صلاة العيد, ملابس جديدة, الكعك والحلاوه, الخروج وزيارة الأقارب وغيرها من مفردات لاتكتمل فرحة العيد إلا بها ولكن تبقي: العيدية أهم مظاهر الاحتفال بالعيد التي ينتظرها الجميع. بغض النظر عن الأعمار فالحصول عليها يبث فرحة مميزة في النفوس مهما كان المبلغ الذي حصل عليه خاصة إذا التزم اصحاب العيدية بتقديمها في صورة أوراق بنكنوت جديدة تماما وعادة مايحصل عليها الاطفال بعد صلاة العيد مباشرة. والعيدية عادة مصرية قديمة توارثتها الاجيال واختلفت اشكالها ومناسباتها من زمن إلي آخر ولكنها جميعا ارتبطت بتقديم الأموال في المناسبات والأعياد كما توضح الدكتورة صفاء عبدالمنعم باحثة في الأدب الشعبي فالعيدية من العادات المصرية التي كانت تمارس حتي في مصر الفرعونية, حيث كان الفرعون يقف في شرفة قصره ويشاهد الاستعراضات العسكرية للجنود في أعياد مثل الجلوس علي العرض أوعودة الجندي ثم ينثر الأموال علي الجنود كما كان إعداد الكعك والبسكوت من مظاهر احتفال الفراعنة بالأعياد والمناسبات. وزادت عادة إعطاء العيدية في العصر المملوكي والفاطمي حيث كان من أهم مظاهر الاحتفال بالعيد خروج الوالي في موكبة ومعه كبار رجال الدولة والشيوخ والائمة, وبعد أداء صلاة العيد ينثر الوالي الدنانير وكان يقدمها للشيوخ والعلماء في صرة تحت مسمي العطية مع تقديم الجبة الجديدة وكانت العيدية تقدم بعد صلاة العيد مباشرة في كل الأعياد وليس عيد الفطر فقط وتتوقف المبالغ علي مستوي الشخص فلا يتساوي الشيخ والعالم ورجل الشارع. وكان الظاهر بيبرس أكثر الأمراء في العطايا ومازال الكلام للدكتورة صفاء خاصة بعد قتله عز الدين قطز وشعوره بتأنيب الضمير فكان يكثر من العبادات في رمضان ويقوم الليل ويصوم ويتعبد ويعطي العطاية طوال شهر رمضان ويوم العيد وتذكر الدكتورة صفاء أيضا أن من أهم مظاهر الاحتفال بالعيد في مصر ومنذ قديم الأزل هو زيارة القبور في أول أيام العيد, وأن كانت هذه العادة قد قلت جدا الآن وكان يتبعها الخروج إلي الشوارع وترديد أغان احتفالية شعبية مثل: يابرتقان أحمر وجديد.. بكره الوقفه وبعده العيد.. يابرتقان أحمر وصغير.. بكره الوقفه وبعدة نغير. والعيدية تعد شكلا من اشكال الإثابة هكذا يصفها الدكتور الهامي عبدالعزيز أستاذ علم النفس بجامعة عين شمس فهمي تعد نوعا من المكافأة التي يحصل عليها الأطفال بعد أن قام بمجهود كبير في صوم شهر رمضان, كما انها تعد توسيعا لدائرة العلاقات الاجتماعية وشكل من وشكلا التواصل والتآلف بين افراد العائلة أو الجيران, فحينما تعطي العيدية من الخال أو العم أو اصدقاء الاسرة يشعر الطفل بشكل عام بسعاده وسرور, فمعروف رمزيا أن من يعطي الاطفال الأموال هم الأب والأم ولكن العيدية تمد التواصل وتوسع من دائرة العلاقات الاجتماعية ويشعر الطفل أن هذه الأموال خارج نطاق الحزبة التي يوجهه الآباء والأمهات لأطفالهم. كما تتيح العيدية درجة من درجات الحرية للأطفال في صرف هذه المبالغ التي ربما يتوقعون مقدارها قبل العيد بأيام, ويمكن أن تستخدم من قبل الأب والأم في التعرف علي كيفية تصرف الأبناء حيال هذا الكم من المال الذي بالتأكيد هو أكبر من المعتاد في باقي الأيام فيستطيع الآباء التعرف علي أهداف أطفالهم وهل تصرفاتهم بها بعض الحكمة أم لا في عملية صرف المال. وهكذا يكون للعيدية مردود نفسي نتيجة لما يشعر به الطفل من سعاده من عملية الاغداق ومردود اجتماعي في عملية التواصل ومردود في التخطيط في كيفية تخطيط الاطفال لصرف هذه الأموال التي تأتيهم, ولابد أن تتناسب العيدية مع قدرة الطفل علي الفهم والوعي بقيمة هذه الأموال ويري الدكتور الهامي أن تقديم العيدية يتيح أيضا فرصة للحوار مع الأبناء في كيفية تصرفه في هذه المبالغ وماذا يريدون أن يفعلوا بها أو أن يتم توجيههم لخيارات بديلة دون أن نشعرهم بالقهر.