أقام المركز القومي للترجمة الاثنين الماضي "يوم المترجم"، للاحتفاء بكبار المترجمين، مع تقديم دفعة للمترجمين الشباب من خلال إحياء رابطة المترجمين، ولأول مرة يتم دعوة ممثلين عن أهم دور الترجمة في العالم العربي لعرض رؤيتهم ووجهات نظرهم حول عملية الترجمة في العالم العربي، وما حققته إلي الآن، وما يطمحون في تحقيقه خلال الأعوام القادمة. افتتحت الاحتفالية بندوة "واقع الترجمة ومشكلاتها في الوطن العربي" أدارها الدكتور أنور مغيث، مدير المركز، وشارك فيها عدد من العاملين في حقل الترجمة في الدول العربية، هم الجزائرية إنعام بيوض، عن المعهد العالي العربي للترجمة بالجزائر، الدكتور هيثم الناهي، ممثلا عن المنظمة العربية للترجمة ببيروت، شروق مظفر، عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت، ومنير فندري، من المجمع العلمي بيت الحكمة بتونس. اتفق الحضور علي ضرورة تعاون المراكز الثقافية في الوطن العربي للنهوض بالترجمة، وتوقيع بروتوكول فيما بينهم بذلك، ففي الوقت الذي لا تتحمل فيه الأوضاع الاقتصادية -سواء في مصر أو غيرها من بعض البلدان العربية- تكلفة مشاريع ترجمة عالية المستوي والجودة، يمكنهم ذلك إذا اتحدوا معا وعملوا علي تحقيقه. تحدثت إنعام بيوض من جانبها، وأكدت علي ضرورة استغلال وجود الفاعلين في مؤسسات الترجمة بالوطن العربي، للخروج من هذا اليوم باتفاقات حقيقية للتعاون، لتحقيق نهضة حقيقية فاعلة بحركة الترجمة، واقترحت وضع استراتيجيات للترجمة، و التركيز علي ما يتم نشره، مشيرة إلي ضرورة الاهتمام بنشر الثقافة العلمية، و ضرورة مشاركة الجامعات للمراكز في نشر العلوم. وأضافت بيوض: "تعد الترجمة نوعا من الترف الأدبي ، بل تكون أحيانا مهنة من لا مهنة له، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء المعهد العالي العربي للترجمة، كهيئة تابعة لجامعة الدول العربية، فكانت فكرته منذ عام 1985، وبدأ العمل في 2004 إلي الآن، وفيه يدرس الطالب عامين بعد الدرجة الجامعية الأولي، ليحصل علي الماجستير في الترجمة، سواء التحريرية أو الفورية أو تكنولوجيا الترجمة، واللغات التي يعمل فيها المعهد هي الإنجليزية والفرنسية والعربية، وستنضم لهم قريبا الأسبانية". في حين أكد الدكتور هيثم الناهي أن مشكلات الترجمة واحدة في الوطن العربي، قائلا: "حتي وإن اختلفت لغة الترجمة بين المشرق والمغرب العربي، فكلاهما صحيح، ولكن لابد أن تتعاون المراكز العربية من أجل توحيد الترجمات، ومنع دور النشر الخاصة من الاتجار بالمعرفة، بتوفير طبعات زهيدة الثمن، فكل عام في أوروبا يتم ترجمة أكثر من 5 آلاف كتاب من لغتها للغات مختلفة والعكس، في 187 اختصاص في الترجمة العلمية، وهو الجانب المهمل في بلادنا"، وفي حديثه، ذكر الناهي إنجازات د.أحمد الفراهيضي، الذي بحث وأحصي جذور القرآن إلي حوالي 10289جذرا، مشيرا إلي أهمية الترجمة النوعية. بينما تحدث منير فندري عن مبادرة تعاون بين المشرق والمغرب لترجمة الأدب والكتب الألمانية، و طالب بإنشاء شبكة لدعم تطوير قطاع الترجمة علي المستوي العربي، فالإحصائيات مهينة للرصيد العربي للترجمة. وعلي نفس المنوال، تري شروق مظفر مديرة سلسلة المعرفة الشهيرة بالكويت، أن العوائق الخاصة بالترجمة في الوطن العربي، تبدأ عند اختيار النص، واختيار المترجم، فالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب يسعي للتعامل مع مترجمين جدد، رغم ما في ذلك من مجازفة، وأضافت: "لابد من الترجمة الأمينة، لأن بعض الترجمات تفقد النص روحه، مما نراه من استخدام فج للترجمة الإلكترونية، أو ترك المترجمين لأيدلوجيتهم بالتحكم في النص و تخريبه". وعن المشاكل التي تواجه الترجمة في الكويت، قالت: "أبرز مشكلاتنا في الترجمة هي هيمنة اللغة الإنجليزية لكونها اللغة الثانية لدينا، في حين أن هناك قصورا في الترجمة من اللغات الأخري، و هذه المشكلة التي يحاول أن يتصدي لها المجلس، كما أن حركة النقد ضعيفة في العالم العربي وتتعرض للمؤلف أكثر من الترجمة". وبعد تلك الافتتاحية والاستراحة القصيرة، أقيمت مائدة مستديرة لمناقشة مشكلات الترجمة في مصر، أعقبها ندوة "فكر كونفشيوس"، وأدارها الدكتور محسن فرجاني، أستاذ قسم اللغة الصينية بكلية الآداب جامعة عين شمس، وتحدث فيها جانغ جيه تشيانغ، أستاذ الدراسات الصينية بأكاديمية الفنون، وبالتزامن مع الندوة، شهد منفذ البيع بالمركز حفل توقيع لعدد من الكتب الصادرة عنه، ثم عقدت رابطة المترجمين اجتماعا مفتوحا أداره الدكتور أنور إبراهيم، للتساؤل حول الأجيال الجديدة من المترجمين والكوادر الأكاديمية الشابة في حقول اللغويات والألسن، وعن حقهم في وجود نقابة ينتمون إليها تنظم عملهم، ولضيق الوقت اتفقوا في النهاية علي تحديد موعد لندوة في أقرب وقت ممكن لمناقشة الأمر باستفاضة أكثر وضبط معاييره، فهذا الأمر كما قال مغيث علي قائمة أولويات المؤتمر والمركز. وفي نهاية اليوم تم تسليم جائزة رفاعة الطهطاوي إلي الفائزين بها في دورتها الخامسة، وهما الدكتور محمد عناني عن ترجمته لمسرحية "دقة بدقة" لوليم شكسبير وقيمتها مائة ألف جنيه، والأخري للمترجمين الشباب، وفاز بها المترجم أمير زكي، عن ترجمته لكتاب "سنة الأحلام الخطيرة" للكاتب سلافوي جيجك، وقيمتها 25 ألف جنيه. كما تم تكريم الدكتور مصطفي فهمي، والمترجم السوري جورج الطرابيشي، لإسهامهم الكبير في مجال الترجمة، واختتم الحفل والمؤتمر فعالياته بتقديم درع المركز لعدد من المترجمين البارزين والمتميزين علي مستوي العالم العربي وهم: المترجمة الجزائرية الأستاذة الدكتورة إنعام بيوض، اللبناني الأستاذ الدكتور هيثم الناهي، التونسي منير فندري، والكويتية شروق مظفر.