لعل مصيبة العرب الكبرى أن البعض منهم يتصور أحيانا - وتصوره خاطئ - أنه يمكن أن يكون بمنأى عن هذه التحديات والمخاطر التى أدت إلى ضرب وتفكيك الجيوش العربية فى سوريا والعراق وليبيا واليمن وتوفير الأجواء الملائمة لنمو وانتشار جماعات الإرهاب والتطرف. ولأن هذا هو حال الأمة العربية - حتى ساعة تاريخه - فقد بقيت كل الأحلام المشروعة مجرد حبر على ورق فى حين أن الأمم والشعوب الأخرى التى لا تجمعها وحدة اللغة ووحدة التراث ووحدة المصير ووحدة العقيدة استطاعت أن تقيم أسواقها المشتركة، وأن تنطلق نحو بناء وحدتها السياسية الكاملة... وأمامنا الوحدة الأوروبية التى تجمع شعوبا تتعدد أصولها وتتنوع ثقافتها خير دليل على أن العجز فينا وفى قصور قدرتنا على تحويل الأفكار والأحلام إلى حقائق على أرض الواقع. ولست أتجاوز الحقيقة إذا قلت أن خطر العجز عن بناء رؤية عربية موحدة لمحاربة الإرهاب والتطرف يكاد يتجاوز مخاطر العجز عن إقامة سلام عادل وشامل مع إسرائيل نستعيد من خلاله الحد «المقبول» من حقوقنا المشروعة.. وذلك التحدى لا يمكن فصله عن ثلاثة تحديات راهنة هى التحدى المتعلق بكيفية قراءة معطيات المواقف الدولية البازغة - خصوصا روسيا والصين - والمعارضة لانفراد الولاياتالمتحدة بتوجيه دفة السياسة الدولية، والتحدى الخاص باستمرار غياب العدالة فى السياسات الدولية تجاه القضايا العربية تحديدا، وذلك بسبب انحياز «أمريكا» لإسرائيل وما يترتب على هذا الانحياز من ازدواجية المعايير... ثم التحدى الأشمل المتمثل فى توحش التكتلات الاقتصادية الضخمة على المستوى الدولي... فضلا عن المجاهرة بحق التدخل المباشر والقول بحق تسليح المعارضة فى أى بلد عربى يراد الانقضاض عليه رغم ارتباط أغلب هذه الفصائل المعارضة بالممارسات الإرهابية بوسائل شتى تبدأ من التمويل والتحريض وتصل إلى حد تجنيد المقاتلين وتوفير الملاذات الآمنة لهم! و سؤال فوق سؤال... و الكرة فى ملعب الجميع من حكومات وتنظيمات وهيئات ومثقفين ومفكرين لأن السؤال موجه فى الأساس للعقل والضمير العربي... ولكن المهم هو السعى بجد للإجابة عن كل سؤال على حدة حتى لا تظل أحلامنا المشروعة مجرد «حبر على ورق»! خير الكلام: يزداد الغرور مع ازدياد الجهل ! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله