امبراطور الفيزياء ملك التاريخ برنس العربي دكتور الكيماء هذه الالقاب لا تخص نجوما يقومون ببطولة افلام سينمائية لكنها اسماء مدرسين, انهم اباطرة الدروس الخاصة التي اصبحت ظاهرة تعاني منها معظم الاسر.. وحاليا يبلغ متوسط انفاق الاسرة علي الدروس الخاصة نحو1500 جنيه, وقبل سنوات قدرت بعض الدراسات حجم الانفاق علي الدروس الخاصة بنحو13 مليار جنيه سنويا.. في سنوات سابقة كان الطالب الذي يضطر للدرس الخاص يعد مريضا يذهب لعيادة مدرس بدلا من المستشفي العام او المدرسة, ولكن السلوك اصبح الان ظاهرة والاكثر اثارة للدهشة هو اعلان المدرسين عن انفسهم بصراحة وبدون خوف من عمل لا يقره القانون. في جولاتنا بالشوارع رصدنا عددا من اللافتات المثيرة للاستفزاز والدهشة ولا تقتصر أساليب الدعاية علي ذلك فيقومون بتوزيعها امام المدارس ومحطات المترو, وتطورت من مجرد ورقة للدعاية ويقوم بعض المدرسين بتوزيع كشاكيل واقلام باسم المدرس وارقام تليفوناته ليثبت ان هناك ميزانية اصبحت مخصصة للدعاية والاعلان والاكثر طرافة هو العروض المقدمة من مراكز الدروس الخصوصية فالبعض يقدم الاسبوع الاول مجانا, ويصل سعر الاشتراك الشهري ببعض المراكز الي150 جنيها ويصل ما يحصل عليه المدرس الخصوصي في فترة الامتحانات فقط إلي حوالي نصف مليون جنيه. رصدت الاهرام المسائي بعض الصور في مختلف الشوارع وبدأنا الاتصال بالارقام لمعرفة اسعار الدرس الخصوصي للاتفاق معه, وكانت البداية مع امبراطور التاريخ( ص.ح) الذي اكد لنا ان اغلب المجموعات كاملة العدد منذ الاجازة الصيفية, ولا يوجد مكان خال وبعد الحاح شديد اعلن لي عن الفرصة الذهبية بمكان باحد المراكز المتعاقدة معه, ويصل سعر الحصة إلي30 جنيها, وعندما حاولت التفاوض معه علي السعر انفعل وحملني مسئولية عدم اللجوء له منذ بداية العام الدراسي, خاصة وانه معروف بانه افضل مدرس بالمنطقة. تحديد مستوي اما دكتور الكيمياء ج, ع فشعرت اثناء حديثي معه كأنني متهمة ويتم استجوابي, وكان اول سؤال وجهه هو ما هو مستوي ابنك, فأجابته بأن مستواه جيد فقال لازم اعمله تحديد مستوي علشان اعرف مستواه فأجابته مفيش مانع ثم فاجأني بان امتحان تحديد المستوي ب20 جنيها واذا لم يتجاوز ال80% لن يقبله. ومن الامبراطور والدكتور لنجم نجوم اللغة الانجليزية والذي تبدأ الحصة الدراسية معه من35 جنيها واكد لي ان جميع تلاميذه يحققون اعلي الدرجات, وان مواعيد الدروس تبدأ من12 ظهرا فأعربت له عن تعاطفي معه ومع مهنته الشاقة, وسألته كيف تتمكن من التوفيق بين الدروس ودوره في المدرسة, فأجبني انه لا يقوم بالتدريس في المدرسة, وعندما سألته لماذا؟ ارتبك واكد انه كان في السابق يعمل باحدي المدارس ثم تركها للتفرغ للعمل بالمركز. استاذ مصر الاول المتخصص في الدرجة النهائية الصعود الي القمة ليس صعبا مع نقدم لكم نخبة من اساتذة في مختلف المواد عبارات رنانة للدعاية عن الدروس الخصوصية وكأنها شيء مشروع, ويختلف سعر الدرس حسب العدد واذا كانت مشكلة المدرسة هي ارتفاع كثافة الطلاب فتأكد ان العدوي اصابت هذه المراكز لتتحول الي نموذج اخر من المدارس الحكومية, واذا كان باحد المراكز وليس بالمنزل يدفع الطالب من جنيه الي اثنين فوق ثمن الحصة, استغلال واستنزاف علني لاولياء الامور, فلا تجد الان طالبا لا يأخذ درسا خصوصا واولياء الامور لا يجدون امامهم سوي الالتزام بالشروط والقواعد التي يحددها المدرس والمركز. عبء علي الأسرة أولياء الأمور كشفوا عن استيائهم من اسعار الدروس الخصوصية, لكنهم أكدوا اهميتها واعلنوا عن استسلامهم لمافيا الدروس الخصوصية, وانها لامفر منها فتقول هدي محمود موظفة وربة منزل لثلاثة اطفال بمراحل تعليمية مختلفة ان الدروس الخصوصية والكتاب الخارجي امر واقع, ولاتقتصر علي المرحلة الثانوية فقط ولكن بكل المراحل التعليمية وأن العام الدراسي يلتهم ميزانية الاسرة. وتؤيدها في الرأي شهيرة كمال( ربة منزل وام لطفلين) فتري ان العام الدراسي عبء كبير علي الاسرة المصرية من زي مدرسي وادوات مكتبية ومصروفات المدرسة وكابوس الدروس الخصوصية التي تبدأ من الاجازة الصيفية نظرا لان المدرسين بالمدارس لايقومون بواجبهم واصبحوا موظفين وليسوا مدرسين, وهذا ساعد علي تردي اوضاع التعليم بشكل عام. ولايختلف رأي الطلبة كثيرا عن اولياء الامور, إذ يؤكدون انهم لايستغنون عن المدرس الخصوصي, ويعتبرونه السبيل لتحقيق اعلي الدرجات والصعود الي القمة ولكنهم أكدوا انهم يقومون باختيار المدرس بعناية بسؤال الاقارب والاكبر سنا, فيقول عمر محمد طالب بالصف الثاني الثانوي انه بمجرد الخروج من باب المدرسة يجد سيلا من الاعلانات التي توزع والكراسات التي تحمل اسم المدرس والمركز والتليفون والعنوان, للدعاية عن انفسهم ويعتبر وقت المدرسة مضيعة للوقت ويمكن الاستغناء عنها لكن لايمكن الاستغناء عن المدرس الخصوصي. ومنذ تولي الدكتور احمد زكي بدر وزارة التربية والتعليم وهناك حالة من الثورة تشهدها العملية التعليمية واخرها ازمة الكتب الخارجية التي مرت بسلام بتخفيض الرسوم والتزام الناشرين بدفعها, ومازالت الكتب الخارجية موجودة والكتاب المدرسي كما هو عليه ولكن مع بداية العام الدراسي استغل اباطرة الدروس الخصوصية هذه الأزمة بالمغالاة في اسعار الدروس و المذكرات الخاصة التي تصل الي100 جنيه فكيف سيتصدي لأباطرة الدروس الخصوصية؟ تضاربت تصريحات الوزير ففي البداية اعلن انه لايمكن التصدي للدروس الخصوصية, ثم اعلن ان حربه القادمة مع مدرسي الدروس الخصوصية. طرحنا الامر علي الخبراء فيوكد الدكتور يسري عفيفي الخبير التربوي ان الدروس الخصوصية قنبلة موقوتة, مثلها مثل الكتاب الخارجي ومتسلقان علي الكتاب المدرسي والمدرسة, ولكنه يؤكد ان البيئة التعليمية هي التي ساعدت علي ظهورهما من قصور الكتاب المدرسي في المادة المقدمة, وتسببت ازمة الكتاب الخارجي في رواج سوق الدروس الخصوصية واقبال الطلبة واولياء الامور علي الدروس الخصوصية, وما يتم توزيعه من مذكرات وملازم وهي لاتخضع للرقابة من اي نوع. ويتهم واضعي اسئلة الامتحان بالغباء مطالبا بمعايير مختلفة لوضع الامتحان بان يستهدف رفع اداء الطالب وقدرته علي المنافسة والتميز واعترض علي فكرة فرض الضرائب التي يطالب بها البعض للسيطرة علي الدروس الخصوصية, واعتبرها احد الاساليب البوليسية التي لاتصلح لمحاربة الدروس الخصوصية لانها قضية تربوية وليست شرطية. للعلاج فقط ظاهرة الدروس الخصوصية موجودة منذ الستينيات وكانت وسيلة للعلاج فقط يلجأ اليها الطلاب في حالة عدم استيعابهم للمادة العلمية ويطلبها الطلاب علي استحياء, وكان المدرس يتطوع لايضاح الفكرة للطالب بدون اي مقابل, ولكنها الآن اتخذت شكلا انتهازيا واستغلاليا من قبل اصحاب المراكز, هذا ما تؤكده الدكتورة مي شهاب استاذة التربية بالمركز القومي للبحوث التربوية, وتتمني ان ينجح وزير التربية والتعليم في حملته علي الدروس الخصوصية مثلما انتصرت الوزارة علي ظاهرة الكتب الخارجية لتعيد لنا بارقة الامل, مضيفة ان أكبر6 دور نشر اقتنعت انها حق الوزارة ودفعت حق الملكية الفكرية, واستوفت الشروط والتعديلات المطلوبة, وتمت الموافقة عليها وطباعتها بنفس الاسعار, وحصلت علي الترخيص, وتوزع الآن بشكل قانوني. وتوضح ان اساليب الجذب التي يلجأ اليها مدرسو الدروس الخصوصية ابعد ما يكون عن العلم والتعليم, وكلها اسماء وهمية ظهرت نتيجة تحول الدروس الخصوصية الي عملية تجارية بحتة. براءة الكتب الخارجية ولكن الدكتور احمد العروسي الاستاذ بالمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية يؤكد ان ازمة الكتب الخارجية بريئة من ارتفاع اسعار الدروس الخصوصية. وارجع سبب الارتفاع الي تزامن ارتفاع كافة الخدمات والسلع بشكل عام, واعتبره نتاجا طبيعيا لما تعانيه الاسواق من ارتفاع الخدمة. ولكنه عاد ليؤكد انهم استغلوا الازمة اسوأ استغلال حيث كان يتم توزيع الكتب الخارجية من خلالهم, مضيفا ان دروس الستينيات والسبعينيات تختلف عن الوقت الحالي, وان المدرس كان يتحكم في اعمال السنة وكان الاهالي لايجدون في المدارس الجو الملائم لابنائهم, خاصة وان طرق التدريس اصبحت تقليدية موضحا ان السبب الرئيسي للدروس الخصوصية في المرحلة الثانوية هو علاقتها بالالتحاق بالجامعة, فرغم ان هناك دروسا خصوصية بمرحلة التعليم الفني والتجاري لكن لا احد يوليها اهمية, وهذا يعكس انهيار هذه الفئات وعدم الاهتمام بها. وتابع قائلا الدولة بدأت تدريجيا ترفع يديها عن الصحة والتعليم والسكن والعلاج, وتتحول الي القطاع الخاص وأصبح من يحصل علي93% في نتيجة الثانوية لايجد له مكانا في كليات القمة, ويلتحق الكثيرون من اصحاب المجاميع المرتفعة بنظام الانتساب وهذا تسبب في تحول فترة الثانوية العامة الي فترة انتحارية للطالب وولي الامر, والبعض الآخر يلجأ الي الجامعات الخاصة التي لاتقل عن40 الف جنيه سنويا, ولاتستطيع الطبقة المتوسطة بالطبع ان تلتحق بها. ويري الدكتور العروسي ان اخطر مافي الدروس هو بدايتها في الاجازة الصيفية ليدخل الطالب العام الدراسي ومعه حوالي ثلث المنهج, وهذا يجعله لايسعي الي تحصيل المادة من مدرس المدرسة, مشددا علي ضرورة الغاء فكرة التلقين والحفظ وتقديم المادة الجامدة والجافة ويعترض بشدة علي فكرة فرض الضرائب علي هؤلاء المدرسين معتبرا ذلك اعترافا بالظاهرة بدلا من تجريمها موضحا ان ارتفاع اسعار الدروس هذا العام جاء نتيجة ارتفاع اسعار تأجير المراكز بنسبة50% عن العام الماضي. ويضيف أن الابلاغ عن المدرسين الخصوصيين نوع من الصراع واسلوب غير سليم مطالبا بوجود إدارة سياسية واضحة لتطوير التعليم, ويشارك بها كل مسئول باعتباره هدفا قوميا, ويري ان الحل هو انشاء جامعات جديدة بتخصصات جديدة فمنذ20 سنة وعدد الكليات الحكومية واحد, رغم اختلاف احتياجات سوق العمل وارتفاع عدد الطلبة, وفي المقابل هناك زيادة في عدد الجامعات والمعاهد الخاصة التي لا تقدم مستوي علميا جيدا. ولكن الدكتور ناصر علي الخبير التربوي يري ان فرض الضرائب واجب فرضه علي المدرسين, ويكون لكل منهم ملف ضريبي يدفعه, ليفوا بحق الوطن لما يحصلون عليه من ملايين سنويا, ويعترض بشدة علي أسلوب دعاية المدرسين فيحاول كل منهم ان يبحث عن اسم شهرة وتبدأ بتعليق البوسترات وتوزيع الإعلانات أمام المدارس ومراكز الدروس الخصوصية للدعاية عن انفسهم. خارج السيطرة أما الدكتور محمود محيي الخبير التربوي فيري ان الدروس الخصوصية ظاهرة مجتمعية يصعب السيطرة عليها, لأن أغلب المدرسين في المراكز لا يتبعون وزارة التربية والتعليم ولا تتعدي نسبتهم20% فقط من مدرسي المراكز, ولا يلوم أولياء الأمور في الدروس الخصوصية, لانهم إن وجدوا في العملية التعليمية ما يبحثون عنه فلن يلجأوا إلي المدرس الخصوصي. ويطالب الوزير بإقالة اي مدرس تابع للوزارة إذا أعطي دروسا خصوصية, وفي ذات الوقت الاهتمام بتنفيذ الكادر للمدرسين لأن تراجع الوزارة عن تطبيق الكادر هذا العام حرم المدرسين من الحصول علي حقوقهم, فكل مدرس رسب العام الماضي كان يأمل أن ينجح هذا العام. ويصف السيد عطية الفيومي وكيل لجنة التعليم بمجلس الشعب ازمة الدروس الخصوصية بأنها أزمة شائكة لأن أغلب الأسر المصرية اعتادت عليها, وتبدأ الدروس الخصوصية من الحضانة الي المرحلة الجامعية, ويري الحل في الاهتمام بمجموعات التقوية وزيادة المقابل المادي لمدرسي هذه المجموعات, لتكون تحت إشراف المدرسة ويكون مكان الدرس الخصوصي في المدرسة وتحت إشرافها داخل اطار المديرية لانقاذ الأسرة منها هذا الاستغلال, ووقف كافة أشكال الدعاية لانها تجارة غير مشروعة تحتاج الي تقنين. مافعله الوزير كان وزير التربية والتعليم الدكتور أحمد زكي بدر قد استطاع منذ أيام ملاحقة وضبط مدرس قام بتوزيع مواد تعليمية في شكل مذكرات وسيديهات لطلبة المرحلة الثانوية, وقام بتوزيع بوسترات إعلانية عنها وبأسعارها في عدة مناطق, وتوصلت الوزارة لكل بيانات المدرس وستقوم بابلاغ الجهات المسئولة لاتخاذ الاجراءات القانونية ضده في محاولة منها لمحاربة الدروس الخصوصية. وللتعرف علي خطة الوزارة في المرحلة القادمة لمواجهة مدرسي الدروس الخصوصية توجهنا بالسؤال الي الدكتور عادل شكري مستشار وزير التربية والتعليم للتطوير الاداري فقال إن إقبال اولياء الأمور علي هذه المراكز هو السبب في جشع اصحاب المراكز والدروس وإن اولياء الأمور هم من جعلهم يتفرعنون بهدف الحصول علي اعلي الدرجات وهناك معايير جديدة ستطبق علي الامتحانات لقياس معارات الطالب وإن الوزارة لا تمتلك اي خطة واضحة حتي الآن للقضاء علي الدروس الخصوصية ولكنها تمتلك القوة الحقيقية لاصلاح العملية التعليمية والقضاء علي الامبراطور والملك.