فكان زمان المستمع ينتظر المسلسل الإذاعي يوميا من الساعة الخامسة والربع بعد نشرة الأخبار ليستمتع بأحداثه المثيرة ويتخيل أبطاله ووقائعهم الدرامية وكأن كل شيء امامه هذا الأعمال الإبداعية الرائعة لم تعد محل اهتمام دائم من الإذاعة فصار الاهتمام بها موسميا في رمضان فلماذا اختفت الدراما الإذاعية؟ بداية يري المخرج الإذاعي مدحت زكي رئيس قطاع الإنتاج السابق أن الأسباب وراء أختفاء الأعمال الدرامية الإذاعية ترجع إلي انصراف النجوم لأن الأجور لا تذكر طبقا للائحة الأجور التي قررتها هيئة الإذاعة ربما يقبل عليها النجوم في رمضان الذين لم يحالفهم الحظ للظهور في الأعمال الدرامية التليفزيونية فالأجور التي يحصلون عليها تكون خاصة خارج هذه اللائحة بخلاف ما يحدث بعد رمضان. ويضيف ذكي أن الدراما الإذاعية تواجه العديد من المشاكل التي تجعلها لا تستمر بعد رمضان من أهمها مشكلة النص والقصة الإذاعية الجديدة فتواجه الدراما الإذاعية مشكلة الندرة في النص المميز القابل للمعالجة الدرامية بحوار وحبكة تمتع الجمهور فأغلب الموضوعات التي تعرضها المسلسلات الإذاعية تكون مستهلكة فتوجد الحوارات الساذجة بنفس السيناريو بل وبنفس الموسيقي التصويرية حتي في الحكايات والقصص والسبب الأول والأخير يرجع إلي ضعف الأجور التي يتقاضاها المؤلفون فكانت الدراما الإذاعية موهبة خاصة لا تتوافر لكل إذاعي. فالمشكلات الإذاعية تتطلب ملكة الخيال والتنوع في الكتابة وهذا غير متوافر الآن بصورة كبيرة بالإضافة إلي أنه لا يوجد من يقيم ويراقب هذه المسلسلات من قبل الإدارة الإذاعية فلابد أن تضع الإذاعة خريطة واضحة ومنظمة للإذاعة الدرامية لإذاعتها في الأوقات المناسبة التي ينتظرها الجمهور. ويضيف أن الدراما الإذاعية لم يغفلها الجمهور كما يتصور البعض في عصر انتشار الفضائيات التليفزيونية فالدراما الإذاعية فاكهة الإذاعة والجمهور دائما ما يبحث عنها لتخرجه من هموم الحياة اليومية لما تقدمه من وجبة باسمة حفيفة ممتعة. ويؤكد زكي أن الحل الوحيد لإعادة الدراما الإذاعية إلي الإذاعة المصرية هو إعادة النظر في ميزانية الدراما الإذاعية التي لا تتحمل عددا كبيرا من النجوم أو الأعمال الدرامية التي تعرض طوال العام. ويقول الكاتب الإذاعي محمد السيد عيد إن انخفاض أجور المؤلفين هو السبب الرئيسي في اختفاء أو قلة الأعمال الدرامية الإذاعية بعد رمضان فأصبح أجر المؤلف في المسلسل الإذاعي بأكمله يساوي أجر ه في حلقة واحدة في مسلسل تليفزيوني بالإضافة لعدم الاهتمام بتخريج أجيال جديدة من مؤلفي الإذاعة حتي يمدوا الأعمال الدرامية بالجديد والمميز ويطالب بتنظيم دورات تدريبية متخصصة لهم فهذا أدي لدخول غير المتخصصين في مجال الإخراج والتأليف في الدراما الإذاعية مما أصابها بالتدهور، فالدرما في حاجة إلي تغييرات عديدة في أسلوب الكتابة والإخراج وهذا كله السبب في اقتصار الاهتمام بالدراما الإذاعية علي شهر رمضان فقط. ويضيف محمد السيد أن المسلسلات الإعلانية التي تكون أهدافها تجارية تؤثر أيضا في قلة عدد المسلسلات الجادة والهادفة التي تجذب المستمع وتجعله يشعر بها فأصبحت الدراما الإذاعية لا تمر علي لجان الدراما لضمان الجودة فكانت للأسف مأساوية تعانيها الدراما الإذاعية الآن وبالتالي لا يجد المستمع ما بمتعه في الإذاعة. وأخيرا يؤكد رمزي مجاهد مدير عام الدراما الإذاعية أن هناك العديد من المشاكل التي تؤدي لندرة الأعمال الدرامية الإذاعية أهمها انصراف وهروب المؤلفين والمخرجين عن الإذاعة إلي التليفزيون وذلك لفرق العائد الذي يحصلون عليه وهناك مشكلة تواجهنا في القطاع الخاص ومحاولة تدخله عبر إنتاجه الدراما الإذاعية والتي يفترض أن تعرض وجهة نظر السوق بعيدا عن الجودة التي تبحث عنها الإذاعة دائما لذلك نحاول بعد رمضان وضع خريطة منظمة لاستمرار الأعمال الدرامية الإذاعية وذلك باستقطاب الكثير من الكتاب والمخرجين الشباب بالإضافة لعدم الاقتصار علي نجوم الصف الأول فنستعين بنجوم الصف الثاني والثالث حتي تنخفض الأجور في العمل. أما بالنسبة للأجور فنحن نهتم بالامكانات الكبيرة للكاتب في كل وقت وليس في رمضان فقط كما يذكر لأننا دائما نبحث عن الجيد والجديد حتي يظل المستمع يحترم الإذاعة من خلال ما تقدمه من أعمال درامية ذات قيمة فنية.