جاء الدكتور أحمد زكي بدر متقمصاً شخصية والده جاء وزيراً للتربية والتعليم وهي وزارة تتطلب التخطيط الجيد وبناء استراتيجيات طويلة النفس لكنه اعتمد علي سياسة المفاجآت. في مارس 1986 تقلد المرحوم اللواء زكي بدر منصب وزير الداخلية وكان هو رابع وزير للداخلية في عهد الرئيس مبارك واستمر في هذا المنصب لمدة أربعة أعوام، أشتهر فيها بعنفه الشديد ومهاجمته التي لا هوادة فيها لرموز المعارضة بل ولزملائه من الوزراء والمسئولين، وكان يبرر هذا العنف في السلوك بحجة مهاجمة الإرهاب، لكنه ورغم كل شيء فقد حدث في عهده أشهر فضيحتين لوزارة الداخلية، إذ هربت من مصر سيدة الأعمال المرأة الحديدية هدي عبد المنعم والتي كانت قد استولت علي الملايين من أموال البنوك وصدر قرار بمنعها من السفر لكن رجال زكي بدر فشلوا أو ربما تواطؤوا علي تهريبها إلي الخارج، وكانت الفضيحة الثانية هي سرقة ونش باب الحديد الذي يبلغ ارتفاعه ثلاثين متراً وعندما يسير يهز الأرض هزاً ويترك آثاراً علي الأسفلت، لكنه اختفي في ليلة وتحت سمع وبصر الحكومة وكأنه علبة كبريت وضعها لص في جيبه ثم اختفي في الزحام، هكذا لم تفلح سياسة العنف والشتائم في حماية الدولة لأن السياسة تحتاج إلي شعرة معاوية إذا شدها الناس أرخاها المسئول وإذا أرخاها الناس شدها المسئول، فشل اللواء زكي بدر في خلق علاقات طيبة مع الناس كل الناس حتي تآمر ضده العاملون معه في وزارته وانتهي الأمر بإقالته بعد حملة شتائم في عام 1990. وجاء الدكتور أحمد زكي بدر جاء وزيراً للتربية والتعليم وهي وزارة تتطلب التخطيط الجيد وبناء استراتيجيات طويلة النفس لكنه اعتمد علي سياسة المفاجآت، فبدأ بتدمير المراكز المتخصصة ومنها مراكز كان ينبغي عليه أن يدعمها ويعمل علي تطويرها بنفس طويل حتي تؤتي أكلها في الوقت المناسب، وبدأ بمركز تطوير المناهج فشتت العاملين فيه رغم ما كانوا يتمتعون به من خبرات وما بذلوه من جهد وما قاموا به من دراسات لتطوير المناهج ووضعها علي مستوي مناسب يليق بدولة ذات تاريخ عريق، شتتهم رغم ما حصلوا عليه من بعثات وما قاموا به من دراسات واخلي المكان منهم، ومنح المكان لجهة أخري، وهكذا فقدت وزارة التربية والتعليم أخطر مهامها وهي تطوير المناهج، وتجلت آثار هذا التصرف العشوائي في عدم وصول الكتب إلي المدارس في بداية العام الدراسي كما كان يحدث في الأعوام السابقة، حيث كانت تصل الكتب إلي المدارس قبل بداية العام الدراسي بأسابيع، بل وتباعاً لسياسته في مهاجمة مؤلفي وناشري الكتب المساعدة الخارجية وتصورنا أنه يفعل ذلك من أجل الارتقاء بمستواها، وتكشف الأمر بأنه فعل ذلك لكي يشارك مؤلفيها وناشريها في أرباحهم تباعاً لنفس السياسة سياسة الجباية وطالب أصحاب هذه الكتب بالحصول علي تراخيص من الوزارة مقابل دفع مبالغ قيل إنها تصل إلي 250 مليون جنيه، وهكذا اختفت الكتب المساعدة من السوق وأقفلت مكتبات الفجالة أبوابها وتعطل أصحابها وعمالها بل إن البعض لجأ إلي نشر الكتب في السر، ونشأت سوق سوداء وتضاعفت أسعار الكتب وكأن وزير التربية والتعليم بسياسته الرشيدة هذه التي تجلت في هدم مركز تطوير المناهج وعدم توصيل الكتب إلي المدارس ومحاربة الكتب الخارجية، أقول إنه بهذه السياسة أضاف إلي أولياء الأمور أعباء جديدة تضاف إلي الأزمة الخانقة التي يعاني منها الجميع في شكل ارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات. لقد تفاءل بعض الناس عندما قام الوزير بدر بزيارة بعض المدارس واتباع سياسة صارمة مع العاملين فيها إما بالنقل، أو الفصل اعتقاداً منه أنه بذلك يقضي علي التسيب والفساد وأنه بهذه السياسة يستطيع أن يصلح باقي المدارس اعتماداً علي سيادة اضرب "الممسوك يخاف السايب" لكن هذا السايب لم يخف عندما قام الوزير بزيارة مدارس أخري وجد نفس التسيب ونفس الفساد لأن هذه الأمور لا تعالج بالزيارات المفاجئة أو غير المفاجئة التي تستهدف الفرقعة الإعلامية فكما قلنا من قبل إن من يعمل في وزارة التربية والتعليم لابد أن يضع سياسة ونظاماً علي مستوي استراتيجي تتوزع فيه المسئوليات ويتحرك فيه جهاز الوزارة بخطة مدروسة طبقاً لنظام هرمي فيه من يخطط ومن يتابع في كل المستويات، ويبقي الوزير علي رأس هذا الهرم يضع الاستراتيجيات ويتابع التنفيذ في هدوء ودقة بعيداً عن الفرقعة والشتائم وسياسة تكسير العظام وسلاطة اللسان.