لااحد ينكر ان الدراما الاذاعية لعبت دورا كبيرا في تشكيل وجدان الامة منذ بداية انطلاقها يوم 13 مايو عام 4391 حيث قادت نهضة كبري في شتي مجالات الحياة الثقافية ونقلت عنها السينما اعمالا كثيرة رائعة ثم جاء التليفزيون في منتصف الستينيات ليقتبس من الراديو العديد من المسلسلات الناجحة والمتميزة ليحولها إلي حلقات مرئية بالصوت والصورة يتوافر فيها كل عناصر المتعة والفن والفكر. واذا كانت الاذاعة قد شهدت اسماء لامعة كثيرة في مجال التأليف الدرامي إلا انه يظل من بين هؤلاء اسم واحد يستحق ان يحمل لقب »ملك الدراما« في الراديو وهو الكاتب المبدع الراحل محمد كامل حسن المحامي الذي اهداني ابنه »مجدي« منذ ايام احدث مؤلفاته عن والده الاديب والمؤلف والمخرج والمفكر الكبير احتفالا بمرور 69 عاما علي مولده. ومحمد كامل حسن المحامي لمن لا يعرفه يعد رائد ادب الجريمة في الراديو ثم من بعده التليفزيون والسينما والصحف والمجلات الكبري حيث اكتسب شهرة واسعة في هذا المجال نتيجة لدراسته في كلية الحقوق وعمله كمحام بارع في القضايا الجنائية حيث قدم لميكروفون الاذاعة اشهر مسلسلاتها التي كانت تذاع يوميا في الخامسة والربع مساء عقب نشرة الاخبار وبلغ مجموع ما قدمه اكثر من مائة قصة لعل من اشهرها حلقات »من الجاني« و»الجاسوس« و»ليلة رهيبة« و»قلبي دليلي« إلي اخره من الاعمال الشهيرة إلي ان تولت الاذاعية الكبيرة امال فهمي رئاسة اذاعة الشرق الاوسط واختارت المخرج الكبير الراحل كمال الشيخ ليخرج للراديو حلقات درامية بوليسية يقوم ببطولتها كبار نجوم السينما انذاك. وكانت حلقات »قلبي هو القاتل« لمحمد كامل حسن المحامي هي ضربة البداية لكمال الشيخ كمخرج اذاعي حيث قدم 06 حلقة علي مدي شهرين وقام ببطولتها مجموعة كبيرة من النجوم كان من بينهم سعاد حسني وعماد حمدي ويوسف شعبان وعزيزة حلمي وزادت مساحة الاعمال الدرامية علي خريطة كل الشبكات في الراديو ولم يعد مسلسل الساعة 51.5 مساء اليومي في البرنامج العام هو فاكهة الميكروفون ليصول ويجول بمفرده بل انتشرت اشكال اخري من الدراما فظهرت السباعيات والخماسيات والمسلسلات النصف شهرية إلي جانب الاعمال الاخري التي تستمر احداثها علي مدي 03 يوما من خلال كل الشبكات الاذاعية التي كانت انذاك علامة فارقة في قلب الامة العربية وليس في مصر فقط. وتتلمذ علي يدي محمد كامل حسن المحامي عشرات الاسماء التي اصبح لها شهرة في كتابة الاعمال الدرامية ولكنه ظل متميزا عنهم جميعا في اجادته لكتابة السيناريو السينمائي وتأليف الموسيقي التصويرية لها مثلما حدث في افلام »الرسالة الاخيرة« و»اقوي من الحب« و»وحيدة« مرورا بأعمال اخري كثيرة استفادت من موهبته كعازف للبيانو ومؤلف موسيقي موهوب ومنتج شاطر يجيد لغة الارقام بنفس درجة اجادته للغة القانون الجنائي. وعلي الرغم من العشق الجنوني داخل عقل وقلب المبدع محمد كامل حسن المحامي للراديو إلا انه شق طريقه إلي الدراما التليفزيونية وقدم حلقات »الرمال الناعمة« و»حب الملائكة« وتمثيلية سهرة باسم »المتكبرة« وأهدي مسرح التليفزيون مسرحيته الرائعة »وداع«. ويحسب ايضا لهذا الفنان الكبير انه خاض تجربة الاخراج السينمائي حيث قدم خمسة اعمال هي »الابن المفقود« و»الرسالة الاخيرة« و»السابحة في النار« و»الحب الاخير« و»اقوي من الحياة« ونالت نجاحا كبيرا عند عرضها في دور العرض في مواجهة افلام اخري لمخرجين كبار مثل كمال الشيخ ونيازي مصطفي وحلمي رفلة وحسين فوزي واحمد ضياء الدين وحسن الامام. تلك سطور سريعة وموجزة عن كاتب وفنان كبير كان اشبه بأكاديمية شاملة لشتي مجالات الفنون تسير علي قدمين ليل نهار لإثراء الحركة الثقافية بإبداعاته التي لا يمكن ان ينساها التاريخ لرجل كان في حجم وقامة هذا الفنان العظيم ملك الدراما الاذاعية الذي لن يتكرر مرة اخري.