شهد اليوم الثاني للاستفتاء علي مصير جنوب السودان أمس تصاعدا لوتيرة العنف علي نقاط التماس بين الشمال والجنوب, حيث قتل32 شخصا في اشتباكات بين بدو عرب وجيش جنوب السودان كما قتل17 من قبيلة المسيرية, وأصيب30 في اعتداءات نفذتها قبيلة دينكا نقوك في منطقة إبيي المتنازع عليها والغنية بالنفط. يأتي ذلك في وقت دعا فيه الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلي تمكين الناخبين في السودان من الوصول إلي مراكز الاقتراع,بحيث يكونوا قادرين علي الإدلاء بأصواتهم بحرية دون ترهيب أو إكراه ولمدة أسبوع علي تقرير مصير جنوب السودان. وقال في بيان رئاسي صادر عن البيت الأبيض إنه علي كل الأطراف أن تتجنب العبارات الخطابية الملهبة للمشاعر أو الأعمال الاستفزازية التي قد تثير التوترات وتحول دون تمكين الناخبين من التعبير عن إرادتهم, منوها بأن العنف في أبيي( المتنازع عليها بين الشمال والجنوب) يجب أن يتوقف. و أكدت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التزام الولاياتالمتحدة بالأمن والرخاء علي المدي البعيد لكل من شمال السودان وجنوبه ومواصلة دعم الشعب السوداني. جاء ذلك في بيان صحفي صادر عن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون حول الاستفتاء في جنوب السودان, ووزعه أمس مكتب المتحدث الرسمي للوزارة في واشنطن. وقالت كلينتون- التي تقوم حاليا بزيارة لدولة الامارات العربية المتحدة-في البيان الصحفي:' إن البداية الناجحة للتصويت للاستفتاء الجاري في جنوب السودان تمثل خطوة تاريخية نحو تطبيق اتفاقية السلام الشامل في السودان. ورحبت فرنسا ببدء عملية الاستفتاء علي تحديد مصير جنوب السودان في الموعد المحدد. واعتبرت فرنسا- في بيان صادر عن وزارة خارجيتها أمس- أن إجراء استفتاء يتسم بالحرية والشفافية يعد مرحلة مهمة نحو التنفيذ الكامل لاتفاق السلام الشامل الموقع في عام2005 في نيفاشا, داعية الأطراف المعنية إلي الالتزام بتعهداتها وإتاحة إجراء هذا الاستفتاء في هدوء. وأكد المبعوث الرئاسي الروسي للسودان, ميخائيل مارجيلوف, أمس استعداد الرئيس السوداني عمر البشير ورئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت لتقبل نتائج الاستفتاء الذي يجري حاليا بشأن مستقبل جنوب السودان معربا عن أمله في أن يعمل كلا القائدين علي منع اندلاع موجة جديدة من الحرب الأهلية. و نقلت وكالة أنباء إنترفاكس عن مارجيلوف قوله في اتصال هاتفي معه في الخرطوم' إن القوي السياسية السودانية استطاعت اليوم أن تتحاور فلهم مصالح مشتركة وآمل ألا تكون تلك المصالح اقتصادية فقط'. وقال زعماء في أبيي المتنازع عليها أمس إن32 شخصا علي الأقل قتلوا في اشتباكات بين رجال قبائل وبدو عرب قرب الحدود بين شمال السودان وجنوبه. ويشير محللون الي أن أبيي هي المكان الذي يرجح أن تتحول فيه التوترات بين الشمال والجنوب الي أعمال عنف اثناء التصويت وبعده. والاستفتاء هو ذروة اتفاق السلام الذي أنهي عقودا من الحرب الأهلية. واتهم زعماء قبيلة دينكا نقوق المرتبطة بالجنوبالخرطوم بتسليح ميليشيات عرب المسيرية بالمنطقة في اشتباكات وقعت أيام الجمعة والسبت والأحد وقالوا إنهم يتوقعون المزيد من الهجمات في الأيام القادمة.وقال جيش جنوب السودان ان الشمال يدعم ايضا مقاتلين منشقين شاركوا في اشتباكات وقعت في الآونة في ولاية الوحدة المنتجة للنفط. وأفادت الانباء الواردة الي الخرطوم أمس من منطقة' أبيي' بوقوع17 قتيلا واصابة30 من أفراد قبيلة المسيرية خلال اعتداءات نفذتها قبيلة' دينكا نقوك' في اليومين الماضيين في الجزء الشمالي الغربي من المنطقة. وتوصف حالات بعض المصابين بأنها خطيرة, مما يرشح عدد القتلي الي الارتفاع. وكان أحمد هارون والي جنوب كردفان قال إنه ستنعقد سلسلة من الاجتماعات خلال الساعات القادمة لاتخاذ إجراءات تنفيذية لحل كل الاشكالات التي أدت لهذه الأحداث. وأوضح أن اجتماعا سيعقد بين وزير الداخلية الاتحادي ووزير داخلية حكومة الجنوب وممثلين لمجلس الدفاع المشترك لمعالجة النواحي الأمنية والعسكرية بجانب اجتماع آخر يضم الادارة الأهلية غدا الاربعاء. وكانت عمليات الاستفتاء قد انتهت أمس في أجواء من الهدوء والامن, وتبقت5 أيام يستمر خلالها الجنوبيون في الادلاء بأصواتهم بالولايات المختلفة شمالا وجنوبا. ووصف اقبال المواطنين علي مراكز الجنوب أمس بأنه أقل كثافة مقارنة بأمس الاول الذي كان يوم عطلة هناك, فيما استقر الاقبال علي حاله بالمراكز الشمالية والذي وصف بالمقبول, بعد تمديد فترة الاستفتاء الي السادسة مساء بدلا عن الخامسة. من جهة ثانية, أعلن مدير مكتب مفوضية جنوب السودان للاستفتاء, شان ريج مادوت, أن نتائج الاستفتاء ستعلن يوم14 فبراير المقبل وأن مكتب جنوب السودان سيعلن عن النتائج الأولية قبل إعلان النتائج النهائية. من جهتها, أكدت وزارة الداخلية السودانية هدوء الاحوال الامنية وسلامتها بمراكز الاستفتاء. وقال المهندس ابراهيم محمود حامد وزير الداخلية إن قوات الشرطة تضطلع بواجباتها القانونية في حفظ الامن والاستقرار بالولايات المختلفة. وجدد خلال جولة قام بها لعدد من مراكز الاقتراع بولاية الخرطوم, التزام وزارته بحماية الحق الدستوري لمواطن الجنوب كآخر استحقاق لاتفاقية السلام الشامل والتي بدأت أمس بمرحلة الاقتراع لتقرير مصير الجنوب. وعلي الصعيد نفسه, جدد الفريق اول هاشم عثمان الحسين مدير عام قوات الشرطة لدي تفقده عددا من مراكز الاقتراع بالخرطوم, جاهزية قوات الشرطة لتأمين عملية الاستفتاء والمضي قدما بذات النهج الذي سارت عليه عملية الاستفتاء أمس الاول وأمس.