وانتهي المولد.. مولد الثانوية العامة الذي قلما يوجد بيت إلا وكان فيه أحد مجاذيبه.. صراخ وبكاء وعويل مشهد يتكرر كل عام في امتحانات الثانوية من جانب الطلاب وأولياء الأمور بسبب صعوبة أسئلة بعض المواد.. وبيانات وتصريحات محفوظة ومتكررة من جانب وزارة التربية والتعليم تؤكد أن الامتحان من الكتاب المدرسي وأن ارتفاع نسبة نجاح العينة يؤكد كذب ادعاءات الطلاب وأولياء أمورهم.. لينفض المولد.. ويهدأ الضجيج.. وينتظر الجميع «الحمص» أقصد المجموع.. وليكتشف الطالب أن حصوله علي 95% لا يؤهله للالتحاق بالكلية التي يرغبها ويريدها ولو حتي من باب المنظرة والمظهر الاجتماعي. نظام تعليمي عقيم.. يفرز كل عام طابوراً طويلاً من العاطلين الجامعيين.. لتكتشف أغلب الأسر المصرية في النهاية أنها كانت تجري وراء السراب.. وأن سهر الليالي ومصاريف الدروس الخصوصية كانت مجرد «نذور» للمولد الذي انفض.. وأن نهاية الحصاد التعليمي «كئيبة».. مجرد شهادة يتسلمها الطالب ليجلس في بيته منكبا علي جهاز الكمبيوتر يتصفح مواقع الإنترنت.. ويقضي بقية يومه علي «الكافيه».. هذا إذا كان من أسرة ميسورة الحال.. أما الذي ينتمي إلي أسرة فقيرة غلبانة ستجده يجوب شوارع المحروسة بحثاً عن فرصة عمل.. ويرضي في النهاية بأي «شغلانة» حتي لو كانت بيع الساعات والولاعات والنظارات لرواد المقاهي!! والسؤال.. إذا كانت تلك هي المحصلة التي يفترض أنها باتت معلومة مسبقاً للجميع.. لما إذن كل هذا الصراخ وهذا الضجيج في امتحانات الثانوية كل عام.. فالواقع يقول إن أكثر من 90% من الناجحين في الثانوية يلتحقون بكليات تتوافق فقط مع مجموعهم وليس ميولهم.. وإذا سألت أحداً لماذا اخترت تلك الكلية سيرد عليك «التنسيق هو اللي اختار»!! هذا هو الحال.. والجميع يعلمه من مسئولين وأولياء أمور وطلاب.. نظام تعليمي فاشل يفرز خريجين أغلبهم لا علاقة له بسوق العمل.. ليزداد طابور العاطلين وترتفع نسبة البطالة.. مؤتمرات وبحوث ودراسات سمعنا عنها بهدف تطوير منظومة التعليم الجامعي وقبل الجامعي.. ورغم ذلك يبقي الحال علي ما هو عليه.. ربط التعليم باحتياجات سوق العمل.. جملة تتكرر كل عام تماما مثل نقل الوزارات خارج القاهرة.. فلا الوزارات تم نقلها.. ولا نظام التعليم تطور.. والتعليم في وادٍ.. وسوق العمل في وادٍ آخر!.. ويبدو أننا معجبون بهذا المولد.. لتبقي الثانوية العامة «هامة».. ولتستمر في نفس الوقت الضجة العامة كل عام!!