الهواء هنا له عبير آخر ينتشر بهدوء, الابتسامة جميع الوافدين يسارعون بتقديمها بدون تكلف, الرؤوس تنحني لتسمع وتتفهم وتقبل الأيادي والاقدام والرؤوس, في مراسم من الود لا تنتهي من الزائرين. تجعل لسان أي زائر جديد للمكان يسأل ما هذه المشاعر الجياشة النادرة والألفة والحب, كيف يسري الحنان في كل الأرجاء بطبيعية منقطعة النظير. هذه جزء من مشاعر وأحاسيس وانطباعات زيارة الأهرام المسائي لمستشفي سرطان الأطفال57357 ما تقع عليه عيناك يحزنك ويأسرك في دوامة من الألم تمحوه ابتسامة طفل تسلل إليه الضحك وعندما تصافحه تدرك أنك نجحت في شيء له معني لمجرد جلب الابتسامة لطفل مريض, كيف يرصد القلم ويصف إحساسا متناقضا بين السعادة والحزن والفشل والنجاح, والأمل البعيد القادم في الأفق رحمة من رب السماء ومن يستقبله, لم تتمالك زمليتنا نفسها, وكان فرط الدمع المتحجر بعد عناء كتمان, كانت العيون تثبتت علي مشهد فتاة قعيدة كرسي ضمت قدميها بشكل متيبس, وتظهر ذراعاها معروقتين آخرهما أصابع دقيقة تشبثت باطارات تسيير المقعد وتميل برأسها بشكل لا إرادي. تحاول مبادلة سيدة تنظر لها الابتسام, ردا علي إشارتها, الشكل العام لفتاة لا تتعدي الأربعة عشر ربيعا, حول المرض لون الفتاة إلي لا لون وهربت نضرة الحياة من بشرتها, كانت تدفع فيما تبقي من قوة ذراعيها المقعد في الممر وكان الجميع يفسح لها الطريق مشجعين لها إيجابيتها, وبعضهم فك حبس دموعه من فرط نحافة الفتاة, ورق لها قلب زميل لنا حاول دفعها بدلا من الذراعين الواهنتين, ولكنها أمالت رأسها بهدوء, واتسعت حدقتاها تتحدث بعينيها, أن أتركني وشجعني اساعد نفسي شكرا لك, ولم يتمالك نفسه زملينا وأكمل رفع يديه إلي السماء شاكرا لله نعمة الصحة في حركة سريعة لم تلحظها الفتاة, وتمتمت شفاة الناظرين بالثناء والحمدلله علي نعم نرفل فيها ليلا ونهارا ولا نشكره عليها, تألقت أعين الزائرين لهذا الصرح الكرة الزجاجية أعلي المكان والتي تحيط بالمبني التي أكد أنها توفر20% من الطاقة وتعكس ضوءا خاليا من الأشعة فوق البنفسجية الضارة بالجلد. هنا مشهد متكرر تئن له القلوب ولا تداويه الدموع استدارة رأس لصغيرتساقط اشعره حتي حاجباه لا أثر لهما بوجه نحيف الرقبة, أشبه بوردة تساقطت أوراقها تشتاق لمن يرويها ويحتضنها ليعود شذاها يدخل البهجة, تكثر هذه الرؤوس الأطفال تكتظ بهم ردهات وطرقات وأسرة وعنابر ومعامل المستشفي تأسر عيون هؤلاء الأطفال الناظر إليهم تقف احتراما لصمتهم, وإجلالا لمن يخفف آلامهم, أقاويل آباء وأمهات الأطفال تتناثر يستحيل تجاهلها ومن ينسي قول احدي الأمهات الله يعمر بيت اللي بيتبرعوا للمكان ده.. خاصة المصريين بالخارج, لم ينسوا الفقراء و الغلابة ترد عليها قريبة إحدي المريضات من يصدق أن مكانا بهذه القدرات قائم علي التبرعات فقط ولا تدعمه أي هيئة الحمد لله المستشفي أكبر مركز لعلاج سرطان الأطفال في العالم يشترك في الحديث أحد الآباء قائلا ويواري دموعه بعد دخول ابنته بصحبة احدي الممرضات إلي الحمام. المستشفي مر عليه5 سنوات ونجح في توفير المستوي العالمي للرعاية الصحية والنفسية لأطفالنا, وأنشأوا قسما للبحث العلمي يسعي لكشف أسرار انتشار السرطان في مصر حصل قسم التمريض علي درع وزارة الصحة في مايو2012 هكذا بدأ كلامه جد مريضة لم تتعد العامين وتابع قائلا أعلي مستوي تمريض علي مستوي الشرق الأوسط في تميزه فيما يسمي بالزيارات المنزلية للمريض وتم تدريب2000 صيدلي خلال ال5 سنوات الماضية ويتم تدريب400 صيدلي من الكليات سنويا وأضاف المعمل بالمستشفي الأول في مصر الذي يجري اختبارات متابعةحالات سرطان الدم الحادة بصورة روتينية وممنهجة ويتباري أهالي الأطفال المريضي في ذكر بيانات ومعلومات المستشفي الذي يعالج فلذات أكبادهم بدون أي مقابل, لنعرف أن عدد الترددين لطلب العلاج أكبر بكثير من الطاقة الاستيعابية للمستشفي, الأمر الذي اضطر الادارة للبدء في انشاء وتجهيزات300 سرير جديد مازالت تنتظر اسهامات المحسنين وأياديهم الكريمة. تفاصيل كثيرة لا تنتهي بين جدران المستشفي وأهالي المرضي والأطفال المصابين, آهات وآلام لا تنتهي لا يخففها لهؤلاء إلا ترددهم علي هذا المكان. والجميل في الأمر أن نسبة الشفاء نهائيا من المرض اللعين تصل إلي70% حسب البيانات الرسمية للمستشفي, معادلة غريبة شكل حقيقي لا يمكن الا أن تطلق عليه جملة هذه هي مصر فعندما تجاور لافتة تبرع نجيب ساويرس لافتة تبرع وزارة الأوقاف مع لافتة اخري لسيدة لا يعرفها مخلوق مع شركة كذا ومصنع كذا والأمير فلان الاماراتي والكويتي والمسئول المشهور والآخر غير المعروف, لا تملك إلا أن تري مصر كل يستحق أن يذكر اسمه حقا وكقدوة لغيره من المحجم أو المتكاسل, أو متناسي أبناء بلده وحقهم عليه, من هنا تبرز الحقيقة الواضحة للجميع إذا كان المرض لا يتوقف عن الانتشار والمستشفي لا يتوقف عن استقبال الأطفال بشرط عدم تناول المريض لأي أدوية خارج المستشفي أو تأثر الجسد بأي عقاقير قبل وصوله للمستشفي, فالوقود الحقيقي لجريان الحياة بشكل طبيعي في هذا المكان والداعم الفعلي لاستمرار هذه الكفاءة, هو التبرع. ومازالت تدق في آذاننا ونحن نغادر المكان كلمات احدي الأمهات, التبرع لهؤلاء الأطفال يجب أن يضع الانسان نصب عينيه أن يسدد جزءا من نعم الله عليه من صحته وسعادته وعدم شكايته من أي ألم وكما هم يتألمون ويتوجعون ويبكون.. نحاول أن نمسح دموعهم نخفف آلامهم بالتبرع لاستمرار علاجهم زيارة: فاطمة فؤاد خالد الشربيني محمود زيدان محمد زيادة