المضللة والخادعة. عزيزي المستهلك نحن مقبلون علي ما يبدو تجاه عالم مختلف في دنيا الإعلانات نُبعد عنه علي قدر ما نستطيع التضليل والخداع وهذا أمر يهم المجتمع بأسره وليس المستهلك فقط.. يهم المنتج الشريف والتاجر الشريف وكل الأطراف مجتمعة.. ونرجو أن يأتي ذلك في إطار منظومة متكاملة لضبط الأسواق سواء كانت أسواق السلع والخدمات أو أسواق الإعلانات أو حتي سوق الإعلام.