مع مطلع شهر أكتوبر الماضي امتلأ الأثير الإذاعي بعبق زمن الإذاعة الجميل وذلك من خلال قناة إذاعية هي ماسبيروf.m, والتي تحتشد خريطتها بألوان من الفنون الإذاعية قدمها قبل عقود من الزمان أساتذة عظام أعطوا كل جهدهم للميكروفون وقدموا من خلاله عصارة أفكارهم في صورة درر إذاعية مازالت تعيش في وجدان الكثيرين ممن سعدوا بهذه البرامج, وكانوا أيامها في طور الطفولة أو في يفاعة الشباب. أطال الله أعمارهم لقد استعاد هؤلاء وهؤلاء ذكريات عزيزة وجميلة أيام أن كان الراديو هو وسيلة الإعلام الأولي, وكانت برامجه غاية في التألق تسعد القلوب وترفه عن النفوس, كان شعار برامج الإذاعة في سنوات خروجها المبكر إلي الأثير في ثلاثينيات القرن الماضي, وعلي مدي عقود عدة من السنين هو تقديم برامج ثقافية ترفه وبرامج ترفيهية مثقفة. وهو تعبير أطلقه مدير البرامج سعيد باشا لطفي شقيق رائد الثقافة والتنوير والسياسة لطفي السيد باشا, وهذا ما كان يحكيه لنا أستاذنا الراحل صاحب العزة علي بك خليل مدير عام البرامج. عندما التحقنا بالإذاعة في مطالع خمسينيات القرن الماضي, وكان رحمه الله صاحب عزة بالفعل فقد منحه القصر الملكي1950 رتبة البكوية, ولعله أول وآخر إذاعي يمنح هذه الرتبة, ونقول إن رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون ابنتنا صفاء حجازي, ومعها رئيس الإذاعة ابنتنا نادية مبروك أصابهما التوفيق عندما فكرتا وأخرجتا عبر الأثير هذه القناة الإذاعية أسوة بقناة ماسبيرو زمان التليفزيونية لتكون مجالا يلتقي من خلاله المستمع مع برامج لا شك أنها ستسعده وتثقفة وترفه عنه وترسم من خلالها صورة في ذهنه لعديد من النجوم الإذاعيين الذين عشقوا الميكروفون وجادت قرائحهم بفكر إذاعي كان له وقعه الجميل لدي المتلقين, خريطة هذه الإذاعة التي تبث برامجها من الساعة السابعة صباحا وحتي الثالثة بعد الظهر تحتشد فيها درر إذاعية, كان الناس قبل نصف قرن من الزمان يحتفون بها ويسارعون إلي سماعها لما تحويه من ثقافة ترفه وترفيه يثقف, مثلا يسعد المستمع عندما يصافح أذنه صوت المأمون الوشوسة رحمه الله وهو يقدم برنامجه الجميل صباح الخير الذي يجمع بين الطرفة الجميلة والقول المأثور شعرا ونثرا والحكمة والمواقف التي تحكي إشراقات التفاؤل وبث الأمل في النفوس, كما سيسعد المجتمع بصوت الرائد الإذاعي صبري سلامة, وهو يبث في لغة سليمة وأداء رصين برنامجه علي الماشي محتويا علي نماذج من الأدب الرفيع والحكايات الباسمة وبعضا مما يبعث علي العطاء للوطن, ثم تتوالي البرامج واحدا بعد الآخر طبيب العيلة لعواطف البدري مقدما النصائح الطبية علي ألسنة سدنة الطب ثم يصافحك صوت سامية صادق في برنامج فنجاي شاي ولقاءاتها مع أساطين الفن والأدب والثقافة وبرنامجها الآسرة البيضاء التي تقوم من خلاله بزيارات للمرضي في المستشفيات, ومعها فنانون ومطربون ليرفهوا عن المرضي, ويقدم طاهر أبو زيد برنامجه الأشهر جرب حظك الذي اكتشف المعدن من نجوم الشعر والزجل والقصة وقدم تجارب أناس جاهدوا وحققوا طموحاتهم, وهذا عباس أحمد مقدم أوائل الطلبة البرنامج الذي كان ينبوعا ثقافيا استفاد منه المستمع وهو ينصت إلي مباريات النجباء من التلاميذ وهم يتبارون من منهم يحرز قضب السبق, وهذه الرائدة تماضر توفيق تقدم برنامج مسابقات كان متعة للمتلقي, وهو برنامج العشرين سؤال ثم الرائدة صفية المهندس في برنامجها ركن المرأة الذي أصبح فيما بعد برنامج إلي بات البيوت ولا أستطيع أن أحصي البرامج العديدة التي تحتشد في خريطة هذه الإذاعة ومنها برنامج الهواة, وألف ليلة وليلة, ثم الصور الغنائية والمسلسلات التي كان الناس ينتظرون موعدها بفارغ الصبر, تحية لإذاعة ماسبيروf.m, ولعل الأبناء في الإذاعة الآن يأخذون منها القدوة ويقدمون برامج تسعد المستمع كما أسعدته برامج الرواد وتحية إلي المخرجين محمد لطفي وتامر شحاتة اللذين يعدان خريطة هذه الإذاعة.