كشفت دراسة حديثة أن العرب أكثر شعوب العالم تصديقا للخرافات وأنهم يهدرون عدة مليارات كل عام علي الدجل والشعوذة!! وأن المصريين في مقدمة الشعوب العربية التي تسيطر عليها الخرافات رغم رصيد مصر الاسلامي والحضاري والعلمي!! هذه الاحصائية رغم ما فيها من مبالغة في تقدير حجم ما يهدر من أموال علي الخرافات والأوهام التي تسيطر علي عقول العرب إلا انها تؤكد أن الأوهام والخرافات والخزعبلات ما زالت تسيطر علي عقول كثير من البسطاء والمثقفين معا في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. وتنتشر بصورة مزعجة في أوساط المتدينين رغم تحذيرات علماء الإسلام وأطباء الأمراض النفسية واتفاقهم علي انها ليست أكثر من اضطرابات نفسية وعصبية ومفاهيم خاطئة ومعتقدات فاسدة يحاول دائماً دعاة الدجل والشعوذة ترويجها بين المسلمين ليجنوا من ورائها الملايين كل عام علي حساب المغفلين. طوفان الخرافات والخزعبلات. وأشكال الدجل والشعوذة التي نعاني منها في مجتمعاتنا العربية والاسلامية بوجه عام وفي مصر علي وجه الخصوص والتي تهدد سلامة عقيدتنا وتعرض أمننا النفسي والاجتماعي للخطر. وتهدر فيها أموالنا. لا يتحمل وزرها قوافل الدجالين والمشعوذين الذين انتشروا في المدن والقري وحدهم. بل يشارك في الوزر بعض دعاة الإسلام الذين أسهموا في ترويح هذه الخرافات سواء بالمفاهيم الخاطئة التي أشاعوها بين الناس. أو بإهمالهم وتقصيرهم في مواجهة هذه الأوهام والخرافات والخزعبلات. أيضاً تتحمل قدراً كبيراً من الوزر والإثم والمسئولية وسائل إعلام عامة وإسلامية تبحث عن الإثارة والربح وتستقطب المشاهدين بكل ما هو مشروع وغير مشروع. وتروِّج لهذه الخرافات بين البسطاء. وتحاول دائماً أن تبحث عن مشاهدين أو قراء بوسائل غير أخلاقية.. ورغم تحذيرات العلماء والأطباء من فضائيات الدجل والشعوذة والصحف الصفراء التي تروِّج لكل أشكال الدجل بين البسطاء. فإن هذه الوسائل للأسف تتكاثر وتخرب العقول. وتفسد العقيدة وتتسبب في إهدار الأموال. ولا تجد مَنْ يردعها ويحمي المجتمع منها!! لقد حدد العلماء الثقات الخطوط الفاصلة بين ما هو صحيح وثابت بالأدلة والبراهين الشرعية وما هو خرافي في عالم الجن والمس الشيطاني وأوضح العلماء الحقائق الدينية الواضحة التي تدحض كل مايروج له الدجالون والمشعوذون. وترد علي كل المخدوعين والمخدوعات الذين سيطرت عليهم هذه الأوهام ورغم ذلك ما زال بعض المتحثين باسم الاسلام يخلطون خلطا فاضحا بين ما ثابت شرعا وما هو خرافي ولا يؤيده شرع أو عقل سليم. إن واجب علماء الاسلام في كل مكان أن يواجهوا شجاعة وصلابة الخرافات التي يرددها سماسرة الخرافات والأوهام في بلادنا العربية والاسلامية.. واجبهم أن يقولوا للناس: إن عالم الجن.. عالم حقيقي. وليس ضرباً من ضروب الخيال ففي القرآن الكريم سورة تسمي سورة الجن ولفظ الجن أو الجان تكرر في القرآن الكريم تسعاً وعشرين مرة.. لكن هذا العالم الخفي مغيب عن حواسنا ومداركنا. لا يري علي طبيعته. ولا بصورته الحقيقية. وله قدرة علي التشكل بأشكال مختلفة. واجب علماء الاسلام أن يوضحوا للناس أن عالم الجن ليس شراً كله كما يعتقد كثير من الناس بل منهم المؤمنون. ومنهم الكافرون.. منهم الصالحون ومنهم الفاسقون..والذين ضلوا طريق الهداية من الجن وكفروا بالحق. وانقادوا للباطل. وأصروا علي الضلال والطغيان ينتسبون إلي "أبو الشياطين ابليس" لعنه الله وكفانا شره.. وهؤلاء الصنف من الجان والذين ينتسبون إلي عالم الشياطين أوضح لنا القرآن الكريم. وأرشدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي كيفية الحماية منهم. وهي حماية في متناول كل إنسان سليم العقيدة. نقي الفطرة. يؤمن بقضاء الله وقدره. ليس مغفلاً فيسمح للعفاريت بركوبه. واجب علماء الاسلام أن يوضحوا للناس أن القرآن الكريم يخبرنا أن الشياطين لا تملك قدرة قاهرة. ولا تستطيع استغفال إلا المغفلين من ضعفاء الإيمان "وماكان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي. فلا تلوموني ولوموا أنفسكم". واجب علماء الاسلام أن يطمئنوا الناس خاصة الموهومين بالجن والعفاريت وأن يقولوا لهم مثل ما قال الداعية الكبير الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - الذي واجه بشجاعة وإصرار محترفي الدجل والشعوذة في بلادنا العربية والاسلامية ومن بين أقواله التي سجلها في أحد مؤلفاته: إن الشيطان كما قال العلماء لا يقيم عائقاً مادياً أمام ذاهب إلي المسجد. ولا يضرب منحرفاً علي قفاه ليدفع به إلي الحانات وأوكار المنحرفين والمنحرفات.. انه يملك الاحتيال والمخادعة.. ولا يقدر علي أكثر من ذلك. وقد سئل الداعية الراحل عن كثرة شكوي المسلمين من ركوب العفاريت لأجسامهم.. فأجاب وكله انفعال من شيوع هذه الخرافات في أوساط المسلمين: هذه أوهام وخرافات يدحضها الفهم الصحيح للدين. والتعامل الواعي مع حقائقه.. إن ديناً يحترم العقل. ومنهجه العلم. وطريقه التفكير السليم. لا يمكن أن يقر هذه الخرافات.. وأنا اتعجب من كثرة شكوي المسلمين من ركوب العفاريت لأجسامهم واتساءل: هل العفاريت متخصصة في ركوب المسلمين وحدهم؟!.. لماذا لم يشك ألماني أو ياباني من احتلال الجن لأجسامهم؟! إن سمعة دين الإسلام ساءت من شيوع هذه الأوهام بين كثير من المتدينين. فهل يقتدي علماء ودعاة الاسلام بالشيخ الغزالي الذي أدرك بحسه الاسلامي خطورة شيوع الخرافات في ديار المسلمين وسيطرتها علي عقولهم.. أم سيكتفون بدور المتفرج ؟!