ارتفاع أسعار النفط مع تصاعد التوترات الجيوسياسية    ارتفاع جديد في سعر الفراخ البيضاء الآن.. أسعار الدواجن اليوم الثلاثاء 7-5-2024 صباحًا    تداول 67 الف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    وزير الإسكان: حملات لإيقاف وإزالة مخالفات بناء في 3 مدن جديدة    «معلومات الوزراء»: توقعات بنمو الطلب العالمي على الصلب بنسبة 1.7% عام 2024    عاجل.. البورصة تخسر 28 مليار جنيه في أول خمس دقائق من بدء تداولات اليوم    «عربية النواب» تطالب المجتمع الدولي بالتحرك لمنع كارثة جديدة في رفح الفلسطينية    بوتين يؤدي اليمين الدستورية اليوم لتولي رئاسة روسيا لفترة خامسة    جيش الاحتلال: تم إجلاء الغالبية العظمى من السكان بمنطقة العمليات العسكرية في رفح الفلسطينية    باحثة سياسية: الدور المصري له أثر كبير في دعم القضية الفلسطينية    الأهلي ضد الاتحاد السكندري في الدوري اليوم.. الموعد والتشكيل المتوقع    دويدار: معلول سيجدد تعاقده مع الأهلي    سقوط الأمطار على عدة مناطق.. الأرصاد توضح حالة الطقس اليوم الثلاثاء 7 مايو 2024    السيطرة على حريق في مطعم بشبرا الخيمة    هتك عرضها والقي جثتها بالحديقة.. وصول أسرة الطفلة "جانيت" لمحكمة الجنايات لحضور أولي جلسات محاكمته    مدارس شمال سيناء جاهزة لاستقبال امتحانات نهاية العام لسنوات النقل    مدير حدائق الحيوان ب«الزراعة»: استقبلنا 35 ألف زائر في المحافظات احتفالا بشم النسيم    رسائل جمهور ياسمين عبد العزيز بعد ظهورها في «صاحبة السعادة»: وجعتي قلوبنا    لا تأكل هذه الأطعمة في اليوم التالي.. الصحة تقدم نصائح قبل وبعد تناول الفسيخ    مدحت شلبي يعلق علي رفض الشناوي بديلًا لمصطفى شوبير    زعيم المعارضة الإسرائيلي: على نتنياهو إنجاز صفقة التبادل.. وسأضمن له منع انهيار حكومته    رويترز: جيش الإحتلال الإسرائيلي يسيطر على معبر رفح الفلسطيني    قبل انطلاقها، الخريطة الزمنية لامتحانات نهاية العام 2024 بالجيزة    التصديري للصناعات الغذائية: 53% نموًا بصادرات القطاع لفلسطين خلال الربع الأول    بث مباشر مباراة الأهلي والاتحاد السكندري بالدوري    زوج الأم كلمة السر.. دماء بمنطقة حساسة تكشف انتهاك جسد صغير بولاق الدكرور    مصرع سيدة أربعينية أسفل عجلات قطار المنيا    عبد الجليل: استمرارية الانتصارات مهمة للزمالك في الموسم الحالي    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء في الدوري المصري والبطولات العالمية    إصابة الملك تشارلز بالسرطان تخيم على الذكرى الأولى لتوليه عرش بريطانيا| صور    Bad Bunny وSTRAY KIDS، أفضل 10 إطلالات للنجوم بحفل الميت جالا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 7-5-2024    هل يجوز أداء سنة الظهر القبلية أربع ركعات متصلة.. مجدي عاشور يوضح    اليوم.. مجلس النواب يناقش حساب ختامي موازنة 2022/2023    صدق أو لاتصدق.. الكبد يستعد للطعام عندما تراه العين أو يشمه الأنف    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الثلاثاء 7 مايو 2024    ياسمين عبد العزيز:" عملت عملية علشان أقدر أحمل من العوضي"    صدقي صخر: تعرضت لصدمات في حياتي خلتني أروح لدكتور نفسي    رامي صبري يحيي واحدة من أقوى حفلاته في العبور بمناسبة شم النسيم (صور)    شبانة: هناك أزمة قادمة بعد استفسار المصري بشأن شروط المشاركة في بطولات افريقيا    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    "يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات التهنئة بالعيد    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    ياسمين عبد العزيز تكشف ل«صاحبة السعادة» سبب طلاقها من أحمد العوضي    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل إمام و ثورة مارس

فى عام 1965 وقتما كنت تلميذاً فى الصف الخامس الابتدائي انتقلت مع أفراد اسرتى من مسقط رأسى الجميل (وقتها) جزيرة منيل الروضة إلى شقة جديدة كبيرة بوسط البلد (بناية لاباس وصيدناوى فى ميدان سليمان باشا قبل أن يتسمى ميدان طلعت باشا حرب) لتلائم احتياج أبى إلى وجود اتيليه بجوار سكنه، أو مكان يبدع فيه لوحاته التشكيلية ورسومه الكاريكاتورية، وقد باتت الأخيرة جزءاً من تاريخ البلد الصحفى والوطنى
يحكى معارك الأسلحة الفاسدة، وصراع القوى بين أضلاع مثلث السراى والانجليز (قصر الدوبارة) والأحزاب التقليدية القديمة، ومعارك ثورة 23 يوليو وعبد الناصر ضد الرجعية والتطرف والاستعمار والإقطاع، ورأس المال المستغل.. أما الأولى فكان قوامها لوحات تكعيبية وتجريدية قدم فيها ذلك الفنان العملاق رؤيته لعالم جديد تشكل فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، وكان لجيل أبى (مواليد 1916) من المبدعين فى الدنيا كلها، إسهامه ورؤاه فى بناء المستقبل بعد دمار كونى شمل المدن والبشر ومنظومات القيم والأفكار، لا بل هكذا نشأت حركات الفن الحديث بعد بيان قهوة مونمارتر فى باريس على ايادى بيكاسو وبراك وجون جراى والشاعر جان كوكتو.. ولكن الموضوع – بالنسبة لى – كان اقل قيمة – بكثير – من كل هذا الكلام الفخيم والصحيح الذى اكتبه – الان – بعد نصف قرن، إذ كشف هذا الانتقال الكبير عن فرص براقة ومدهشة افط – فيها – وانط على درج العمارة التى صرنا نقطن بها، لاندفع – كإعصار – إلى داخل محل لاباس (كان قهوة وحلوانى ومطعم به قسم للمشروبات والعصير) وهناك أقف على أطراف أصابع قدمى لأخاطب العامل الرابض خلف بار العصير، واطلب منه تنفيذ بعض افكارى الجهنمية لتأليف أنواع من الكوكتيل.. مرة (فراولة مع موز مع مشمش)، ومرة (مانجو مع برقوق ولبن وموز)، ومرة (شمام مع موز ورمان).. كنت صاحب (الفكر) فى تلك الكوكتيلات، وكان العامل يملك (التقنية) وهى الخلاط، ومن عناق الفكر والتقنية عشت أياما وضاءة رائعة، لم انتبه فيها إلى وجود أصدقاء أبى من حولى يشربون الكابتشينو مع الكرواسان على مناضد قهوة لاباس (د. لويس عوض والأستاذ صلاح أبو سيف ود. يوسف إدريس والناقد السينمائى الجميل الأستاذ سامى السلامونى والذى كان واحداً من اقرب الناس إلى أبى).. ولم أدرك – قطعاً – أن واحداً من أولئك سيقوم بدور العميل السرى، ويفتن لأبى على نوعية اعمالى فى «لاباس»، والتى ضاعفت وزنى – فى ذلك التوقيت – على نحو يخالف تعليمات اسرتى بضرورة التزام الانضباط الغذائى.
وعلى أية حال حدثت الوشاية، وأصبح نزولى إلى «لاباس» نادراً ومحكوماً بضوابط منزلية مروعة اقلها صيحة أمى: (رايح فين يا عمرو) عندما أتسلل نحو الباب بغرض الهرب إلى «لاباس» جنة الله فى أرضه، وهى ما كان يعيدنى تلقائياً إلى غرفتى فى حالة من الشجن والإحساس بالقهر الشديد.
وقد أتاحت لى تلك الندرة فضاءات أوسع للدهشة والتأمل تتيح اختراق الحواجز العائلية الحديدية بتوافق مع كبار اسرتى مظللا نصيحة من إحدى الجارات والصديقات: (الولد ح يموت نفسه.. سيبوه ينزل)، ولحظتها كنت أعدو حتى أسبق ظلى، وأنزل إلى حيث الخلاط والعصائر والكوكتيل.
بدت عيناى – من فرط الأشواق – جائعتين تلتهمان كل فتافيت المشهد من حولى حين اهبط إلى «لاباس» وأعيش اللحظة، وآخذها بالأحضان.. بالأحضان.. بالأحضان.
وضمن ما أدركت – أثناء تلك الإغارات على جنة الفواكة والنخل ذات الأكمام (هكذا خلتها)، شاباً نحيلاً، يقف – دائماً – مع أصدقائه (منهم شاب اسمر – فيما بعد هو أحمد زكى – وآخر يلازمهما – فيما بعد هو سعيد صالح) أمام عتبة «لاباس»، ولا يتوقف عن التدخين فيما يراقب جميع الرائحين والغادين فى شارع قصر النيل (كانت الفرجة – فى ذلك التوقيت – على الحركة فى شوارع وسط البلد رائعة وراقية، وقوامها نساء ورجال غاية فى الأناقة والوسامة، وهم إما ارستقراطيون، وإما يقفون على حافة الارستقراطية يعنى من الطبقة الوسطى العليا، الفراء على ياقات المعاطف، والكلاب الصغيرة الرقيعة مشدودة بسلاسل أنيقة إلى ايادى صاحباتها، والأحذية تبرق من فرط اللمعان، ومساحات الفراغ فى الشارع تسمح بالرؤية وبتكوين الانطباعات فضلا عن التنفس بالقطع).
شعرت اننى اعرف ذلك الشاب النحيل المدخن بشراهة حتى وجدتها.. وجدتها، وتذكرت انه – هو نفسه – الأستاذ دسوقى وكيل الأستاذ حمدى عطية المحامى (فؤاد المهندس) فى مسرحية (أنا وهو وهى) التى كانت أيقونة الكوميديا فى ذلك الزمان.
نعم.. كان الأستاذ عادل إمام فى احدي صور شبابه الباكر، والتى أعقبت تمثيله لدور الأستاذ دسوقى بسنوات، وإن تركت فى نفوس المشاهدين إحساسا بأن فى ذلك الشاب موهبة نادرة تؤهله لمقام ابداعى رفيع.
ومرت الأيام.. ودارت الأيام.
وكنت طوال الوقت أراقب هذا الفنان (الفلتة) يكبر ويراكم رصيدا مدهشا من الجماهيرية على امتداد العالم العربى، ويفجر ينابيع من الضحك فى كل مكان، وإن اختلف عن كل الذين سبقوه من صناع الكوميديا، فى ذلك الأساس الثقافى لأعماله فضلاً عن انحيازات سياسية واجتماعية واضحة جداً.
وقد سلكت طريق الكتابة فى الفن ومحاورة المبدعين الفنانين كأجندة جانبية أو فرعية إلى جوار عملى كصحفى واعلامى همه الأكبر ينصب على شئون السياسة فى مصر والعالم.
وذات يوم من عام 1986 اتصلت بالأستاذ عادل إمام – وكانت بداية علاقة مباشرة جمعتنى به حتى الان وطوال ما يقرب من ثلاثة عقود – لإجراء حوار سياسى معه لمجلة (المصور)، ولم يك – حتى ذلك الوقت – تعود الإفصاح عن آرائه السياسية فى الصحافة، وكان الحوار (قنبلة) بالمعنى الحرفى للكلمة، ثم تتابعت حواراتى الشاملة معه فى خمس مناسبات، حتى أصبحت بمثابة تأريخ للظاهرة (الإمامية) إذا جاز التعبير.. لا بل أن الأستاذ عادل إمام أبدى أكثر من مرة – إحداها على شاشة تليفزيون «أوربت» – اندهاشه من قيام صحفيون هذه الأيام بالنقل من تلك الحوارات دون الإشارة إلى كاتبها، وبعضهم بنى هياكل كتب ألفها عن عادل إمام على نصوص منقولة (حرفاً بحرف) من تلك الحوارات التى لا يشير أبناء الجيل الجديد من الصحفيين إلى صاحبها توافقاً مع القيم المهنية والأخلاقية التى أصبحت سائدة ربما فى البلد كله وليس فى الصحافة وحدها.
الحديث الأخير من تلك الخمسة كان فى أكتوبر عام 1993، وعنونته (الزعيم) عشية إطلاق عرض عادل إمام المسرحى الذى حمل نفس الاسم.. وفى بدايات الحوار كتبت عدة شطرات من أشعار الأستاذ بهاء جاهين التى تضمنتها تلك المسرحية وهى: «إنت الفارس.. وإنت الحارس.. وإنت مفجر ثورة مارس».. وطبعاً لم يك عادل إمام أو مؤلف مسرحية الزعيم (فاروق صبرى) يعرف أن الثورات ستتكاثر وتنسب إلى كل شهور السنة بما فيها ثورة ذى القعدة وثورة برمهات، كما ستتنوع بين ثورات ملونة (برتقالية ووردية وغيرها) وبين ثورات ابيض واسود، لا بل ثورات كالحة ومقيحة لا لون لها كالتى عاشها بعض أجزاء منطقتنا مؤخراً!!
على أية حال.. انتظم حوار (ثورة مارس) بينى والأستاذ عادل إمام نسقين احدهما (الديمقراطية) وثانيهما (الإرهاب)، وجاء وثيقة نادرة يتضمن إفادة واحد من أهم مبدعى هذا الزمان، وفى توقيت لا تضغط فيه على أعصاب تلك الإفادة عوامل اصطناعية ومفتعلة كتلك التى يتبناها النشطاء – حالياً – وأعضاء مجالس الحكماء، والائتلافات الثورية، والذين يفشون الإقصاء والنفى والحصار والكراهية البينية، والرغبة الصفراوية فى المطاردة، ويفرضون على الناس، أن لم يك ترديد ما يطابق آراءهم أو تكليفاتهم القادمة من أسيادهم عبر البحار، فعلى الأقل ما لا يصطدم معها.
وثيقة عادل إمام ما زالت صامدة – إلى اليوم – بعد واحد وعشرين سنة من كتابتها وعلى نحو دفعنى إلى معاودة زيارتها وقراءتها وإلى استرجاع بعض ما تضمنه البينج – بونج الحوارى الذى جمعنى بذلك الفنان الكبير، والكبير جداً لو أذنتم.
وفى السطور القادمة اعرض مقتطفات من كلام عادل إمام فى ذلك الحوار اللافت الذى جرت وقائعه منذ سنوات طويلة:
«ولى زمن الزعامات ذات الصفات الاستثنائية الخارقة.. نحن نعيش زعامة المتوسط الحسابى أى الرجل الذى يجمع فى صفاته وسلوكه نقاط الاتفاق فى صفات وسلوك مواطنين.. نحن فى زمن الزعيم الذى يطلق عليه Care – taker أو الرجل (اللى يخللى باله على ناسه وشعبه).. نحن فى زمن الزعيم الذى يحمل هموم الفرد فى وطنه بأكثر مما يحمل همومه شخصياً.. الزعامات الاستثنائية أصبحت – الان – ظاهرة (عبيطة) انتهت العنتريات والدون كيشوتيات، وصرنا فى زمن الواقع والأشياء الموجودة على الأرض، والتى يمكن أن يراها الإنسان بالعين المجردة.. نحن فى عصر الكمبيوتر والميكروشيبس، حتى الألوان اختلفت وكان لابد أن تصبح الزعامات ممثلة لكل هذا الاختلاف.. الزعامات الاستثنائية انتهت ليس – فقط – فى أوروبا ولكن فى العالم الثالث أيضا، لم يعد هناك ديجول جديد كما لم يعد هناك تيتو».
«الزعيم يكتسب زعامته ليس لوسامته أو الطريقة التى يصفف بها شعره وإنما من الدفاع عن مصالح الفقراء».
«رأيت إرهابيين – ليسوا بالضرورة – من أولئك الذين يطلقون الرصاص، فهؤلاء ليسوا معزولين فى مكان لأذهب وأتفرج عليهم.. أراهم واعرفهم جيداً.. هناك إرهاب فى أوساط المثقفين وإرهاب على صفحات الجرائد أيضا.. وهو الإرهاب بالشتائم، لقد بات الناس يكلمون بعضهم البعض بطريقة إرهابية جداً.. هناك إرهاب يمارسه – حتى – رجل الشارع العادى فسائق التاكسى الذى يصدر إشارة من يده لسيدة تقود سيارتها يمارس إرهابا بمعنى من المعانى.. إنهم يحاربون الفن لأنه يدعو للصفاء النفسى والروح الطيبة والسلوك الصحيح»..
«إذا حكم الفرد تصبح الزعامة هى التآمر.. وإذا حكم الشعب تصير الزعامة صورة للنبل الانسانى».
«الإرهابيون لا يرون الألوان ولا يعرفون سوى اللون الأسود»
«اختفت الزعامة من ساحة الغناء والأدب وأصبحنا نعيش عصر التعددية».
«بعض زعماء المعارضة هم أكثر ما يضحك المصريون عليه الان».. «لابد أن يكون الناس – فى البداية – ديمقراطيين قبل أن تكون الحكومة ديمقراطية»
«المتطرف أشبه بشمام الكوكايين.. والحوار مع متطرف أمر مستحيل لأنه حوار مع دماغ مغسولة كالفل».. «أحد أهداف التطرف ضرب قدرة المصريين على الضحك».. «لو أصبح نجيب محفوظ رئيساً للوزراء سيبسط كل الناس».. «رأينا السيد إبراهيم شكرى رئيس حزب العمل الاشتراكى يدلى ببيان فى الصعيد ثم يقابل الرئيس مبارك فيخرج ليقول عكس ما ورد فى بيانه تماماً، وأنا – شخصياً – وقعت على الأرض من الضحك عندما رأيت على شاشة التليفزيون السيد أحمد الصباحى رئيس حزب الأمة وهو خارج من مقابلة الرئيس مرتدياً طربوشاً أحمرً جميلً، وكرافته طبع عليها صورة مبارك!».. «وسط كل زعماء مصر كان جمال عبد الناصر يمثل عندى صفات الزعيم بمعناها الكلاسيكى، كنت أحسه بمقياس العصر الذى عشته، لم اك فاهماً للديمقراطية كما افهمها الان، ولكن رأسى يمتلئ بالتساؤلات عندما أفكر فى هذا الموضوع، هل كان من الممكن – فى ذلك الوقت أن نطبق الديمقراطية فى ظل وجود عبد الناصر؟ وهل الديمقراطية منحة من الزعيم أم أن الشعب يكتسبها؟ وهل من الممكن – حالياً – أن ننتقل إلى ديمقراطية على النمط الاوروبى؟. وهل يمكن أن نقيم الديمقراطية فى يوم وليلة.. إن الذى صنع الديمقراطية فى أوروبا هو العلم الحديث والصناعة.. لابد أن يكون هناك مناخ ديمقراطى بما يفرض الديمقراطية، فهل عندنا المؤسسات والصناعات التى تجبر الوطن أن يكون ديمقراطياً».. «الشعب المصرى معدنه عظيم جداً، ولا يجوز أن يُقرأ تاريخه – هكذا – بمنتهى السهولة فكل صفحة من تاريخه تستحق الوقوف أمامها طويلاً، ولو قرأنا تاريخه جيداً نعرف انه سينتصر فى معركة الإرهاب».. «هناك تلوث فى البيئة السياسية، والتطرف وراؤه فكر يعمل على اختراق مؤسسات وعقول، ومما لا شك فيه أن بعض مظاهر الفساد تساعد على ذلك وبالذات ما نقرأ عنه فى الصحف، هذا يستفز مشاعر الشباب بالذات ويساعد فكر التطرف أن يتوغل وينتشر وينتشر ويتوغل»!!
«لا أوافق على تفسير الإرهاب بأنه نتيجة البطالة والفقر والمجتمعات العشوائية والجوع.. يا عمرو أنا كنت رجلاً فقيراً وتربيت فى أسرة متوسطة ولم اعرف ما هو شكل مصروف اليد.. أمن اللازم أن يتطرف كل فقير، وهل الفقر موجود عندنا فى مصر فقط؟.. لماذا لم نتطرف نحن؟.. هل لأنه كانت لدينا قدوة؟.. الشباب – اليوم – ينظر إلى انتخابات أى اتحاد رياضى فى مصر، فيجد أطرافها يجرجرون بعضهم البعض إلى ساحات المحاكم.. فأين يجد القدوة؟ اننى لكى أرشح نفسى فى لجنة رياضية بإحدى المؤسسات لابد أن يكون ورائى ثلاثون محامياً جهبذاً على الأقل.. إذن أين يذهب الشباب؟!.. انه يذهب ليصلى وهناك يجد من يقنعه بأنه قدوة يتحدث له عن الفضيلة، ثم بعد برهة وجيزة يبدأ الحديث عن النار وعن الثعبان الأقرع.. أليس فى ديننا الجميل غير النار والثعبان الأقرع؟!.. القدوة – إذن – غائبة، أو موجودة متخفية تتسلل لتحقيق أهداف أخرى غير ما يتضمنه الدين من مبادئ.. ثم انظر لأطنان الشتائم التى توجه لعبد الناصر والسادات، أليس هؤلاء قدوة، كيف يقتدى بهم الشباب بعد ذلك؟!.. وليس هذا دفاعاً عن الزعيمين فأنا – أيضا – أرى أن المبالغة فى إظهار الولاء لهما هى نوع من الدروشة السياسية تؤدى إلى أن يحكمنا أولئك الزعماء من قبورهم، ولكننى أتحدث عن فكرة القدوة وتلك الانتهاكات التى تتعرض لها، والتى تفتح باباً وحيداً أمام قدوة أخرى شريرة لا تعرف سوى النار والثعبان الأقرع وعذاب القبر.. كل الأسئلة التى يطرحها المجتمع نتيجة غياب القدوة هى تقلصات تبحث عن فكرة المثالية.. وعلاج هذه التقلصات قرصين ديمقراطية.. وكبسولة عدل، وحقن نزاهة فى العضل مرتين فى اليوم»!!
............
كانت هذه هى بعض أفكار الزعيم عادل إمام منذ ما يزيد عن عشرين عاماً، وقد صارحنى بها على عتبات تفجير ثورة مارس قبل ثورات جميع الأشهر التى هبطت على أدمغتنا سواء ثورة ذى القعدة أو ثورة برمهات، وقبل الثورات الملونة فى أوروبا الشرقية والثورات الكالحة المقيحة التى استشرت حولنا، وقبل الربيع العربى وما أثاره من الخماسين الفوضوى، وقبل أن يسود عصر نجوم الغبراء الذين يصدحون فى شاشات التليفزيون وعلى صفحات الجرائد ويصوغون إعلاما معتما ومتأزما وعنكبوتيا ومقرفا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.