عاجل - سعر الدولار مباشر الآن The Dollar Price    حماية المستهلك يشن حملات مكبرة على الأسواق والمحال التجارية والمخابز السياحية    خالد أبو بكر: مصر ترفض أي هيمنة غير فلسطينية على الجانب الفلسطيني من معبر رفح    تفاصيل قصف إسرائيلي غير عادي على مخيم جنين: شهيد و8 مصابين    أكسيوس: محاثات أمريكية إيرانية غير مباشرة لتجنب التصعيد بالمنطقة    نجم الزمالك السابق: نهائي الكونفدرالية يحتاج 11 مقاتلًا في الملعب    ننشر التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي قضاة مجلس الدولة    تدخل لفض مشاجرة داخل «بلايستيشن».. مصرع طالب طعنًا ب«مطواه» في قنا    رقص أحمد السقا مع العروس ريم سامي على غناء عمرو دياب «يا أنا يا لاء» (فيديو)    مفتي الجمهورية: يمكن دفع أموال الزكاة لمشروع حياة كريمة.. وبند الاستحقاق متوفر    مصطفى الفقي يفتح النار على «تكوين»: «العناصر الموجودة ليس عليها إجماع» (فيديو)    عيار 21 يعود لسابق عهده.. أسعار الذهب اليوم السبت 18 مايو بالصاغة بعد الارتفاع الكبير    بعد 94 دقيقة.. نوران جوهر تحسم الكلاسيكو وتتأهل لنهائي العالم للإسكواش 2024    قبل مواجهة الترجي.. سيف زاهر يوجه رسالة إلى الأهلي    «مش عيب تقعد لشوبير».. رسائل نارية من إكرامي ل الشناوي قبل مواجهة الترجي    سعر العنب والموز والفاكهة بالأسواق في مطلع الأسبوع السبت 18 مايو 2024    عاجل.. رقم غير مسبوق لدرجات الحرارة اليوم السبت.. وتحذير من 3 ظواهر جوية    مذكرة مراجعة كلمات اللغة الفرنسية للصف الثالث الثانوي نظام جديد 2024    بعد عرض الصلح من عصام صاصا.. أزهري يوضح رأي الدين في «الدية» وقيمتها (فيديو)    موعد إعلان نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 في محافظة البحيرة.. بدء التصحيح    حلاق الإسماعيلية يفجر مفاجأة بشأن كاميرات المراقبة (فيديو)    شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة "اصليح" بخان يونس جنوب قطاع غزة    عمرو أديب عن الزعيم: «مجاش ولا هيجي زي عادل إمام»    لبنان: غارة إسرائيلية تستهدف بلدة الخيام جنوبي البلاد    قبل عيد الأضحى 2024.. تعرف على الشروط التي تصح بها الأضحية ووقتها الشرعي    هل مريضة الرفرفة الأذينية تستطيع الزواج؟ حسام موافي يجيب    مؤسس طب الحالات الحرجة: هجرة الأطباء للخارج أمر مقلق (فيديو)    تعرف على موعد اجازة عيد الاضحى المبارك 2024 وكم باقى على اول ايام العيد    نحو دوري أبطال أوروبا؟ فوت ميركاتو: موناكو وجالاتا سراي يستهدفان محمد عبد المنعم    تعادل لا يفيد البارتينوبي للتأهل الأوروبي.. نابولي يحصل على نقطة من فيورنتينا    حضور مخالف ومياه غائبة وطائرة.. اعتراضات بيبو خلال مران الأهلي في رادس    منها سم النحل.. أفكار طلاب زراعة جامعة عين شمس في الملتقى التوظيفي    طرق التخفيف من آلام الظهر الشديدة أثناء الحمل    محكمة الاستئناف في تونس تقر حكمًا بسجن الغنوشي وصهره 3 سنوات    وسط حصار جباليا.. أوضاع مأساوية في مدينة بيت حانون شمال غزة    سعر اليورو اليوم مقابل الجنيه المصري في مختلف البنوك    أكثر من 1300 جنيه تراجعا في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 18 مايو 2024    خبير اقتصادي: إعادة هيكلة الاقتصاد في 2016 لضمان وصول الدعم لمستحقيه    ماسك يزيل اسم نطاق تويتر دوت كوم من ملفات تعريف تطبيق إكس ويحوله إلى إكس دوت كوم    أستاذ علم الاجتماع تطالب بغلق تطبيقات الألعاب المفتوحة    حظك اليوم برج العقرب السبت 18-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    هاني شاكر يستعد لطرح أغنية "يا ويل حالي"    «اللي مفطرش عند الجحش ميبقاش وحش».. حكاية أقدم محل فول وطعمية في السيدة زينب    "الدنيا دمها تقيل من غيرك".. لبلبة تهنئ الزعيم في عيد ميلاده ال 84    عايدة رياض تسترجع ذكرياتها باللعب مع الكبار وهذه رسالتها لعادل إمام    ب الأسماء.. التشكيل الجديد لمجلس إدارة نادي مجلس الدولة بعد إعلان نتيجة الانتخابات    البابا تواضروس يلتقي عددًا من طلبة وخريجي الجامعة الألمانية    دار الإفتاء توضح حكم الرقية بالقرأن الكريم    «البوابة» تكشف قائمة العلماء الفلسطينيين الذين اغتالتهم إسرائيل مؤخرًا    إبراشية إرموبوليس بطنطا تحتفل بعيد القديس جيورجيوس    «الغرب وفلسطين والعالم».. مؤتمر دولي في إسطنبول    دراسة: استخدامك للهاتف أثناء القيادة يُشير إلى أنك قد تكون مريضًا نفسيًا (تفاصيل)    انطلاق قوافل دعوية للواعظات بمساجد الإسماعيلية    حدث بالفن| طلاق جوري بكر وحفل زفاف ريم سامي وفنانة تتعرض للتحرش    الأرصاد تكشف عن موعد انتهاء الموجة الحارة التي تضرب البلاد    هل يمكن لفتاة مصابة ب"الذبذبة الأذينية" أن تتزوج؟.. حسام موافي يُجيب    فيديو.. المفتي: حب الوطن متأصل عن النبي وأمر ثابت في النفس بالفطرة    دعاء آخر ساعة من يوم الجمعة للرزق.. «اللهم ارزقنا حلالا طيبا»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علماء الدين والاجتماع :
المجتمع يتحول الي غابة علي "نصب" التكفيريين
نشر في عقيدتي يوم 04 - 03 - 2014

حذّر علماء الدين وخبراء الاجتماع وعلم النفس والإعلام من خطورة انتشار ظاهرة التكفير التي تحول المجتمع إلي كيانات وجماعات يقاتل بعضها بعضا.. وأشاورها إلي أن التكفير يبدأ بالحجر علي الآراء وينتهي بإهدار الدم مرورا بانتهاك كامل حقوق الشخص المتهم بالكفر.
أكدوا أن الشباب أكثر الفئات المستهدفة لما يواجههم من وسائل إعلام واتصال حديثة تُيسر وصول الأفكار المتطرفة والمُكفّرة.. وأوضحوا أن واجب علماء الدين المستنيرين استغلال نفس هذه الوسائل لتوصيل المعلومة الصحيحة وتفنيد الأفكار التكفيرية. لحماية المجتمع والشباب خاصة من تلك المخاطر.
في البداية يقدم الدكتور محمد مختار صالح- استشاري الصحة النفسية والعلاج النفسي, رئيس قسم العلاج السلوكي نظرة تحليلية لنفسية من يقوم بإطلاق وتفجير قنابل التكفير. فيؤكد أن ظاهرة التكفير تعد من أخطر الفتن التي ظهرت في العصر الحاضر. وهي ظاهرة قديمة تعتمد بالأصل علي إحداث خلل في التفكير وإحداث بلبلة بالنفس والعقل تتجدد في العديد من المواقف ربما كان أهمها في واقعة تغيير القبلة وبدايات طرح اليهود لأسئلة تثير الشك والريبة في نفوس المسلمين وهذا ما سجله القرآن في قوله تعالي : ¢سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ..... إذن فهي لها جذورها التاريخية والفكرية وتوجهات عديدة متنوعة لها العديد من الأقنعة المضللة والمتسترة أحيانا والمجاهرة تارة أخري.
وأضاف : تعضد هذه الظاهرة أسباب أهمها:
- افتقاد القدوة الحسنة وظهور حالات التفسخ الأسري وانحلال الأوضاع الخُلُقية أمام الأبناء تحت شعار المدنية الحديثة.
- ظهور العديد من الأعمال الدرامية التي تدعو الشباب صراحة إلي التفسخ والتحرر من قيود الدين وإتباع الهوي.
- المجاهرةپپباستحلال المحرمات وادعاء المدنية والتحضر ووصف الشريعة الإسلامية بالتخلف ومنافاتها للعصر أو الرجعية مما يجعل بعض الشباب من فاقدي القدوة والهوية إلي إتباع هؤلاء المضللين.
- ظهور العديد من الصفحات علي ¢الفيس بوك¢ التي تزدري الدين وتصف الإله المعبود بصفات لا تليق به سبحانه وتعالي والإعلان عنها بقوة وانجذاب العديد من الشباب لها.
- إتباع الهوي والأغراض النفسية في تكفير المخالف. وذمه والقدح في عرضه بالكفر دون تبصّر بالعلم. وتورّع بالديانة مثل الحروب الأخيرة الكلامية بين بعض المشايخ والفنانين.
يضيف الدكتور مختار صالح: من الأسباب المؤدية لانتشار فكر التكفير كذلك :
پ- إتباع المذاهب البدعية. والأقوال الشاذة. وتقليد صغار طلبة العلم في إطلاق الكفر علي الدول والمجتمعات والأفرادپالرويبضة وظهور واضح الآن.
- الاستهانة بمحارم الله وأحكام شرعه. وتهوين القيم والمبادئ وعدم الأخذ علي يد المكابر والمعلن بالكفر.
- انتشار الكفر والردة الحقيقية جهرة في مجتمعاتنا الإسلامية. واستطالة أصحابها وتبجحهم بباطلهم. واستخدامهم أجهزة الإعلام وغيرها لنشر كفرياتهم علي جماهير المسلمين. دون أن يجدوا من يزجرهم أو يردهم عن ضلالهم وغيهم.
- الجهل الذريع. وربما الجهل المركب بهذه المسألة المهمة. في معرفة الكفر في موارد أدلة الوحي الشريف. والفرق بين الكفرين الأكبر والأصغر. وحال أصحابهما من جهة اجتماع الشروط وانتفاء الموانع. والفرق بين الكفر المطلق والكفر المعيِّن. والكفر الدنيوي والحكم لصاحبه بالخلود الأخروي بالنار.
- ظهور الغرف الصوتية "البال توك" التي تدعو الي الجدل وترك الدين, يتصدي لهم في ذلك شباب غيور علي الإسلام ولكنپقلة بضاعة هؤلاء الشبان الغيورين من فقه الإسلام وأصوله. وعدم تعمقهم في العلوم الإسلامية واللغوية الأمر الذي جعلهم يأخذون ببعض النصوص دون بعض. أو يأخذون بالمتشابهات. وينسون المُحكمات. أو يأخذون بالجزئيات ويغفلون القواعد الكلية. أو يفهمون بعض النصوص فهما سطحيا سريعا. فيتصدرون للفتوي في هذه الأمور الخطيرة. دون أهلية كافية فالإخلاص وحده لا يكفي. ما لم يسنده فقه عميق لشريعة الله وأحكامه. وإلا وقع صاحبه.
تكفير التفكير
يلتقط خيط الحديث الدكتور الوليد العادل - استشاري العلاقات الاجتماعية والأسرية - محللا المسألة من وجهة نظر اجتماعية قائلا: إذا اختلفت مع أحد في الرأي فبوسعك إثبات صواب رأيك إما بتقديم أسانيد صحته وإما بتقديم أسانيد خطأ الرأي الآخر.. كل ذلك في سياق منطق عقلاني وعقل منطقي.. أما البعض فيلجأ إلي تجريدك من أية أهلية فكرية أو أخلاقية لإبداء أي رأي في أي أمر كان.. كيف ؟ بإلصاق تهمة الكفر بك مع أن الكفر لا يسقط عنك حق إبداء الرأي وحسب بل إنه يفتح عليك ما لا طاقة لك به ابتداء من العزلة والازدراء والحجز والحجر علي فكرك مرورا بمحاولة هدم زواجك بدعوي "الحسبة" وترويعك وإيذائك في شخصك وأهلك وسمعتك وممتلكاتك انتهاء بإهدار دمك.
يضيف د.الوليد العادل: من المؤسف أن يحدث هذا مع أن للدين ثوابت منها أن "من كفر مؤمنا فقد كفر" وأن المرء لا يكفر إلا بنطقه كلمة الكفر أو إنكاره للدين وثوابته إلا أن آفة الجهل وحالة الخواء الفكري والديني التي نعيشها تجعل العبث بالعقول ولي الأفكار وإعادة تشكيل الحقائق وفق الهوي والغرض وممارسة التجريف والتحريف والتزييف أمر يسير. خاصة علي من يختزل الدين في لحية طويلة وجلباب قصير وغطاء للرأس وفي الصراخ علي المنابر وإدعاء الوكالة والنيابة عن دين هو لله العلي العظيم الذي أتاح علمه لمن يشاء ولم يقصره علي فرد أو نفر أو جماعة.
يضيف د.الوليد: نأتي الآن لما هو أكثر خطأ وخطرا. ألا وهو إباحة وإتاحة الوصاية بل والحجر علي أشرف ما خص به الخالق مخلوقه ألا وهو ¢العقل¢ الذي أداة التمييز والفرز ووسيلة الإدراك ومناط التكليف والذي يسقط عن فاقده أو ناقصه الأهلية بل والحساب كما أن مصادرة فريضة شرعية صريحة "بالنص القرآني" وهي التفكر والتدبر والتأمل والتعقل هي ضرب لهذا الدين في جذوره العقدية وإن محاولة انفراد شرذمة أو حفنة من الناس بمنح شارة التقوي وعلامة الجودة الدينية لهذا ووسم ذاك بخاتم الكفر وعدم الصلاحية حتي للعيش بين المؤمنين في مسعي لإعادة تشكيل العقل الجمعي للأمة وسحبه نحو الظلم والظلام لهو جزء من جدول أعمال بات معروفا ومكشوفا لأن الإنسان الذي شرفه الله بنعمة العقل في هذا البلد الذي شرفه الله بنعمة الدين لن يقع أسير هذا المخطط ولن يلغي عقله وعلمه وإيمانه ويتحول إلي أداة يُسيّرها من يشاء كيف يشاء ومتي يشاء.
ويشير الدكتور الوليد العادل الي انه تناول هذه القضية في مقدمة أحد كتبه قائلا : كتبت ¢ في أيام لا تعرف فيها الأبرار من الفجار.. ولا الأطهار من الأشرار.. ولا الأتقياء من الأشقياء.. ولا الدعاة من الأدعياء.. في أوان الهوان.. وعمي الألوان في زمان ذهب للذهب.. ومال للمال في أيام السكر.. والفكر في أيام الخمر.. والجمر في زمان البقاء فيه للأقوي.. تزودوا فإن خير الزاد التقوي, لقد خلقنا الله فرادي ويُميتُنا فرادي ويبعثنا فُرادي ويحاسبنا فرادي علي ما وعيناه وقدمناه ¢ يومئذ يتذكر الإنسان وأني له الذكري يقول يا ليتني قدمتُ لحياتي, فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يُوثق وثاقه أحد¢.
دور العلماء
من واقع المعايشة والتعامل مع الشباب يؤكد د. ممدوح رشوان- أستاذ الإعلام وأمين الاتحاد العام للشباب والبيئة : أن مواجهة التكفير يجب أن تتم من خلال تحرك علماء الدين الوسطيين ومن لهم قبول بالشارع وسط الشباب وشرح أمور الدين بلغة بسيطة فورا, وعمل تنويهات بشكل حديث عقب الأذان أو بين فقرات برامج لها قبول تعطي معلومات بسيطة وتحقق الهدف وكذلك استخدام وسائل الاتصال الحديثة مع الشباب مثل ¢الفيس¢ وغيرها واستخدام الجرائد ووسائل الإعلام المختلفة.
وقال الدكتور رشوان : كل ذلك يتطلب تنظيم وإطلاق حملة شاملة يشرف عليها الأزهر الشريف, وتخصيص خطب الجمعة مع الأوقاف لشرح خطورة ذلك,والتحذير من خطورة التكفير الذي يفكك ويدمر المجتمع. فديننا الحنيف دين يسر والله وحده هو المطلع علي الأفئدة, ولا يجرؤ أحد وليس من حق أي فرد أن يكفر آخر. ومن يفعل ذلك فهو لا يفقه شيئا في دين الله.
وينهي الدكتور رشوان بتوجيه صرخة مدوية: أرجوكم. أرجوكم لا تُدخلوا الدين في خلافاتكم الشخصية, أمتنا لا ينقصها الفتن. أقصد خلافاتكم السياسية.
فوضي وإفساد
ويري د. وليد خلف الله- أستاذ الإعلام والعلاقات العامة بجامعة جنوب الوادي- أن ظاهرة التكفير لا تعود بالضرر علي الأفراد فحسب وإنما تعم المجتمع كله لتنشر الفوضي وتفسد الدين وتحرض الناس علي التمرد والعصيان وإثارة الفتنة وتلغي مرجعية العلماء وتدعو للتقليل من شأنهم ومن ثم تصدير أهل الجهل لمنصب الفتوي. ومن ثم تجرأ غير المتخصصين والمدعين بأنهم من أهل الفتوي والصلاح وسكوت أهل الحق والهيئات والمؤسسات الإسلامية الرسمية حول هذا العبث مما سبب انتشار مثل هذه الظاهرات.
يضيف د. خلف الله: أنني أحمل المؤسسات الدينية الرسمية المسئولية الأولي في وجود الفكر التكفيري في مصر بلد الأزهر. وأؤكد أن ذلك نتاج طبيعي لتراجع دور الأزهر وتقصيره في القيام برسالته العلمية والدعوية وضعف مستوي الخريجين والدعاة . وسطحية الخطاب الديني البعيد عن واقع الناس ومشكلاتهم والمفاهيم المغلوطة التي انتشرت بين الشباب وعموم الناس. فضلا عن غياب الثقة بين المؤسسات الدينية الرسمية "الأزهر. والأوقاف. والإفتاء" والسكوت علي هذا التجرؤ والعبث بفتاوي الدين .
ويؤكد د. خلف الله أن ظاهرة التكفير واحدة من أخطر الظواهر التي عانت ولا تزال تعاني منها الأمة الإسلامية. وتلك الظاهرة التي أسهمت في إضعاف عري الوحدة بين المسلمين. وتسببت في تمزيق المجتمعات الإسلامية وأثرت سلباً علي صورة الإسلام والمسلمين في الرأي العالمي المعاصر.
ويطالب بعودة دور الأزهر العلمي والدعوي. والعمل علي احتضان جميع التيارات الدينية الموجودة علي الساحة الآن وأن تعمل كلها تحت لوائه. كما أطالب بحصر الفتاوي والشبهات التي ينفذ من خلالها الفكر المتشدد للشباب وتصحيحها وإبراز ذلك في وسائل الإعلام المختلفة. وتدريسها في المراحل التعليمية المختلفة كل بما يناسبها. ضمن مقررات التربية الإسلامية. حتي يعيها الشباب ويحذر الوقوع في براثنها.
كما يطالب بإصدار قانون لمنع التحدث والخوض في الفتاوي والتكفير وإبرازها في وسائل الإعلام ويعاقب كل من يصدر حكما أو يكفر شخصا إلا إذا كان هذا الأمر صادرا من دار الإفتاء المصرية فقط .
ويشدد علي أن دور الإعلام لا تقل أهمية في هذا الجانب وأطالب بإعطاء الإعلاميين المتخصصين في الإعلام الإسلامي بالحصول علي دورات متخصصة في فنية الخطاب الإسلامي وقواعده . وألا يقوم أي إعلامي بالمحاورة أو التحدث في القضايا الإسلامية إلا إذا كان من أهل التخصص.
غير جائز شرعا
يحذر الدكتور مجدي قراميطپ- من علماء الأزهر - من انتشار ظاهرة التكفير مؤكدا أن تكفير المجتمع بعضه لبعض يحدث شرخا بين أفراد هذا المجتمع ويوسع الفجوة بينهم,پفهذا يكفر هذا وذاك يكفر ذاك وهذا غير جائز في تعاليم الإسلام السمحة التي أرساها لنا القرآن الكريم الذي هو الدستور الأعلي لجميع المسلمين وكذلك السنة المطهرة التي هي التفسير الصحيح لهذا الدستور العظيم وقد حذر الإسلام من تكفير المسلم للمسلم فقال تعالي : "ولا تقولوا لمن ألقي إليكم السلام لست مؤمنا..." آية 94 من سورة النساء.پوقال الله تعاليپأيضا "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم .." آية رقم 10 من سورة الحجرات .ولم يخلع القرآن عن المسلم صفة الإيمان ولا الإسلام حتي مع قتاله لأخيه المسلم فقال تعالي: "وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما .." آية رقم 9 من سورة الحجرات.
وأوضح الدكتور قراميط . أن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب-پرضي الله عنه-پلم يصف من قاتلوه في معركتي ¢صفين والجمل¢ بالكافرين ولا المنافقين وإنما قال فيهم:پهم إخواننا بغوا علينا.پفوصفهم بالأخوة مع أنهم قاتلوه وحملوا السلاح في وجهه وقدپحذر الرسول - صلي الله عليه وسلم - من الحكم بتكفير المسلم فقال:پ"من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما .." ومعني ¢فقد باء بها أحدهما¢پأي باء بالإثم واحد منهما فإن كان الذي إدعاه عليه أخوه المسلم صوابا وحقا فهو كافر وإن لم يكن صوابا وحقاپفقد كفر من إدعي علي أخيه الكفر.
وأوضح أن الحديث يدل علي أنه لا يحق لمسلم أن يحكم علي فرد أو جماعة في المجتمع المسلم بالكفر لقبا كان أو نعتا أو صفة إلا إذا وافق ذلك حكما شرعيا قال به جماعة من العلماء يوثق في علمهم وورعهم وتقواهمپولهذا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:پ"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".
بداية التكفير
يضيف الشيخ عثمان عامر - من علماء الأزهر : معلوم أنه قد بدأت مسألة التكفير هذه في الأمة الإسلامية بعد النزاع الذي نشأ بين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ومعاوية - رضي الله عنه - علي إمارة المسلمين وذلك حينما التقي فريق ¢علي¢ وفريق ¢معاوية¢ يوم صفين واتفقوا علي التحكيم فأنكر بعض من كان في جيش ¢علي¢ أمر التحكيم وقالوا: لا حكم إلا لله. ثم صرّحوا بكفر ¢علي¢ لقبوله التحكيم ولم يكفهم ذلك حتي كفروا ¢معاوية¢ وأصحابه وكل من رضي بالتحكيم من أصحاب علي - رضي الله عنه - فكانت هذه العناصر الغاضبة من جيش ¢علي¢ هي أول من أظهر التكفير من هذه الأمة وسُمّوا بالخوارج لخروجهم علي الإمام علي - رضي الله عنه.
وأضاف الشيخ عثمان عامر:لا شك أن الرمي بالكفر من الإيذاء باللسان. وإذا انتقلنا الي كلام العلماءپفإننا نجدپما يلي :
- الغزالي في كتابه ¢فيصل التفرقة بين الإسلام والزندقة ¢ يقول : ينبغي الاحتراز عن التكفير ماپوجد إليه سبيلا فإن استباحة دماء المسلمين المقرين بالتوحيد خطأ. والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم مسلم واحد.
- يقول ابن تيمية في ¢ مجموع الفتاوي¢: ليس لأحد أن يكفر أحدا من المسلمين وإن أخطا أو غلطپپحتي تقام عليه الحجة ويتبين لهم المحجة ومن ثبت إسلامه بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك بل لاپيزول إلا بعدپإقامة الحجة وإزالة الشبهة.
- يقول الشيخ رشيد رضا في ¢تفسير المنار¢ : إن من أعظم ماپبُليت به الفرق الإسلامية رمي بعضها بعضا بالفسق والكفرپمع أن قصد الكل الوصول إلي الحق.
ومسألة التكفير هذه من الخطورة بمكان فقد زلت فيها أقدام وضلت فيها أفهام وطاشت فيها أقلام وتأتي خطورة التكفير علي الفرد والمتجمع من أنها ستؤدي بالتالي إلي ما يستتبع الكفر من استحلال الدماء وإزهاق الأرواح وإتلاف الأموال والممتلكات وإشاعة الرعب والفزع وترويع الآمنين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.