يابرتقان أحمر وجديد بكرة الوقفة وبعده العيد يابرتقان أحمر وصغَّير بكرة الوقفة وبعده نغير كنا نغنيها في أواخر شهر رمضان لنستقبل العيد، أين ذهبت هذه الأغنيات المبهجة، هل صرعتها مواقع النت وشاشات التلفزيون أم أنها لازالت قارة في صدورنا تحتاج من يوقظها، كنت أتأمل أطفالي وأطفال الجيران وهم مشدوهون أمام شاشات هواتفهم المحمولة وأأسي مستدعيا أغاني العيد التي لا يعرفونها ولم نعد نغنيها لهم : أبو علي يا صياد .. اصطاد واديني يا صياد .. واملا مناديلي يا صياد .. وطرحت الشبكه يا صياد طلعت لي ملكه يا صياد .. اللي يحب النبي يقول يا صياد . كان المصريون صناع بهجة حين كانوا يغنون لكل وقت مرددين مثلهم الشعبي "أقل موال ينزه صاحبه"، فحين يبدأ رمضان يستقبلونه بالأغاني "يا عم أنور فانوسي أحمر.. جميل منور"، هم يعرفون أن أوله "مرق"، أي في بدايته يهتمون بإعداد الأكل خاصة اللحوم ونصه "خلق"، أي شراء لهدوم العيد وآخره "حلق"، أي عمل الكعك بأنواعه حيث كانت تجتمع الأسرة بعد أن تعد القوالب والمناقيش وكذا ماكينة البسكويت ، وتتباري النسوة ومعهن الأطفال في صناعة الكعك ونقشه وتسويته في الأفران ، كانت فرصة للبهجة والاجتماع والحكي والعمل لكنها راحت هي الأخري لنستسلم لشراء الكعك من المحلات . إن أزمنة مبهجة تموت ومعها تتواري عناصر من الغناء ومن العادات والتقاليد والمعتقدات المتعلقة بكل مناسبة ، فقد كان العجين يٌرقي قبل أن يصنع وكانت الأطباق يتم تبادلها بين الجيران ويطلق عليها الفٌطرة وتضم إلي جانب الكعك بعض السوداني والشيكولاته ، كما كانت مراجيح العيد بألوانها وما عليها من رسومات وكتابات خطية تشير إلي زمن الذات الجمعية التي تسعي للتزود بالفرح لمواجهة أيام الجدب . إن عددا من المناسبات الاجتماعية والدينية تتمثل في أعياد المصريين بحاجة إلي جمع العناصر الفولكلورية المتعلقة بها (الأدب الشعبي) بما يضم من أغان وحكايات وأمثال .. إلخ العادات والتقاليد وبخاصة عادات المأكل والمشرب حيث كل مناسبة لها أكلاتها ومشروباتها، المعتقدات الخاصة بزيارة الأولياء والقديسين ، الخبرات والمعارف المتعلقة بالمناسبة وبزمنها الألعاب الشعبية التي تتسم بها الفترة التي تأتي فيها المناسبة الأدوات والآلات المستخدمة في كل مناسبة الصناعات والمهن المتعلقة بكل مناسبة والتغير الذي حدث لكل مهنة وصناعة .. إلخ . إننا بحاجة من أي وقت مضي إلي الإنشغال بتتبع المكونات الثقافية خاصة جذرها الشعبي لهويتنا وذلك بعد أن احتلت أرواح أولادنا مساحات من العنف اللفظي والبدني لا تنتمي لحضارة المصريين بعد أن كانت الأغنية الشعبية تجمعهم ليغنوها في صوت واحد "يا طالع الشجرة .. هات لي معاك بقرة .. تحلب وتسقيني بالمعلقه الصيني والمعلقة انكسرت يا مين يربيني "، هل نحن بحاجة لطرح السؤال من جديد : يا مين يربيني .؟