أعتقد أن من الظلم لعقيدة الوحدة والتكامل أن تتواصل محاولات إلقاء الغبار على كل التجارب الوحدوية فى التاريخ العربى الحديث دون الإشارة . وبصراحة - إلى أن مسئولية الفشل ترجع إلى تغليب النزعات القطرية وغياب ثقافة المصلحة المشتركة التى تشطب من قاموس الثقافة العربية كل مفردات التمايز بين الأقطار لكى تحل محلها ثقافة الدعوة للحدود المفتوحة والمبادلات التجارية الحرة. أريد أن أقول بوضوح: إن الاعتراف بواقع التفكك العربى لا ينبغى أن يكون مدخلا للقول بأن النظام العربى أصبح عبئا وإنما ينبغى أن يفتح الباب أمام حوار حر وصريح حول كيفية التوفيق بين المصالح الذاتية لكل قطر على حدة وبين المصالح العربية القومية العليا التى تخدم فى نهاية المطاف أمن وسلامة واستقرار وقوة كل بلد عربى دون استثناء!. إن من الغريب أن يتحدث البعض عن تجربة الاتحاد الأوروبى كنموذج لوعى وإدراك الأوروبيين لمخاطر البقاء كدول فرادى فى عصر التكتلات ثم - فى ذات الوقت - يشكك فى مصداقية التكامل العربي. إن هذا العملاق الأوروبى الذى وصل إلى مرحلة توحيد العملة التى توفر له إرادة سياسية موحدة هو نتاج تجربة بدأت عام 1956 باسم السوق الأوروبية المشتركة بمثل المشروع المماثل لدينا والمجمد منذ أكثر من نصف قرن بسبب المخاوف «الوهمية» من ضياع الخصوصية الذاتية لكل قطر التى ثبت فى تجربة الاتحاد الأوروبى أنها أوهام خادعة فليس هناك تصادم بين الوحدة الجماعية للأمة وبين السيادة الذاتية للقطر. إن الذين فشلوا طوال السنوات الأخيرة فى تنفيذ مخطط هدم الجامعة العربية كانوا يتجاهلون عمدا أن هذه المنظمة وكما يعبر عنها اسمها هى تجمع للدول العربية ولا يجوز الانضمام إليها إلا لكل دولة عربية مستقلة ذات سيادة.. وإذن فإن إرادة هذه الجامعة تعكس مجموع إرادات هذه الدول.. ولو كانت الإرادة العربية تعكس واقع القوة والقدرة لما كان هذا هو حال جامعة الدول العربية وحال العرب بوجه عام. .. وكفى عبثا وتلاعبا بعقول ومشاعر الأمة التى تحتاج فى هذه اللحظات إلى استراتيجية التبشير بالأمل وليس إلى استراتيجية التيئيس والإحباط!. خير الكلام: كثيرا ما تخطيء الثروة طريقها فتذهب إلى من لا يستحقها!. [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله