حماية المستهلك تعبير سائد علي المستوي المحلي والدولي. وعلي نفس المستويين ايضا هناك منظمات وجمعيات كثيرة باسم حماية المستهلك, والواقع الفعلي أن حماية الجودة هي أكبر ضمانات وآليات حماية المستهلك لانه بإفتقاد الجودة لا يكون لحماية المستهلك مدلول فعلي. فكيف نحميه في غياب الجودة لأن فاقد الشئ لا يعطيه من ذلك يمكن القول أن حماية الجودة أسبق علي حماية المستهلك وهي المحتوي الذي يضم كل احتياجاته. والدولة مسئولة عن البنية الأساسية للجودة والارتقاء بجودة السلع والمنتجات والخدمات وهو ما تفعله الآن من خلال عديد من البرامج في جميع القطاعات الصناعية والخدمية في التعليم وفي الصحة, ومن هذه البرامج المهمة لقطاع الصناعة البرنامج القومي للجودة الذي تنفذه وزارة التجارة والصناعة في إطار برنامج تحديث الصناعة. والدولة أيضا مسئولة عن حماية المستهلك من أي ممارسات تتعلق بحقوقه. ولأن الدولة ملتزمة بتوفير مقومات الجودة في كل هذه القطاعات فإن المستهلك مسئول وملتزم أيضا بحماية الجودة التي تحققها الدولة برفض الردئ من السلع والخدمات بشكل بات بما يغلق الباب علي صناعة هذا الردئ. ومن منطلق إلتزام الدولة بحماية المستهلك فإن ذلك يستوجب إلتزام المستهلك أيضا بمشاركة الدولة في حمايته بأن يكون إيجابيا في الإبلاغ عن كل من يتاجر بحقوق الدولة وحقوقه وأن يبلغ عنها ولا يكون مشجعا عليها في أي صورة من الصور. إن القوة الشرائية للمستهلك هي قوة الصانع والتاجر في الإنتاج والتطوير والتوسع والاستثمار. إن ترس المستهلك في عجلة الإنتاج عندما يدور دورة واحدة فإنما تدور معها عملية الإنتاج والتجارة عدة دورات. وهي إما دورات للأمام أو إلي الخلف فإذا امتنع المستهلكون عن شراء سلعة رديئة أو ثبت فسادها أو تم اكتشاف محاولة الغش فيها فسوف تدق أجراس الإنذار عند تاجرها وأجراس أعلي صوتا عند صانعها. والحقوق مكفولة للمستهلك بالقوانين سواء الدولية أو المحلية, حيث أعلنت الأممالمتحدة في عام1985 عن حقوقه كمبادئ تبني عليها الدول تشريعاتها وقوانينها التي يكون المستهلك أحد أطرافها. هذه الحقوق تتمثل في حق المستهلك في المعرفة والمشاركة والتعويض والإختيار وفي السلامة والتوعية وغيرها من الحقوق وهو ما تضمنه قانون حماية المستهلك رقم67 لسنة2006. وللاستفادة من هذه الحقوق فإن المستهلك يجب أن يعلم انه الأقوي وأنه الرقيب الفعلي بالمشاركة الفعالة في تحسين جودة منتجات وخدمات بلده, بإستدامة تشجيع الجيد من صناعاتها وخدماتها والإلتفاف حولها والزهو بها لأنه نفسه من أسباب جودتها بالأقبال عليها وعدم شراء السلع المجهولة أو المشكوك في مصدرها مهما رخصت. والمستهلك هو الهدف النهائي لأي مؤسسة صناعية أو تجارية أو خدمية محلية أو عالمية وهو محل دراساتها وإهتماماتها. ليس في كل الأحوال من أجل رضائه وقناعته الشخصية بخدماتها أومنتجاتها ولكن يكون محور اهتمام البعض منها ليشتري المستهلك منتجاتها أو خدماتها وقد يكون للأسف في بعض الأحيان بصرف النظر عن رضائه أو قناعته حيث يكون الإهتمام بالمستهلك من خلال الإعلانات المكثفة عن جودة منتجاتها والجوائز الحقيقية أو الوهمية دون النظر لأي شئ آخر, وعليه أن يفطن لذلك لأن المستهلك الذي لا تطوله الإعلانات أولا تطوله الإغراءات والمسابقات قادر علي توجيه الصانع إلي ما يرغبه في السلع من إعتبارات الجودة وإشتراطات السلامة وخدمات ما بعد البيع, بل يجب أن يعي دائما أنه هو قاعدة مثلث الصناعة والتجارة التي لا تستقر بدون هذه القاعدة وبما يعني أن أي مجهود يبذل لصالح المستهلك من توعية وتثقيف وتخفيف متاعبه فإن عائدها لا يقتصر عليه بل يعود علي الصانع وعلي التاجر وإلي المستورد نفسه في دورة سريعة الأثر من دورات رأس المال في أي سلعة تصنع محليا أوخارجيا. من هنا نأتي إلي كيف نكشف عن الوجه الحقيقي القوي للمستهلك وكيف نصل بشكل دائم للصانع للتاجر. الوسيلة الأولي هي إثبات المستهلك لقوته في الأزمات وفي حالات التعدي علي حقوقه وكذلك عندما يتحمل عبئا ماليا لا يجب إلا يتحمله فإن العمل يجب أن يأتي من المستهلك ذاته بالإمتناع عن الشراء بصورة جماعية. وعلي الطرف الآخر يجب علي الدوام إشراك المستهلك فيما يواجهه الصانع من مشاكل أو أعباء ليكون مشاركا في الحلول لبناء وإستدامة الثقة بين الطرفين..ولتعميق هذه الثقة بين المستهلكين والصناع والتجار يمكن أن يخصص يوم وليكن اليوم العالمي لحماية المستهلك في15 مارس من كل عام ليكون يوما للتقدير والشكر علي الصانع والتاجر للمستهلك يكرم فيه رموز للمستهلكين علي دورهم في إدارة عجلة الإنتاج وإلي دورهم في تشجيع المنتج المحلي الجيد أو نبذ الردئ من السلع سواء محلية أو أجنبية كما يكون يوما لتكريم المنتجين والتجار أصحاب الممارسات والأعمال الإيجابية تجاه المستهلكين. والخلاصة ان نجاح تحقيق الجودة في السلع وفي الخدمات وكذلك نجاح تحقيق حماية حقيقية علي أرض الواقع للمستهلك ترتكز علي الالتزام المتبادل بين الدولة والمستهلك عندئذ تتأكد حقيقية أن حماية المستهلك لا تتحقق إلا بحماية الجودة.