التليفزيون هو الحياة..هكذا يُمكننا تخيل حياتنا عندما نشاهد معرض أحمد صبري المقام حالياً بجاليري "المشربية"، الذي يستمر حتي 13 من الشهر الجاري. يحمل المعرض عنوانين، بالعربية : "تليفزيون البرنس"، وبالإنجليزية: " T.v Forever". تلتقط اللوحات موضوعاتها وفضاءها من منطقة واحدة هي الشاشة. كل لوحة شاشة، التعبير مقصود حرفياً، وليس مجازاً، فكل لوحة شاشة، ينقل صبري في كل واحدة منها شاشة قناة. يرسم في كل شاشة / لوحة جانب من هذه الحياة / حياتنا.. لهذا رؤية لوحات /شاشات المعرض كلها ضرورية لاستكمال المشهد. في لقطة/ لوحة تظهر خمسة أعمدة، تتراص عليها أركان الإسلام الخمسة. وأسفل الشاشة كتبت ببنط صغير "مادة إعلانية". في إحدي اللوحات، وهي المواجه للداخل إلي الجاليري- تحديداً- يعلو كتابة رسماً لأربعة نساء في أعمار مختلفة، الكتابة، والتي تتبدي علي هيئة شريط أخبار تقول: " تجربة جنسية = استمتاع حقيقي"، التعبير الصريح، الابتذال في عرض "خدمة جنسية"، يكشف جانباً من سيطرة التليفزيون علي حياتنا، لكن صبري لايمارس عملية إدانة، وكذلك لا يصنع موقفاً واضحاً.. هكذا تتوالد متعة اللعبة ما بين الاستمتاع بالمعرض من ناحية، و استمرارنا في مشاهدة التليفزيون كذلك، وإدانة الفنان لسيطرته- التليفزيون- من ناحية أخري، ودفعنا للتخلي عنه قليلاً.. شريط الأخبار من العناصر التي تتناولها اللوحات مثلما تتناول الصور المبثوثة علي الشاشة. هنا شريط الأخبار يلعب عدة أدوار، منها نقل أخبار حية، أو كانت حية لحظة رسم بعض اللوحات، ولكن تجميد الخبر ووضعه في سياقه مع بقية "شاشات" المعرض يجعلنا نقارن ما بين كم قنوات الترفيه مثلا، وقنوات الأخبار، هذه إحدي النتائج الكثيرة التي يمكننا التوصل لها عند المقارنة ومشاهدة المعرض كذلك.. من ناحية أخري تتنوع الشاشات بين قنوات الأخبار والدراما والأفلام.. شاشات الأفلام تتنوع بين الأمريكي وأعمال "اللمبي". أغلب المشاهد علي قنوات الأفلام العربية مستوحاة من لقطات محمد سعد في شخصيته الشهيرة بتنويعاتها الطفيفة. علي النقيض من ذلك يمكن للمشاهد أن يكون موقفاً صريحاً من سذاجة أسئلة المسابقات فيما يخص اللوحات المستوحاة من قنوات الترفيه، يتناول الفنان مشهد لإحدي المسابقات، سؤال الحلقة " أخت خالك وليست خالتك ..من تكون؟". يعلو ذلك تنبيه علي اللوحة يؤكد تلقي الاتصالات من جميع أنحاء العالم. في "تليفزيون البرنس" تختلط لوحات / شاشات "العربية"، "الجزيرة" مع لوحات مستوحاة من قنوات الأوروبي المثيرة.. علي أحد شرائط الدردشة عبر رسائل الموبايل- أسفل اللوحة- يكتب صبري رغبات المشاهدين أو المشاهدات كذلك المكبوتة مثل: "تعالي طفي ناري"! بعض لوحات المعرض تركز علي مواد الترفيه، خاصة تلك التي تمنح الفرصة للمشاهدين بالدردشة عبر شريط أسفل الشاشة، علي هذا الشريط تأتي عبارات إعلانية، قد يعاقب عليها القانون إذا تم الانتباه لها، لكن أسباب تركيز الفنان عليها بعيدة عن ذلك الغرض، فهو هنا يجمد الكلمات العادية أسفل الشاشة، التي قد لا ننتبه لها، ويضخمها ..هكذا تصرخ لوحة بهذه الجملة: "شامي يريد شامية للحب والمتعة بسرية تامة"، لكن اللافت في هذه اللوحات رغم توظيفها للقطات مثيرة، تهدف لمخاطبة الغرائز بشكل علني وفج كذلك، إلا انها عندما تمت معالجتها فنياً، وعرضت عبر لوحات صبري سيجد مشاهد المعرض إنها تنحو الإثارة منحي آخر، فبدلا من دعوتها الفجة تجدها، عبر اللوحة لا الشاشة، تدعو لتأمل هذه الحالة، وكذلك تأمل دور الميديا وسيطرتها علينا.. هكذا تتجسد الإثارة لتشكل معني مختلف بعد نزعها من سياقها الخفي السري علي الشاشة ونقلها إلي اللوحة. تتنوع شاشات صبري، والتي لاتدعو للفرجة علي التليفزيون، بل لتأمل ما وراء هذه اللقطات..المعرض يستمر حتي 13/ 5.