لم يحدث أن أثار وزير كل هذه العواصف في القطاع التعليمي, كما فعل الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم فقد دخل عش الدبابير.. وتصدي للتسيب في المدارس.. وتعامل مع ملف تطوير المناهج بكل جدية. وسعي لتطوير العنصر البشري بكل ما أتيح له من طاقات وامكانات.. لكنه في النهاية موضع خلاف.. فأولياء الأمور تفاءلوا به لينقذ أبناءهم من حالة التردي التي تعيشها المدارس.. أما المدرسون فقد غضبوا لأنه واجه تجاوزاتهم بكل حسم.8 شهور فقط قضاها وزير التربية والتعليم في منصبه, وقد تسلم المدارس في ظروف صعبة نتيجة انتشار مرض انفلونزا الخنازير.. فأغلقت المدارس.. وتغيب الطلاب عن الدراسة.. لكنه استطاع أن يضع بصمته علي جدار العملية التعليمية.. وحقق العديد من الإنجازات في كيان ينقصه الكثير.. وبرغم التحديات يقسم أنه لن يهدأ.. ولن يكل ولن يمل من الجولات المفاجئة علي المدارس حتي لو كانت في الصحراء.. وأنه سيقف بالمرصاد لكل من يتجاوز سواء كان طالبا أو مدرسا أو مديرا أو حتي مدرسة خاصة حتي يصلح أحوال التعليم.. فالجميع أمامه سواء! ذهبنا إليه.. وفتحنا معه كل الملفات الشائكة.. سألناه عن تطوير المدارس والمناهج.. ناقشناه في أحوال المدارس الخاصة وتجاوزاتها.. تحدثنا معه عن ظاهرة الدروس الخصوصية, وأزمة الكتاب الخارجي, ومشروع تحسين التعليم الثانوي, وأفكاره لإصلاح العملية التعليمية.. فإلي التفاصيل: الأسرة المصرية فقدت الثقة في المدرسة وبالتالي لابد أن تلجأ إلي الدروس الخصوصية.. وتشعر بعدم فعالية الكتاب المدرسي فتلجأ إلي الكتاب الخارجي.. كيف تعيد الثقة لأولياء الأمور؟ وزير التربية والتعليم: أولا كلنا نعرف أن المدرسة منظومة شاملة تتضمن المبني والتجهيزات والمدرس والمنهج, هذه المنظومة من السهل جدا توفيرها.. فأنت لكي تبني مدرسة تحتاج إلي امكانات مالية.. وتجهيزها يحتاج إلي أدوات وأجهزة حاسب آلي, الدولة وفرت مبالغ كبيرة للقيام بهذه المهمة سواء من ميزانياتها أو من خلال المنح الخارجية أو برامج التعاون الدولي وغيرها.. أما المدرس فهو المشكلة الأصعب لأنه العنصر البشري الأهم في الموضوع كله, وهو يحتاج إلي تدريب كبير جد, والحقيقة أنه تم خلال الفترة الماضية تدريب نحو800 ألف مدرس من مليون و200 ألف مدرس, وهؤلاء المدرسون تم تدريبهم علي المواد التعليمية.. والتدريب تم عن طريق الوزارة, ومع برامج أجنبية, وبالتعاون مع وزارات مثل وزارة الاتصالات, ووزارة التنمية الإدارية واليونسكو وكل الجهات التي تتعاون مع وزارة التربية والتعليم, والتدريب تم علي المادة العلمية ذاتها, واستخدام وسائل التكنولوجيا في التدريس, كذلك تم تدريبهم علي تكنولوجيا المعلومات وأجهزة الكمبيوتر والمعامل, فضلا عن قانون الكادر الذي صدر مؤخرا.. صحيح أنه لا يحقق طموحاتهم كمعلمين, ويحتاجون إلي مرتبات تتناسب مع المهنة, والجهد الكبير الذي يبذل فيها, لكنه في النهاية خطوة مهمة, حيث زادت مرتبات المعلمين بنسبة175% من المرتب.. وهذه بداية طيبة, فضلا عن ربط الترقي بالتدريب والإلمام بالتكنولوجيا, والحصول علي دوراتICDL, وبذلك تطور المستوي العلمي والتكنولوجي للمعلم بشكل كبير, وهذا العام هو آخر عام في مرحلة تطوير المناهج الأولي التي حدثت.. حتي العام الماضي طورنا منذ بداية العام الدراسي الأول الابتدائي مرورا بالصف الخامس الابتدائي, والأول والثاني الاعدادي.. وهذا العام يتم تطوير الصف السادس الابتدائي, والثالث الاعدادي, ومسيرة التطوير مستمرة ولن تتوقف, وكل فترة يتطور العالم, وتتطور وسائل التعليم والتدريس والتدريب.. لم يكن لدينا في المدارس زمان ما يسمي بمعامل المحاكاة, بحيث يجلس الطالب أمام الكمبيوتر ويري كل الظواهر العلمية التي يدرسها وكأنها حقيقة أمامه, كما يري كل التجارب علي الكمبيوتر, هذه كلها أشياء تستغرق وقتا كبيرا جدا.. وهذا التطوير يشمل المناهج. ومعها الكتاب نفسه.. وأنا أختلف مع بعض الناس الذين يقولون إن الكتاب المدرسي سييء.. صحيح أنه ليس بالمستوي الذي نطمح إليه.. في الإخراج والمادة العلمية والمناسبة للفئة العمرية للطلاب.. الكتاب المدرسي يؤلفه خبراء في التعليم والمناهج, بالتعاون مع جهات تعليمية مثل اليونسكو, ونحن نطلع علي تجارب الآخرين... الكتاب المدرسي يعطي للطالب مساحة للتفكير يستلزم حضور الحصة للاستفادة من المدرس, كذلك يستلزم البحث عن معلومات وهي متوافرة للطالب في المكتبة وعلي شبكة الانترنت, الناس تقول إنه سييء والسبب هو وجود كتاب بديل لكتاب الوزارة, وهو الكتاب الخارجي وأراه إحدي ركائز إفساد التعليم, لأن مؤلفه يستعين بكتاب الوزارة ويأخذ المنهج, ويكمل عليه جميع النقاط التي نتركها للمدرس لكي يشرحها للطالب.. أو يفكر فيها الطالب, أو يبذل جهدا في الحصول علي المعلومة.. لكن الكتاب الخارجي يعطي للطالب كل شيء ناقص في كتاب الوزارة, بالاضافة إلي أنه يعطي للطالب أسئلة وأجوبتها.. بمعني أن الكتاب الخارجي لا يعطي فرصة للطالب للتفكير.. هو يريده أن يحفظ ما هو موجود فقط. أزمة الكتاب الخارجي هل هذا هو سبب موقفك الأخير من الكتاب الخارجي.. وبالتالي حدثت أزمة ارتفاع رسوم التراخيص؟ الوزير: طبعا.. نحن لا نريد إلغاء الكتاب الخارجي وفي نفس الوقت يهمنا جدا سلامة العملية التعليمية, ولا نريد أن يعتمد الطلاب علي كتب تدفعهم إلي الحفظ, ولا تدع لهم مجالا للتفكير ولا الابداع. إذن.. ما هي أسباب الأزمة مع الكتب الخارجية؟ أولا قمنا بمراجعة الكتب الخارجية التي وردت إلي اللجنة المشكلة لهذا الغرض بالوزارة لكي يتم اجازتها والموافقة علي طبعها ونشرها.. وتقدم إلينا6001 كتاب خارجيا لكل المراحل التعليمية, بالاضافة إلي ما يقال عن كتب مطبوعة في بير السلم.. ولجان الوزارة راجعت الكتب التي وردت إليها, ووضعت ملاحظاتها عليها.. ووجدنا أن هناك140 كتابا غير صالحة علي الاطلاق, والباقي يحتاج إلي تعديلات, لأنها لا تناسب عمر الطالب, وربما لأسباب تتعلق بالمادة ذاتها, ومن الطبيعي أن نطلب تعديلات من الناشرين.. وتحت يدي كتاب به موضوعات للتعبير للطالب لكي يحفظها, لتجد معظم الطلاب يعطونك إجابات واحدة كما هي في الكتاب وكأنهم قاموا بعملية غش جماعي.. وفي الكتاب جزء عن الإملاء والخط.. فهل هذا معقول؟ لكن.. في مقابل الكتب التي أعلنتم عدم صلاحيتها أو طلبتم تعديلها.. هناك كتب صالحة للدراسة, فهل وافقتم علي طباعتها؟ الوزير: لم نتخذ قرارا بإجازتها بعد.. لكننا طلبنا تعديلات من الناشرين, الأمر الآخر هو أننا نشكل لجانا من أساتذة بالجامعة, وخبراء بالوزارة لمراجعة ال1006 كتاب خارجي.. وهم يحصلون علي مكافآت كبيرة في مقابل مراجعة هذه الكتب.. فهل أنفق موازنة الوزارة علي هذه الكتب, لكي يربح الناشر ملايين الجنيهات, وهل تدعم موازنة التربية والتعليم شخصا يبيع شيئا في السوق. لكنك رفعت رسوم تراخيص الكتاب الخارجي مرتين حتي ان رسوم بعض الكتب وصلت الي مليوني جنيه أو يزيد؟ الوزير: أحد الناشرين قال لي أنت تطلب مني رسوما بقيمة45 مليون جنيه.. وللعلم هذه الدار لديها145 كتابا خارجيا.. أولا الكتاب ملك للوزارة.. ونحن نشتري ونطبع كتبا بمليار جنيه سنويا.. أنا ألفت كتابا كمادة علمية وقررته علي الطلاب, وأدفع رسوم تأليف, ثم أطبع وأدفع هذا المبلغ.. ثم يأتي المؤلف والناشر, ويبيعها ويربح منها الملايين.. ماهي الآلية التي اتبعتها الوزارة لتقدير هذه الرسوم؟ قمنا بحساب تكلفة الكتاب لدينا, وعدد الطلاب الذين يشترون الكتاب الخارجي, وتكاليف لجان الفحص, وبالتالي قدرنا الرسوم.. وهي تمثل جزءا ضئيلا من التكلفة, وهذا بالطبع لم يعجب البعض.. الناس أحيانا تشتري كتابا أو اثنين أو ثلاثة في نفس المادة.. وقد قال لي أحد الناشرين ان بعض الكتب لاتباع وتأتي كمرتجعات.. وتفسير ذلك أن الناشر يطبع هذه الكتب لكي تكتمل سلسلة الكتب الخارجية لديه.. لكن في المقابل هناك كتب كثيرة تباع, وتحقق أرباحا كبيرة, مع أن الورق المستخدم في طباعتها رديء.. وهناك كتب خارجية يباع الواحد منها ب50 جنيه أو أكثر, وعندما حدثت أزمة الرسوم قال الناشرون سوف نرفع سعر الكتاب الي500 جنيه أو600 جنيه.. إذن العملية تنطوي علي أرباح محددة لازم يأخذها.. يتحرق بقي أولياء الأمور أو يموتون أو يقترضون. إذن.. كيف ستخرج الوزارة من هذه الأزمة؟ الوزير: نحن ننظم عملية الكتب الخارجية حاليا, فالكتب الخارجية كما ذكرت هي أحد أسباب تبويظ التعليم.. هل يعقل أني أعمل مسابقة لتأليف الكتاب وقد يأتي مؤلف ويقول سوف أعطيه لك مجانا.. ليه؟ لأنه قد يتكلف التأليف20 ألف جنيه مثلا.. لكن المهم بعد أن يعتمد الكتاب في الوزارة.. يقوم بعدها بتأليف الكتاب الخارجي, ثم يطرحه للبيع.. وطالما هناك كتب خارجية هناك مصلحة في ألا تكون كتب الوزارة علي أكمل وجه. وكيف ستتعامل مع هذا الملف؟ وماذا ستفعل مع المخالفين؟ د. أحمد زكي بدر: موقفنا واضح من هذه القضية.. ووضعنا مقابلا ماديا محددا للترخيص.. والناشرون لايعجبهم.. أنا صاحب الحق في إعطاء تصريح طباعة الكتاب الخارجي للناشر.. وهم طبعوا.. فليتحملوا تبعات قراراتهم. أما بالنسبة للمخالفين سوف نطبق القانون.. ونبلغ المصنفات الفنية لاستعمال صلاحياتها.. بعدين يأتي محاميهم ويقول إحنا عندنا خيار آخر.. وهو أننا سنطرح الكتب للبيع في الأسواق خاصة إن الغرامة5 آلاف جنيه.. لكنهم تناسوا ان هناك عقوبة أخري هي مصادرة الكتب.. وعندما يقول رجل قانون: سوف أخالف وأدفع الغرامة.. هل هذا منطق؟.. أنا غير مسئول.. خالف وأنا لا علاقة لي.. أنا سأطبق القانون.. فمسئوليتي حماية العملية التعليمية وكذلك حماية الكتاب المدرسي ومستقبل الطلاب, وطريقة تعليمهم. هل هناك أمل في التفاوض أو التوصل الي تسوية لأزمة الكتاب الخارجي مع الناشرين؟ لن أتفاوض.. البعض صورها ان الوزارة محتاجة قرشين.. فالرسوم المطلوبة من الناشرين لاتساوي شيئا في مقابل ما تنفقه الدولة علي التعليم, وفي مقابل ميزانية الوزارة.. نحن لا نفاصل.. والوزارة فيما تملكه تدرس وفقا لقواعد.. ومن أراد الموافقة عليها فأهلا وسهلا.. وإذا لم يردوا فهم أحرار.. هم لجأوا الي القضاء وأقاموا دعاوي قضائية.. ونحن ملتزمون بأحكام القضاء. الكتاب المدرسي تحت التطوير هل في خطتكم تطوير الكتاب المدرسي.. ومتي؟ الوزير: التطوير مستمر.. ولكن المناهج الجديدة للصف السادس الابتدائي والثالث الاعدادي لم تكن قد طبعت.. وللعلم الطباعة تتم في شهر نوفمبر.. فأدخلنا فيها تعديلات بسيطة وضعنا فيها بعض الأشياء التي كانت تنقصها, وهي الامتحانات.. وأضفناها لكتاب الوزارة.. وهذه فعلا كانت تنقص الكتاب المدرسي الرسمي.. وفي عام2011 2012 سوف نراجع المناهج.. واطلعنا علي مناهج العديد من الدول المتطورة في مجال التعليم.. ونسترشد بها حتي يكون التطوير مستمرا. في العام الدراسي الماضي.. وصلت بعض كتب الوزارة الي المدارس قرب نهايته.. فهل اتخذتم إجراءات لمنع حدوث هذه الوقائع؟ الأمر سيكون مختلفا هذا العام.. فكل الكتب تم توزيعها تقريبا.. عدا جزء من كتب الصف السادس الابتدائي والثالث الإعدادي يجري توريده حاليا بحيث يصل الي المدارس خلال الأسبوع الأول من بداية العام الدراسي, وعدلنا نظام توزيع الكتب حتي لاتقع مشكلة التأخر في تسليمها للمدارس كما حدث من قبل. العالم كله يتجه الي زيادة عدد الساعات المدرسية ويردد البعض أنه ثم تقليص هذه الساعات في مصر.. فما مدي صحة ذلك؟ الوزير: نحن لم نخفض عدد الساعات المدرسية, والعام الدراسي في مصر له مواصفاته.. وعدد أيامه105 أيام كما هو.. والتيرم الثاني97 يوما.. حتي يتم توزيع الجداول باليوم.. وفي هذا العام نؤكد للطلاب أن حضور الامتحان مرهون بتحقيق نسبة الحضور المقررة.. ولن يسمح لأحد بتجاوز نسبة الغياب المقررة بحضور الامتحان, حيث ستظل الدراسة في الفصول منتظمة حتي آخر يوم في العام الدراسي.. فقد كان الطالب يجلس في البيت لمدة شهرين قبل امتحان الثانوية العامة.. بعدين نعمل الامتحانات في شهر يوليه بعدين النتيجة ثم اختبارات الدور الثاني ثم التنسيق.. ونظل نلهث.. طيب ليه.. في كل دول العالم تنتهي الدراسة اليوم مثلا وغدا الامتحان وفي كل دول العالم يتم الاختبار في مادتين أو ثلاثة في اليوم.. وزمان كنا نختبر في مادتين يوميا.. وكده يبقي العام الدراسي كله دراسة وليس نصفه امتحانات.. الذين يستفيدون هم أباطرة الدروس الخصوصية لأنهم يعملون بقوة خلال فترة الامتحانات لأن الطالب قد يراجع المادة الواحدة في مراكز مختلفة للدروس الخصوصية.. المواعيد عندنا مضبوطة.. ودرسنا العام الدراسي ومدته بالضبط.. ولم نقصر مدة الدراسة.. ولم نلغ شيئا.. وعلي ذلك سوف تبدأ اختبارات الثانوية العامة يوم28 مايو المقبل, وأهم شيء أن تحقق الاختبارات طوال العام الدراسي المضبوط وليس من المقبول أن يضيع4 أشهر من العام الدراسي في الامتحانات. الثانوية العامة.. الي أين؟ هل يستطيع النظام الجديد المقترح للثانوية العامة القضاء علي ظاهرة الدروس الخصوصية؟ وماهو الحل؟ وزير التربية والتعليم: الدروس الخصوصية موجودة في كل مكان, لكنها ليست بالصورة البشعة الموجودة عندنا.. في الخارج تجد طالبا في الهندسة ينشر اعلانا برغبته في إعطاء دروس خصوصية في الرياضيات مثلا هو لديه وقت, ويحتاج الي دخل لكي يستكمل دراسته.. فلا هو مدرس الطالب.. ولا يستطيع أن يمنحه درجات إضافية.. إنما عندنا الدروس الخصوصية ليست رفع مستوي والدليل ان الطالب ينسي كل ما درسه بعد الامتحان, والشيء الآخر هو أن جزءا كبيرا من المتفوقين الذين حصلوا علي مجاميع خيالية يدخلون جامعات ويسقطوا.. صحيح الجامعة تحتاج لتطوير, لكن فيها تفكير أكثر, وصلاحيات أكثر, وإبداع أكثر.. لكن الطالب لم يعتمد علي ذلك, لأنه يعتمد علي الدروس الخصوصية, ويحفظ الدروس لكي يجتاز الامتحان.. والدروس الخصوصية شيء سييء.. وتساعد علي إفساد العملية التعليمية. و لكي نواجه ظاهرة الدروس الخصوصية, لابد أن تلبي المدرسة احتياجات الطالب, وجاذبة له, ولا تجعله محتاجا للدرس الخصوصي.. نحن لا نريد حلولا إجرائية أو قمعية.. إحنا ممكن نغلق مراكز الدروس الخصوصية.. وتستطيع الجهات المختصة تعقبها وإغلاقها.. لكن يهمني قبل اتخاذ قرار المواجهة تجهيز المدارس بشكل يجعل الطالب يحب المدرسة.. وأن يكون المدرس علي مستوي علمي وتقني عال, وأن تقيس الامتحانات قدرة الطالب علي الإبداع والتفكير لا الحفظ والتلقين.. وعندما تكتمل هذه المنظومة سوف تقل الدروس الخصوصية شيئا فشيئا.. وسوف يبقي ولي الأمر الذي يريد تحسين مستوي ابنه الضعيف. كيف نعيد هيبة المعلم.. والانضباط الي الفصول؟ لكي يتحقق ذلك نحتاج الي عدة أشياء.. منها أنني أصدرت تعليمات لجميع مستويات الإدارة والإشراف بالمتابعة المستمرة للمدارس, والالتزام بنسبة الحضور, وقد راجعنا الغياب في العام الماضي وحرمنا عشرات الطلاب من دخول الامتحان.. وسوف يستفيد الطلاب من نظام التقويم الشامل, ويتم مناقشة تقارير الطلاب في الفصول.. ولأول مرة أصدرنا قرارا بتخصيص حصة لمراجعة تقارير الإنجاز, ووضعنا آلية للمتابعة وأكثر من مستوي إدارة لتقييم مستوي الطالب. يراهن البعض علي أنك سوف تمل من الجولات المفاجئة علي المدارس.. ويرون أن الجولات الحالية ما هي إلا شدة غربال.. وسوف تهدأ بمرور الوقت؟ الوزير: أتمني ألا أزهق, وألا أصاب بالملل.. فبالأمس كنت في جولة مفاجئة في مدرسة بالصحراء.. ولكن عندما أشعر بأني غير قادر علي العطاء وعلي أداء واجبي وعلي أكمل وجه فلن استمر.. وجولاتي مستمرة ولن تتوقف. ولماذا لا يقوم وكلاء الوزارة بالمحافظات بجولات مفاجئة كالتي تقوم بها في المدارس؟ لقد أصدرت تعليمات مشددة بمروركل وكلاء الوزارات علي المدارس.. ويقومون باعداد تقارير بالجولة وكل مستوي يرفع للمستوي الأعلي.. وأنا لا استطيع المرور علي كل المدارس.. خط ساخن للشكاوي هل هناك آلية للتواصل بين أولياء الأمور والوزارة لاستقبال شكواهم من العملية التعليمية أو من التجاوزات التي تحدث في بعض المدارس؟ الوزير: نعم.. لدينا خط ساخن برقم62191 وللوزارة موقع علي شبكة الانترنت, يمكن لأولياء الأمور مخاطبتنا من خلاله وهو[email protected] تقوم بعض المدارس الخاصة بزيادة المصروفات بما يتجاوز النسبة التي حددتها الوزارة.. فماذا تفعلون في هذا الصدد؟ يجب أن تضع المدرسة قائمة تفصيلية بالمصروفات, واذا شعر ولي الأمر بأنها غالت في الرسوم فليشك للوزارة. تجاوزات المدارس الخاصة وهل استطاعت الوزارة مواجهة تجاوزات المدارس الخاصة؟ الوزير: في الأسبوع الماضي وضعنا3 مدارس تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة, وأظن أن هذا الإجراء لم يحدث من قبل, والقواعد تطبق علي الجميع, ونحن نتابع المدارس الخاصة بصورة مستمرة ونحاسبها علي تجاوزاتها. هل تخضع مناهج المدارس الخاصة لإشراف وزارة التربية والتعليم بالكامل؟ المناهج نوعان: هناك مدارس تقوم بتدريس المنهج المصري سواء كان باللغة العربية أو الانجليزية, وهذه تستعين بمناهج الوزارة المعتمدة, يضاف إليها مناهج المستوي الرفيع, وهي مجموعة كتب ضمن الكتب التي تقوم بتحكيمها والانفاق عليها, وهم كانوا يبيعونها, الآن هم يأتون إلينا بمجموعة من الكتب نقوم بفحصها واختيار الصالح منها لأنها مواد إضافية عن المناهج, ثم نخاطب المدارس والمديريات التعليمية بقائمة الكتب المعتمدة, والمسموح بتدريسها بعد الانتهاء من مراجعتها, والتأكد من سلامة محتواها.. وهذه تحت الإشراف الكامل لنا.. وأي خطأ يقع من الوزارة أو من المدرسة يتم تصحيحه.. وربما تخطيء الوزارة وتوافق علي كتاب به أخطاء أو أشياء تحتاج الي تصحيح, فنبادر بتصحيح الخطأ, والنوع الآخر من المناهج, هو المناهج التي تقوم بتدريسها المدارس الأجنبية, والمناهج الأجنبية شيء غير موجود سوي في مصر وبعض الدول التي تضم جاليات أجنبية كبيرة مثل دول الخليج, وهذه المناهج يجب أن تكون للجاليات الأجنبية, أو للمصريين الذين عملوا في الخارج, وتعود أبناؤهم علي نظام تعليمي معين, ويريدون استكمال دراستهم علي نفس النظام, ولذلك المفروض أن يكون في أضيق الحدود, لكن هناك مدارس كثيرة أجنبية بريطانية, وأمريكية, وكندية, وتركية, وهذه المدارس لا تمارس عملها إلا بتصريح من الوزارة, ونحن نقوم الآن بفحص التصاريح السابقة, وتم إغلاق الباب أمام طلبات التصاريح الجديدة, كما تقوم بدراسة هذه المنظومة بالكامل, لأننا وصلنا الي مرحلة أن بعض أصحاب المدارس الخاصة يطلبون تحويل مدارسهم للنظام الأمريكي أو الانجليزي بدعوي أنهم لا لايربحون, نحن في النهاية لنا إشراف علي أشياء كثيرة ليس منها مناهج المدارس الأجنبية. هل تراقب الوزارة الرسوم الدراسية التي تفرضها المدارس الأجنبية؟ الوزير: ليس لنا ولاية علي رسوم المدارس الأجنبية ومن هم أبرز المتعاملين مع هذه النوعية من المدارس؟ المتعاملون مع هذه المدارس كثيرون جدا.. ودائما نتلقي طلبات للتحويل الي هذه النوعية من المدارس, خاصة لو تتبع هذه المدارس للسفارات, ولابد هنا من الحصول علي موافقة وزير التربية والتعليم للالتحاق بها, وهناك3 أو4 مدارس تعمل بالمخالفة لكل القواعد, وهي ليست تحت إشراف الوزارة, هم فقط أسسوا جمعيات, وهذه مخالفة صريحة, وقد أرسلنا لهم إنذارات, وسوف نتخذ ضدهم الإجراءات القانونية, فأي مدرسة علي أرض مصر وفقا للقانون والدستور لابد أن تخضع للدولة ولوزارة التربية والتعليم. هل صحيح أن المحافظين غاضبون من الإجراءات التي تتخذها في بعض المدارس بالمحافظات؟ وزير التربية والتعليم: لا.. بالعكس.. علاقتي بالمحافظين طيبة.. وهم يتحدثون معي باستمرار, وفي زياراتي, وأثناء امتحانات الثانوية العامة, وخلال متابعة الاستعداد لبدء العام الدراسي الجديد, أنا ألمس منهم تعاونا كاملا, وتواصلا أعتقد أنه غير مسبوق.. وقبل يومين اتصل بي أحد المحافظين هاتفيا ليبلغني بأنه يقوم بجولة ميدانية علي إحدي المدارس, وأنه غير راض عن أداء ثلاثة من مديري المدارس, وطلب نقلهم وقد أعطيته كل الصلاحيات, لأن المحافظ هو الأقرب من المدارس في محافظته, وهو الموجود في المكان, ويستطيع أن يتابع بنفسه ما يجري في العملية التعليمية. هل أنت راض عن ميزانية وزارة التربية والتعليم؟ بالطبع لا.. نحن في حاجة إلي زيادة كبيرة.. أنا أطالب بالزيادة.. لكن قبل المطالبة, نطالب أنفسنا بترشيد الإنفاق من الموازنة الموجودة فعلا, فخلال الشهور الستة الأخيرة من السنة المالية الماضية2009 2010 أعدنا من الاستهلاكات وغيرها178 مليون جنيه, نحن لدينا إمكانات كبيرة.. صحيح أنها ليست كافيه لكي نحقق كل ما نريد, لكن لو رشدنا إنفاقها, وصرفناها بشكل مضبوط نقدر نحقق فائدة وكفاءة إنفاق أعلي وأفضل. الوزير والعام الدراسي الجديد أمضيت8 شهور فقط في منصبك كوزير للتربية والتعليم.. وهذه ليست كافية للحكم علي أداء الوزير أي وزير فهل ستظهر شخصيتكم بصورة أشمل في العام الدراسي الجديد؟ الوزير: أعتقد أن شخصيتي ظهرت ووضحت منذ أن توليت مهام منصبي.. صحيح أنني توليت المنصب في منتصف العام الدراسي الماضي, وهو عام دراسي له ظروف خاصة بسبب فيروس انفلونزا الخنازير وما صاحبه من تأثير علي العملية التعليمية من انخفاض نسبة الحضور بالمدارس, وإغلاق بعض المدارس, لكن والحمد لله أعتقد أن ما ترسخ من قواعد ومعايير يجري تطبيقها نتعشم أن تؤتي ثمارها في العام الدراسي الجديد, وأن تكون هناك استمرارية, ومتابعة, وجهد أكثر.. هناك مشروع لتحسين التعليم الثانوي يموله البنك الدولي.. فما هي تفاصيل هذا المشروع.. وما هي تطوراته الأخيرة؟ د. أحمد زكي بدر: بالفعل, هناك مشروع لتحسين التعليم الثانوي ويموله البنك الدولي, لكن هذا المشروع هو أحد المكونات الداخلة في تطوير التعليم الثانوي, والذي يمول جزءا كبيرا منه من ميزانية الدولة, وقد تم تخصيص أكثر من ملياري جنيه لهذا الغرض خلال3 سنوات, ومشروع تحسين التعليم الثانوي يهدف إلي تطوير المدارس الثانوية, وهناك مدارس تم تطويرها بالفعل.. ولدينا أيضا مشروع لتطوير التعليم الثانوي, وأهم خصائصه, هو أنه كان لدينا مشكلة خطيرة في الثانوية العامة, وهي الامتحان الواحد, وهو الذي يحدد مستقبل الطالب, بمعني أنه يمنحك كطالب مرة واحدة أو فرصة وحيدة للالتحاق بالكلية التي تريدها أولا.. وليست هناك فرصة أخري.. الأمر الآخر هو أن الطالب عندما يحصل علي مجموع كبير, يلحق أولياء الأمور أبناءهم في كليات القمة, وبالتالي يتعثر كثير منهم في الدراسة بهذه الكليات لأنهم يلتحقون لاعتبارات تتعلق بالمجموع وليس بالرغبة في الدراسة بالكلية ذاتها.. ولذلك نحن نقترح في إطار منظومة تطوير الثانوية العامة أن تكون هناك عدة فرص.. بمعني أن الطالب إذا لم يلتحق بالجامعة سنة حصوله علي الثانوية العامة يستطيع أن يلتحق بها خلال5 سنوات من تاريخ نجاحه في الثانوية بعكس النظام السابق الذي كان يمنح الطالب فرصة واحدة للالتحاق بعد النجاح في الثانوية العامة وفي نفس العام فقط.. وبالتالي يستطيع الطالب في النظام الجديد أن يلتحق بسوق العمل بعد الثانوية لعامة, ويمكنه العودة للالتحاق بالجامعة خلال السنوات المقررة.. ومن المقترح الأخذ بنظام اختبارات القرارات, حيث يمكن للطالب أن يتقدم لهذا الاختبار عدة مرات.. كما أن نوعية الامتحانات ستتغير. لكن. الناس تتخوف دائما من اختبارات القدرات خشية اعتمادها علي الوساطة أو التوصية في القبول بالكليات؟ الوزير: الاختبار لا يعتمد علي ولا علي غيري.. إنما هو اختبار رسمي ومقنن مثل اختبار الثانوية العامة حتي لا تكون هناك فرصة للتلاعب, كما أنه لن يكون هناك مقابلة شخصية ولا اختبار شفوي حتي يتحقق لهذا الاختبار شروط الحيدة, والنزاهة, والاختيار القائم علي أسس موضوعية ودون اعتبار لمعارف أو علاقات شخصية.. بمعني أن الطالب إذا كان يريد الالتحاق بكلية الطب, فإنه يجب أن يخضع لاختبار قدرات, للتأكد من أنه مؤهل لدراسة الطب, وهنا يتم تقليل امتحانات الثانوية لعامة بحيث يقتصر علي المواد الأساسية, وأن تكون هناك فرص أمام الطالب لاختيار المواد.. واختبار القدرات هو أحد هذه الاختبارات, وهو لا يعتمد علي المذاكرة ولا الحفظ, لكنه يقيس قدرات الطالب هل يصلح للكلية التي تقدم للالتحاق بها أم لا.. وفي هذا الاختبار لا وجود للعنصر البشري, ولا للمعارف الشخصية, ولا التوصيات.. وسوف تتضمن المناهج الجديدة مواد تكنولوجية, وتدريبا مهنيا, بحيث إذا أراد طالب الثانوية العامة دخول سوق العمل وخلال المهلة المقررة لصلاحية الشهادة لمدة5 سنوات للالتحاق بالجامعة, فإنه يكون مؤهلا, ولديه قدرات تساعده علي الالتحاق بالعمل. خريج الثانوية وسوق العمل إذن.. سوف تكون شهادة الثانوية العامة شهادة منتهية كشهادة الدبلوم الثانوي الفني أو التجاري وبالتالي يصلح حاملها لسوق العمل؟ الوزير: نعم.. هي شهادة منتهية.. أما المحتويات التي تم تدريسها للطالب تتيح أمامه فرصة الالتحاق بالجامعة أو الذهاب لسوق العمل, وجزء من هذه الشهادة مشترك مع التعليم الفني.. وسيكون هناك مواد تعليمية مشتركة بين التعليم الفني والثانوي العام, وإذا كان الطالب يدرس في التعليم الفني فأمامه طريقان: إما أن يحصل علي دراسات عليا في التعليم الفني.. أو أن الطالب حصل علي شهادة التعليم الفني ويلتحق بالجامعة.. لكن متطلبات الجامعة تستلزم أن يكون هذا الطالب قد درس المواد التي تجعله يتواءم مع مناهج الجامعة.. ومتي ستخرج هذه التعديلات إلي النور؟ هذه التعديلات لابد أن يتم إقرارها بتعديل تشريعي, ونتمني أن يتم عرضه علي الدورة البرلمانية القادمة, بحيث يستفيد منه الذين سيلتحقون بالدراسة بالصف الأول الثانوي في عام2011, وفي التعديلات المقترحة تخفيف علي الطالب, وإعطاء فرص أكثر له. هل معني هذا أن رعب الثانوية العامة سوف ينتهي بإقرار هذه التعديلات الجديدة؟ د. أحمد زكي بدر: رعب الثانوية العامة ينتهي عندما لا تتكلم عنها, صحيح أنها نقطة فارقة, لكن نحن ساهمنا في تضخيم الحدث.. ووسائل الإعلام لها دور كبير جدا في هذا الموضوع.. هناك تلاميذ في الصف الأول أو الثاني الابتدائي يبكون من الاختبارات كما في اختبارات الثانوية العامة.. لا مانع من تصحيح الأخطاء لكن هناك سياسات مسئولة عن رعب الثانوية العامة.. بمعني أنه تم إقرار نظام التحسين ثم التراجع عنه, وفي مرة أخري قالوا الثانوية سنة واحدة, ومرة سنتان, وفي مرة أخري قالوا3 سنوات.. وأخيرا يتحدثون عن نظام التمويل الشامل الا تري أن مثل هذه السياسات تثير البلبلة لدي الطلاب وأولياء الأمور؟ الوزير: قد يكون هناك خطأ.. لكن نظم التعليم تتطور في كل دول العالم, وإذا طبقت نظاما ثم يصدر بعد15 سنة نظام تعليمي جديد, وأثبت فعاليته فلا مانع من أن تأخذ بالنظام الجديد, وهذا لا علاقة له بالتردد, ولا بوزير جاء, وآخر ترك منصبه, النظام الحالي موجود منذ عام1992 أي ما يقرب من20 عاما.. ولو أن هناك نظام أفضل, أو لو تم اكتشاف مشاكل في النظام الحالي فليس هناك ما يمنع من التعديل.. تزكيا مثلا بلد مماثل لنا.. هناك عملوا اختبار القدرات, وغيره, وعندما وجدوا مشاكل عدلوا النظام. وفي انجلترا هذا العام وجدوا أن المجاميع مرتفعة في المدارس الثانوية.. وقالوا أن هذه المجاميع تعكس خللا ما.. وفي أي منطقة في العالم تتفاوت مستويات الطلاب.. لكن في كل الأحوال لو أن هناك نظاما تم تطبيقه وتم اكتشاف أنه خاطيء فليس هناك ما يمنع من تصحيح الخطأ. عش الدبابير واخيرا أنت دخلت عش الدبابير؟ فهل تخاف منها أم لا؟ الوزير: جدتي يرحمها الله كانت تعاني من مرض الروماتيزم, وكانت تطلب منا أن نحضر لها النحل لكي يلسعها في ركبتها, وأنا معتاد علي لسعات الدبابير ولا أخاف منها.