انفض مولد الثانوية العامة بنهاية الامتحانات وختام موسم الدروس الخصوصية، وانتهي العام الدراسي الطويل والمرهق، بعد العديد من الحكايات سواء عن دراما الامتحانات بما تحوي من صعوبة وأخطاء واغماءات ولعنات وبكاء، واَخرها حكاية التلميذة "المعارضة" اَلاء ابنة شربين التي كاد أن يدمر مستقبلها مدرس "مزايد" وأنصفها رئيس الجمهورية. وأبرز الدروس المستفادة من العام الدراسي الطويل والتي نأمل أن تكون في ذهن الوزير الجاد يسري الجمل وزير التربية والتعليم والذي اهتم بجودة التعليم ونسي جودة المدرسين .. هي توحش واستفحال ظاهرة الدروس الخصوصية هذا العام والتي تحولت إلي نظام تعليمي غير شرعي يعمل في السوق السوداء، ويديره أباطرة أو حيتان أو مافيا الدروس، والذين دخلت جيوبهم هذا العام أكثر من 15 مليار جنيه من قوت أولياء أمور التلاميذ وأغلبهم من محدودي الدخل في حين تصل ميزانية التعليم ككل حوالي 7 مليارات جنيه.؟ وهذا الرقم الضخم الذي يدفعه الطلبة لمدرسيهم "الخصوصيين" والذي يستنزف ميزانية الأسرة المحملة بالأعباء وغلاء الأسعار جاء في دراسة أعدها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء العام الماضي والتي اكدت ان حوالي 70% من الطلاب يعتمدون علي الدروس الخصوصية، بل اكدت لجنة التعليم بمجلس الشعب العام الماضي ان جملة انفاق الاسرة علي الدروس الخصوصية حوالي 12 مليار جنيه، وبالطبع هذا الرقم زاد كثيرا هذا العام بعد ان توسعت المراكز الخاصة بإعطاء الدروس دون رقابة، واتباع طرق جديدة للإعلان عن مزايا بعض المدرسين الخصوصيين وعدم وجود كادر خاص للمدرسين يساهم في تحسين احوالهم المعيشية ويوفر لهم معيشة كريمة ويغني بعضهم عن اعطاء الدروس. ورغم قيام الدولة بإغلاق العديد من مراكز الدروس الخصوصية ومعاقبة وزارة التعليم للعديد من المدرسين الخصوصيين بالفصل والإبعاد إلي وظائف غير تعليمية وملاحقة مديرية التربية والتعليم بالقاهرة وبجهود جبارة لتلك المراكز غير الشرعية، وهؤلاء المدرسين "التجار".. إلا أن تلك المراكز ظلت تعمل حتي ساعات الفجر وبكثافة بل زادت اسعارها في أوقات المراجعة وقبل دقائق من الامتحانات. كما ان العديد من المدرسين "السوبر" يقومون حاليا وبعد ساعات من انتهاء امتحانات الثانوية العامة بتلقي طلبات الحاجزين من الطلبة والطالبات خاصة المرحلة الثانوية لأخذ دروس في العام الدراسي الجديد والترويج للدروس يبدأ بتوزيع الملصقات، مرورا بالتجول بسيارات معلق عليها ميكرفونات في القري والاحياء الشعبية للدعاية للمدرسين ومراكز الدروس، كما ان بعض المدرسين الهاي كلاس يفرضون أنفسهم علي شبكات الانترنت كي يعطوا دروسا لأبناء الصفوة! وبالطبع مادام معظم الطلبة يعلمون تماما أن الشرح الحقيقي للدروس يكون أثناء الدروس وليس في حصص المدرسة وأن النصف الثاني من العام يكون الاعتماد فيه علي المدرس الخصوصي وليس مدرس المدرسة بدليل ظاهرة "الغياب" المنتشرة بين طلبة الثانوي فإن الاعتماد الاساسي يكون علي المدرسين الخصوصيين وتصبح مراكز الدروس الخصوصية هي البديل الواقعي للمدارس الحكومية. ومادامت الدولة فشلت في القضاء أو تحجيم ظاهرة الدروس الخصوصية، وإذا كانت أموال الأسر تدخل في جيوب حيتان الدروس الخصوصية.. رغم مجانية التعليم فما المانع من الاعتراف بالامر الواقع وتقنين ظاهر الدروس الخصوصية وتنظيمها بقانون لتكون تحت اشراف الدولة ورعايتها.. وتأخذ وزارة التربية والتعليم حصتها القانونية من مليارات الدروس الخصوصية.