يحدث لى شئ عجيب لأول مرة فى رمضان هذا العام، فقد كنت اشاهد خريطة برامج ومسلسلات رمضان وأتابع اعلانات الالحاح والدعوات المتلاحقة للمصريين للمساهمة فى بناء مساكنهم ومستشفياتهم والعلاج من امراض السرطان والقلب والكبد، عندما وجدت نفسى غارقا محاصرا بكومة من علامات والاستفهام والاسئلة الملحة بشأن هذه التبرعات وضمانات وصولها الى مكانها الصحيح ومصيرها الذى لانعرف عنه الا القليل. حاولت فى البداية ان اعثر على نتيجة بحثية طبية مؤكدة تقول: ان العلاج من السرطان يقضى عليه نهائيا وأن الطب والعلم حسما هذا الأمر، لم اعثر، واندهشت لما رأيته بان غالبية الاعلانات الداعية الى جمع التبرعات لهذه المستشفيات تدعى انها تقضى على مرض السرطان وتحمى اطفالنا وفلذات اكبادنا منه نهائيا، لكن رحت فى نفس الوقت افكر فى معنى زيادة عدد مستشفيات العلاج من السرطان فى بلادنا وكيف ان ذلك يفسر الانتشار الواسع لهذا المرض الخطير، وسألت اليس من الافضل ان تذهب بعض من هذه التبرعات التى نسددها نحن المصريون المتعبين معيشيا ماليا ونفسيا للأبحاث العلمية والاكتشافات التى يمكن ان توقف هذا المرض اللعين، اليست الوقاية خيرا من العلاج، كيف ان كل هذه الملايين تذهب الى مستشفيات وجمعيات لااحد يقول لنا كيف تتم مراقبتها ومراجعة حساباتها، ولاتذهب بضعة الاف من الجنيهات لدعم ابحاث علمية يمكن ان تقضى وتتصدى لهذا المرض الخطير من جذوره، وكيف ان عالما فذا مثل الدكتور مصطفى السيد صاحب اكتشاف علاج السرطان بالذهب لايلاقى صيتا ولاضجيجا ولادعاية لدعم ابحاثه وهو الاشد احتياجا، ثم ماهى المبالغ التى تدفعها هذه المستشفيات للفضائيات نظير اذاعة تلك الاعلانات وهل يتقاضى الفنانون ومخرجوها ومنتجوها اجورا واموالا نظير اعمالهم أم هى تبرعات عينية يدفعها هؤلاء زكاة عن صحتهم وابداعهم، لا احد يقول لنا اجابة واضحة صريحة فى هذا الصدد. لقد ازداد ضيقى اكثر وفى نفس الوقت تصميمى على اثارة هذه القضية، فما سمعته وتأكدت منه بالوثائق بأن هناك مستشفيات وجمعيات تتحصل على ملايين من التبرعات ولايستفيد بها المرضى الفقراء الذين كلما ذهبوا وحاولوا البحث عن علاج رخيص على الاقل فشلوا..الامر الذى يجعلنى ازداد حماسا بأن البيانات والوثائق التى بحوزتنا خير شاهد على اننا امام جريمة جديدة اسمها المتاجرة بالمرض والتسول بإسمه، ونكمل الاسبوع المقبل إن شاء الله. لمزيد من مقالات أبوالعباس محمد