أهدتني الإذاعية المرموقة الابنة العزيزة مرفت رجب كتابها سفر في سفر والذي يحتوي علي العديد من الرحلات التي قامت بها مؤلفته في أنحاء العالم بحكم عملها مترجمة فورية تعتمد عليها الهيئات العالمية في ترجمة الخطب والحوارات والمناقشات التي تلقي في المؤتمرات العالمية سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو ثقافية فهي تجيد أكثر من لغة إجادة تامة. ومرفت رجب لا تحكي في كتابها عن الجغرافيا والتاريخ بقدر ما تحكي عن الأحداث والتجارب وتراجيديا الحياة مما يجعل سفر في سفر أشبه بدائرة معارف ثرية وسجلا رائعا لأدب الرحلات, وبالطبع لا يمكن أن اختصر الكتاب في سطور أو صفحات وبالتالي فإن من يعشق حكايات البوح ومن يبتغي ثراء عقله بالمعرفة والتعرف علي ثقافات الشعوب فعليه أن يقرأ الكتاب حيث إنني في السطور التالية سأتحدث عن مرفت رجب أيقونة ماسبيرو عامة والإذاعة المصرية خاصة محييا في نفس الوقت الإذاعة المصرية التي أنجبت هذه الإذاعية المثقفة التي أثرت الميكروفون ببرامج لازالت تعيش في وجدان المستمعين. ذلك أن مرفت رجب منذ أولي خطواتها في سلم العمل الإذاعي فرضت علي نفسها أن تمنح الميكروفون حياتها وأحلامها, وبالتالي منحها الميكروفون نجومية جعلتها تقف في الصف الأول مع إذاعيات نابهات كتبن أسماءهن بحروف من نور في عالم الإعلام المسموع, فهي منذ النشأة الإذاعية قدمت إعلاما راقيا بعيدا عن التسطيح الذي يتفشي هذه الأيام منتشرا كالنار في الهشيم في عشرات الشاشات والميكروفونات. قدمت مرفت رجب إعلاما يعطي للمستمع غذاء من المتعة الذهنية أو كما يقول أساتذتنا العظام إعلاما محتواه ثقافة ترفه وترفيه يثقف, وكم كنت أسعد بطلتها عندما كانت تدخل مكتب رئيس الإذاعة والإشراق بادي علي وجهها. كنت أجزم بأنها ستقدم مقترحا ببرنامج إذاعي جديد يثري خريطة صوت العرب الشبكة التي أمضت سنين عديدة تصدح من خلالها ببرامجها النافعة والمفيدة المليئة بالمعارف كانت كل البرامج التي تقدمها مرفت رجب مشحونة بالثراء الثقافي, ولذلك لم أكن أناقشها في مفردات البرنامج ثقة مني في أن ما ستقدمه سيثري خريطة صوت العرب وهدفه تثقيف العقل وشرح الصدر. وأذكر فرحتي بتسلمها مركز قيادة التليفزيون في مطالع هذا القرن ساعتها أحسست أن الشاشة ستكون أكثر زهوا دون زيف وكانت التهنئة المقرونة بالخوف علي الأيقونة أن تنكسر ولكن الزبانية تكاثروا عليها والصغار تفوقوا علي القيمة والقامة, ولذلك كان عمرها التليفزيوني قصيرا ولكن النفوس القوية العامرة بالإيمان والقدرة علي تخطي الصعاب واجتياز الموانع وارتقاء الحواجز وهي صفات تتحلي بها مرفت رجب جعلتها أكثر تحديا فكان الانطلاق إلي آفاق رحبة أثبتت فيها ذاتها, وقالت كلمتها وحققت إرادتها فكان الانتشار العالمي في مجال الترجمة الفورية في المؤتمرات والاجتماعات الدولية, وبالتالي كانت فرصة سانحة لها لكي تتحفنا بكتاباتها عن الشعوب التي زارتها ولقاءاتها مع الناس نتعرف علي تجاربهم وتصييغها في صفحات تجعلنا ونحن نقرؤها, وكأننا مسافرون معها نشاهد الأماكن ونلمس الأحداث بل ونعيش فيها مهنة الترجمة الفورية تنتهج ضبط الكلمات واللغة والمعني, ولذلك نري مرفت رجب في كتابها سفر في سفر منضبطة سهلة الأسلوب. صانعة ماهرة للغة خاصة بها تثير البهج وتنشر البسمة.