تحية من القلب مقترنة بالتقدير والإجلال والاحترام أتوجه بها إلي الإذاعة المصرية في مناسبة احتفالنا بعيدها الثالث والثمانين كل الحب لهذا الصرح العالي القيمة والقامة الذي هو وبدون أدني شك السبب الرئيسي في صقل وتكوين الوجدان المصري والعربي الصرح الذي بث العديد والعديد من ألوان المعرفة والفنون والثقافة وأشاعها في القلوب والعقول لتكون ركائز بناء الوطن والمواطن ففي مثل هذا اليوم من مايو سنة1934 صدح عبر الأثير صوت كبير المذيعين أحمد سالم الذي أصبح بعد ذلك نجما سينمائيا مرموقا يعلن انطلاق جامعة اثيرية تقدم للناس في مصر والوطن العربي برامج علمية وثقافية وفنية تنير العقول وترفه النفوس وتهدهد القلوب ومنذ ذاك التاريخ أصبحت الإذاعة صاحبة التأثير الأعظم في مجال تكوين الشخصية المصرية حيث بدأ عهد جيد من التنوير استمع الناس من خلاله لغة جديدة محتواها ثقافة ترفه وترفيه يثقف فمن تلاوة وتجويد لآي الذكر الحكيم إلي أحاديث نافعة تهدي إلي طريق مستقيم ومن موسيقي يحلق من خلالها المستمع في أجواء من المتعة البريئة إلي أغنيات تبعث الشجن والجمال إلي تمثيليات تصور ألوان الحياة إلي مواكبة للاحداث المحلية والعالمية إلي الخوض في مشكلات المجتمع مع طرح وشرح للأحداث والتطورات التي يمر بها الوطن إلي مبادرات وتبني اقتراحات تهم المواطنين وكما هو معروف فيما كتب عن تاريخ الاذاعة أن الميكرفون طرح فكرة ان يكون للمصريين نشيد قومي يتغني به الشعب في الحفلات والأعياد القومية وقد تبنت الاذاعة هذه الدعوة بمناسبة سفر الفرق الرياضية المصرية إلي دورة برلين الاوليمبية سنة1936 وقد استجابت الحكومة لهذه الدعوة وشكلت لجنة رأسها أحمد لطفي السيد باشا من جامعة الملك فؤاد الأول وأقرت لحن النشيد كما نقلت الاذاعة حفل توقيع معاهدة سنة1936 من لندن ونقلت خطاب النحاس باشا الذي ألقاه في هذه المناسبة. الإذاعة منذ النشأة لقيت الاحترام والتقدير من المستمع فكان جهاز الراديو يوضع في مكان مرتفع علي رف في الصالة بعيدا عن أيدي الأطفال ومغطي بغطاء من القماش وعن يمينه وشماله كوب من الماء به زهرة تقديرا لمن علم المرأه كيف تعتني ببيتها وأسرتها وعلم الطفل حب وطنه وحفزه علي الاقبال علي المذاكرة وقدم له برامج تثري مداركه ليشب محبا لوطنه بل إن الراديو ثقف الفلاح الأمي في حقله وعلمه كيف يعتني بزراعته وكيف يتعامل مع محاصيله كيف يسمدها وكيف يحميها من الحشرات الضارة وثقف العامل في مصنعه وعلمه الإجادة في الانتاج. الإذاعة المصرية تاريخ من الكفاح ضد المستعمر لقد كانت المنبر الذي ارتقاه الثوار سنة52 ليزيجوا ملكا فاسدا وأحزابا لا هم لها الا التكالب علي الحكم, ميكروفون الاذاعة كان أيضا المنبر الذي أطل منه ثوار الشعوب الأفريقية والآسيوية حاثين شعوبهم علي الثورة ضد المستعمر, الإذاعة المصرية هي التي قامت بالدور الكبير في تحفيز المصريين في خروجهم ضد الاستعمار سنة56, سنة67 وهي صاحبه دور مشهود في بث الحمية في نفوس أبناء الوطن وقواته المسلحه عندما خضنا حرب العبور العظيم الإذاعة المصرية تستحق من الدولة أن تمد لها يد العوان لتعود لها الريادة الاعلامية وإن كنت أهيب بأبنائها وبناتها وبثاتها ان يتحركوا خارج ماسبيرو ليشاركوا المواطنين اهتماماتهم الحياتية ويقدموا في برامجهم آمال وطموحات أهل المحروسة وان يكونوا عونا في القضاء علي الأمية ان امية40% من أبناء مصر لن يمحوها الا ميكروفون الاذاعة وقد سبق ان كانت له تجربة ناجحة في هذا المجال وأعجب ان تاريخ الاذاعة المصرية من حيث النشأة والدور لم يحظ ببحوث تكشف عنه وتبرزه وتحكيه للناس رغم أننا نشاهد علي الساحة اكثر من خمس عشرة كلية للاعلام عليها ان تحث طلاب الدراسات العليا علي تقديم رسالاتهم حول هذا الصرح الباذخ الشامخ الذي يشع علما وثقافة وتنويرا وترفيها تحية للاذاعة في عيدها الثالث والثمانين..