أبدأ حديث اليوم بالتهنئة للصديق العزيز أحمد أبو الغيط الذى يبدأ غدا مسئوليته كأمين عام لجامعة الدول العربية فى مرحلة بالغة الصعوبة وشديدة التعقيد فى تاريخ الأمة العربية التى لم تستطع رغم مرور 70 عاما على إنشائها أن تجعل المواطن العربى يشعر بأننا نتقدم ولا نتراجع بل إن واقع الحال لا يوحى بأننا نقف محلك سر ونحتفظ بثبات مواقفنا التى بدأنا من عندها أولى خطوات السير على طريق العمل العربى المشترك. ولعلى أسارع بالقول أن ماذكرته ليس اتهاما لجامعة الدول العربية، وإنما الاتهام موجه بالأساس للمنظومة الرسمية العربية برمتها والتى تشكل مفتاح القدرة على تفعيل دور الجامعة إلى مستوى حلم طموح شعوب الأمة أو تجميدها إلى قرب درجة الموت كما هو الحال الآن. ولست أشك لحظة فى أن الأمين العام الجديد الذى لم ينقطع حوارى معه منذ أن تعرفت عليه قبل أكثر من عشر سنوات وحتى الآن هو أكبر المدركين إلى أنه إذا لم يكن بمقدور النظام العربى الراهن أن يصلح من نفسه فإن المستقبل سوف يكون أكثر عتمة وضبابية وربما تجد الأمة العربية نفسها محاصرة بين مخطط الشرق الأوسط الكبير الذى تروج له أمريكا منذ سنوات وبين أطروحة «الشرق أوسطية» التى تحلم بها إسرائيل لكى تمكنها من أن تكون هى القوة المهيمنة والمسيطرة على مقدرات المنطقة الاستراتيجية الممتدة من الخليج العربى شرقا إلى المحيط الأطلسى غربا ومن جبال طرطوس شمالا وحتى منابع نهر النيل جنوبا. ولست أظن أنه يمكن أن يغيب عن سعادة الأمين العام أنه مع التسليم بحق كل دولة عربية فى اختيار التوجه السياسى الذاتى الذى يخدم مصالحها الذاتية فإن مهمة الجامعة العربية السعى لسد كل الثغرات والنعرات العرقية والطائفية التى باتت بمثابة مجموعة من الأورام المنتفخة فى الجسد العربي. وأختتم خطابى متمنيا أن تكون ولايتكم نقطة بداية لتأكيد جدية الرغبة فى تنقية الأجواء كمدخل ضرورى لبناء القدرة اللازمة للتعامل الصحيح مع تحديات ومخاطر لم يعد ممكنا تأجيلها أو تجاهلها! خير الكلام: من يجهل أمسه يجهل يومه ولا يرى غده! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله