إعلانات مروعة وقاسية ومؤلمة لا تظهر ولا يزداد عددها إلا في شهر رمضان المبارك تدعوك للتبرع من أجل مساعدة مرضي السرطان. ومنذ نجاح حملات التبرع لمستشفي أطفال السرطان وبناء المستشفي من تبرعات أهل الخير، ومستشفيات ومراكز أخري لها علاقة بنفس المرض بدأت تسلك نفس الطريق ولكن بحملات مباشرة قاسية تجعلك بدلا من أن تتبرع تتوقف عن مشاهدة التلفزيون وتتوقف عن تناول الطعام إن كنت تأكل! وصحيح أن هذه الحملات تستهدف إثارة مشاعر الناس في شهر الروحانيات ودفعهم إلي المبادرة بالتكفير عن ذنوبهم بالتبرع لانقاذ حياة مريض، وصحيح أن الغرض من هذه الحملات يحمل دعوة إلي التعاضد والتراحم، ولكن الكم الهائل من هذه الإعلانات الذي يحاصرنا بهذا الشكل قد يؤدي أيضا إلي ردة فعل عكسية ستكون في الأغلب سلبية ولن تحقق النتائج المرجوة. والناس في هذا يتساءلون أيضا: ماذا لو لم يتبرع أحد؟ هل ستتوقف هذه المراكز والمستشفيات عن تقديم الخدمة والرعاية لمرضي السرطان؟ وأين مسئولو الدولة في ذلك؟ وهل تتبع هذه المراكز والمستشفيات وزارة الصحة أم أنها مسئولة عن تمويل أنشطتها بنفسها؟ إن المراكز والمستشفيات التي تقدم هذا النوع من العلاج لا يمكن أن تعتمد في ذلك علي التبرعات فقط، ولا أن تنتظر تمويلا من أهل الخير، فهذا العلاج من مسئولية الدولة والإنفاق عليه من أولويات الرعاية الصحية وإذا كانت هناك من تبرعات فإنها يجب أن تكون من خلال جهاز أو هيئة متخصصة تتولي توزيع هذه التبرعات علي هذه المستشفيات في اطار برنامج لتوفير كل الامكانيات العلاجية المناسبة بها لتقديم الرعاية الصحية بالمجان لغير القادرين! فالأسلوب الحالي لهذه التبرعات والمبالغ الهائلة التي تنفق علي الحملات الإعلانية لا يعطينا انطباعا مطمئنا ويجعلنا نتشكك كثيرا في أهداف ومردود بعض هذه الحملات، ويجعلنا نتساءل أيضا عن مصير التبرعات وكيف توجه وكيف تنفق! إننا نقف مساندين لكل حملات وجهود رعاية مرضي السرطان وعلاجهم بالمجان، ولكن بالهدوء والرحمة بنا و"شوية مفهومية"!