وسط تفاقمات ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب عامة, والتطرف ضد الإسلام خاصة في أمريكا, من رفض بناء مسجد في نيويورك, إلي تهديد قس بحرق المصحف في ذكري11 سبتمبر الذي يصادف اليوم. تطل علينا أصوات عاقلة, تحاول إيقاف هذا العنف الذي يهدد الحضارة الإنسانية برمتها. يبحثون عن المشترك الثقافي والديني بين الحضارات والمجتمعات في أنحاء العالم, لتعظيم التفاهم والتقارب, وإطفاء الخلافات, وإيقاف الحروب, وتهدئة الخواطر, والعمل علي إنقاذ الإنسان من شروره. عقدوا مؤتمرا دوليا أول في القاهرة عام2006 حضره نخبة من المفكرين الغربيين الذين يؤمنون بالتواصل, ويجهزون للمؤتمر الثاني في العام المقبل, ليبلوروا مفاهيم المشترك الثقافي لعلها تكون منطلقا لجهد دولي نشط يحقق التصالح بين الحضارات والديانات بديلا عن التناحر والتطرف الذي يكبد الجميع خسائر فادحة. أحد هذه الأصوات الدكتور وجدي زيد أستاذ الأدب الإنجليزي بآداب القاهرة! الذي أدركته حرفة الأدب مع بواكير الوعي, فكتب القصة, والمقالة, لكن المسرح ارتهنه لحسابه في النهاية فأغرم به ودرسه في أمريكا وتعاطاه بحب, فامتلك أفقا مفتوحا علي الآخر, ووعيا بالدور المنوط بالمثقف. وهو ما أفاده حين التحق بالسفارة المصرية في واشنطن مستشارا ثقافيا, وتفاعل مع الشعب الأمريكي, وقدم أكثر من عمل علي مسارح نيويورك, وحاضر عن صورة العرب والإسلام في جامعات أمريكية متفرقة, فأتاحت له المناقشات مع النخبة والجمهور العادي التعرف علي الذهنية الأمريكية المختلفة بدرجة ملحوظة عن الإدارة السياسية التي راكمت انطباعات سيئة كثيرة لدي شعوب العالم. وبعدها أسس المكتب الثقافي بسفارتنا في تركيا, وعمل هناك لسنوات, سعي خلالها للإلمام بأبعاد الثقافة التركية, وانعكاساتها علي المنطقة, واستيعاب الدور البارز الذي تلعبه هذه الدولة المحورية الآن. وهداه تفكيره إلي طريقة اتصال مختلفة بالمجتمع الأمريكي والغرب عامة, هي المشترك الثقافي الذي قد يتيح فرصا أفضل لكافة الأطراف لتقديم نفسها للآخر والتعبير عن حضارتها بشكل صحيح, فدعا إلي مؤتمر حول المشترك الثقافي شارك فيه نخبة من المفكرين المسلمين والغربيين, بغية إزاحة أسباب الخلافات, والفهم الخاطئ, وسوء الطوايا, وتفعيل المشترك في الديانات السماوية الثلاث الكبري, والديانات الأرضية, والاستعانة بالمتشابهات في الإبداعات والعادات والتقاليد الإنسانية, لعلها تؤدي إلي عالم آمن وهادئ, خال من عنف الصراعات, ومتخفف من آثام الحروب. كثير من الناس لا يعرفون شيئا عن طبيعة عمل ومهمة المستشار الثقافي في السفارات فما هي من واقع خبرتك ؟ عمل المستشار الثقافي يشمل شيئين أساسيين, تقديم ثقافة شعبه وحضارته للمجتمع الذي يعمل فيه, ونقل ما يفيد من هذا المجتمع إلي بلده, ومهم جدا في المجتمعات المتقدمة أن يطور ويعمق العلاقات العلمية بين بلده والبلد المضيف, ولتحقيق هذين البعدين عليه أن يأخذ بالوسائل والبرامج التي تقدم حضارته وفكرها إلي الآخر علي أكمل وجه, ونظريا هناك تحديد لمهام المستشار الثقافي تعطي له قبل السفر, وللملحق الثقافي أيضا. هذا كلام عام.. كيف ترجمته أنت عمليا خلال وجودك في سفارتنا بأمريكا ؟ قدمت المسرح العربي علي مسارح أمريكية متفرقة, وحاضرت عن صورة العرب والإسلام في الأدب الإنجليزي بمكتبة الكونجرس عقب أحداث11 سبتمبر مباشرة, وكررت هذه المحاضرات في نورث كارولينا و مولوكي سكانسز وجورجيا أتلانتا, واستقدمت بعض رموز الثقافة المصرية لالتقاء المفكرين الأمريكيين ومحاورتهم حول القضايا التي تهم الجانبين في الثقافة والتعليم, منهم الدكتور ميلاد حنا, والدكتور أحمد كمال أبو المجد, وكنت أجوب المدارس الثانوية الأمريكية لتقديم صورة الحضارة المصرية وفضلها علي الحضارة الإنسانية والعقل الغربي, وقدمت مسرحيتين عن الثلاث ديانات الرئيسية والتلاقي الطبيعي بينها, إحداهما مسرحية الحكيم ناثان للكاتب الألماني ليسينج, والثانية من تأليفي وهي الفرعون الأخير والمسرحيتان تدعوان إلي التلاقي والتآلف بين أتباع الديانات, ولك أن تتخيل مشهدا تختلط فيه التراتيل اليهودية والكنسية بالأذان الناطق بالعربية في مسرحية بالإنجليزية تقدم للمشاهد الأمريكي بعد الحادي عشر من سبتمبر مباشرة. هل هذا ضمن مفهوم المشترك الثقافي الذي تدعو إليه ؟ نعم.. كانت هذه بداية اكتشافي هذا المفهوم الذي أسميته بعد ذلك سنة2005 المشترك الثقافي وطرحت فكرته علي مجموعة من مفكري مصر بجامعة القاهرة, وبدأنا برنامجا تطبيقيا لهذه الفكرة الطموح في لقاءات مباشرة بين الحضارة والثقافة العربية وغيرها من الثقافات في الصين والهند واليابان واسبانيا وألمانيا, وختمنا ذلك بأول مؤتمر دولي عن المشترك الثقافي وكان في ديسمبر2006 والحمد لله كان ناجحا باعتراف الجميع. ما تعريف المشترك الثقافي؟ المشترك الثقافي هو كل المعاني والقيم والأحكام البناءة التي تتفاعل بين الثقافات المختلفة, ويمكن أن تصبح معبرا ونقاط تواصل بين الحضارات. هل ثمة التباس بين المشترك الثقافي والمشترك الديني؟ المشترك الديني جزء من المشترك الثقافي, وهو الذي سوف يقام حوله المؤتمر الدولي القادم بإذن الله, وسوف نناقش كيف يكون المشترك بين الأديان أساسا للرؤية الكبري التي تحدد منظومة عالمية للأخلاق, وكيف تكون هذه المنظومة مدخلا لعلاقات أفضل بين شعوب العالم في السياسة والفكر والاقتصاد والتكنولوجيا والبيئة. ما هي المنظومة العالمية للأخلاق؟ أجمع أتباع الديانات الثلاث وأيضا أتباع الديانات غير السماوية علي أن أحد الأسباب الرئيسية للأزمات السياسية والاقتصادية والبيئية التي تراكمت في عالم اليوم وازدادت حدتها هو غياب الرؤية الكبري التي تستشرف المستقبل وتقلل من تراكم المشكلات المعقدة, وتعمق الإحساس بالخير العام للإنسان أينما كان, وهذه الرؤية تأخذ في الحسبان كل الأبعاد التي يمكن التعامل معها عند وضع معايير عالمية للأخلاق, والمعايير العالمية للأخلاق هي الأحكام والمعاني والقيم التي يتفق عليها المتدينون وغير المتدينين والتي تمثل المشترك بين الأديان. ما مدي تفاعل الغرب مع مفهوم المشترك الثقافي ؟ الحقيقة أن التفاعل الغربي مع أفكارنا هذه ظاهر علي مستوي النخبة, وأقيمت مؤتمرات عن المشترك الإنساني, وألقيت محاضرات عن قوانين الشريعة الإسلامية والقانون الروماني في إيطاليا وألقاها د. جعفر عبد السلام أمين رابطة الجامعات الإسلامية التي تدعم فكرة المشترك وهي إحدي الجهات الراعية للمؤتمر الثاني القادم, وكذلك البرلمان الأوروبي في بروكسل وجه لنا دعوة لاستضافة المؤتمر العام المقبل2011, وهناك مؤتمرات في فبراير القادم عن المشترك بين الأديان في الهند, وفي كوريا الجنوبية عن المشترك الإنساني, وليس سرا أن أقول أن الرئيس الأمريكي أوباما قبل مجيئه إلي جامعة القاهرة طلب معدو خطابه التعرف علي المشترك الثقافي الذي أعدته نخبة من مفكري مصر والعالم في مؤتمر2006, ويستطيع أي أحد أن يدرك أن المشترك كان الفكرة الحاكمة في خطابه بجامعة القاهرة, أكثر من ذلك أنه برهن في خطابه الذي ألقاه بداية رمضان الفائت حول الصيام كقيمة وعبادة مشتركة بين الديانات, وهذا يعني أن الإدارة الأمريكيةالجديدة تحاول أن تسمع وتستجيب وتستفيد من فكرة المشترك الثقافي. وماذا لو تعارضت هذه الفكرة كغيرها مع مصالح الغرب ؟ أستطيع القول إن العقل الأمريكي بعد11 سبتمبر وتخطيه صدمة الفعل ورد الفعل بدأ في الاستماع إلي الأصوات العاقلة, وهذا سيأخذ وقتا, ومطلوب منا المثابرة والتواصل مع الأصوات العاقلة الموجودة بالفعل في المجتمع الأمريكي, وهناك أصوات عاقلة أيضا في الإدارة الأمريكية وعلي رأسها الرئيس أوباما ولا أظنه هو ولا الإدارة سيسمحان بحرق القرآن الكريم في ذكري11 سبتمبر حسب الموعد الذي أعلنه المتشددون, وهنا أحب أن أتوقف أمام فكرة أن الحرية ليست مطلقة في أي مكان في العالم ولا في أمريكا ذاتها, وأنا عاصرت واقعة حدثت هناك لفنانة أمريكية أغلق مسرحها لأنها وضعت العلم الأمريكي في مدخل المسرح علي الأرض, وهاجمت المؤسسة الأمريكية, فأغلقوا مسرحها خلال ربع ساعة, لذا أقول للإدارة الأمريكية إنها يجب ألا تسمح لغير الواعين والمأجورين وأصحاب المصالح أن يهدموا الخطوات البناءة البسيطة التي بدأت بالفعل بين العالم الإسلامي وأمريكا. هل نحن بحاجة لاسترضاء واستعطاف الغرب علينا إلي هذا الحد, مع كل إمعانه في الصدود, ورفضنا لدرجة استشراء ما يعرف لديه الآن الإسلاموفوبيا؟ أمامنا طريقان, إما الصدام والدخول في ورطة الفعل ورد الفعل, وهذه نعيشها منذ مئات السنين, وجميعنا.. نحن وهم نعرف نتائجها, والطريق الثاني هو محاولة الخروج من هذه الدائرة الملعونة, ومن يبدأ بهذا أظن أنه الأقوي, وكما أن هناك مفكرين غربيين طرحوا فكرة حتمية الصراع, هناك مفكرون من مصر وأنحاء العالم يفتحون أفقا بناء للخروج بالحضارة الإنسانية بعيدا عن هذا الصدام, وهذا ليس استعطافا ولا استرضاء بل يصدر عن موقف واضح وإدراك أكثر رحابة واستيعابا لحركة التاريخ, بل أكاد أجزم أن المشترك الثقافي يريده أغلب الناس في الثقافات المختلفة, بعيدا عن المستفيدين من الحروب والصدامات. من المستفيدون من الحروب والصدامات؟ أصحاب مصانع السلاح, وتجاره, وأصحاب الطموح السياسي في مؤسسات ودول بعينها.. ماذا تقصد بعينها هذه ؟ إسرائيل بالطبع, فثقافتها ارتبطت منذ البداية بالصراع, فهم يتوهمون أن استمرار وجودهم مرهون بالصراع, وأي تشارك مع الآخر يؤدي إلي ذوبانهم في حضارة الآخر, فجعلوا الصراع شرطا لوجودهم في العصور القديمة والآن, وهذا منحي خطير يمكن أن يؤدي لتدمير العالم والحضارة الإنسانية. هل المشترك الثقافي هذا نقيض لصراع الحضارات, أم أنه خط مواز لا يتقاطع معه ؟ هو نقيض لصراع الحضارات, ومخرج آمن للبشرية, وطريق سري لو طرقناه بموضوعية وجدية فسنحقق ما عجزت عنه كل الحوارات التي حدثت. تقولون في أوراقكم: لا سلام بين الأمم بلا سلام بين الديانات, و لا سلام بين الأديان بلا حوار بين الأديان, و لا حوار بين الأديان بلا معايير عالمية للأخلاق, أليست هذه طوباوية مفارقة للواقع العالمي وتعقيدات المصالح والسياسة الدولية علي الأرض؟ أولا نحن لسنا من أطلق هذه المقولات, بل أتباع الديانات السماوية والأرضية, وبعض المفكرين عبروا عن هذه القناعات في بيان ألقوه بالأممالمتحدة, ومؤتمرنا القادم حول المشترك الديني يأتي كمحاولة من المفكرين وأتباع الديانات السماوية والأرضية لتحديد إطار الرؤية الكبري, ومعاييرها الأخلاقية, ليردوا علي الاتهام الموجه للأديان, وهذه ليست طوباوية, لكنها خطوة حقيقية وجادة لتخفيف حدة الأزمات التي تتراكم في جنبات العالم بلا توقف, وإلا فما البديل. الصراع القائم في العالم من حولنا ونحن في القلب منه, هل هو صراع حضارات أم تعارض مصالح.. بشكل محدد ؟ الاثنان معا, ولكن كما أن هناك أصحاب مصالح وأشرارا في العالم, هناك الخير وأصحاب القيم الذين يجب عليهم السعي نحو ما يبقي علي الحياة الإنسانية ويجعلها أفضل. هل تمتلكون رؤي واضحة لمواجهة تعدي الغرب علي الإسلام ورموزه متمثلا في التهديد بحرق القرآن اليوم, وسابقا الرسوم المسيئة للرسول( صلي الله عليه وسلم), ومنع بناء المآذن والمساجد, وحظر الحجاب, وتعقب المسلمين في خصوصياتهم وحرياتهم الشخصية ؟ نحن مسئولون في البداية عن تشويه صورتنا في الغرب وهذه حقيقة, ولم نفعل شيئا حقيقيا للآن يمكن أن يغير هذه الصورة الشائهة, والغرب أيضا مسئول عما وصلت إليه الأمور من تعقيدات بين العالم الإسلامي وبينه, والمطلوب الآن أن يسعي الطرفان للتفاهم العادل الموضوعي الذي يحترم الآخر ويقر بحقوقه واستقلاليته, أما بخصوص عدم السماح ببناء مسجد أو مآذن فيجب ألا تسمح حكومات الدول الغربية بمثل هذه التصرفات, لكن كما أسلفت ليست هناك حرية مطلقة في الغرب, وهم يعرفون هذا في مجتمعاتهم, والبناء الإيجابي يدفع الحضارة الإنسانية بالاتجاه الصحيح. موضوع مسرحيتك الفرعون الأخير عن أخناتون أول الموحدين ألا يعد قفزة في الهواء بعيدا عن واقع أليم ملئ بالمصائب؟ الفن حلم, قد يكون واقعا يوما ما. كأنك تدعو للحلم وليس لحلول واقعية للأزمات الإنسانية ؟ لولا الحلم ما تقدمت البشرية خطوة منذ آدم عليه السلام. ما زلت بحاجة لتوضيح أكثر عن موقف أصحاب فكرة المشترك الثقافي من تعقيدات الواقع الدولي الحالي وكيفية حللها ؟ أنا فقط طرحت فكرة المشترك, لكنه بحكم طبيعته كمشترك يشترك فيه الجميع تحديدا وتنفيذا, وفي المؤتمر الأول لم نقدم أحلاما, بل قدمنا أبحاثا وثيقة الصلة بالواقع فيها حلول للمشكلات الاقتصادية والسياسية وغيرها, وينبغي علي المسئولين في إدارة المجتمعات الإنسانية تنفيذها. ما المشكلات الدولية التي طرحتم لها حلولا في الأبحاث التي قدمت بالمؤتمر ؟ أحد محاور المؤتمر القادم هو العدل والعولمة, والمبادئ الاقتصادية التي أرستها الأديان السماوية, وهي عدم الاستغلال( العدالة التوزيعية والتعويضية), أي تعويض دول العالم الأول للدول الفقيرة عن نهب ثرواتها, وهناك أيضا المشترك وحماية البيئة علي ضوء المستجدات الدولية, والعولمة التي زادت من قوة القوي وأجهزت علي الضعيف, وهناك محاور أخري من شأنها أن تخفف حدة التوترات العالمية المتراكمة مثل المبادئ الموجهة للثقافة في مختلف الحضارات, وكذلك الديانات الوضعية ورعايتها للأخلاق, وهذه المحاور تحدد بواقعية شديدة وتلامس بشكل مباشر الضغوط الواقعة علي المجتمعات الإنسانية الآن وتحولها إلي بؤر للتناحر والصراع المدمر, ويأتي المشترك الثقافي كخطوة ومحاولة لتحقيق التواصل العادل بين الشعوب. في دردشة سابقة علي هذا الحوار لمحت في كلامك أن ثمة فارقا لديك بين الشعب الأمريكي والإدارة الأمريكية, فهل هذا صحيح, وهل يعني أن محاولات التقارب التي تبذلونها لتصحيح التصورات الخاطئة ممكنة مع الغرب ؟ ربما يتعجب البعض عندما أقول إنني عبر تجربتي المباشرة هناك وجدت الشعب الأمريكي في مجموعه متحضرا وقابلا للآخر, فحين عرضت أولي مسرحياتي أحلام الشتاء في نيويورك تحدثت فيها عن نهاية الحضارة الغربية, وعبرت عن ذلك بموت صبي صغير علي الأسفلت بين بيته والكنيسة, وفوجئت بسماحة الشعب الأمريكي في تلقي العمل كله, وكل ما فعلوه هو النقاش والحوار معي بإخلاص وتفهم, وأكثر من هذا ألقيت محاضرة بعد11 سبتمبر مباشرة عن الإسلام والعرب في مكتبة الكونجرس, وولايات أمريكية متفرقة, وتكررت الدعوات من مختلف الأماكن, لأن المجتمع الأمريكي بتقديري يريد أن يعرف الحقيقة الآن, وهذه فرصتنا التي يجب ألا نضيعها, فنحن نملك موقفا ورسالة نبيلة ومفيدة للبشرية لكننا للأسف لا نملك لغة الخطاب الواعية, وإذا امتلكناها وكنا صادقين وحريصين علي اختيار من يقدر علي توصيلها سيساعدنا الله سبحانه وتعالي علي النجاح في الوصول بها إلي المواطن الغربي أينما كان. وماذا عن الفارق بين الإدارة والشعب الأمريكي ؟ الفارق كان موجودا من قبل وبشكل حاد خاصة أيام بوش الابن, غير أنني أعتقد أن الرئيس أوباما يريد أن يفهم ويستوعب ما حدث في المجتمع الأمريكي, وأوباما جاء استجابة لمجتمع أراد بعد صدمة11 سبتمبر أن يفهم لماذا يكرهه العالم, ويجب ألا نخذل هذا المجتمع فنحن كمسلمين أيضا نحتاج لهذا التواصل. عادة ما تخرج مثل هذه الأفكار من العالم الثالث باتجاه واحد صوب الغرب, دون مبادرات من ناحيتهم بالمقابل, ألا يبدو فيها نوع من الاستجداء أو الاستخذاء؟ هذه الفكرة تشكلت بحضور ومساهمة باحثين غربيين ساهموا في المؤتمر الدولي الأول, وسيشاركون هم وغيرهم في المؤتمر الثاني, ومثل هذه المبادرات الفكرية ليست استجداء ولا استخذاء; لأنك لو عشت في المجتمع الأمريكي فترة كافية ستري أنها أرض بريئة وجاهزة لكل الأفكار, وكان غيرنا أسرع منا في بذر أفكاره هناك, وعلينا أن نعوض ما فاتنا ولا نترك لهم الساحة خالية, فبدءا من الحرب العالمية الأولي اتجه أغنياء اليهود إلي أمريكا وسيطروا علي الإعلام والوسائل الثقافية والوسائط المختلفة مما أسهم في صناعة توجهات معينة داخل المجتمع الأمريكي, ولم يكن لنا وجود, وحتي وجودنا الآن لا يخضع لأية إستراتيجية لا في الحاضر ولا المستقبل وإذا أردنا التواجد علينا أولا أن نتغير.